Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تبلور مفهوم النسق في تنظير التفاعلية الرمزية في علم الاجتماع :
المؤلف
العزام، عبد الباسط عبد الله قويطين.
هيئة الاعداد
باحث / عبد الباسط عبد الله قويطين العزام
مشرف / علي محمود أبو ليلة
مشرف / سالي محمود سامي
مناقش / أحمد عبد الله زايد.
الموضوع
الاجتماع_ علم.
تاريخ النشر
2013.
عدد الصفحات
551ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
1/1/2013
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم الاجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

المقدمة
يحتوي مفهوم التفاعلية الرمزية على محورين مترابطين، أولهما عملية التفاعل التي ترتكز بشكل مركزي على الفعل الاجتماعي، الذي يحمل المعاني وتوجيهها نحو تحقيق الحاجات والأهداف، وثانيهما تتمّ عملية التفاعل وفق نظام رمزي، يشارك فيه المتفاعلون في تكوين وتوجيه المعاني ذات الدلالة في مواقف التفاعل، وبالتالي فإن الفعل الاجتماعي والمعاني ارتكزت بشكل رئيس على عملية التأويل التي يفسر من خلالها المتفاعلون المعاني، وتعتمد حقيقة الموقف التفاعلي على ما يحمل البشر من معتقدات وقيم وتصورات وانطباعات ومعان، التي تسهم في انبثاق النظم والجماعات والمؤسسات البناءات الاجتماعية. ويوجّه الفعل الاجتماعي من قبل المتفاعل للحصول على استجابة من قبل الآخرين، وترتكز العملية التفاعلية في أساسها على النظام الرمزي والفعل في إطار عملية التفاعل. ولا يتبع المتفاعلون على صفات ثقافية واجتماعية بشكل جبري أو حتمي، وإنما يقوم المتفاعلون بعملية تأويل واستكشاف وتفحص معنى الفعل والرموز لمعرفة مغزاها، ولا ينظر إلى الجماعات والمؤسسات والتنظيمات والنظم الاجتماعية التي تنبثق عن عملية التفاعل كأشياء ثابتة بل ينظر إليها على أنها متغيرة وديناميكية(Blumer,1969:15-18).
ويقوم النظام الرمزي على خاصية محورية في عمليات التفاعل، تتضمن استخدام الرموز ذات الدلالة، ومن ثم تأويل معانيها في إطار الخبرات والتجارب الحياتية للفرد والجماعة، ولن يستطيع الفرد التفاعل دون أن يتمكن من اكتساب هذا النظام الذي يدفعه للتفاعل، ويسهم في تشكيل ذاتيته وإدراكاته العقلية، كنتيجة أساسية لهذا التفاعل، الذي يشكل بدوره الأساس الاجتماعي والثقافي في المجتمع. ولهذا استفاد رواد التفاعلية الرمزية من المصادر الفلسفية والبراغماتية والسلوكية والتحليلية في علم النفس والوظيفية والتبادلية في علم الاجتماع، وكانت مداخل التفاعلية الرمزية تنطلق من الفعل الاجتماعي وعملية التفاعل والنظام الرمزي، في محاولة لفهم العمليات الاجتماعية التي ترتبط بالعقل والذات والنظم الاجتماعية والثقافية. ولهذا يركز رواد التفاعلية على أن عملية التفاعل بين الذوات التي تؤدي بدورها إلى قيام نظام رمزي مشترك بينهما، ويؤدي بالتالي إلى تشكيل البناءات الاجتماعية التي تشكل هي الأخرى الذات والعقل، وبهذا يصبح مفاهيم العقل والذات والبناءات الاجتماعية وما يدور بينهما من مدخلات وتفاعلات مدخلا محوريا لدراسة العلاقة بين الفرد والجماعة والمجتمع.
وتأتي أهمية الرموز ذات الدلالة في إتاحة الفرصة للذوات الاجتماعية في تبادل المعاني المشتركة مع الآخرين، وتوقع كيف يمكن أن يستجيبوا لبعضهم بعضا؟، وكيف يمكن تعريف مواقف تفاعلهم وتنسيق أفكارهم وسلوكهم؟، ومثال ذلك ما يتضح من الوضع الخاص للجنازة، فجميع الأفراد يتساوون في الاستجابة في ضوء الاحترام والهدوء والتقدير، من أجل تعزية أقارب المتوفى، فتدخل هذه الأفكار المشتركة عند الجميع عن طريق السلوكيات الاجتماعية المقبولة في حالة العزاء، فتنسق أفعالنا بحيث لا تختلف عن بعضنا البعض. فإلقاء الضوء على دور اللغة، أو الحديث، أو التعبير، أو الرموز له دلالة تأثيرية في سلوك الفرد، فيتمكن الفرد عن طريقها من التعرف على المعاني وتفسيرها وتحليلها في إطار عملية تفسير وتحليل وتعريف موقف التفاعل، ويشارك الفرد مع الآخر في مجتمع التفاعل في العملية الفكرية من أجل التوصل لهذه المعاني المشتركة، وقد لا يمثل العقل مجرد عضو أو كيان مستقل عن المجتمع الخارجي، بل يأتي دوره في ضوء أهمية التفاعل والسلوك والفكر الذاتي الداخلي، إذ يقوم على بناء الرموز الاجتماعية المتعارف عليها بين الذات والآخر، وفي هذا السياق مراحل أخرى من حياة الفرد تدخل في تطور الصورة العقلية، ابتداء من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشيخوخة، وما يتخللها من عمليات التعاون والتنافس والتكيف مع العالم الاجتماعي، فيكشف فيه الفرد عن الفعل الاجتماعي المنظم، وقد يميل الأطفال إلى التكيف مع العالم الخارجي في ضوء حالة الضعف التي تعتري حالتهم، وفي ضوء التكوين العقلي الخاص بهؤلاء من أجل الإعلان عن الشخصية الخاصة بهم، وقد يستوعبون في مرحلة الطفولة جميع القواعد والأدوار والعلاقات والنظم الجديدة، التي تُتيحُ لهم تعلم كيفية تفسير وتحليل رموز الدلالة، من أجل استيعاب العالم المعقد والتواصل المستمر مع الآخر.
لذلك، فإن جميع الأفراد يتعاملون مع الأشياء المادية والاجتماعية في ضوء المعاني المشتركة، التي تأتي عن طريق التفاعل الاجتماعي بين الذات والآخر في الجماعات الأولية والثانوية، فيشهدُ المعنى فيه تعديلاً وتطويرًا وتفسيرًا وتحليلاً مختلفًا خلال تكرار تعاملات الفرد مع الأشياء نفسها، فإذا كنا نرغب في استيعاب السلوك الإنساني، فلابد أن نتعرف على اقتراحات الأفراد على الأشياء والأحداث التي ليس لها معانٍ واضحة أو محددة، فتختلف تبعاً للكيفية التي ننظر فيها إلى الأشياء أو الأمور والاستجابة، ومثال ذلك الورق فله معان مختلفة بالنظر إليه إذا كان مطبوعا أو مخصصا للقراءة والكتابة، وقد تلتقطُ قطعة منه ثُم تلقيها في القمامة، وهناك آخرٌ سوف يعلن عن معنى مختلف للأشياء المختلفة علينا في ضوء استخدامات مختلفة تبعاً لما نراه نحن فيه. وقد تتضح معاني الأشياء من التفاعلات الاجتماعية المكتسبة، التي نتعرف عليها عن طريق تعاملاتنا مع الآخرين من دلالة ومغزى القدرات الرمزية، ونعتمد عليها بشكل مباشر أو غير مباشر، فنعلن عن معاني المؤثرات وردود الفعل أو الاستجابة في ضوء ما قد نقترحه على الأشياء التي قد لا تمثل المعاني الحقيقية لها، ويختلف سلوكنا عن الكائنات الأخرى التي تستجيب لبعضها بعضا بناء على الوازع الغريزي أو التأمل اللاوعي، ولكن البشر يُعلنُ عن أفعاله واستجاباته المنطقية التي تعود للفكر الواعي في ضوءه ردود الفعل، بناء على كيفية تفسير وتحليل المؤثرات التي نتعامل معها في البيئة، وقد يستجيب البشر للأشياء والأحداث والتجارب والأمور بناء على المعاني المشتركة التي ينسبها لهذه العناصر.
فالأشياء أو الأمور ليس لها معان جوهرية تتضح من تلقاء نفسها، بل نحن نتعلم ما تعنيه عندما نتفاعل مع الآخرين، وقد نعتمد في ذلك على الحوار واللغة التي تشمل مجموعة منظمة من الرموز والمفاهيم والكلمات والإشارات المعروفة لدى الأفراد من المجتمع نفسه أو المجموعة المستخدمة في موقف التفاعل، وقد يُصبح التفاعل بين الذات والآخر عن طريق اللغة ميسرًا في ضوء توزيع واتخاذ الأدوار وتفسير وتحليل الأشياء أو الأحداث التي نتعلم منها كيف ننظر إليها بالشكل الصحيح، وقد نعلن عن الاستجابة الرمزية للوقائع التي لها مسميات تشملُ الرجال، والنساء، والكتب، والمعلم، والمنزل، والجيران بما قد تُمثلُ جميعها من حقائق اجتماعية.
فالمجتمع، هو المسئول عن تشكيل الفرد أكثر من تأثير الفرد على المجتمع، بما قد يعود ذلك إلى تأثير الأغلبية على الأقلية، والمجتمع هو كيانٌ من الأفراد المستقلين الذين يعلنون عن الأفعال في ضوء القوانين والقواعد والأدوار المحددة والنظم المتبعة في سياق موقف التفاعل على مستوى ”الذات والأنا” من جهة و”الذات والآخر” وحتى ”الآخر العام” من جهة أخرى. فالفرد يولد في المجتمع القائم الذي سبقه في الوجود في وضع إطارِ عملٍ من أجل تنظيم فعل الفرد الجديد في سياق المجتمع الذي يعلن عن قواعد المكافأة أو العقاب، ومع ذلك فإن الفرد الجديد في المجتمع له دور في بناء الشخصية والإعلان عن السلوكيات الحرة في ضوء الخطط والأهداف التي يضعها في اختيار الزملاء، فالأفراد الجدد ليس عليهم ضرورة في تعديل المجتمع القائم أو إعادة بناءه بلْ يفترض منهم أن ينصاعوا للمجتمع القائم لأنّهم لن يتمكنوا من التأثير على المجتمع بالكامل، وقد يكتسب الفرد عن طريق التفاعلات مع الآخرين الفكر الواعي القادر على اقتراحِ معانٍ جديدة على الأشياء، بما قد يسهمُ في تعديلِ بعض الآليات والقواعد المجتمعية في المجتمع أو الإضافة عليها أو تغييرها.
ولهذا، يسعى الباحث في ضوء ما تقدم، إلى معرفة مدى تبلور مفهوم النسق في ضوء تنظير التفاعلية الرمزية في علم الاجتماع، عن طريق الكشف عن الأدوات والمقولات المنهجية والعينية للتفاعلية الرمزية، كمدخل جزئي في معالجة الأفعال في إطار النسق على مستوى الوحدات الاجتماعية الجزئية أو المتوسطة، وبذلك يتناول الفصل الأول معنى التفاعلية الرمزية، ويتناول الفصل الثاني الآثار المنهجية والمعرفية للتفاعلية الرمزية، والفصل الثالث يتناول الإطار التحليلي للبحث، ويقدم الفصل الرابع البناء المنهجي للتفاعلية الرمزية، بينما يقدم الفصل الخامس أهم المقولات النظرية للتفاعلية الرمزية، في حين يحلل الفصل السادس دور الفعل الاجتماعي كوحدة أسياسية في بناء النسق، كما يُعرض الفصل السابع مناقشة وتحليل النتائج.