Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إعادة تأسيس لمفهوم العدالة في مصر وبلاد الرافدين :
المؤلف
محمد، محمد عثمان صميدة.
هيئة الاعداد
باحث / محمد عثمان صميدة محمد
مشرف / مصطفى حسن النشار
مشرف / جيهان السيد سعدالدين
مناقش / شرف الدين عبد الحميد أمين
الموضوع
الفلسفة.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
207ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قِسم فلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 207

from 207

المستخلص

الملخص
العدالة هي الضمان الأكبر لإستمرار العيش في جماعة، عليها تقوم المعاملات والعلاقات بين الافراد والجماعات وهي التي ينشدها الجميع حاكمين ومحكومين وبدونها ينقلب المجتمع إلى فوضى ويسود الاضطراب ويعم الظلم، وتعد العدالة بمثابة الحد الفاصل بين ما للفرد من حقوق، وماعليه من واجبات فتحول بذلك دون سيطرة الأقوياء على الضعفاء، وهنا تلتقى العدالة مع القانون بإعتبارها مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الافراد في المجتمع وتضع المعايير الفاصلة بين مالهم من حقوق و ما عليهم من واجبات.
لقد صنف الباحثون الأفكار التي تمت بصلة إلى موضوع العدالة إلى إتجاهين الأول: الأفكار التي تندرج في إطار ما يعرف بمذهب المنفعة، والثاتى الأفكار التي لها صلة بما هو ”واجب أخلاقياً”، فالعدالة هي مسألة واجبات صارمة لا يمكن تجاوزها أو التغاضى عنها لأي إعتبارت أخرى.
والعدالة في مصر تعد من أهم الفضائل الأخلاقية التي لايمكن للإنسان الإستغناء عنها، فالعدالة تعنى الاستقامة على الطريق الحق، والبعد عما هو محظور، ولا يرضي عنه الإله. وتعد العدالة فضيلة فردية وإجتماعية معاً، حيث حاول المصرى القديم أن يجعل الحياة الاجتماعية بما تحويه من نظام حكومي وإدارى يسير وفقاً للعدالة التي ترفع الظلم عن الفرد وترد الحق لأصحابه وقد جاء في أحد النصوص” لا تقبل هدايا رجل قوى، ولا تظلم الضعيف من أجله، لأن العدل هبة عظيمة من الإله.
إصطبغ مفهوم العدالة في الفكر المصرى القديم بصبغة دينية، حيث تعود فكرة العدالة إلى أصول دينية، فالإلهة ”ماعت” التي تجسد العدالة كانت إبنة الإله ”رع” ولو أن الأمر وقف عند هذا الحد لكانت ”ماعت” مجرد كيان إلهي في نسق لاهوتى، ولكنها تختلف عن معظم الآلهة المصرية الأخرى في كونها أكثر تجريداً، ومرتبطة بالحقيقة والنظام. ويرجع الفضل في ظهور الماعت الى عصر الدولة القديمة، وتغلغلت في أرض الواقع، وكانت تمتلك العديد من المعابد في مختلف أنحاء البلاد، وكان الوزير يتولى مهام”كاهن ماعت” الذي يضع صورتها على صدره كشعار لوظيفته ذات المكانة المرموقة. بهذا قد أخذت ماعت بعداً ميتافيزيقياً، وهذا بدوره أنعكس على النظام السياسية الذي قام على فكرة الماعت، فكان جوهر السلطة يدور حول تحيق العدالة”ماعت”.
وقد أقام المصريون القدماء نظامهم السياسي على العدالة والنظام(ماعت)، وكان تصورهم للعدالة تصوراً شاملاً يركز على تحقيق أكبر قدر من المساواة الاجتماعية بين البشر. وقد نجح المصريون القدماء في أن يحققوا هذه العدالة بمفهومها الإجتماعى والسياسي، وأن يقدموا صورة لكيفية تحقيق التوازن بين سلطات الدولة المختلفة، فرغم ما يشاع عن أن النظام الملكي المصري القديم كان نظاما ً إلهياً مقدساً، إلا أنه كان نظاماً مقيداً بتحقيق العدالة، والإلتزام بالقوانين والأعراف التي توارثها المصريون جيلاً بعد جيل.
وقد خلف المصريين نصوصاً تشتمل على الدعوة إلى تأسيس نظام الحكم على العدالة، ففي الوقت التي كانت تسوء فيه الظروف السياسية كانت تظهر خطابات ثؤكد على أن الخلاص من تلك الظروف يتمثل في تطبيق العدالة. وبهذا فإن المصريون القدامى كانوا أول من أدرك أن قيام السلطة السياسية إنما هدفه تحقيق العدالة للجميع. وأن الحكومات تكتسب الاحترام والتقدير بقدر ما تسهر على تنفيذ القوانين ومن ثم الاستقرار والعدالة بين المواطنين. ولذا اعلن كل فرعون جديد حين أعتلاء العرش. أنه مفوض من قبل الآلهة” لإستعادة الماعت” فكانت ماعت نموذجاً للسلوك البشري، وفقاً لإرادة الآلهة.
وإذا ما توجهنا من مصر القديمة نحو بلاد ما بين النهرين، نغادر حضارة مازالت آثارها الضخمة باقية إلى حضارة إندثرت آثارها، فالدولة في بلاد ما بين النهرين وظيفتها، هي تلك الوظيفة الخاصة التي كان سكان ما بين النهرين يعتقدون أن الدولة البشرية تقوم بها ضمن فعالية الكون. ومصطلح الدولة بالمفهوم المعاصر لم يكن موجوداً في بلاد ما بين النهرين، فعندما نتحدث عن الدولة في الوقت الراهن، نعنى السيادة الداخلية، والإستقلال عن كل سيطرة خارجية، وهذا لم يكن موجوداً في بلاد ما بين النهرين، فالدولة الوحيدة التي تتمتع بالسيادة الحقيقية المستقلة عن كل سيطرة خارجية هي الدولة التي يتألف منها الكون، إى الدولة التي يحكمها مجمع الآلهة. ولذلك لا تستطيع أية مؤسسة إنسانية أن تجعل هدفها الأول رفاهية أهلها من البشر، لأن هدفها الأول هو السعي لرفاهية الآلهة.
كان الكون لدى سكان بلاد ما بين النهرين يضم كل ما في الوجود، بل كل ما يمكن أن يعد شيئاً ذا كيان: البشر، الحيوان، الجماد، الظواهر الطبيعية، وكذلك الأفكار المجردة كالعدالة، والإستقامة. وكانت هذه الكيانات تعتبر كلها أعضاء في الدولة الكونية، ولم تكن جميعها على مستوى سياسي واحد، ولذا كان المجلس العام في الدولة الكونية مجمعاً للآلهة. ومجمع الآلهة هو السلطة العليا في الكون، فيه تتخذ القرارات الخطيرة بشأن مصائر البشر، وكل ما في الحياة.
لقد بقيت فكرة الدولة الكونية مستقرة نسبياً طوال الألف الثالث ق.م، غير أن الدولة البشرية الفعلية تطورت في أثناء ذلك تطوراً كبيراً. فازدادت السلطة المركزية قوة، وإشتد جهاز العدالة كفاءة، وأصبح العقاب يتلو الجريمة بانتظام متزايد. وفكرة أن العدالة شيء من حق كل إنسان أخذت تتبلور ببط في الألف الثانى ق.م، وهو الوقت الذي ظهرت فيه شرائع حمورابى بحيث أضحى الناس يشعرون أن العدالة حق مشروع، لا منة شخصية. فبرزت إلى الوجود مشكلات أساسية كمشكلة الإنسان الفاضل الذي يقاسي البلايا رغم فضيلته.
وعلى غرار مصر نشأت فكرة العدالة فى بلاد ما بين النهرين من مصدر دينى، حيث ارجعت بلاد ما بين النهرين الى الاله شمش الذى يمثل العدالة والنور والنهار وهو من يعاقب المذنبين. وبوصفه إلهاً للشمس كان يدير الكون ويطرد الظلمات.
كان ارتباط العدالة بالجزاء القاسي من جهة، والتأييد الصريح أو القبول الضمنى للتسلسل الهرمي الحاد في السلطة والمنزلة الاجتماعية من جهة أخرى موجوداً في تلك القوانيين ”شريعة حمورابى” التي قد ذاعت في دولة قديمة كان جهاز السلطة فيها يتميز بالمركزية إلى درجة عالية.
ويتبين مما سبق أن هدفنا المحورى من هذه الدراسة يتمثل فى التساؤلات التالية:
إلى أي مدى شكلت الأبعاد الميتافيزيقية ممثلة في الإلهة ”ماعت” في مصر والإله ”شمش” في العراق الأساس لمفهوم العدالة في مصر القديمة و وبلاد ما بين النهرين؟ كيف كانت العدالة أساس نظام الحكم في مصر وبلاد الرافدين؟ هل كانت خطابات نقد الأوضاع السياسية في مصر القديمة التي قدمها كلا من الفلاح الفصيح وايبوير باعثاً للعدالة؟ وكيف شكلت فكرة الثورة على الموت بذور مفهوم العدالة في بلاد ما بين النهرين؟ وإلى أي مدى تحققت العدالة في شريعة حمورابى في العراق، ومرسوم حور محب في مصر؟
وترجع أهمية هذه الدراسة اولاً إلى أهمية مفهوم العدالة بشكل عام. حيث شغلت العدالة والبحث عنها وإرساء دعائمها الكثير من المفكرين طوال الفكر الفلسفى سواء كان في الشرق القديم أو في الفلسفة الغربية. فقد إهتمت الحضارات القديمة بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين أفراد الشعب الواحد، وبالرغم من أن هذه المساواة لم تكن مكتملة كما نراها اليوم إلا أنها كانت محاولة لحماية الضعفاء من بطش الأقوياء. وأما السبب الثانى قلة الدراسات العربية التي تهتم بالفكر الشرقى القديم بوجه عام، و مصر وبلاد الرافدين على وجه الخصوص. صحيح أنه وجدت دراسات عن الحضارة المصرية القديمة و حضارة ما بين النهرين إلا أنها كانت تهتم فى الغالب على بالجانب الدينى أو الجانب الاخلاقى أما موضوع دراستنا فقد أهتم ببحث العدالة سواء على المستوى الدينى أو الاخلاقى أو السياسي.
وتنقسم الرسالة الى مقدمة وخمس فصول وخاتمة. فأما المقدمة فنعرض من خلالها موضوع البحث، وأهميته، والمنهج المستخدم فى معالجته، ثم التبويب:
وأما الفصل الأول: وجاء تحت عنوان العدالة لغة وإصطلاحاً فنعرض فيه تعريفات العدالة في اللغات المختلفة، وكذلك تعريفات الفلاسفة للمفهوم عبر العصور المختلفة في تاريخ الفلسفة. مع التأكيد على تعريف العدالة في حضارة مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين، مع إيضاح التقارب في المفهوم بين ”الماعت” فى الحضارة المصرية ومفهوم ال ”مى” في الحضارة العراقية.
الفصل الثانى وعنوانه النظام السياسي والإجتماعي في مصر وبلاد الرافدين نوضح فيه كلا من النظام السياسي والاجتماعي وكيف كان مفهوم الدولة مختلف عندك كلاً من الحضارتين، بالإضافة إلى بيان دور كلا من الملك وكبار الموظفين، وبيان الترتيب الطبقى وكيف كان له تأثير في تطبيق العدالة في كلا الحضارتين.
الفصل الثالث وجاء تحت عنوان العدالة كقيمة أخلاقية في مصر وبلاد الرافدين، نبين من خلاله بيان الجوانب الأخلاقية للعدالة وعلاقة الإرادة الإلهية والفعل الإنساني من خلال وصايا بتاح حوتب وتعاليم ميريكارع، وتعاليم إمنمحات الأول في مصر. وسنعرض ترتيلة مرفوعة للمعبودة، وحوار السيد والعبد وذلك فيما يخص العراق القديم.
الفصل الرابع وهو عن المنظور السياسيى لمفهوم العدالة في مصر وبلاد الرافدين، نوضح فى هذا الفصل المقصود بالعدالة في المجال السياسي والذى يتجلى فى خطابات السلطة الموجهة الى الحاكم في مصر ممثلة في شكاوى الفلاح الفصيح، ونبوءات إيبوور في مصر القديمة. وتحذيرات لأمير من بابل، والثورة على الموت في ملحمة جلجامش في بلاد ما بين النهرين.
الفصل الخامس عنوانه أليات تطبيق العدالة في مصر وبلاد الرافدين: ونعرض فيه مرسوم حور محب في مصر القديمة، وتشريعات حمورابى في بلاد ما بين النهرين، ليصبح القانون أحد أليات التطبيق في حضارات الشرق القديم.