Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأصول التاريخية والفلسفية لدور الإرادة في إبرام العقد في نطاق القانون الخاص /
المؤلف
محمد، محمود عبد المنعم عبده.
هيئة الاعداد
باحث / محمود عبد المنعم عبده محمد
مشرف / طه عوض غازي
مشرف / فيصل زكي عبد الواحد
مناقش / طه عوض غازي
مناقش / فيصل زكي عبد الواحد
مناقش / محمد السعيد رشدي
مناقش / السيد عبد الحميد فودة
الموضوع
القانون- فلسفة.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
736 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - فلسفة القانون وتاريخه
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

العقد نظام فذ وعملاق من أنظمة القانون، لكونه يلعب الدور الأساسي الأعظم في دنيا المال بين الناس، وهو أكثر أنظمة القانون شيوعاً في حياتهم، وهو يمثل المصدر الأساسي الغالب لنشأة الحقوق والالتزامات، بغض النظر عن طبيعة الحق عينياً كان أم شخصياً، وهو علي جليل خطره في مجال المال لا يقف عند حدوده فهو يتجاوز حدود المال الي غيره من الكثير من مظاهر الحياة.
ولقد اتسم القانون الروماني في عهده الأول، وفي معظم عصوره التالية بشدة قيوده الشكلية، إذ لم يعرف القانون الروماني في عصوره الأولي سوي الشكلية التامة في جميع المجالات، وهو ما يمكن معه القول إن الشكلية كانت الطابع المميز للقانون الروماني طيلة عصر القانون القديم، سواء في ذلك نظم القانون العام أو الخاص
في ظل سيادة – مبدأ سلطان الإرادة – وفكرة الفن القانوني الواعي في القانون الحديث تحولت الشكلية في جوهرها وطبيعتها من شكلية فطرية رمزية، إلي شكلية واعية ومفيدة تقوم علي تحقيق أهداف معينة، ومن شكلية ذات طبيعة إنشائية إلي شكلية حمائية، إذ لم يعد استخدام الوسائل الفنية الشكلية ينشئ المركز القانوني أو يستغرق الإرادة، وإنما أصبح في خدمتها، حيث يضمن أن التعبير مطابقا للإرادة الحقيقية للمتصرف، وهو ما من شأنه أن يحقق العدالة والاستقرار معاً علي أفضل ما يكون، والشكل بهذه الطبيعة يؤكد سلطان الإرادة ولا ينفيه، كما أنه لا يتعارض مع حرية الإرادة إلا ظاهراً، فهو تقييد لأحد جوانب هذه الحرية من أجل مصلحتها.
لما كان القانون في الأصل حدث ديني، لذلك امتزجت مهنة القانون منذ التجمعات البشرية الأولى بالعمل الديني، والدين هو أسبق المناهج إلي تنظيم الحياة الاجتماعية، والشعب الروماني – مثل كل الشعوب الهندو –أوروبية- كانت لديه رؤية دينية خاصة تعتمد على الإقرار بوجود خالق ومبدع للكون.
لقد كان الدين هو المصدر الأساسي للقانون في المجتمعات القديمة، حيث كانت التعاليم الدينية في هذه المجتمعات هي المصدر الرئيسي -وإن لم يكن الوحيد-للقواعد القانونية في مختلف مجالات الحياة، سواء في مجال الأحوال الشخصية أو في مجال العقود والالتزامات، أو في مجال الجرائم والعقوبات، أو حتى في مجال القانون العام خاصة نظام الحكم والإدارة.
في العصر الحديث لم يعد الدين هو المصدر الأساسي للقواعد القانونية فمع تطور المجتمعات وحدوث متغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية كثيرة أصبح دور الدين قاصرا على مجرد رسم الإطار العام للظاهرة القانونية، بل وصل الأمر إلى حد الانفصال التام بين الدين والقانون، وأصبح لا وجود للدين إلا في خزائن النفس البشرية، ولا أثر له في تكوين القواعد القانونية، غير أن ذلك لم ينطبق علي طافة المجتمعات، فهناك من المجتمعات الحديثة ولا سيما التي تدين بالإسلام جعلت من الشريعة الإسلامية مصدرا للقانون، وأيا ما كان الأمر فقد ترتب علي الانفصال بين الدين والدولة، وبالتالي بين الدين والقانون في العصر الحديث أن أصبح لكل منهم نطاقه ومجاله، وظهرت العديد من الفوارق بينهما، إلا أن الدين ما زال حتي وقتنا الراهن له تأثيره علي القانون.
كان الشعب الروماني القديم شعبا همجياً يهتم بكل ما فيه إشباع لرغباته وملذاته، مثل الحروب والعروض المتوحشة ومواكب الانتصار، وكان من الطبيعي في مثل هذه الأجواء التي سادها الصخب والقوة المجردة والمظاهر الخارجية أن تتأثر أنظمتهم القانونية بهذه المظاهر، فكان لا بد من أن يركز الفرد فكرته علي وما يريده في عمل مادي معين، وكان لابد أن يصاحب العمل القانوني تصرف مادي، فكان هذا المظهر الشكلي بمنزلة الرداء الذي يتحلى به التصرف القانوني لمواجهة قصور وعيوب اللغة الإنسانية في تلك العصور.
العدالة تعتبر هي الغاية الأساسية التي يسعي القانون إلى تحقيقها، ومن ثم فالصلة وثيقة بين العدالة والقانون، فالقاعدة القانونية غير العادلة لا تصلح أن تكون قاعدة قانونية، بل تعد من قبيل الأعمال المادية غير المشروعة، وعلى ذلك ترتبط فكرة القانون بفكرة العدالة دائما.إن فكرة العدالة كانت ماثلة في أذهان الرومان منذ القدم، ولكن مع ذلك لا يمكن إنكار أثر الفلسفة الإغريقية في بناء فكرة العدالة عند فقهاء الرومان.
يقرر فقهاء الرومان أن القانون هو ”فن العدالة والخير” ويقولون إنه مبني على ثلاثة أصول ”أن تعيش شريفاً، وألا تضر أحداً، وأن تعطي لكل ذي حق حقه”، وقالوا أيضا ”إن العدالة هي النية الثابتة الدائمة في إعطاء كل فرد ما يستحقه” وأن علم القانون هو ”المعرفة بالأمور الإلهية والأمور الإنسانية وبما هو عدل وما هو ظلم”.
إن مبدأ سلطان الإرادة ما هو إلا تعبير عن مدرسة من مدارس فلسفة القانون التي تري أن الإرادة هي مصدر كل التزام بما في ذلك الإلتزام بالقانون ذاته، ومضمون ذلك المبدأ أن الالتزام التعاقدي يستمد قوته مستنداً الي إرادة الطرفين المتعاقدين، ومن ثم فإن هذه الإرادة هي مصدر كل الحقوق التي تنشأ لكل متعاقد قبل الآخر، ومصدر كل التزام يقع على عاتق أحد المتعاقدين قبل الآخر، والإرادة وحدها هي التي تعين مدي ما يلتزم به كل متعاقد وما له من حقوق قبل الطرف الآخر.
يمكننا القول أن المشرع قيد من سلطان الإرادة ليس فقط عند تكوين العقد بل أيضاً عند تنفيذه، خلافاً لما تقضي به الحرية العقدية من كون الإنسان حراً في أن يتعاقد أو لا يتعاقد، وأنه إذا تعاقد يكون حراً في اختيار من يتعاقد معه، كما أن له حرية تكوين العقد بأي صورة يعبر فيها عن إرادته دون اشتراط شكل معين، غير أنه بمزج المشرع لنظرية الإرادة مع نظرية التعبير جعل هذه الحرية ليست مطلقة بل أورد عليها قيوداً تحد من سلطانها، ففي بعض الحالات جعل المشرع الإرادة عاجزة عن تكوين العقد أو عن ترتيب بعض آثاره إلا إذا صبت في قالب شكلي معين، وفي حالات أخري فرض على الشخص أن يتعاقد بحيث لا يكون لإرادته سلطان في اختيار من يتعاقد معه، فيجبره القانون علي التعاقد مع من يتقدم له، أو يجبره على التعاقد مع شخص معين متي رغب هذا الشخص، كما أن السياسة التشريعية للمشرع المصري مقيدة بفكرة النظام العام والآداب، والتي كان لها دوراً هاماً أيضاً في تقييده لحرية الإرادة ومانعاً منها، بحيث يحظر القانون على الشخص أن يتعاقد في حالات معينة، فضلاً عما سلف فقد جعل المشرع المصريللقاضي دوراً في إبرام العقد وتعديل شروطه التعسفية كما في عقد الإذعان، وسلطته في إعطاء نظرة الميسرة وتعديله للشرط الجزائي وأخيراً تعديله للعقد بسبب الظروف الطارئة، كما تدخل بتشريعات لحماية طائفة المستهلكين إزاء تغول التجار والمنتجين