الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقدْ اعتنَى المسلمونَ بسيرة نبيهمْ محمدٍ وألفُوا فيها الأسفارَ العظيمةَ والكتبَ المختصرةَ بما يناسبُ الزمانَ والمكانَ الذي كتبتْ فيه؛ وممَّا لا شكَ فيهِ أنَّ أعظمَ مصدرٍ لحفظِ السيرةِ النبويةِ هو القرآنُ الكريمُ الذِي نزلَ على سيدِ المرسلينَ بلسانٍ عربيٍ مبينٍ . لقد تنوع الأسلوب القرآني في خطابه لأهل مكة بما يناسب سياق الأحداث ودعوة المخاطب مع مراعاة حالتهم الاجتماعية والدينية, ومراعيا تلك الصدمة القوية والهزة العنيفة التي تعرضوا لها في معتقدهم وما عاشوا عليه أزمنة طويلة ؛ بل ظنوا أن هذا الدين الجديد سيهدم ما أفنى فيه الآباء والأجداد أعمارهم ؛ فتارة يتلطف معهم بأرق العبارات وأخرى يتوعدهم بأشنع العقوبات ومرة يعدهم بنعيم الدنيا وأخرى يتوعدهم بعذاب الآخرة . وهذا التنوع في أسلوب الخطاب بهدف الوصول إلى غاية محددة مقصودة لذاتها من خلال وسائل مدروسة بحكمة وعناية مع مراعاة حال المرسل إليه ( المخاطَب ) هو ما يعرف في علوم البلاغة الحديثة بمصطلح ( استراتيجيات الخطاب ) والتي قسَّمَها الحداثيون إلى أربعة أقسام حيث يختار المرسل واحدة منها بما يناسب السياق و المقام وقرائن الحال و بما استقر عليه البحث العلمي حتى الآن. |