Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
كتابُ بِلَوْهَر وَبُوْذَاسِفْ وتأثيره في تراث الأدب العربي والفكر الإسلامي /
المؤلف
شاهين، علياء إبراهيم عبد الخالق.
هيئة الاعداد
باحث / علياء إبراهيم عبد الخالق شاهين
مشرف / حسين نصار
مشرف / . إبراهيم عوض
مناقش / . إبراهيم عوض
الموضوع
بِلَوْهَر وَبُوْذَاسِفْ الادب العربي.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
364ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الأدب والنظرية الأدبية
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية وادابها
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 364

from 364

المستخلص

الحمد لله الذي جعل الأدب طِبًّا للقلوب قبل الأبدان؛ لأنَّ قلب المؤمن إذا بالعلم تَهَذَّب؛ زهد في دنياه، وأيقن أنَّ الإحاطة بعلم الأشياء خِصِّيْصة الباريء الواحد بها قد تفرد.
والصلاة والسلام التامَّيْنِ الأكملين على صاحب النور العلمي الزاهر في زمن الظلام الجهلي القاهر محمد – صلَّى الله عليه وسلم.
والحياة لا تتوقف بفراق الروح للأجساد ؛ لأنَّ الروح تظل ساكنة في حرف كل عملٍ جديد ظلت يد الباحثين عنه غير مكتشفةٍ لِمَا فيه من عِلْمٍ نفيسٍ فريد.
ويظل الأدب هو اللفظ الذي تتقارب بفضله ثقافات الشعوب؛ لأنه لا يهتم بالأعْراق؛ بل يهتم بالإنسان الذي يمتلك العقل الذي يَمِيْزُ به بين الجديد والتليد، والعادي، والفريد.
وأوثق دليل على ذلك ماتمتعت به الآثار الأدبية الخالدة أمثال: ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، وسندباد نامه من شهرة تجاوزت بها أبعاد الأزمان وحدود الجغرافيات؛ لأنَّ وظيفة الأدب أن يُثْرِيَ العقل الإنساني أينما وجد، لأنه فن من فنون إمتاع العقل وإثقال المَلكَاتِ في ممالك الإنسانيات،ويَصْدُقُ اللفظ على مضمون الحرف الذي يحمله العمل الحامِلِ لمعناه؛ وهو « كتاب بِلَوْهَر وبُوْذَاسِفْ»الذي عُنِيَ بتحقيقه المستشرق الفرنسي دانيال جيماريه( ) الذي أيقن أنَّ الكتاب ذخيرة مَنْسِيّة في تراث الآداب العربية.
الأسباب التي استحثَتْنيْ نحو اختيار هذا الموضوع
أولاً:المكانة الأدبية التي يَشْغَلها هذا الموضوع في مُعْتَرَكَي الأدب المقارن، و الفكر الإسلامي؛ وذلك لأن َّ «كتاب بِلَوْهَر وبوذاسِف في المواعظ والأمثال الحِكَمِيَّة»، أو قصة بِلَوهر وبوذاسِف «تعد من القصص الشائعة في الثقافة الإسلامية، وهي من القصص الصوفية والأخلاقية كقصة حي بن يقظان، وسلامان وأبسال، ومنطق الطير؛ إلا أن قصة بِلوهر وبوذاسف تختلف عن مثيلاتِها من الأجناس الأدبية آنِفَةِ الذِكْرِ؛ إذ إنَّ تلك القصص تتسم بطابع رمزيٍ خياليٍ ناتجٍ عن نوعٍ من أنواع الإبداع الأدبي، أو التجربة الصوفية «العرفانية» والروحية لكاتبيها؛ فأبطال هذه القصص من إبداعات وابتكارات مؤلفيها؛ غير إنَّ قصة « بِلَوْهَر وبوذَاسِفْ» قد اصطبغت بصبغة إسلامية أحيانًا ومسيحية أحيانًا أخرى؛ وذلك نظرًا لامتلاكها جذورًا تاريخية؛ ويعد بطلها شخصية تاريخية هي شخصية «بوذا الأعظم» مؤسس الديانة البوذية» ( ).
ثانيًا: الإغفال والنسيان الذي مُنِيََ به هذا الكتاب، أو القصة كما صَنَّفَها بعض الدارسين في المؤلفات العربية بوجه عام، وفي مجال الأدب المقارن بوجهٍ خاص؛ رغم ما يحمله هذا الكتاب من أهمية تساوق كتاب كليلة ودمنة؛ ويعود ذلك إلى أن واردة الذِكْرِ لهذه القصة قد أتَت في كتابٍ من كتب الأحاديث والروايات عند الشيعة الاثنى عشرية وهو كتاب «بحار الأنوار» للمجلسي الذي استشفع به في مجال الإثبات والتدليل على غيبة الإمام المهدي؛ وهو الإمام الثاني عشر عند الشيعة الغائب عن الأنظار؛ والذي يظهر في آخر الزمان؛ ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً بعد أن مُلِئَتْ جَوْرًا.
ثالثًا: أن هذا الكتاب يتناول سيرة «بوذا» فى أطواره العمرية المختلفة، ويعتبر من الأدب التعليمى ، كما يعد واحدًا من الكتب الهندية التى ترجمت فى العهد الساسانى (226- 652م) إبَّانَ فترة حكم خسرو برويز (531-579م) إلى البهلوية، وقد فُقِدَت الترجمة البهلوية التي تُرجِمَ إليها هذا الكتاب؛ وغيرها من ترجمات اللغات الأخرى التي أثقلت ميزان النفاسة الأدبية لهذا المُؤلَّف النفيس بينما ظلت الترجمة العربية أو المتن العربي باقيًا لم يطْمسه الزمن أو تُحيلُ وجهه الأغيار ، والتي يرجح أن تاريخ ترجمتها يرجع إلى القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي، وقد نقلت عنها الترجمة الفارسية في القرن الثامن الهجري؛ ونظرًا لاشتمال كتاب بلوهر وبوذاسف على الحكايات الفلسفية والحكمية؛ فحريٌ به أن يحظى بالاهتمام الذي استأثر به كتاب كليلة ودمنة، ،وقد حظيت هذه القصة بأسماء متعددة فى لغات متباينة فى العالم، وهذه فريدة أدبية لم تحظ بها أية قصة أخرى أو كتابٍ آخر.
ونظرًا لهيْمَنَة فكرة أثارة وجود روايات هذا الكتاب في كتب الشيعة؛ وهو أمر يفتقر إلى العلمية فإن الباحثين فى مجال الأدب بصورة عامة لم يعثروا عليها، أو يلتفتوا إليها ؛لأنها لم تنشر فى كتاب أدبى من الكتب التى ألفوها وتعودوا على قراءتها والبحث فيها،ثم إن عقيدة غيبة الإمام المهدى يقول بها الشيعة الاثنى عشرية، ولا يقول بها بقية المسلمين؛لذلك فإن الأدباء الشيعة لم يلتفتوا إليها لأنها ليست موجودة فى الكتب المعروفة،كما لم يبحث عنها الأدباء العرب، والمسلمون من غير الشيعة.
رابعًا: نُدرة المصادر العربية التي تناولت ذِكْرَ هذا الكتاب؛ وهوأمر مُنافٍ لمبدأ العرف الفكري لدى بعض الباحثين الذين يقدرون نفاسة الموضوع بكثرة شيوع ذكره في الكتب.
وقد كانت هذه الأسباب نتاجًا لقدر النسيان الذي مُنِيَ به هذا الكتاب الذي يحمل من وجوه الأهمية ما قصرت عنه نظائره من المؤلفات العربية من حيث إنه يعد إثراء لميدان الأدب المُقَارَنِ خاصًّة، والأدب العربي عامة.
خامسًا: أنه كتاب جامع لأجناس الأدب؛ فنجد فيه الشِّقَ المُقارن؛ ويتجلَّى ذلك في عدد اللغات التي تُرجِمَ إليها هذا الكتاب، والتي فاقت عدد الترجمات التي تُرْجِمَ إليها كتاب كليلة ودمنة وما شاكَلَهُ من الأجناس الأدبية؛ فقد أحصى أحد الباحثين حوالي 66 تسمية( ) لقصة بلوهر وبوذاسف في اللغات العربية، والفارسية، والفهلوية، والسنسكريتية، والتركية، والأوردية، والسغدية، واليونانية، والگرجية، والروسية، واللاتينية، والحبشية؛ إلا أنَّ أكثر التسميات شيوعًا في العربية هي: «يوذاسِفْ»، «يوزاسِفْ»، «بوذاسِفْ»، «بوداسِفْ».
وقد كانت أول ترجمة لهذا الكتاب إلى اللغة الخُتَنية، ثم إلى اللغة السغدية والبارتية، كما ترجمت إلى الفهلوية في القرن السادس الميلادي، كما لها ترجمة باللغة التركية القديمة مُصْطَبَغَةٌ بصبغة مانوية، وقد عُثِرَ على قطعة منها في طورفان بالصين،كما تُرْجِمَت القصة من اللغة الفهلوية إلى اللغة السريانية.
وتوجد ترجمتان لهذه القصة إلى اللغة الگرجية، الأولى من الترجمة السريانية، والثاني من الترجمة الفهلوية، كما توجد إشارات إلى ترجمة گرجیة مسيحية موجودة في القدس مأخوذة من ترجمة عربية نُقِلَتْ عن الفهلوية،كما تُرْجِمَتْ الرواية العبرية لهذه القصة إلى الگرجية.
وحول الترجمات اليونانية لهذه القصة توجد آراء مختلفة، ويبدو أنَّ الترجمات الفهلوية، والعربية، والگرجية، والسريانية كانت كل واحدة منها مصدرًا لترجمة يونانية، غير أنَّ الترجمات اليونانية قد اصطبغت بِصِبْغَةٍ مسيحية، وقد اعتبر الكُتَّاب التابعون للكنيسة المسيحية بَطَلَي هذه القصة قديسين بَلَّغَا الديانة المسيحية في الهند.
«وذلك لأنَّ عالمية الأدب تعني خروجه عن نطاق اللغة التي كُتِبَ بها إلى أدب لغة أو آداب لغاتٍ أخرى، وهذه العالمية ظاهرة عامة بين الآداب في عصورٍ معينة وبالنسبة لأدباء معينين» ( )
ونجد فيه الأدب العربي القديم؛ فهو كتاب يعود زمن ترجمته إلى القرن الثاني الهجري؛ وهو الزمن ذاته الذي ترْجَمَ فيه عبد الله بن المقفع كتاب كليلة ودمنة إلى العربية ويُرجَح أن يكون هذا الكتاب من المؤلفات المترجمة المجهولة لعبد الله بن المقفَّع؛ ولم يتَأت ترجيحي هذا إلا بقرينة الأدلةالداعمة لهذا الظن، والتي توصلت إليها في نتائج بحثي هذا.
وعَرِيٌ عن المبالغة القولية الحكم على هذا الكتاب بأنَّه يفوق كتاب كليلة ودمنة من حيث الأهمية؛ بل من إحقاق الحق؛ وذلك لأنَّ كتاب كليلة ودمنة يعد أدبًا تعليميًا؛ لأنه يجعل الموعظة الأخلاقية مَسُوْقَةً في صورة قصصية، ومقرونة بضرب المثل؛ وكذلك كتاب « بِلَوْهَر وبوْذَاسِف» و لكنَّ وجه تفوقه يتأتى من اختلاف وسائل التوجيه الحاملة للموعظة الأخلاقية والدينية؛ فوسائل التوجيه كانت على ألسنة الحيوانات؛ بينما في كتابنا هذا كانت على ألسنة آدميين بشريين عاقلين حاملين للثِقَلْ الوجودي والعرفاني في التاريخ الإنساني؛ وأقصد بذلك البطل «بُوذاسف» الذي تُرجح المصادر أنه بوذا ومعلمه « بِلَوْهَر».
ونجد فيه الأدب الصوفي ؛ ويتجلَّى ذلك في القضية التي أثارها المستشرق الألماني جولد تسيهر؛ ألا وهي ترجيح أن يكون بُوْذاسِفْ- بطل هذا الكتاب - هو العالم المُحَدِّثْ الزاهد المتصوف إبراهيم بن أدهم؛ وقد فَصَّلْتُ القول في هذا الشأن في الفصل الخاص «بكتاب بِلَوهر وبوذاسف وتأثيره في الفكر الإسلامي».
ونجد شِقَّ الجدلية الفكرية والفلسفة الإسلامية؛ وقد أبرزت هذه الخصيصة في الجزء الخاص بتأثير الكتاب في المذاهب العقدية للفرق الإسلامية.
سادسًا: خروج عنوان الكتاب عن مِنْهاج المألوف المعروف في المُسَمَّى إلى الغريب المجهول في اللفظ؛ والشاهد على ذلك أنَّ هذه الغرابة قد سبقه إليها كتاب كليلة ودمنة حينما خرج إلى صفحة الإعلان الوجودي في الأدب العربي.
وهذا الخروج يجعل النَّفس البشرية مَسْوْقَةً سَوْقًا فِطْريًا نحو شغَفِ معرفة المغزى التفسيري لاسْمَي « بِلَوْهَر»، «وبُوذاسِف» حيث يرى البعض أن هذه التسميات ماهي في الحقيقة إلا انعكاسًا وتعريبًا للتسمية الفارسية « بوداسِبْ»، والتسمية السنسكريتية « بودي ساتوا» والتسمية الهندية «بوداستفاي» ( ) ،أما تسمية الحكيم الذي أخذ بيد بوذاسِفْ وهداه إلى الصراط القويم بـ« بلوهر» فيمكن أن تكون تعريبًا لكلمة التفخيم الهندية « بلهرا» التي تعني ملك الملوك.ً
سابعًا: أنَّ هذا الكتاب يعدُّ تأصيلاً لوجه آخر من وجوه الأدب المُقَارَنِ – في رأيي- ؛ ألا وهو الوجه التأثيري للأدب في الأديان السماوية؛ وهي ميزة تحققت في هذا الكتاب؛ لأنه لم يكن مصطبِغًا بصبغة الثقافة الإسلامية وحدها؛ بل اصطبغ بالصِبْغَةِ المسيحية أحيانًا، وأفادت من نظرياته التربوية المواقع الإلكترونية اليهودية التي نشرت عددًا من القصص التربوية الواردة في هذا الكتاب؛ لِمَا لها من وجاهَة التوجيه التربوي القائم على النصح والإرشاد؛ وليس على جبرية الأمر وعُلْوِيَّة التكليف.
وكل هذه الأسباب استحثتني نحو اختيار هذا الكتاب موضوعًا لبحثى؛ فضلًا عن رغبتى فى إلقاء الأضواء الكاشفة على كتاب أهمله الدارسون العرب لعقود من الزمن، ولم يلتفت سَدَنَةٌ التراث العربي إلى أهمية دراسته، وهذا يُسْهِم بدوره في إثراء المكتبة العربية،كما أنه يبرز مدى التأثير والتأثر بين آداب العرب، وآداب غيرهم من الشعوب الأخرى .
منهج الدراسة
اتبعت فى بحثى المنهج التحليلى النقدى القائم على تمحيص الآراء وتَفْنِيْدِها؛ وليس على التقيد بحدود النَّص دون فهم لإشارياتِ وأبعاد المعاني الواردة فيه.
وقدآثَرتُ أثارةً علميَّة أن تكون النجمة القوسية (*) رمزًا إشاريًا دالاً على الرأي التعقيبي للباحثة على عدد من النصوص والقضايا المِفْصلِيَّة التي تعَرَّض لها الكتاب على صعيد الأدب العربي، والفكر الإسلامي ؛ لأنَّ البَحْث العلمي لا يقوم على تَبَعيَّة الرأي؛ بل يقوم على استقلال الفكر.
كما قمت بوضعِ رموزٍ حرفية لنسخ الكتاب الخطيَّة؛ والحَجرية، والمطبوعة المُحَققة تحقيقًا استشراقيًا وليس علميًا؛ فرمزت لنسخة اليمن الخطية بالرمز (م)، ونسخة الهند الحجرية بالرمز (ج)، ونسخة المستشرق دانيال جيمارية المطبوعة بالرمز (ط) لكي تكون هذه الرموز علاماتٍ إرشاديَّة للتفريق بين النصوص المأخوذة عن النُسخ الثلاث، وقد أشَرتُ إلى ذلك في هوامش أو حَوَاشِي الرسالة.
وارْتَأيتُ أن تكون منهجية تعاملى مع النسخة الخَطِيَّة التي اعتمدت عليها في التأصيل لحياة «إبراهيم بن أدهم» والمَوسُومة باسم « الرَوض النَّسيم والدر اليتيم في مناقب السلطان إبراهيم بن أدهم» وذلك من أجل دعم أوجه المُشابهات والمفارقات الجامعة بينه وبين « بوذاسِف» دعمًا علميًا؛ لذا ارتضيت أن تكون الشرطة المائلة (/) والرَّقم العددي رموزًا توثيقية للنصوص التي استشفعت بها في إذْكَاء وجهتي العلمية في ذلك الشأن؛ لذا وضعتها في مَتْنِ الرسالة وليس في الحاشية.
وأيضًا قمت بعمل مُلَخَصٍ للقصص الواردة في الكتاب؛ وتَصَرَّفت في سياقها اللفظي بما يساعد على أداء المَعنى دون تبديل أوتحريف في أصول القصص الأصلية الواردة في الكتاب؛ لذا قمت بتقسيم كل قصة على النحو الموضوعي الآتي:
1- مضمون القصة
2- المغزى التربوي أو القيمي منها.
3- المثل المستنبط منها.
4- العنصر الرمزي فيها.
وهذه الأعضاء المَنْهجية وردت بارزة ومفصلة في الفصل الخاص بمضمون الكتاب.
وذلك توسمًا مني نحو ارتياض النفوس والعقول القارئة لهذه الرسالة إلى بُلوغ حد القيمة الأخلاقية من كل قصة عن طريق الوسائط التعبيرية؛ لا عن طريق الأوامر المباشرة؛ وذلك لأنَّ النفس البشرية تأبى التكليف؛ ولكنها تقبل ما اسْتُعْذِبَ من الألفاظ التي تُكَنِّي عن ذلك التكليف.
صعوبات الدراسة
ومن أهم الصعوبات التى واجهتنى فى دراستى؛ هي كثرة روايات الكتاب العربية التى تنوعت ما بين المقتضبة والطويلة، فضلًا عن آراء بعض المستشرقين بشأن نسبة الكتاب لعبد الله بن المقفع وترجيحهم لذلك؛مما دفعنى إلى دراسة كل مؤلفات ابن المقفع حتى يمكننى أن أشاركهم فى الرأى أو أخالفه.
وأيضًا كثرة المصادر والمراجع الفارسية المَعْنِيَّة بالحسم المعرفي لكثير من المُسْتَغْلَقات الواردة في هذه الرسالة؛ وقد استَنْفَرت عزائمي هذه الخَريدة العلمية، ودفعتني إلى تعلم اللغة الفارسية من أجل ترجمة بعض النصوص التي تمتلك الأهمية المعرفية التي تُفْضِي إلى استشراف مُثْقَلات النفائس العلمية لهذ ه الفريدة الأدبية.
الأجزاء الموضوعية للبحث
وقد قسمت بحثى إلى مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، وفهرس بأسماء المصادر والمراجع، وقد جاء ورود أعضائه الموضوعية على النحو السياقي التالى:
مقدمة:
وتشتمل على أهمية الموضوع وأسباب اختياري له ، والصعوبات التى واجهتني أثناء البحث.
أما الفصل الأول :
وعنوانه «الأصول» و قد تناولت فيه أصول الكتاب وطبعاته، ورواياته العربية،وكتب التراث العربى التى أوردت ذِكْرَ الكتاب،وترجماته إلى اللغات المختلفة، فضلاً عن سيرة بوذا كما وردت فى المصادر التاريخية والأسطورية.
أما الفصل الثانى:
فهو تحت عنوان «مضمون كتاب بلوهر وبوذاسف» وقد تناولت فيه القصة المحورية التي يدور حولها الكتاب ثم تحدثت عن القصص الفرعية.
أما الفصل الثالث:
فَعَنْوَنتُه بـ« أثر كتاب بلوهر وبوذاسف فى الفرق الإسلامية»وتناولت فيه تأثير الكتاب فى التصوف ثم تأثيره فى الفكر العقدى للفرق الإسلامية وذلك من خلال دراسة روايات الكتاب فى كتب إخوان الصفا،كمال الدين وتمام الدين وكمال النعمة، وبحار الأنوار.
أما الفصل الرابع:
فتناولت فيه «أثر كتاب بلوهر وبوذاسف فى الأدب العربى» وقد انتخبت كتاب كليلة ودمنة، وأوضحت أوجه المشابهات والمفارقات الجامعة بينهما، وكتاب الحكمة الخالدة لابن مِسكوية، وكتاب نهاية الأَرَبْ في أخبار الفرس والعرب؛ لإبراز المدى التأثيري لهذا الكتاب في الأدب العربي، كما انتخبت من بين الشعراء أبا العتاهية ، وأبا العلاء كنموذجين دالينِ على نفوذ الصِبْغَةِ التأثيرية للكتاب فيهما.
أما الفصل الخامس:فتناولت فيه أثر كتاب بلوهر وبوذاسف فى الفكر الإسلامى، وانتقيت سيرة إبراهيم بن أدهم التي عَمَدتُ في تأصيلها لمخطوط« الروض النسيم والدر اليتيم في مناقب السلطان إبراهيم للقرماني» المثنوى المعنوى لجلال الدين الرومى، ورسالة الخلود للعلامة محمد إقبال؛ للتدليل على وثاقة تأثير الكتاب على فَيْلَقيْنِ عظيمين من فيالق الفكر الإسلامي.
أما الخاتمة:فتناولت فيها أهم النتائج التى توصلت إليها من خلال هذا البحث.
و قدذيلت بحثى بقائمة تشتمل على أهم المصادر والمراجع التي استعنت بها في بناء الأعمدة البحثية لهذه الرسالة العلمية.
وختامًا أرجو أن أكون قد وفقت فى إضاءة بعض المجاهل المعرفية لتلك الفريدة الأدبية ،وأن يقع هذا البحث موقع القبول في الأفئدة والألباب؛ لأن كل رأيٍ علميٍ وعمل بحثي يظلُّْ رهنًا للرفض أو القبول حتى تَمِيْزَهُ العقول.
وإنَّ كل عملٍ مجبولٌ على النقص مفْتَقِرٌ إلى الكمال لأنَّ الله وحده هو المالك لصور الكمال بلا انتقاص والحمد لله رب العالمين