Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الهيمنة الشعبوية وآثارها في الفكر السياسي المعاصر:
المؤلف
أحمد، دعاء حسن محمد
هيئة الاعداد
باحث / دعاء حسن محمد أحمد
مشرف / أمل مبروك عبد الحليم
مشرف / سهير عبد السلام
مناقش / سامية عبد الرحمن عبد السلام
مناقش / منال ابو زيد عبدة
تاريخ النشر
2023
عدد الصفحات
194ص:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2023
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - الدراسات الفلسفية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 143

from 143

المستخلص

تطرقت هذه الدراسة إلى تأويلات متنوعة حول تحديد مفهوم الشعبوية، حيث تُعدّ من أكثر المفاهيم السياسية الفضفاضة والأكثر إثارة للجدل حول التحديد الدقيق لمعناها؛ إذ تُنْسَبُ إليها أوصاف كثيرة شديدة الغموض. لذلك تتخذ ”الشعبوية” أبعادًا متعددة، فهناك من يرى أنها أسلوب سياسي، ومن يصفها بالأيديولوجيا، ومن يرى أنها شكل من أشكال التعبئة، وهناك كذلك من ينظر إليها بوصفها استراتيجية إعادة توزيع السلطة السياسية بين الفئات الاجتماعية التقليدية والجديدة، وأيضًا يصفها البعض بأنها شكل من الثقافة ذات الطبيعة الخاصة. وتستمد ”الشعبوية” قوتها من خطابات تثير المشاعر والعواطف مرتكزة في ذلك على نبذ قيم النخب الانتهازية وسلطويتها، وتدعي أنها تدافع عن الوطنية وعن المواطنين المقهورين جراء السياسات التي تنتهجها النخبة السياسية. وتم تجريد مفهوم ”الشعبوية” إلى الأسس المكونة له، من ثلاثة عناصر أساسية، وهي: الشعب والنخبة والإرادة العامة.
وتُعدّ القيادة الكاريزمية من أهم ركائز الشعبوية؛ حيث أفرزت الأزمات الاجتماعية، بعض الزعامات الشعبوية، التي تستغل نمو مزاج سياسي غاضب لدى الفئات الأكثر تضررًا من نتائج الأزمة، وشعورهم بالتهميش والحرمان الاجتماعي، معتمدة في ذلك على خطاب يتملق الجماهير لغرض التعبئة السياسية ضد نخب منافسة له.
لقد ظهرت ”الشعبوية” في ثلاثة سياقات تاريخية مختلفة لا رابط بينها؛ بحيث يشتمل كل منها على توجهات فكرية وحركات سياسية متباينة. كانت بدايات الشعبوية فى روسيا 1870م وتجسدت في حركة من المثقفين والشبّان المتحدرين من الطبقات الأرستقراطية، وهي حركة زراعية بميول اشتراكية تهدف إلى تحرير الفلاحين من السياسيات الاقتصادية للنظام الحاكم. وامتدت الشعبوية الزراعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في تسعينيات القرن التاسع عشر التي أصبحت في النهاية حزب الشعب، وقد عمد الحزب إلى تحشيد صغار الفلاحين في السهول الكبرى ضدّ شركات سكك الحديد والبنوك التي كانوا مدينين لها. وظهرت الشعبوية القومية – في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى – من خلال النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا. أما الموجة الثالثة للشعبوية، هي: الشعبوية المعاصرة التي تتميز بتوجهها إلى نقد العولمة ومناهضتها للهجرة والمهاجرين واللّاجئين، ومناهضة النخب السياسية. ولم تتوقف الشعبوية المعاصرة على استيعاب التيارات اليسارية فحسب، بل شهدت الحركات الشعبوية اليوم في العالم نموًا واضحًا من التيارات اليمينية المتطرفة، وهذا ما يطلق عليها التعبئة السياسية.
وهناك اتفاق بين الشعبوية والديمقراطية على مبدأ السيادة الشعبية، حيث لا تختلف الشعبوية مع الديمقراطية في حد ذاتها، بل تختلف مع النسق الديمقراطي الليبرالي وتمثل تهديدًا له. وقد تم النظر إلى ”الشعبوية” بوصفها أحد أعراض أزمة الحكم في الديمقراطيات المعاصرة، دون أن تقدم حلّا مقنعًا لتلك الأزمة. وعلى الرغم من افتقارها إلى الوضوح، واستخداماتها المطّاطية؛ فقد قدَّم جان فيرنر مولر فكرة ”الشعبوية” بوصفها قوة أخلاقية بحيث أصبح النزاع السياسي نزاعًا أخلاقيًا بين الخير والشر، وبين الحق والباطل؛ ولا يعود خلافًا بين آراء مختلفة ومتباينة. والخلاف عند الشعبوي هو خلاف بين الشعب النقي والنخبة الفاسدة. وقد نظر بعض المفكرين السياسيين إلى الشعبوية بوصفها منهجًا للحياة الديمقراطية تهدف إلى انخراط الشعب في السياسة. أما المنظر السياسي الأرجنتيني إرنستو لاكلاو، فقد نظر إلى الشعبوية بوصفها منهجًا للحياة الديمقراطية تهدف إلى انخراط الشعب في السياسة، وقدَّم الشعبوية بوصفها قوة تحريرية. ساهمت الشعبوية - عند لاكلاو – في الوصول إلى الديمقراطية الراديكالية وفد عملت على تغيير الاستبداد السياسي القائم، وزيادة تعبئة الفئات المهًمشة من المجتمع. لقد اختلفت أطروحة جاك رانسيير عما ورد أعلاه؛ حيث شن الهجوم على الشعبوية لما يشوب استعمال هذا المصطلح من فوضى واستبداد وخلوها من أي معنى، ونُظِرَ إليها أيضًا بوصفها مسألة شاذة، لا بوصفها أيديولوجيا.
وقد أصبحت وسائل الإعلام في عالمنا المعاصر أحد أهم أدوات التغيير في المجتمع، حيث لعبت دورًا فعالاً في توجيه سلوك الافراد والجماعات ليصب في حركات التغيير التي تشهدها الدولة. وقد وجد الشعبويون الفرصة في ترويج رسائلهم من خلال وسائل الإعلام، نتيجة لقوة تأثرها على الرأي العام وهذا ما يعرف بالهيمنة الناعمة. وقد اتهمت الجهات الشعبوية اليسارية النخب السياسية بأنها تسيطر على وسائل الإعلام التقليدي؛ فكانت وسائل الإعلام الجديدة فرصة سانحة للشعبويون للتعبير عن رسائلهم. وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا بأيدي الجمهور للتأثير على السلطات وإثارة الكثير من الجدل، فهي تًعد شكل متجرد من أي رقابة. وقد استطاعت أيضًا الجهات الشعبوية النشطة - من خلال وسائل الإعلام الجديد - توطيد مصداقيتها بتواصلهم مباشرة مع عامة الشعب، من أجل السيادة الشعبية غير المقيدة، وهذا يعزز صورتهم بأنهم أفراد يسهل الوصول إليهم. وفي ظل صعود الإعلام الجديد الذي يُعدّ بديلاً للأعلام التقليدي للتعبير عن الآراء خارج المؤسسات التمثيلية، ساعد ذلك على تقديم أنماط خطابية متعددة للعقل الجمعي مضللة لا تحمل أية مصداقية، حيث تسود فيها تهميش المرجعيات والنخب والمفكرين من عقلنة وتنظيم الخطاب السياسي.