Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التنمية الاقتصادية في مصر في ظل الاقتصاد الموجه(1956-1971) /
المؤلف
الزهيري، محمد جابر السيد.
هيئة الاعداد
مناقش / أحمد زكريا الشِّلِق
مشرف / صباح أحمد البياع
مشرف / صباح أحمد البياع
باحث / محمد جابر السيد الزهيري
الموضوع
التنمية الاقتصادية.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
304ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 304

from 304

المستخلص

جثم الاحتلال البريطاني على صدر مصر لما يناهز سبعة عقود ، عمد فيها إلى نهب البلاد وثرواتها واستغلال كل مواردها بما يحقق مصالحه، ممارساً في سبيل ذلك سياسات اقتصادية لا تأبه إلا بتكريس عملية الاستغلال، دون توجيه أية عناية لمصالح البلاد أو منفعة شعبها، وفى سبيل إرساء أوضاع تدعم سياساته تلك لجأ منذ أن حل بالبلاد إلى خلق طبقة من الرأسمالية المحلية ربط وجودها بوجوده واستعان بها في تنفيذ سياساته، وعلى الرغم من أن تلك الطبقة كانت- في أغلبها- من أبناء البلاد فإنها اتبعت بدورها سياسات الاستعمار نفسها بدافع من الحفاظ على مكاسبها الاقتصادية ومن ثم أوضاعها السياسية والاجتماعية، متجاهلة مصالح الأغلبية من أبناء الشعب المصري، بل إنها رغم توليها مقاعد الحكم في البلاد لم تُبد رغبة حقيقية في تغيير تلك السياسات الاقتصادية، التي أرسى المحتل دعائمها، اللهم إلا في حال تعارضها مع مصالحها الخاصة دون أن يكون ذلك نابعًا من إرادة حقيقية في الإصلاح أو في التغيير.
في ظل ذلك عانى الاقتصاد المصري من وضعٍ مترد، أسفر عن خللٍ خطيرٍ في الهياكل السياسية والاجتماعية في البلاد، ولم يبدُ أن هناك أي أمل في تغيير ذلك إلا باجتثاث النظام الذي أرساه الاحتلال من جذوره، وإرساء قواعد نظام سياسي واقتصادي واجتماعي جديد، الأمر الذي حدث بالفعل بقيام ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، وبدا من الواضح، منذ وصول الثوار إلى الحكم، أن القيادة الجديد للبلاد على وعي تام بكل تلك المشكلات الناجمة عن تردي أوضاع البلاد الاقتصادية، وأنها وضعت نصب عينيها تغيير تلك الأوضاع تغييرًا جذريًا، والحد من التدهور الاقتصادي الناجم عن الأوضاع السياسية المتردية، دليلنا على ذلك أن قيادة الثورة، عندما أعلنت أهدافها الستة الشهيرة، صاغت منها ثلاثة أهداف مرتبطة ارتباطًا واضحًا بالأوضاع الاقتصادية، وتعمل على تغييرها، فكان من أهدافها القضاء على الإقطاع، والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال، وتحقيق هذين الهدفين كان يؤدي إلى تحقيق الهدف الثالث والأهم، ونعني به إقامة العدالة الاجتماعية.
على جانب مقابل فإن تلك الفترة من تاريخ العالم كان سمتها الرئيسي انتشار حركات التحرر الوطني في بلدان العالم الثالث، وكانت شعوب تلك البلدان قد أدركت ألا سبيل إلى التحرر السياسي والتقدم غير العمل على الاستقلال الاقتصادي، ومن هنا عملت قيادة ثورة يوليو على تحقيق الاستقلال الاقتصادي للبلاد، متخذة طريق السير في عملية تنمية اقتصادية شاملة، أوجبت تدخل الدولة في كل مناحي الاقتصاد، وفي واقع الأمر كانت هناك عدة أسباب أدت إلى ذلك، كان على رأسها إعادة توزيع ثروة البلاد بغية إعادة تشكيل المجتمع المصري، لخلق طبقات جديدة يكون من شأنها الاضطلاع بمهام الإصلاح التي تبناها النظام الثوري، والعمل على تكوين نخب سياسية واجتماعية وثقافية بديلة تحل محل النخب القديمة، كي تكون طليعة للمجتمع المصري الجديد وتشارك في إدارة شئون البلاد، وإزاحة الطبقة الحاكمة القديمة المسيطرة على شئون السياسة والاقتصاد فيها، يضاف إلى ذلك أن تدخل الدولة في توجيه الاقتصاد كان ضرورة فرضتها الأوضاع على الأرض في ظل عزوف وعدم قدرة الطبقة الرأسمالية القديمة على الاضطلاع بعملية التنمية.
لم يكن هذا الأمر يسيرًا أو هينًا، حيث سارت مصر قيادة وشعبًا في طريق شديد الوعورة يغص بالمصاعب والعقبات، خاضت خلاله معارك ضارية، داخلية مع رأس المال والإقطاع، وخارجية مع الإمبريالية العالمية التي لم تكن لتترك مصر تتحرر من إسار ارتباطها بالسوق العالمية الكبرى بصفة عامة، وسوق الغرب الاستعماري آنذاك -ممثلًا في إنجلترا والولايات المتحدة- بصفة خاصة، وبطبيعة الحال كان أبرز تلك المعارك معركة بناء السد العالي، تلك التي حولت نضال الشعب المصري لإصلاح ما اعترى الاقتصاد المصري من فساد، إلى معركة كبرى خاضتها مصر كي تحقق استقلالها السياسي وتحررها الاقتصادي من التبعية للغرب الرأسمالي.
كانت تلك هي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدخل الدولة المصرية في الاقتصاد وقيامها بدور رئيسي في التنمية، منذ قيام ثورة يوليو 1952، أو بتعبير أدق منذ أن خاضت مصر معركة بناء السد العالي في عام 1956، وحتى رحيل الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1970، الذى تلت رحيله ردة في السياسات، وانقلاب على الثوابت مما أدى إلى عودة مصر والاقتصاد المصري ثانية إلى أحضان التبعية السياسية والاقتصادية للغرب، والتي كانت أولى خطواتها صدور القانون رقم 65 لسنة 1971 بشأن استثمار رأس المال العربي، وما تلا ذلك من اتباع سياسة جديدة أطلق عليها حينذاك ”الانفتاح الاقتصادي”