Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحماية الجنائية للبيئة :
المؤلف
خديجة كرناوي،
هيئة الاعداد
باحث / خديجة كرناوي
مشرف / أحمد عوض بلال
مناقش / عمر محمد سالم
مناقش / محمد الدسوقى
الموضوع
حماية البيئة (قانون جنائي) 105982
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
541 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
8/6/2022
مكان الإجازة
جامعة القاهرة - كلية الحقوق - القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

لقد أدت الأوضاع الاجتماعية المتطورة والصراع لأجل تحقيق التقدم الحضاري, بالتشريع الجنائي إلى الاهتمام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية لمواكبة الأنماط المستحدثة من الإجرام خاصة موضوع تلوث البيئة, وذلك لإيجاد ضوابط تحكم التغيير المترتب عن التنمية من جهة وتنظم سلوك الأفراد فيما يتعلق بالمحافظة على القيم والمصالح الجديرة بالحماية من جهة أخرى, ومن تم كان لا بد من إضفاء الصفة الجرمية على أنماط من السلوك التي تشكل عدوانا على تلك المصالح وتقرير الجزاء المناسب لها .
كما كان لارتفاع وثيرة الإنتاج والتصنيع بشكل مفرط وغير عقلاني بحثا عن تحقيق أكبر سقف من الأرباح ,انعكاس سلبي على البيئة و تداعيات على أمنها وسلامتها. وتجدر الإشارة إلى أن البيئة حظيت بأهمية خاصة في مختلف الشرائع السماوية والوضعية, وذلك لوضع حد لتفاقم أضرار التلوث والاستعمال المفرط لعناصر الطبيعة على الرغم من صعوبة تحديد الإطار المفاهيمي لكل من مصطلح البيئة ومصطلح التلوث الذي يظل مشكلة بيئية متعددة الجوانب غير محددة الأبعاد بحيث يتنوع باختلاف مصادره وأسبابه.
وبناءً على ما سبق, ظهرت أهمية انفتاح المواد القانونية المختلفة على قضايا البيئة من جهة وتخصيص موقع مستقل للدراسات القانونية في ميدان البيئة من جهة أخرى ليتم الإعلان عن ميلاد القانون الدولي للبيئة, حتى يتكفل بما عجزت عن تحقيقه الاتفاقيات والمبادئ الدولية لحماية البيئة من افة التلوث
ولأهمية البيئة ولكون واجب حمايتها يستند على قواعد المنفعة العامة التي تخول للدولة امتياز حماية المصلحة العامة للمجتمع, كان لا بد أن يشدد الردع الجزائي ليتناسب مع خطورة الاعتداء على أي عنصر من عناصرها, وهو ما استوجب تدخل القانون الجنائي كحارس لركائز القانون الاجتماعي وذلك من أجل تجاوز دائرة الاستنكار الأخلاقي والانتقال إلى مرحلة التجريم والعقاب للتصدي للظاهرة الإجرامية المستجدة والمتمثلة في الجريمة البيئية.
فالقانون الجنائي وإن كان يختص بالجرائم التقليدية المنصوص عليها في المدونة العقابية لأغلب الأنظمة القانونية, فإن الجريمة البيئية تعد جوهر القانون الجنائي البيئي الذي يختص بدراسة الظاهرة الإجرامية متى شكلت إعتداءا غير مشروع على البيئة كقيمة أساسية من قيم المجتمع ولإقرار حق الإنسان في العيش في بيئة سليمة, وهو الأمر الذي رسخته أيضا مبادئ النظام العام البيئي عن طريق رسم السلوك الاجتماعي الذي لا يجوز للأفراد انتهاكه, خدمة للعدالة البيئية ولإقامة التوازن بين مختلف عناصر البيئة وهو ما يبرر الاحتماء بالأداة الجنائية لتحقيق الأهداف المسطرة لرعاية الوسط البيئي.
والجريمة البيئية كوليدة للتقدم الصناعي والتطور الاقتصادي العالمي المهول, تستأثر بمميزات خاصة تميزها عن الجرائم التقليدية وذلك من حيث صعوبة تحديد المجني عليه أولا, ذلك أن الجهة المتضررة في جرائم التلوث البيئي لا تشمل شخصا معينا بذاته ولكن اثارها قد تهم مجتمعا بأكمله, وثانيا من حيث اثار الجريمة التي تتسم بعدم الوضوح وتراخي ظهورها من حيث الزمان والمكان, كما أن خطر التلويث قد امتدت أيضا معاوله إلى حد تخريب المكون البيئي بواسطة أعمال إرهابية وهو ما أماط اللثام عن جريمة حديثة عرفت بجريمة الارهاب البيئي.
فأمام التدهور المتزايد لعناصر الوسط البيئي, بادر أعضاء المجتمع الدولي من خلال هيئة الأمم المتحدة إلى عقد المؤتمرات الدولية وإقرار العديد من المبادئ والإعلانات ثم القرارات والقوانين البيئية وكذلك المعاهدات الدولية والإقليمية والتي كانت بمثابة اللبنة الأولى لإعلان ميلاد القانون الدولي في شقه القانوني والمؤسساتي المتعلق بمكافحة التلوث البيئي, بحيث أجمعت جل القواعد الدولية على ضرورة حماية البيئة من أضرار التلوث ونصت أيضا على تحميل المسؤولية الدولية عن انتهاك أحكام القانون الدولي لكل الأشخاص الطبيعية والمعنوية, كما أقرت نظام التعويض عن الأضرار المترتبة عن الأنشطة المحظورة دوليا وغير المحظورة, وذلك وفقا للالتزامات الدولية المتعلقة بحسن الجوار وأسس المسؤولية القائمة على مبدإ تجريم إساءة استعمال الحق وتقدير جسامة خطورة الأنشطة التي تهدد سلامة الكائن البشري.
وتعدد أنواع التلوث البيئي, جعلته يخضع لأحكام خاصة بالحماية الجنائية للبيئة الجوية أو المائية أو الأرضية وكذلك التلوث الضوضائي
وتأسيسًا على كون القانون الجنائي هو المسؤول الوحيد عن تحديد الجرائم والعقوبات المقررة لها, فإن البنيان القانوني للجريمة البيئية لا يختلف عن مثيله في الجرائم التقليدية حتى يسوغ توقيع العقاب على الجاني بسبب ما أحدثه بسلوكه من اضطراب اجتماعي, لكن مع وجود بعض المميزات التي تنفرد بها جرائم البيئة من حيث مبدأ الشرعية بحيث أن المشرع الجزائي عند تصديه بالتجريم والعقاب لأفعال تلويث البيئة غالبا ما يتبنى سياسات جزائية ذات مرونة عالية تتناسب مع الطبيعة الخاصة لجرائم البيئة وتضمن معاقبة مرتكبيها من جهة وتؤمن الاحترام اللازم للتنظيمات المتعلقة بمكافحة تلوث البيئة من جهة أخرى, وذلك رغم النقاش الفقهي الذي ثار بشان امكانية اعتباره ركنا لازما لجريمة التلويث خاصة وأن الشرعية الجنائية تقتضي ضرورة وجود نصوص قانونية سابقة على فعل الاعتداء.
كما أنه خلافا لمبدإ الشرعية والعقاب, خص المشرع جرائم التلوث البيئي بمعالجة قانونية تخرج عن الأساليب المتبعة لمواجهة باقي الظواهر الجنائية وذلك باعتماد نصوص التجريم على بياض ثم النصوص المرنة وكذا أسلوب الإحالة.
ونظرا لطبيعة الإجرام البيئي المعروف بالإرهاب الصامت بسبب تعدد الأخطار والضحايا فيه, وأمام غياب الوعي البيئي بالأخطار المحدقة بالإنسان, فإن الجريمة البيئية تتميز بطابع خاص لكون المعتدي قد يكون الضحية نفسه, كما تختص بتراخي النتيجة فيها عبر الزمان, بحيث قد يكون الضحية أناس لم يشهدوا حدوثها, وهنا تطرح صعوبة تحديد الركن المادي فيها والذي يقوم على السلوك الإيجابي أو السلبي والنتيجة الضارة أو الخطيرة.
كما شهدت الجريمة غياب الركن المعنوي من بنيانها القانوني بالمخالفة للقواعد التقليدية للجرائم, بحيث يستحق العقاب لمجرد قيام الركن المادي كسبيل لمواجهة المخاطر الجديدة, ومن تم كان لا بد أن تشمل الاجراءات الوقائية والعقوبات الردعية الأشخاص الطبيعية عن جرائمها بحق البيئة دون إغفال الأشخاص المعنوية في إطار مسؤولية التابع عن أفعال المتبوع وذلك في العديد من التشريعات الجنائية ومن بينها التشريع المغربي للحد من خطورة التلوث البيئي.
كل ذلك ركزت عليه الرسالة بالتحليل والمناقشة في إطار القوانين المقارنة محاولة إعطاء العديد من المقترحات والتوصيات.