Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الإخاء الإنساني وأثره في البناء الحضاري ببلاد المغرب والأندلس من خلال نوازل الونشريسي (834ـ - 914هـ/1430 – 1508م) /
المؤلف
محمد، عاطف احمد على.
هيئة الاعداد
باحث / عاطف احمد على محمد
مشرف / ابراهيم محمد على مرجونة
مشرف / مروان سالم نورى
مناقش / تيسير محمد محمد شادى
الموضوع
تاريخ شبه الجزيرة العربية.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
486 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية
الناشر
تاريخ الإجازة
9/11/2022
مكان الإجازة
جامعة دمنهور - كلية الاداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 512

from 512

المستخلص

من خلال دراسة الإخاء الإنساني وأثره في البناء الحضاري ببلاد المغرب والأندلس من خلال نوازل الونشريسي, تبين أن الإخاء الإنساني رباط وعَقْد إنساني اجتماعي, يقوم على مبادئ قوامها: التكامل والتكافل, لا التصارع والتشاحن, والترابط والوحدة, لا التشرذم والفرقة, والتضامن والمحبة, لا الكره والعداوة, والعطاء والعمل لا الكلام والجدل, والتيسير والتبشير, لا التعسير والتنفير, والتسامح والانطلاق, لا التعصب والعزلة والانغلاق, والوسطية والاعتدال, لا التفريط والانحلال, والرفق والرحمة, لا العنف والنقمة, لا الاختلاف والتصادم والتعارض بين بني الإنسان على اختلاف أجناسهم, ولغاتهم, وألوانهم, ومستوياتهم, وأفكارهم, وثقافاتهم, وعقائدهم.
بهذه المبادئ وتلكم الروح التي أودعها الله فيها انتقلت إلى كثير من أصقاع الأرض دون أن تراهن على قوة ساعد تحمل سيفاً, أو أمر حاكم يوجه جنداً..., وبهذه الروح امتزجت شعوب كثيرة, لكل شعب لغته وثقافته وعاداته وتقاليده, فلم يرتفع أحد بلونه أو نسبه أو وطنه بل كل هذه الاعتبارات لا قيمة لها أمام هذه الروح السامية, التي هي أعم من أخوة الدين والنسب وإن كانتا تحت مظلة الشريعة في المقدمة والصدارة منها.
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء من خلال إيضاحات الونشريسي على الإخاء الإنساني الذي يؤكد على الأخلاق فلا تطمس، وعلى القيم فلا تتجاوز، وعلى الواجبات والحقوق فلا تهدر، وعلى مواطن الخلل فتسد وتجبر, وعلى النقص فيكمل, والاعوجاج فيقوم, والصواب فيعزز؛ ويؤكد على الارتفاع بهذه الأخوة حتى تطمئن القلوب وتزكوا النفوس, وتقوى أواصر المحبة بين بني البشر جميعاً, وتذوب الفوارق، وتنصهر الأرواح في بوتقة الإخاء والحب تعارفاً وتعاوناً وتواصلاً.. بذلاً وكرماً وجوداً وعطاءً، لا بل إيثاراً وتضحية وفداءً.
وتؤكد الدراسة من خلال إشارات وتأكيدات الإمام الونشريسي:
-أنه وفي اللحظة التي تمس فيها هذه الأخوة، وتضعف فيها هذه الروابط، فالبشرية في خطر شديد، والدول في كرب عظيم، وأن هذه المظاهر العدائية السيئة تنبئ بقرب زوال الدول التي تهدر الإخاء الإنساني، ولا تراعي حقوقه.
-أن النزاع مظهر من مظاهر فساد الأخوة.., وكلما صانها الحاكم والمحكوم مما يُذهب صفاءها، ويُعكر ماءها، ويُكدر نقاءها، ويُفسد أجواءها, ويُشوه نواياها، ويوهن عزائمها، ولا يرتقي بمستواها، ولا يرتفع بشأنها، وإعزاز أمرها.., بقيت دولهم, وإلا انهارت وذهب ريحها؛ فالمجتمعات إن تمسكت بها وعضت عليها قويت لحمتها، واشتد ساعدها وبنيانها، واتحدت مشاعرها، وعصمت أعراض أبنائها وحفظت من الغيبة والنميمة، ووقيت من الاعتداء الآثم، والآفات القاتلة التي تودي وتذهب بهيبتها، وتهدر ماء وجهها، وتقتل كرامتها، حتى يغدو مجتمعاً هشاً متداعياً، يشرق به الخصوم والأعداء ويغربون، ويتلاعبون به كما يحلو لهم.
-أن الأخوة كفيلة في أن لا يكون في المجتمع بكل مكوناته آذان سماعة للوقيعة، وألسنة ساعية في الخصومات، ومجالس تعقد فتكثر فيها المخالفات والسقطات؛ وذلك لسموها عن الصغائر والسفاسف، وارتفاعها بأفراد المجتمع إلى عظائم الأمور، وبحار الفضائل، والتحليق بهم في سماء المكرمات؛ إنها تعطر أنفاسهم، وتغسل أدرانهم، وتطهر جوارحهم، وترفع درجاتهم ومنازلهم، وتحصن حياتهم، وتنور قلوبهم، وتزكي أعمالهم..
وخلصت الدراسة إلى أن:
- دراسة النوازل ضرورة علمية, واستنباط دروسها فريضة شرعية كفائية على أهل التخصص, وعينية في شأن من قام بها ولبس لها ملابسها من أهل الاجتهاد والبصيرة, وذلك لكثرة المستجدات, وتبدل الأحوال, وتغير الظروف, فلكل عصر مستلزماته ووسائله, ولكل أهل زمان عاداتهم وأعرافهم الخاصة.
-كتاب المعيار المُعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب مصدراً مهماً للدراسات التاريخية, وهو عبارة عن موسوعة متنوعة ينتفع منها الجميع في كافة المجالات، حيث رصد آلاف الفتاوى في بقاع متعددة، ووقائع مختلفة في سبعة قرون عن عشرات المفتين والمجتهدين؛ مما جعله مرجعاً تاريخياً، وقانونياً, واجتماعياً من طراز رفيع.
-المعيار المعرب ينظم علاقة المسلم بالمسلم في كافة المجالات, وعلاقته بغيره في مجالي السلم والحرب, وعلاقة أهل الاعتدال من المسلمين بعصاتهم وبغاتهم وأهل الجمود منهم, فصوّر هذه العلاقة في صورة حضارية وذلك بوضع الحلول للغالي منها, والحد من الجامد, وتزكية المعاملات الإيجابية, ونقل الفتاوى المعتدلة, وتزكيتها, ونشرها.
ولقد قَسّمت هذه الدراسة إلى تمهيد وأربعة فصول, جاء عناوينها كالتالي:
أما التمهيد: فقد تناول بالشرح والتحليل عنوان البحث, والمفاهيم ذات الصلة به, وكذلك تعريف فقه النوازل والمصطلحات ذات الصلة به وأهمية دراسته.
وأما الفصل الأول: فقد تناول التعريف ببلاد المغرب وذكر أحواله السياسية والاجتماعية, والتعريف ببلاد الأندلس وذكر أحوالها السياسية والاجتماعية, وتناول بالتفصيل التعريف بالونشريسي, معرجاً على نشأته ووفاته ومكانته العلمية ومحنته مع سلاطين بني زيان, مع الوقوف على مصنفاته وكتابه المعيار وقيمته العلمية ومصادره, ومنهجه فيه, مذكراً بالحياة الفقهية والعلمية والاجتماعية والسياسية في عهده, ومنهجه في كتابه المعيار.
وجاء الفصل الثاني بعنوان: الإخاء الإنساني بين المسلمين وآثاره الحضارية على المغرب والأندلس من خلال نوازل الونشريسي؛ سَلط الباحث فيه الضوء على خصائص الإخاء ومميزاته, وزاده ومعوقاته, وفصّل في الإخاء والجانب التعبدي ومنشآته, والدعوي ومحاريبه وأثر ذلك حضارياً على بلاد المغرب والأندلس من خلال نوازل الونشريسي, مشيراً إلى دور الإخاء في إرساء الأخلاق والمعاملات, منبهاً على دورهما في البناء الحضاري, ومركزاً على الإخاء والجانب الحضاري بين التربية ونظام الأسرة, ومحذراً من تمزيق شباك الإخاء حول الكليات الخمس ومقاصد الدين, وذلك من خلال فتوى الونشريسي بضرورة الهجرة من غرناطة.
وجاء الفصل الثالث بعنوان: الإخاء الإنساني بين المعتدلين والمغالين ببلاد المغرب والأندلس من خلال نوازل الونشريسي وأثر ذلك في البناء الحضاري؛ سلط الباحث فيه الضوء على الإخاء بين مرتكبي الكبائر ومقترفي الصغائر, ناصحاً بالرفق واللين في التعامل لا العنف والتشديد, والحماية والتقويم لا الكسر والتحطيم, والتدرج والاحتواء لا الطرد والاقصاء, والستر عليهم لا التشهير بهم, ومشيراً إلى قضايا التكفير وخطورتها على المجتمع المغاربي والأندلسي, مسلطاً الضوء من خلال ذلك على ظاهرة النفاق في المجتمعين على حد سواء.
وجاء الفصل الرابع بعنوان: الإخاء الإنساني والجانب الحضاري مع غير المسلمين في مجالي السلم والحرب من خلال نوازل الونشريسي؛ ذكّر الباحث فيه بغير المسلمين في المجتمع المغاربي والأندلسي من يهود ونصارى وغيرهما, مشيراً إلى حرية التعبد والاعتقاد من خلال نازلة يهود توات, مركزاً على التعايش مع الأديان الأخرى, مسلطاً الضوء في ذلك على المصاهرات التي حدثت بين المسلمين وغيرهم في بلاد المغرب والأندلس, ومركزاً على الحكم الإسلامي وصيانة حقوق الآخرين سياسياً وقضائياً.
وأشار في هذا الفصل أيضاً إلى الإخاء الإنساني والجانب الحضاري مع غير المسلمين في مجال الحرب, ركز فيه الباحث على الرحمة في الجهاد الإسلامي, مسلطاً الضوء على المقاتل في ميدان القتال مذكراً بترهيب الشريعة من المُثلة, وكيفية معاملة الجريح والفار والهارب والأسير والمؤمن والمنعزل والشيوخ والرهبان, موجهاً ومرشداً وناصحاً إلى التعامل بالحسنى مع السفراء في دار السلم والحرب, لأن توفير الحماية لهم في كلتا الحالتين واجب, ودمهم حرام.