Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التفاعل بين النظم السياسية والأوضاع الاقتصادية
في كل من أثينا واسبرطة :
المؤلف
البغدادي، أحمد محمود محمد.
هيئة الاعداد
باحث / أحمد محمود محمد البغدادي
مشرف / سامي عبد الفتاح شحاتة
مشرف / إيناس أحمد عبد الغني
مناقش / ناهد عبد الحليم الحمصاني
مناقش / السيد محمد عمار علي
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
333ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2023
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 333

from 333

المستخلص

المستخلص: -
جاء موضوع الدراسة تحت عنوان ”التفاعل بين النظم السياسية والأوضاع الاقتصادية في كل من أثينا واسبرطة في الفترة من 800 ق.م إلى 371 ق.م”، تتناول هذه الأطروحة المقدمة لنيل درجة الدكتوراه التاريخ السياسي والاقتصادي لكل من أثينا واسبرطة، سعياً إلى فهم كيف تطورت الأنظمة السياسية في اليونان ومعرفة الدوافع وراء ديناميكية الأنظمة والتحولات السياسية، وما إذا كانت تلك التحولات قد حدثت نتيجة لظروف اقتصادية متغيرة غير مستقرة ; أم أن التحولات السياسية هي التي حفزت تطور الأوضاع الاقتصادية؟ أم أن تطور الأنظمة السياسية والأوضاع الاقتصادية في كل من أثينا واسبرطة حدث نتيجة تفاعل ديناميكي مستمر بينهما، والذي يستحيل معه إدراك المؤثر.
وقد تناولت الدراسة مراحل التفاعل بين الأنظمة السياسية والأوضاع الاقتصادية في كلا من أثينا واسبرطة، ففي حين اتسم النظام السياسي في اسبرطة بالمحافظة والرجعية والجمود حيث توقف عند الحكم الأرستقراطي، شهد النظام السياسي في أثينا العديد من مراحل التطور والتحول ابتداءً من الملكية حتى قيام النظام الديمقراطي في عصر بركليس. وكيف تمكن الأرستقراطيون من الاستيلاء على السلطات الملوك وكيف أسسوا نظامهم السياسي. كما يتناول الأوضاع الاقتصادية للمجتمع الآثيني في ظل الحكم الأرستقراطي وكيفية تفاعل النظام السياسي مع الوضع الاقتصادي، فانعكست سياستهم على الأوضاع الاقتصادية لأثينا، حيث تطور النشاط التجاري وازدهرت الصناعة مما أدى إلى ظهور بعض التغيرات الاقتصادية التي أدت إلى ظهور طبقة ثرية جديدة من التجار، التي اندمجت مع الأرستقراطية القديمة لتشكل حكم الأقلية الغنية (الأوليجارخية)، ومع سيطرة هذه الأقلية الثرية على مقدرات البلاد، انتشرت الاحتجاجات وسادت حالة من السخط الشعبي في المدن اليونانية ضد حكم الأقلية.
وقد استمرت الاضطرابات والاحتجاجات حتى جاء سولون الذي ناضل قدر استطاعته لتخفيف حدة الصراع الطبقي بين الفقراء والأغنياء من خلال سن حزمة من التشريعات، حيث استطاع عمل توازن طبقي نسبي بين الأغنياء والفقراء بهدف استقرار المجتمع وبقدر ما كانت عليه ظروف كل طبقة وظروف عصره. (لكن بقي على أثينا خوض أشواط طويلة من التطور السياسي في طريقها الى الديمقراطية الكاملة)، حيث انه بمجرد مغادرة سولون لأثينا فقد عاد الشعب بكل أطيافه الى الشحناء والبغضاء وكثرت المشاحنات، ما أدى الى انقسام الأثينيين إلى ثلاثة أحزاب جيوسياسية متناحرة.
وفي ضوء هذا الصراع بين الفقراء والأثرياء فقد قام بعض الأرستقراطيين الطموحين بتبني مطالب الفقراء لكسب تأييدهم رغبة في السلطة وليس لاقتناعهم بمطالبهم وحقوقهم، وقد انتهى هذا الصراع بين الأحزاب المتناحرة بوصول أحد الأرستقراطيين الى الحكم بمساعدة وتأييد الطبقات الفقيرة، ما أدى الى ظهور حكم الطغاة. هذا الحكم الذي ما لبث أن ظهر حتى اعوج عن مساره ومنهاجه فتحول حكم الطغاة τυραννὶς• الى حكم استبدادي قائم على المصلحة الشخصية دون المصلحة العامة، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على المجتمع الآثيني وخاصة الفقراء منهم.
ومن هنا بدأ فقراء أثينا يتطلعون إلى مستقبل أفضل، حريصين على تحقيق العدالة والمساواة. حيث قامت عدد من المحاولات للإصلاح السياسي والاقتصادي والعسكري على يد كليسثنيس الذي وضع أسس الديمقراطية، ومن بعده ثميستوكليس الذي أخذ على عاتقه تعزيز القوة الاقتصادية والعسكرية (البرية والبحرية) لأثينا لمواجهة الفرس وتحرير مدن آسيا الصغرى من سيطرة الفرس ومن جهة أخرى حماية مصالح أثينا الاقتصادية وحماية تجارتها بالبحر المتوسط ومن ثم تكوين حلف ديلوس.
ثم جاء عصر بركليس الذي عزز أركان الحكم الديمقراطي بحزمة من التشريعات بعد أن حول مدن حلف ديلوس إلى حلف تابع لسلطة أثينا وسيطرتها من أجل السعي إلى تأسيس الإمبراطورية الأثينية. وذلك بعد أن حققت أثينا العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية. فوصلت أثينا في عهده إلى درجة كبيرة جداً من التطور والازدهار في كافة المجالات، وخاصة الجانب الاقتصادي.
ورغم أن هذه النجاحات الاقتصادية حققت لأثينا نجاحات ومكاسب على صعيد طموحها السياسي، إلا أنها كانت سببا في النكبات التي حلت بأثينا عندما طمحت إلى توجيه نشاطها التجاري نحو الغرب وفتح أسواق جديدة للتجارة على حساب المصالح التجارية لإسبرطة، مما أدى الى بدء مرحلة من الصراع بين أثينا الديمقراطية واسبرطة الأوليجارخية الذي زادت حدته مع بدايات القرن الخامس ق.م وذلك نتيجة تخوف اسبرطة من نشاط أثينا السياسي والاقتصادي الذي لم يتوقف بإقامة إمبراطوريتها حيث أخذت تتحرش باسبرطة وبمصالحها وتؤجج الثورات في المدن التابعة لها. وقد كان التناقض بين النظامين الآثيني والإسبرطي وتضارب المصالح الاقتصادية كفيلين بعدم استمرار السلام بين هاتين القوتين، ما أدى الى نشوب الحروب البيلوبونيزية، تلك الحروب التي أنهكت القوى العسكرية والمادية لكل من أثينا واسبرطة وحلفائهما وبصفة خاصة أثينا حيث منيت بأكبر هزيمة عرفتها المدينة منذ قيامها. هزيمة لم تفق منها قط، فأسدل الستار على تاريخ أعظم مدينة يونانية نشطة حيث تعرضت أثينا بعدها لازمات اقتصادية طاحنة نتيجة تدمير أراضي أتيكا الزراعية وتخريب محاصيلها فضلا عن تخبط سياستها الخارجية الأمر الذي انعكس على أحوالها الداخلية وشيوع حالة من الاضطرابات السياسية بين أطياف المجتمع الآثيني، الأمر الذي أدى في النهاية الى انهيار الإمبراطورية الأثينية.
وبعد انتهاء الحروب البيلوبونيزية شهد القرن الرابع ما يمكن أن نسميه بعصر الفوضى والانحدار. فأثينا بعد هزيمتها في الحروب البيلوبونيزية شهدت فوضى وتدهور سياسي واقتصادي كان لهما مردود سلبي على الحياة العامة. فمن الناحية السياسية فقد تراجع النظام الديمقراطي أمام تسلط الاوليجارخيين وهيمنتهم على أمور الحكم بمساعدة اسبرطة، فنشب في أثينا صراع سياسي عنيف بين الديمقراطيين والاوليجارخيين استعان فيه كل طرف بقوى خارجية لتمكينه من الحكم حيث استعان الديمقراطيين بالفرس في حين استعان الاوليجارخيين باسبرطة، ومن الناحية الاقتصادية شهدت أثينا تناقص ظاهر في الموارد الاقتصادية تبعه ركود تجاري فقل الدخل وزادت النفقات واختل ميزان المدفوعات وانهار الاقتصاد الزراعي نتيجة قلة الأيدي العاملة بالزراعة، وأمام هذا الوضع السياسي والاقتصادي المتدهور فقد ازدادت حدة الصراعات بين طبقات المجتمع الآثيني.
كما تحول الفكر السياسي الاسبرطي الخارجي الى سياسة الاستعلاء والغطرسة والعنف التي استخدمتها اسبرطة ضد حلفائها ومدن الإمبراطورية فكانت سببا في قيام الثورات ضدها وفقدانها لتأييد العديد من القوى مثل طيبة وكورنثة فضلا عن قيام الفرس بتأليب المدن الإغريقية ضد اسبرطة الأمر الذي أدى في النهاية الى انهيار وسقوط الإمبراطورية الإسبرطية تلك الإمبراطورية التي تدفقت عليها الثروات من كل حدب وصوب، إلا أنها أفسدت أخلاق قادتها العسكريين حيث انتشرت الرشاوى وانصرفوا عن حياة العسكرية الى حياة الترف والملذات.
وهكذا نجد أن تضارب المصالح السياسية والاقتصادية بين أثينا واسبرطة يوضح مدى التفكك والتشرذم الذي كان سمة من سمات دولة اليونان ويظهر مدى العداء الكامن بينهما ومدى العداء بينهما. هشاشة النظامين السياسي والاقتصادي الذي قامت عليه الدولتان، فضلاً عن غياب العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمعات اليونانية التي تعتبر من أهم أسباب فشل وانهيار التجربتين الأثينية والإسبرطية.