Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أغوات دار السعادة فى مصر فى القرنين السابع عشر والثامن عشر /
المؤلف
العطار, شيماء محمد على إبراهيم.
هيئة الاعداد
باحث / شيماء محمد على إبراهيم العطار
مشرف / أحمد عبد العزيزعلى عيسى
مناقش / صلاح احمد هريدي
مناقش / سحر ابراهيم حنفي
الموضوع
تاريخ الشرق الاوسط.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
مج. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية
الناشر
تاريخ الإجازة
15/3/2018
مكان الإجازة
جامعة دمنهور - كلية الاداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 350

from 350

المستخلص

لما جاء الإسلام ، وجد الرق نظامًا اجتماعيًا واقتصاديًا متغلغلًا فى حياة الكثير من المجتمعات فى معظم أنحاء العالم فى ذلك الوقت ، إذ كانت هذه المجتمعات قائمة على النظام الطبقى الذى قسم المجتمع إلى طبقتين : هما الأحرار والعبيد ( القولار) ، ويقصد بالأحرار أولئك الذين ولدوا من آباء مسلمين أحرار ، أو أولئك الذين اعتنقوا الإسلام طوعًا ، ولم يمسهم الرق مطلقًا ، وهؤلاء هم بناة الأمة الحقيقيون ، ويمثلون أقلية عددية فى بناء الدولة العثمانية ، وقد تولى بعض أفراد هذه الطبقة عددًا من الوظائف القيادية فى الدولة ، وخاصة الدينية ؛ لذا أطلق عليهم اسم ( الهيئة الدينية ) ، وكانت هذه الهيئة تضم جميع المسلمين فى الدولة خارج الهيئة الحاكمة ، ومن المناصب التى تولاها أفراد هذه الطبقة مناصب ” القضاء والإفتاء ( ) ” .
وأما الرقيق : فيشتق اسمهم من الرق ، والرق لغويًا بكسر الراء ، هو الملك أو العبودية ( ) ، والرقيق هم العبيد ، وقد سموا رقيقًا ؛ لأنهم يرقون لمالكهم ويذللون ويخضعون له ، والرقيق هو المملوك ويطلق على الواحد والجمع ( ) ، ونلاحظ من ذلك أن الرقيق هو العبد الذى فقد حريته ، وأصبح ملكًا لغيره ، وقد عرف المجتمع الإسلامى الرق نظامًا اجتماعيًا معترفًا به ، وكان الرقيق – رجلًا كان أو امرأة أو طفلًا – ملكًا خالصًا لسيده ، مجردًا من كل الحقوق ، وجاء الإسلام فجعل للرق قيودًا وشروطًا شرعية ( ) .
وكان الرقيق موجودًا بوفرة فى دار الإسلام ، وكانت أسواق النخاسة لاستيراده وبيعه مفتوحة كثيرة ، لكن مصادر تجهيزهم أخذت تميل نحو الشح والنضوب ؛ بسبب العتق ومنح الحرية لأولاد الجوارى المولودين من آباء أحرار ؛ ولذلك فقد ظل تملك الرقيق ووجوده فى دار الإسلام يعتمد أساسًا على مقدار ما يغتنم أو يبتاع خارج هذه الدار( ) ، ويعد العصر المملوكى العصر الذهبى للرقيق ، حيث كانت دولة سلاطين المماليك ( ) فى مصر والشام هى دولة الرقيق الأبيض ، إذ كانوا نواة الحكم فيها ، واستمرت دولتهم لأكثر من قرنين ونصف قرن ( ).
وقد عرفت الدولة العثمانية نظام الرقيق ، غير أن الرقيق فى المجتمع العثمانى كانوا يعملون فى المنازل معدودين فى الغالب من أفراد العائلة ، وكان يجرى تعليمهم وتنصيبهم فى المناصب الكبرى ، ولكن فى الوقت نفسه تولد لدى هؤلاء مشاعر الحزن والكآبة من كونهم فى الأصل قد هربوا وهم أطفال صغار من بلادهم ، ثم بيعوا عبيدًا بعد ذلك ، والأخوة الذين جمعتهم صدف غريبة ومشاعر الحب اليائس بين الجارية وسيدها وحنين العبيد إلى ذويهم وأوطانهم وحياتهم التى كانت فى تلك الديار البعيدة المجهولة وتمردهم على أقدارهم وغير ذلك هى الإطار العاطفى للروايات التى تناولت موضوع الرقيق ( ) ، وقد تعددت مصادر جلبهم إلى الدولة العثمانية ، وأطلق على الواحد منهم كلمة ( قول) أى العبد ، وكانت تحصل عليهم الدولة بأربع طرق ، وهى( ) :
1- الأسر: إذ خاضت الدولة العثمانية العديد من الحروب فى أوروبا ، وهو ما جعلها تحصل على عدد كبير من الأسرى .
2- الشراء : وكان ذلك يحدث من خلال أسواق الرقيق فى عاصمة الدولة وغيرها من البلدان وقد شهدت أسواق الأستانة ( ) والقاهرة نشاطًا واسعًا فى تجارة الرقيق ، حتى صار تجارهم طائفة ذات شأن ومكانة .
3- الإهداء : حيث كانت الهدايا من الرقيق من أحب الأشياء إلى قلوب السلاطين ، وخاصة إذا كانوا من الشباب الأقوياء الأصحاء .
4- الدفشرمة Devşirme : وهى كلمة مأخوذة من الفعل ( دفشرمك ) فى التركية ، ويعنى تسجيل الأسماء ، وطبقًا للأسلوب المتبع فى اختيار الأطفال وتجميعهم من أسرهم ، فإن نظام الدفشرمة هو تجميع أولئك الأطفال بوصفهم ضريبة رأس فرضها السلاطين إجباريًا على الأسر المسيحية التى لم تعتنق الإسلام ، وكان هذا النظام يوفر للعثمانيين عناصر جديدة تدخل فى صفوف الجيش بانتظام واستمرار وفى كافة المؤسسات الأخرى التى كانت منظمة تنظيمًا جيدًا ( ) .
وفيما بعد أضحى لفظ ( الدفشرمة ) فى الدولة العثمانية يطلق على أولاد النصارى الذين جلبوا للالتحاق بالسلك العسكرى خاصة ، وتترواح أعمارهم ما بين ثمانية إلى خمسة عشر عامًا ، وتتوافر فيهم اللياقة البدنية ، وقد استحدث هذا النظام فى عهد السلطان ” يلدريم بايزيد ( ) (791 – 805 هـ / 1388 - 1402م ) ” ، وكانوا أول الأمر يجلبون من رعايا الدولة فى اليونان وبلغاريا وصربيا والبوسنة والهرسك والمجر، وفى نهاية القرن الخامس عشر بدأ جلبهم من نصارى الأناضول ( ) ، وفى القرن السادس عشر عم الأمر نصارى مناطق الدولة العثمانية كافة ، وبعد وصولهم إلى العاصمة كانوا يختنون وينطقون بكلمة الشهادة ليدخلوا بذلك فى الإسلام ( ) .
وقد كان السلطان يصدر فرمانًا بتعيين ممثل له وضابط من الإنكشارية ( ) لكل منطقة ، حيث يجمع الأطفال فى حضور آبائهم ؛ لاختيار المناسبين منهم من أبناء الأسر المسيحية بالقرى ، ولم يكن هناك قانون معين أو لائحة تحدد طريقة اختيار الطفل ، بل كل ما فى الأمر أن الدولة تحدد لكل وكيل عدد الأطفال الذين يتعين إحضارهم للسلطان .
ومما يجدر ذكره أن العثمانيين كانوا يستجيبون لدواعى الرحمة ، فلا يأخذون الأولاد الوحيدين لأبائهم ولا الأطفال الذين فى سن الرضاعة ، إذ إن أمثالهم يشكلون عبئًا ثقيلًا على الموظفين المختصين بتنشئة الأطفال وتربيتهم ، ولم يأخذوا أيضًا الأولاد الذين تجاوزوا الحلم ؛ لأنه يصعب فصل أمثال هؤلاء الأولاد عن ماضيهم وعن أهلهم وعن بيئتهم الأولى ؛ لذا كان وكلاء الدولة العثمانية يأخذون الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سن السابعة والعاشرة ، ومنذ أن يتحرك الوكيل بهؤلاء الأطفال إلى إستانبول تنقطع الصلة نهائيًا بينهم وبين ذويهم ( ) ، بعد أن يجرى تسجيل ووصف كل منهم فى سجلات ، وكانت الحكومة تعد الدفشرمة ضريبة استثنائية ، وليست استعبادًا لمواطنيها ، وكان الأولاد يجمعون للدفشرمة كل ثلاث أو سبع سنوات ، وذلك حسب الحاجة ( ).
وقد أقبل الكثيرون على اقتناء الرقيق ، فلم نسمع عن أحد من كبار رجال الدولة ، سواء أكان من السلاطين أم الأمراء أم الفقهاء أم التجار بل الكثير من عامة الناس إلا وكان لديه من الجوارى ( ) والعبيد ـ بيضًا وسودًا ـ بما يتناسب مع مكانته الاجتماعية ومركزه وثروته ( ) ، وقد سنت الدولة العثمانية العديد من الأنظمة ، تحكمها مبادىء وتوجيهات خاصة بهذه المؤسسة – مؤسسة القولار- منها : الطاعة المطلقة للسلطان وبساطة العيش والعزوبية وعدم ممارسة أية مهنة وإعفائهم من الضريبة وخضوعهم لقضاء خاص ووراثة السلطان لهم ( ) .
وقد انقسم العبيد إلى قسمين : الأول : الذكور ، وهؤلاء استخدموا للعمل فى الجيش فرقًا عسكرية أو لحراسة قسم الحريم ، والثاني : الإناث وكن يستخدمن جوارى فى قصور السلاطين وكبار رجال الدولة ( ) ، وقد استخدم العثمانيون الجوارى داخل القصور العثمانية ، إذ كان يطلق عليهن لفظة الحريم ، والحريم : لفظ يشتق من كلمة الحرم ، وحرم الرجل ما يقاتل عنه ويحميه ( ) ، وهو لفظ تاريخى معروف منذ القدم فى العالم الإسلامي ، أما بالنسبة للعثمانيين فهذا اللفظ يعنى الجزء الخاص من القصر الذى يعيش فيه السلطان مع أهل بيته من النساء ، وقد استخدم القسم المخصص منه لإقامة النسوة وحدهن فى السرايات والبيوت الكبيرة ( ) ، وأشهر قسم للحريم العثمانى هو حريم قصر طوب قابى سراى ، وهو القصر الذى اتخذه السلاطين العثمانيون سكنًا لهم ومقرًا للحكم منذ عهد السلطان سليمان القانونى (926- 974هـ/1520 – 1566م ) حتى زمن السلطان عبد المجيد (1255-1277هـ / 1839-1861م ) ( ) .
وكان الحريم السلطانى بكل فئاته وهيئاته وراء الأسوار العالية بعيدًا عن العالم الخارجى ، وكانت منطقة الحريم تحاط بأسوار عالية تقوم عليها حراسة مشددة ، والطريق المؤدى إلى هذه المنطقة ممر طويل يطلق عليه لفظ دار السعادة ، له أربعة أبواب : بابان منها مصنوعان من الحديد ، وبابان من البرونز ( ) ، ويتناوب على حراسة هذه الأبواب والاحتفاظ بمفاتيحها عدد من الخصيان - سوف يتم التعرف عليهم لاحقًا - وكانت أجنحة الحريم منطقة مغلقة ومحرمة لا يسمح لأحد بدخولها أو الاقتراب منها سوى السلطان العثمانى والعاملين فى القصر( ) .