Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
حُرُوفُ المَعَانِي فِي صَحِيحَي مُسلمٍ وَالبُخَارِي/
المؤلف
البكباك, فتحي الصديق محمد.
هيئة الاعداد
باحث / فتحي الصديق محمد البكباك
مشرف / إبراهيم محمود عوض
مشرف / نادية حسن همام
الموضوع
اللغة العربية.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
556 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية وآدابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسنَا وَمِن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ إِلَى يَومِ الدِّينِ؛ أَمَّا بَعْدُ
فَقَدْ كَانَ مِن أُمنِيَاتِي الغَوَالِي مُنذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ أَن أَكْتُبَ شَيْئًا حَولَ نَحْوِ لُغَةِ الحَدِيثِ الشِّرِيفِ؛ إِسهَامًا عِلمِيًّا يُضَافُ إِلَى غَزَارَةِ مَا حَوتْهُ المَكْتَبَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ مِن مُؤَلَّفَاتٍ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ؛ كَفِقْهِ الحَدِيثِ وَأَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفِي مُصْطَلَحَاتِهِ وَطَبَقَاتِ رِجَالِهِ وَرُوَاتِهِ، وَمَعَاجِمِ مَعَانِي أَلفَاظِهِ، إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِن أَنوَاعِ عُلُومِهِ، فَهَيَّأَ اللَّهُ الكَرِيمُ لِي الأَسْبَابَ بِمِصْرَ فَسَجَّلْتُ فِي قِسمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ وَآدَابِهَا بِجَامِعَةِ عِينِ شَمس العَامِرَةِ رِسَالَتِي لأُطرُوحَـةِ الدُّكتُورَاه الَّتِي بِعُنوَانِ :
حُـرُوفُ المَعَانِي
فِي صَحِيحَي مُسلِمٍ وَالبُخَارِي
هَكَذَا قَـدَّمْتُ الإِمَامَ مُسلِمًا لَفْظًا لا مَكَانَةً؛ مُرَاعَاةً لِلسَّجْعِ، وَإِلاَّ فَالبُخَارِي إِمَامُ الدُّنيَا، وَهُوَ بِالتَّقْدِيمِ أَولَى، حَيثُ جَاءَ هَذَا البَحْثُ لِيَقُولَ كَلِمَةً فِي قَضِيَّةٍ مِن قَضَايَا تُرَاثِنَا النَّحْوِي بِمَنطِقِ النَّقْدِ الَّذِي يُصْلِحُ مِن المَنقُودِ وَيُطَوِّرُهُ، مِن دُونِ الخُرُوجِ عَن أَدَبِ الالْتِزَامِ بِمَنَاهِجِ عُلَمَاءِ النَّحْوِ فِي أُصُولِ العَرَبِيَّةِ وَأَقْيِسَتِهَا، تِلْكُمُ القَضِيَّةُ هِي مَنْعُ الاسْتِشهَادِ بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ التي ترسَّخت جذورُها عِندَ جُمهُورِ النُّحَاةِ لسببين:
1ـــ تجويز العلماء لروايةِ الحديث بالمعنى، ومن ثَمَّ فقد تتعدَّد ألفاظُ الحديث الواحد أحيانًا كحديث النكاح المروي بألفاظ :{زوجتكهَا بِما معك من القرآن}( )، وفي رواية {ملكتكها بما معك}، وفي أخرى {خذها بما معك} مما يدل على أن الرواة إنما يرْوُون بالمعنى.
2ـــ أنَّهُ روايةُ الأعاجم؛ فقد ووقع فيه من روايتهم اللحن المنافي لفصاحته()؛ مما يؤكد أنه ليس من لفظه().
ومعلومٌ أن الخلافَ في جواز النقل بالمعنى واقعٌ في غير ما دُوِّن في الكتبِ، أمَّا ما جُمِعَ في كتب الحديث المشهورةِ فلا يجوز تبديل ألفاظه بِلا خلافٍ، وإن تعددت ألفاظُهُ فهو من نقل الصحابة عنهُ()، وَالرَّاوِي إِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَعْنَى الْكَلَامِ وَمَوْضُوعِهِ بَصِيرًا بِلُغَاتِ الْعَرَبِ وَوُجُوهِ خطابها جازة روايتهُ، (وَالصَّحَابَةُ أَرْبَابُ اللِّسَانِ، وَأَعْلَمُ الْخَلْقِ بِمَعَانِي الْكَلَامِ)( ).
بيد أنَّ قولَهم (لِوُقُوعِ اللَّحْنِ فِيهِ)، لا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ العِبَارَةِ المَحْفُوظِةِ مِن التَّسَامُحِ وَالتَّوَسُّعِ فِي النَّقْـدِ؛ لأَنَّ الحُكْمَ عَلَى المَرْوِيَّاتِ مِن أَلِفِهَا إِلَى يَائِهَا بِاللَّحْنِ وَلَو احْتِمَالًا وَأْدٌ لِلاسْتِفَادَةِ مِنهَا بِالكَامِلِ فِي مَجَالِ النَّحْوِ، وَهَذَا لَيسَ مِن شَأْنِ مَن يَحْمِلُ فِكْرًا وَقَلَمًا، وَالكَلامُ المُبهَمُ أَو العَامُّ المُطْلَقُ يَحُولُ دُونَ فَهْمِ الحَقِيقَة.
وَهَلْ سَلِمَ الشِّعْرُ الَّذِي وَلَّى النُّحَاةُ وُجُوهَهُم شَطْرَهُ مِن وُقُوعِ اللَّحْنِ فِيهِ ؟ لَيتَهُم قَسَمُوا هَذَا الأَمْرَ بَينَ الحَدِيثِ وَالشِّعْرِ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِكِي يَعْدِلُوا فِي القَضِيَّةِ !
لَم أُنَاقِشْ هَذِهِ المَسْأَلَةَ مِنَ الجَانِبِ النَّظَرِي( )، بَلْ جَعَلْتُ وَاقِعَ النَّصِّ مَجَالَ بَحْثِي مِن خِلالِ البِنَاءِ الدَّاخِلِي لِلجُمَلِ الحَدِيثِيَّةِ، جَاعِلًا مِن حُرُوفِ المَعَانِي مِحْوَرَ نِقَاشٍ وَتَحْلِيلٍ تَدُورُ حَولَهُ الرِّسَالَةُ؛ مِن حيث كَيفِيَّة الْتِئَامِهَا مَعَ أَجْزَاءِ الكَلامِ، وَعَلاقَتهَا بِمَا قَبْلَهَا، والمَعانِي المُصَاحِبِة لَهَا فِي تِلْكَ الجُمَلِ، وَبَيَان مَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهَا مِن تَأْثِيرٍ فِي عَلاقَةِ مُفْرَدَاتِ التَّرَاكِيبِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، عَلَى أَن يَكُونَ المِقْيَاسُ المُحَكَّمُ لُغَةَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَشِعْرَ مَن يُحْتَجُّ بِسَلِيقَتِهِم، وَالقَوَاعِـدَ المُحَرَّرَةَ، وَالضَّوَابِطَ المُقَرَّرَةَ عِندَ أَئِمَّةِ هَذَا العِلْمِ، وَهَذِا بِدَورِهِ يُبْرِزُ أَهَـمِّـيَّةَ المَوضُوعِ مِن كَونِهِ دِرَاسَةً تَطْبِيقِيَّـةً عَلَى جُمْلَةٍ مِن الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ .
أَسْبَابُ اخْتِيَارِ المَوضُوعِ :
وَقَدْ دَفَعَنِي إِلَى اخْتِيَارِ هَذَا المَوضُوعِ الآتي :
1ـــ حُبِّي لِرَسُولِ اللَّهِ()، وَشَغَفِي بِحَدِيثِهِ وَأَخْبَارِهِ، وَرَغْبَتِي الشَّدِيدَةِ فِي الاطِّلاعِ عَلَى هَاتَينِ المُوسُوعَتَينِ وَالاسْتِفَادَةِ مِنهُمَا خِلالَ دِرَاسَتِي.
2ـــ منذ أن ظهر الصحيحان في القرن السادس الهجري بما يحملانه من رواياتٍ وأقلامُ الدارسين والعلماء الباحثين تتوالى على خدمتهما شرحًا وتعليمًا، فأردتُ أن أسهم في شيءٍ من ذلك.
3ـــ المادةُ العلميةُ النحوية الموجودة في كتب شروح الحديث في توجيه معاني الحروف، وتحليل التراكيب نحويًا؛ مادةٌ متفرِّقَةٌ بحاجةٍ لمن يجْمَعُهَا وَيجعلها في متناولِ الدَّارسِينَ.
4ـــ أهمية حروف المعاني في الأداء البياني التي تضمن للمتمكن من استعمالها من بلاغة القولِ، وحسن الفهم للنص العربي قراءةً، ولا شيءَ يوصل طالب العربية إلى ذلكَ إلا ممارسة التحليل للنصوص المقطوع ببلاغتها والحديث الشريف يأتي في المرتبة الثانية بعد كتاب الله تعالى.
مُشْكِلَةُ البَحْثِ :
تَتَـمَّـثَّلُ مُشْكِلَةُ هَذا البَحْثِ فِي مُحَاوَلَةِ الإِجَابَةِ عَن السُّؤَالَينِ التَّالِيَينِ :
1 ــ هَلْ وَقَعَ اللَّحْنُ فِي اسْتِخْدَامِ حُرُوفِ المَعَانِي فِي الصَّحِيحَينِ فَخَرَجَتْ عَن مَأْلُوفِ كَلامِ العَرَبِ فِي اسْتِعْمَالِهَا؟ فقد جاء في صحيح البخاري { كُلُّ أُمَّتِي مُعَافىً إلا المُجاهِرُونَ}( )، برفع المستثنى خلاف النَّصبِ المشهُورِ، وجاءَ الجواب بٍـ (نعم) في الإثباتٍ عن الاستفهام المنفي في {أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ» فَقُلْتُ: نَعَمْ،}، وحرف (لم) لنفي الماضي، لكنها جاءت لنفي الحاضر في {لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا}( )، فهل هذا لحنٌ ؟
2 ــ ما هِي حُرُوفِ المَعَانِي التي اسْتُعْمِلَت فِيهِمَا؟ وما ذكره النحاة لها من معاني أصلية وفرعيةٍ في كتبهم هل حوته أحاديثُ الصحيحين؟
فُرُوضُ البَحْثِ :
لِلبَحْثِ فَرضِيَّتَانِ مُسْتَمَـدَّتَانِ مِن قَولِهِ تَعَالَى:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ( )، وَهُمَـا :
1 ــ لا يَتَأَتَّى البَيَانُ العَالِي لِمَقَاصِدِ القُرْآنِ الكَرِيمِ عَلَى أَحْسَنِ وُجُوهِ البَيَانِ إِلَّا بِالتَّمَكُنِ مِن لُغَةِ المُرْسَلِ إِلَيهِم؛ وَلِهَذَا أُوتِي() جَوَامِعَ الكَلِمِ، فَنَالَ الحَظَّ الأَوفَى من لُغَةِ قومِهِ، وَخُصُوصِيَّةُ حِفْظِ الكِتَابِ العَزِيزِ الَّتِي تَعَهَّدَ بِهَا سُبْحَانَهُ فِي قَولِهِ:  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( )، تَشْمَلُ حِفْظَ مصدَري التشريعِ؛ القُرآنِ العَظِيمِ نَصًّا، وَبَيَانِ رَسُولِهِ() شَرْحًا؛ إِذْ لا حُجَّةَ تَقُومُ عَلَى الخَلْقِ بِكَلامٍ لا تُفْهَمُ مَقَاصِدُهُ وَمَعَانِيهِ .
2 ــ الحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُمَثَّلُ العَصْرَ الذَّهَبِيَّ لِلاحْتِجَاجِ بِاللُّغَةِ؛ لِهَذَا فَهُو جَدِيرٌ بِأَن يَكُونَ ضِمْنَ شَوَاهِدِ النَّحْوِ العَربِي .
مَجَالُ البَحْثِ وَحُدُودَهُ :
وَقَدْ حَصَرْتُ البَحْثَ فِي أَصَحِّ الكُتُبِ رِوَايَةً عَنهُ() صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِي، وَصَحِحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ،ِ فَكُلُّ مَا فِيهِمَا مَادَةٌ لِلدِّرَاسَةِ، سَواءٌ كَلامُهُ()، أَو كَلامُ أَصْحَابِهِ رِجَالًا وَنِسَاءً، أَو مَا جَاءَ فِيهِمَا مِن مُحَاوَرَاتٍ لِغَيرِ المُسْلِمِينَ .
أَهْدَافُ البَحْثِ :
1 ــ تَقْدِيمُ دِرَاسَةٍ عِلْمِيَّةٍ تَطْبِيقِيَّةٍ تَرُدُّ عَلَى مَزَاعِمِ الطَّاعِنِينَ فِي الاسْتِشْهَادِ بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ، فَمُجَرَّدُ الاطِّلاعِ عَلَى مُلابَسَاتِ هَذِهِ القَضِيَّةِ فِي كُتُبِ أُصُولِ النَّحْوِ لا يَبْنِي تَصَوُّرًا سَلِيمًا، وَلا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بِالمُمَارَسَةِ العَمَلِيَّةِ وَكَثرَةِ التَّطْبِيقِ وَالمُدَارِسَةِ لِلنُّصُوصِ الحَدِيثِيَّةِ .
2 ــ التأكيدُ على أهميَّةِ رَبْطِ الدِّرَاسَاتِ النَّحْوِيَّةِ بِدَوَاوِينِ الحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَالإِفَادَةِ مِنهَا، وَطَرْحُ بَعْضِ العَنَاوِينِ البَحْثِيَّةِ الَّتِي تَجْمَعُ بَينَ النَّحْوِ وَالحَدِيثِ لِلدَّرَاسَةِ .
3 ــ تَوفِيرُ الشَّوَاهِـدِ وَالأَمْثِلَةِ المُتَنَوِّعَـةِ لِحُرُوفِ المَعانِي؛ لأَنَّهُ مِمَّا يُنتَقَدُ عَلَى كُتُبِ التُّرَاثِ بِعَامَّةٍ تَتَابُعُ مُؤَلِّفِيهَا عَلَى تَكْرَارِ الشَّوَاهِـدِ؛ اكْتِفاءً بِمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الأَقْدَمُونَ، وَكَأَنَّ الإِتيَانَ بِغَيرِهَا فِي نَفْسِ المَسْأَلَةِ تَكْلِيفٌ بِمَا لا يُطَاقُ .
4 ـــ تَرْجِيحُ بَعْضِ مَسَائِلِ الخِلافِ المُتَعَلِّقَةِ بِحُرُوفِ المَعَانِي .
مَنهَجُ البَحْثِ :
سلكَ الباحثُ منهجًا علميًّا في الدراسة قوامُهُ انتخاب جملة من شواهد الحديث في كل مسألةٍ، ثُمَّ أذكر لتلك المسألة شاهدًا من القرآن العظيم ومن الشعر إن وجد، وقد أكتفي بأحدهما إذا لم يوجد ذلك الاستعمال مثلا في القرآن الكريمِ، متبعًا المَنهَجَ الوَصْفِي التَّحْلِيلِي في دراسة هذه الشواهدِ؛ لإظهار التوافق بين استعمال حروف المعاني في الصحيحين وبين لغة القرآن الكريم، ومن ثَـمَّ يمكن الحكم بالبرهان العلمي على وجود اللحنِ في استعمال حروف المعاني في أحاديث الصحيحين أو نفيه عنهما.
كما عنيت هذه الدراسة بترجيح الآرَاءِ النَّحْوِيَّةِ المختلفة بين النحاة في استعمالات حروف المعاني، وهي قليلة جدًّا، وقد عولتُ على كتاب (مغني اللبيب)، وعدتُ إليه كثيرًا؛ لأنَّهُ أَجمعُ كتُبِ الحرُوف مادةً في بابهِ، مع الاستعانةِ أيضا بغيرهِ من الكتبٍ، وَسَيرَى القَارِئُ أَنَّهُ رُبَّمَا يَطُولُ الجُزْءُ المَنْقُولُ مِن الحَدِيثِ في موضعٍ مَا؛ وَذَلِكَ لِدَاعٍ مَنهَجِي وَهُوَ وُضُوحُ المَعْنَى، أَو لِلمُقَارَنَةِ بَينَ التَّراكِيبِ المُتَشَابِهَةِ .
الدِّرَاسَاتِ السَّابِقَـةِ :
حَاوَلْتُ البَحْثَ عَن دِرَاسَاتٍ نَحْوِيَّةٍ سَابِقَةٍ تَتَعَلَّقُ بِحُـرُوفِ المَعَانِي فِي الصَّحِيحَينِ تَحْدِيدًا، وَبَعْدَ التَّحَرِّي وَالتَّقَصِّي لَم يَقِفِ البَاحِثُ ”حَسَبَ اطِّلاعِي” إِلَّا عَلَى دِرَاسَتَينِ :
الأُولَى رِسَالَةُ مَاجِستِير بِعُنوَانِ ؛
عَـوَامِلُ نَصْبِ الفِعْلِ المُضَارِعِ فِي صَحِيحِ البُخَارِي
دِرَاسَةٌ نَحْـوِيَّةٌ تَطْبِيقِيَّـةٌ( )
لِلبَاحِثَةِ : أَمَل مَحمُود صَالِحَة، فَقَد تَعَرَّضَتْ لِدِرَاسَةِ نَوعٍ مُحَدَّدٍ مِن الحُـرُوفِ المُخْتَصَّةِ بِالدُّخُولِ عَلَى الفِعْلِ المُضَارِعِ، فَبَحْثُهَا جُهْدٌ مَشكُورٌ، لَكِنَّهُ لا يَشْمَلُ كُلَّ حُرُوفِ المَعَانِي.
الثَانِيةُ رِسَالَةُ دكْتُورَاه بِعُنوَانِ :
بِنَاءُ الجُمْلَةِ فِي الحَدِيثِ النَّبَوِي الشَّرِيفِ
فِي الصَّحِيحَين( )
لِلدكتُور: عُودَة خَلِيل أَبُو عُودَة، تَعَرَّضّ فِيهَا لِدِرَاسَةِ الجُمْلَةِ بِنَوعَيهَا، مُكَوِّنَاتُهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا؛ كَدُخُولِ النَّوَاسِخِ عَلَى الجُملَةِ الاسْمِيَّةِ، وَحُرُوفِ الشَّرْطِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ؛ لِغَرَضِ الوُقُوفِ عَلَى أَشْكَالِ وَأَنمَاطِ بِنَاءِ الجُملَةِ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ .
وَقَد اسْتَفَادَ البَاحِثُ مِن الاطِّلاعِ عَلَى البَحْثَينِ، إِلَّا أَنَّ مَا تَفَرَّدَتْ بِه رِسَالَتِي أَمْرَانِ :
أ ــ أَنَّهَا دِرَاسَةٌ لِكُلِّ حُرُوفِ المَعَانِي جعلتُها محصورةً فِي أحاديث الصَّحِيحَينِ .
ب ــ اهْتِمَامُهَا بِتَفْصِيلِ مَعَانِي الحَرْفِ حَسَبَ وُرُودِهِ فِيهِمَا مَعَ ذِكْرِ النَّظِيرِ لَهُ مِن القُرْآنِ الكَرِيمِ وَشِعْرِ العَرَبِ .
الصُّعُوبَاتُ الَّتِي وَاجَهَتْنِي أَثنَاءَ البَحْثِ :
رُويَ عَن الإِمَامِ الشَّافِعِي قَولُهُ: (لَو كُلِّفْتُ شِرَاءَ بَصَلَةٍ؛ لَمَا فَهِمْتُ مَسْأَلَةً)( ). كِنَايَة عَن انْشِغَالِ البَالِ وَلو بِشَيءٍ يَسِيرٍ جِدًّا يُشَوِّشُ عَلَى طَالِبِ العِلمِ صَفَاءَ ذِهْنِهِ، فَمَا بَالُكَ لَو كَانَ هَذَا الشَّاغِلُ حَرْبًا أَهْلِيَّةً، وَفِتْنَـةً عَمْيَاءَ جَاهِلِيَّةً، مَزَّقَتْ شَمْلَ أَبنَاءِ الأُسْرَةِ الوَاحِدَةِ، واسْتُبِيحَ الوَطَنُ حِمَاهُ فَلَم يَعْرِفِ الاسْتِقْرَارَ وَلا الأَمْنَ مُنذُ عَامِ 2011م وَحَتَّى الآنَ، فِي هَذِهِ الأُجْوَاءِ العَاصِفَةِ المَرِيرَةِ المُظْلِمَةِ! كَتَبْتُ رِسَالَتِي .
لِذَلِكَ رُبَّمَا يَكُونُ قَدْ فَاتَنِي مِن جَوَانِبِ المَوضُوعِ مَا كانَ يَجِبُ أَن يُذْكَرَ، أَوْ جُزْئِيَّة لَمْ يُسْتَكْمَلْ فِيهَا كُلُّ مَا يَتِّصِلُ بِهَا مِن بَحْثٍ، فَالكَمَالُ لِلَّهِ الكَرِيمِ وَحْدَهُ فَقَد أَبَى أَنْ يُتِمَّ إِلِّا كِتَابَهُ سُبحَانَهَ؛ وَإِنَّي لأَرجُوهُ أَن يُوَفَّقَنِي فِي تَقْدِيمِ صُورَةٍ شَامِلَةٍ وَمُرَكَزَةٍ عَن هَذَا المِوضُوعِ تَنَالُ القَبُولَ .
خُـطَّـةُ البَحْثِ :
رِسَالَتِي هَذِهِ قَدْ تَوَزَّعَتِ المَعْلُومَاتُ النَّحْوِيَّةُ فِيهَا عَلَى بَابَينِ، يَتَصَدَّرْهُمَا مُقَدِّمَةٌ، وَتَمْهِيدٌ مُوجَزٌ تَنَاولْتُ فِيهِ أولاً : التعريفَ بِالكلمِ، ثانِيًا :عنايةَ النُّحـاةِ بِحُرُوفِ المَعانِي، ثَالِثًا: التَّعْرِيفَ بِصحِيحَي البُخَارِي وَمُسلِم.
ثُمَّ يَلِي ذَلِكَ البَابُ الأَوَّلُ ( أحْوَالُ مَجِيءِ حُرُوفِ المَعَانِي فِي سِّيَاقِ تَرَاكِيبِ صَحِيحَي مُسلِمٍ وَالبُخَارِي)، حَيثُ اشْتَمَلَ عَلَى أَربَعَةِ فُصُولٍ، خُصِّصَ الأُوَّلُ مِنهَا لِلحَدِيثِ عَن زِيَادَةِ حُرُوفِ المَعَانِي فِي الجُمْلَةِ، وَجَعَلْتُ الثَّانِيَ لِحَذْفِهَا مِن السِّيَاقِ، وَالثَّالِثَ عَن التضمِينِ وَالتَّعْدِيَةِ بِوَاسِطَةِ حُرُوفِ المَعَانِي، وَالرَّابِعَ أُفْرِدَ لِلحَدِيثِ عَن تَعَلُّقِ الجَارِّ وَالمَجْرُورِ وَأَحْكَامِهِ .
وَأَمَّا البَابُ الثَّانِي ( مَـعَـانِي الحُـرُوفِ فِي تَّرَاكِـيـبِ صَحِيحَي مُسلِمٍ وَالبُخَارِي ) فَقَدْ تَعَرَّضَ لِبَيَانِ المَعَانِي المُصَاحِبَةِ لِلحُرُوفِ مِن خِلالِ الجُمَلِ الوَارِدَةِ فِيهَا، فَقدْ قَسَّمْتُهُ إِلَى ثَلاثَةِ فُصُولٍ عَلَى حَسَبِ اخْتِصَاصِ الحُرُوفِ وَعَمَلِهَا؛ فَكَانَ الفَصْلُ الأَوَّلُ لِلحُرُوفِ المُخْتَصَّةِ بِالأَسْمَاءِ، وَالثَّانِي لِلمُخْتَصَّةِ بِالأَفْعَالِ، وَالثَّالِثُ لِلحُرُوفِ غَيرِ المُخْتَصَّةِ، ثُمَّ انتَهَيتُ إِلَى الخَاتِمَةِ الَّتِي أَودَعْتُهَا نِتَائِجَ مَا تَوَصَّلْتْ إِلَيهِ الدِّرَاسَةُ .
وَأَخِيرًا؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ جُهْدُ المُعَرَّضِ لِلخَطَأِ وَالصَّوَابِ؛ فَإِن وُفَّقْتُ فَمِن تَوفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَتِ الأُخْرَى فَمِن نَفْسِي، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِن ذَلِكَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا، وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين .