Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الاضاءة الطبيعية في التصميم المعماري لدور العبادة /
المؤلف
خلاف، آية حسن أمين أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / آية حسن أمين أحمد خلااف
مشرف / وجيه فوزي يوسف
مناقش / حسام الدين حسن البرمبلي
مناقش / خالد علي عبدالهادي
الموضوع
الاضاءة الطبيعية في التصميم المعماري لدور العبادة.
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
174 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الهندسة المعمارية
تاريخ الإجازة
31/8/2023
مكان الإجازة
جامعة بنها - كلية الهندسة بشبرا - الهندسة المعمارية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 232

from 232

المستخلص

ناقشت هذه الرسالة الأبعاد التعبيرية للإضاءة الطبيعية وتوظيفها الدلالي لخدمة الأغراض الدينية في التصميم المعماري لدور العبادة المصرية بمختلف حقبها التاريخية بداية من فترة الحضارة المصرية القديمة مروراً بالحقبة البطلمية والرومانية ثم الديانات الإبراهيمية التوحيدية كاليهودية والمسيحية انتهاءاً بفترة العصور الإسلامية كونها أخر الأديان التوحيدية التي شهدتها مصر أيضاً، وذلك بغرض تحديد كيفية الاستغلال الجمالي والوجداني والرمزي للإضاءة الطبيعية في كل حقبة منها لأجل تعزيز الأهداف الدينية المطلوب تحقيقها في دور العبادة، ومعرفة إلى أي مدى أمكن للحلول والمعالجات المرتبطة بالإضاءة الطبيعية أن تعكس المفاهيم العقائدية السائدة حينها، وبأي طرق استطاعت أن توفر التأثيرات التي تثير الانطباعات والخواطر والأحاسيس وتوفر الأجواء الملائمة للممارسات الدينية وجدانيًا وذهنيًا، وذلك من خلال تحديد المفاهيم العقائدية السائدة تجاه الضوء الطبيعي في كل حقبة، وتلخيص الملامح العامة لعمارة دور العبادة فيها ومكوناتها الأساسية، ثم تحليل منافذ الإضاءة الطبيعية داخل فراغات عدد من النماذج المختارة التي تُمثل الأنماط السائدة لدور العبادة فيها، واستقراء السمات والخصائص المتكررة لمنافذ وفتحات الإضاءة على مستوى مواضعها والتأثيرات الناتجة منها من حيث شكل وشدة الإضاءة الناجمة عنها، من خلال مجموعة من الجداول والتي احتوت على تقسيم للفراغات الرئيسية بدار العبادة وإيضاح وظيفة كل فراغ منهم ومواضع منافذ الإضاءة به إن كانت فراغ سماوي مفتوح أو باكيات مفتوحة أو نوافذ أعلى الأعمدة والجدران أو تواجد نوافذ سقفية أفقية أوفتحات مداخل، مع وصف شدة الإضاءة التي توفرها تلك المواضع بكل فراغ وتقسيمها إلى ثلاث مستويات من الشدة وهي إضاءة ساطعة أو إضاءة متوسطة أو إضاءة خافتة أو أنه فراغ معتم، مع إيضاح شكل الإضاءة الناتجة عن تلك المواضع وشدة الإضاءة بكل فراغ، إن كانت إضاءة تغمر كامل الفراغ أوإضاءة تنخفض بشكل تدريجي أوأشرطة وخيوط ضوئية رفيعة أو أنها شعاع ضوء واحد مُركّز، وذلك لصياغة رؤية تفسيرية حول الأنماط المختلفة لمنافذ الإضاءة في دور العبادة المصرية وكيفية توظيفها لخدمة الأغراض الدينية لإيصال دلالات ترتبط بالأنشطة الوظيفية أو دلالات جمالية أو دلالات وجدانية ورمزية مرتبطة بالعبادة، اعتمادًا على محاولة الربط المنطقي بين تأثيرات الإضاءة من ناحية ووظيفة الفراغ الدينية والمفاهيم العقائدية الحاكمة من ناحية أخرى، ويتم في النهاية المقارنة بين أساليب الإضاءة في تلك الحقب.
ومن واقع تلك المقارنة تم استخلاص عدد من أوجه التشابه والاختلاف بينها، فقد وظفت مواضع منافذ الإضاءة وأشكالها ودرجات شدتها وتأثيرات النور والظلال الناجمة عنها في إيصال معاني وأحاسيس تتناسب مع الأفكار الدينية المرتبطة بها، لكنها اختلفت في الطرق والأساليب والأهداف نتيجة لاختلاف مبادئ العقيدة الخاصة بكل منها، فعلى سبيل المثال تم استخدام درجات متفاوتة من الإضاءة والظلمة داخل الفراغات في دورعبادة الأديان المختلفة، لكن لأهداف مختلفة تمامًا، ففي المعابد المصرية القديمة تم توظيف درجات الإضاءة والظلمة لتأكيد الفصل بين الطبقات أوالفئات التي تستعمل المعبد أو لتأكيد الفروق بين الوظائف المختلفة لفراغاته الداخلية، فالفناء بإضاءته الساطعة مخصص للاحتفالات الدينية التي يُسمح للعامة بحضورها، بينما بهو الأعمدة بإضاءته الخافتة مخصص لنخبة مختارة فقط تضم الملك والكهنة وكبار رجال الدولة، وقدس الأقداس بظلمته للكاهن الأعظم والملك فحسب، وقد تم استغلال الإضاءة الخافتة والشاحبة والظلال الضخمة في تلك الأماكن لإثارة الإحساس بالرهبة والغموض والخشية اللازمة تجاه المعبود وكهنته. أما في الكُنس اليهودية فقد استخدمت الإضاءة الطبيعية لترمزإلى النور الإلهي الذي يقضي على الظلام كما تم استخدامها للتعبير بصورة عددية عن بعض رموز الديانة اليهودية فعلى سبيل المثال تم التعبير بمنافذ الضوء الطبيعي وعددها بالكنيس عن عدد قبائل بنى إسرائيل الأثني عشر أو للتعبير عن عدد الأسفار الخمسة للتوراة اليهودية، بينما في الكنائس المسيحية تم التركيز على خلق أجواء روحية من خلال مستويات الإضاءة الطبيعية المنخفضة والظلال الكثيرة والناتجة عن تواجد عدد من الأعمدة بداخل بقاعة الصلاة، كما تم الاعتماد على اتجاه الحركة من الغرب إلى الشرق في توزيع العناصر من الأقل تقديساً إلى الأعلى تقديساً في الكنيسة وتم استخدام الضوء الطبيعي على أنه رمز للضوء الإلهي وتعبيراً عن أكثر الأماكن قدسية بداخل الكنيسة كمنطقة المذبح حيث يتم تنفيذ طقوس تقديم القربان ولذلك تركزت مستويات الإضاءة بشكل كبير في محور الحركة الأوسط ومنطقة المذبح، كما تم إدخال الضوء الطبيعي من خلال القباب المركزية الرئيسية للتأكيد على هذه المناطق ولتمثيل السماء والنور الإلهي داخل دار العبادة، بالإضافة إلى استحضار المشاعر الصوفية الروحية وزيادة الإحساس بالخشوع والإيمان.
أما في العصور الإسلامية فقد تم توظيف درجات الإضاءة لأغراض أخرى، فالإنارة الساطعة للصحن الأوسط تهدف لتأكيد أهميته ودوره كمركز تجميع وتوزيع رئيسي داخل المبنى ومرجعية بصرية وحركية أساسية للمصلين، أما الإضاءة المعتدلة والهادئة للأروقة فهدفها توفير أجواء السكينة والطُمأنينة الملائمة للخشوع في الصلاة والتعبد، وأما الإضاءة المنخفضة داخل الأضرحة فهدفها الإشعار بجلال الموت ومهابته، وأما الإضاءة الخافتة لدهليز المدخل المنكسر فهدفها تعزيز الإحساس بالفصل النفسي والبصري بين العالم الخارجي للشارع والعالم الداخلي للمبنى.
وقد اتضح من المقارنة بين الحقب الأربعة أنها حرصت على استخدام نوافذ الإضاءة العلوية سواء أعلى الجدران أو في الأسقف لإدخال النور من أعلى وتأكيد بعض العناصر أو الفراغات الهامة أسفلها وتدعيم الإحساس بالاتصال بالسماء، لكنها في المعابد المصرية القديمة جاءت بشكل بسيط يركز أكثر على تمثال الإله أو مركبه المقدس أو على شكل أشعة الشمس نفسها وطريقة تدفقها داخل الفراغ باعتبارها مظهرًا من مظاهر الإله أو تجسيدًا له، وجاءت بالكُنس اليهودية للتأكيد على قاعة الصلاة واتخذت اشكالاً من مصبعات الضوء باعتبارها طريقاً للتواصل مع الله، أما بالكنائس المسيحية التاريخية فقد أنخفضت مستويات الإضاءة الطبيعية بداخل قاعة الصلاة ووضعت النوافذ الضيقة على الحوائط الجانبية بداخل الكنيسة في مستوى العين وتركزت بصورة أكبر في محور الحركة الأوسط وأجزاء الحنية والهيكل من خلال القباب التي تغطيها كما أتخذت الإضاءة عدة ألوان جاءت نتيجة لإستخدام الزجاج الملون ذات أشكال مرسومة تعبر عن قصص وآيات من الكتاب المقدس، بينما في المساجد والمدارس التاريخية جاءت بأشكال أكثر تنوعًا بغرض لفت الأنظار لما في الطبيعة من مظاهر جمال وثراء تدل على بديع صنع الخالق.
أما بدور العبادة المصرية الحديثة، فتم تقييم كفاءة الاستغلال التعبيري للإضاءة الطبيعية في أمثلة مختارة لبعض دور العبادة المسيحية والإسلامية الحديثة مقارنة بما تم رصده في دور العبادة التاريخية، من خلال تطبيق منهجية مقترحة لتحليل وتقييم كفاءة الاستغلال التعبيري للإضاءة الطبيعية بداخل دار العبادة والتي تم استخلاصها من تحليلات أساليب الإضاءة الطبيعية المتبعة بعدد من دور العبادة التاريخية، والتي تتألف من ثلاثة محاور أساسية أولا توظيف الإضاءة لإيصال دلالات ترتبط بالأنشطة الوظيفية مثل تمييز عناصر أو فراغات أو أماكن أو مسارات معينة داخل دور العبادة وثانيا توظيف الإضاءة لإيصال دلالات جمالية تساهم في الثراء التشكيلي وثالثا توظيف الإضاءة لإيصال دلالات رمزية وتعبيرية ترتبط بالعبادة كتدعيم الإحساس بالاتصال بالسماء والروحانية والسكينة أو إثارة مشاعر الرهبة والخوف التعظيم، وكل محور تم به تحليل أساليب الإضاءة في دور العبادة على ثلاثة مستويات، على مستوى مواضع منافذ الإضاءة وعلى مستوى شدة الإضاءة وعلى مستوى شكل وتأثيرات الإضاءة، مع تقييم كل مستوى وفقا لمسطرة قياس تتألف من ثلاثة مستويات من الكفاءة، هي مستوى الإهدار أوعدم استغلال لإمكانات الإضاءة الطبيعية ومستوى التقليد والتكرار لأساليب الإضاءة التي تم رصدها في دور العبادة التاريخية و مستوى التطوير والابتكار عما تم رصده في دور العبادة التاريخية ولكنها في نفس الوقت تحقق الأغراض الدينية المطلوبة، ووقع الاختيار على عدد من النماذج الأكثر أهمية وشهرة لدور العبادة الحديثة في مصر سواء كانت مسيحية أو إسلامية والتي بُنيت بعد ثورة يوليو وحتى الزمن المعاصر أي خلال فترة سيطرة عمارة الحداثة وما بعدها، سواء كانت تابعة لجهات حكومية رسمية أو هيئات أهلية.
وتم التوصل إلى أن توزيع النوافذ بالكنائس المسيحية الحديثة استمر في مستوى النظر ولكن مع زيادة أحجامها بقاعة الصلاة مع استخدام الزجاج الملون والمرسوم عليه قصص وآيات من الكتاب المقدس مما أنعكس على زيادة مستويات الإضاءة الداخلية وتزايد وانعكاس الألوان، كما تركز تواجد النوافذ بمنطقة الحنية وبالأخص بالقباب أعلاها، كما زادت المداخل اتساعًا وتسبقها البواكي، وبالمساجد الإسلامية الحديثة فقد ندر تواجد الفناء المكشوف بغالبيتها واستمر توزيع النوافذ بالقباب المركزية وزاد تواجدها بالجدران ولكن مع قلة أحجامها بالإضافة لاستمراراستخدام الزجاج الشفاف أو الملون بنقوش نباتية ورسومات هندسية الأمر الذي انعكس على مستويات الإضاءة وجعلها مظلمة بعض الشئ مما فرض ضرورة في بعضها للجوء للإضاءة الصناعية لتحقيق ابعادًا وظيفية مع إغفال الأبعاد التعبيرية والدلالية وأهميتها للفراغ الديني.
وعليه فقد توصلت الدراسة إلى أن عدد قليل من دور العبادة المصرية (المسيحية والإسلامية) الحديثة قد ابتكرت أنماطًا جديدة للإضاءة الطبيعية لتحقيق أبعادًا تعبيرية ودلالية تتوافق مع العقيدة بينما غالبية دور العبادة الحديثة إما أنها استمرت في نقل نفس الأنماط المستخدمة قديماً بدون تطوير ويظهر ذلك بوضوح في الكنائس المسيحية الحديثة أو أنها أغفلت تلك الأنماط وابعادها العديدة التي كان يمكن تحقيقها من خلال التوظيفات المختلفة للإضاءة الطبيعية بداخلها ويظهر ذلك في غالبية المساجد الحديثة وعليه فيتضح أن معماريي الماضي لم يدّخروا جهدًا في استكشاف الإمكانات الواسعة للإضاءة الطبيعية واستغلالها لتحقيق أهداف جمالية ورمزية مختلفة تلبي الاحتياجات النفسية والذهنية الملائمة لوظائف الفراغات، الأمر الذي يفرض ضرورة الاستفادة من تلك الدروس في الممارسة المعمارية المعاصرة بإيقاعها المتسارع واللاهث لأجل الارتقاء بكفاءة التصميمات المعمارية وإكسابها أبعادًا أكثر تنوعًا ورحابة ومستويات أكثر قيمة وتميزًا تزيد من ارتباط المستعملين بالمباني واستمتاعهم بها ورضاهم عنها.