Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الرقابة على التعديلات الدستورية :
المؤلف
ولي الدين، كريم أحمد عبد الفتاح أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / كريم أحمد عبد الفتاح أحمد ولي الدين
مشرف / محمد رمزي طه الشاعر
مشرف / محمد سعيد حسين أمين
مناقش / محمد أنس قاسم جعفر
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
554ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

تناولنا بالدراسة من خلال هذا البحث موضوع ” الرقابة على التعديلات الدستورية ” أو مدي اختصاص القاضي الدستوري في الرقابة على تعديل نصوص الدستور.
رأينا أن الدستور هو الوثيقة الأساسية في الدولة التي تحدد شكل نظام الحكم وتكوين السلطات العامة واختصاصاتها والعلاقة فيما بينها، كما تحدد الحقوق والحريات العامة للأفراد. كما أن التعديلات الدستورية ضرورية حتى تكون الدساتير مستجيبة إلى حد كبير للتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من التغييرات المستقبلية التي تحدث في المجتمع. وتختص السلطة التأسيسية الأصلية بإنشاء الدستور بينما تختص السلطة التأسيسية المنشأة بتعديل الدستور.
ولا شك أن الرقابة الدستورية على أوجه نشاط السلطات العامة في الدولة بصفة عامة، والرقابة على دستورية التعديلات الدستورية بصفة خاصة، تشكل دعامة أساسية للحفاظ على حقوق وحريات الافراد وإقرار المزيد منها، والتأكد من التزام السلطة التأسيسية المنشأة للحدود الدستورية.
فهذه الرقابة هي التي تحقق لنصوص الدستور والقوانين فاعليتها إذ لا قيمة لتلك النصوص، ولما تقرره من حقوق وتضعه من ضمانات للأفراد، ولا قيمة كذلك لمبدأ سيادة القانون، إذا لم يقترن هذا المبدأ أو تلك النصوص بتنظيم رقابة قضائية على أعمال الهيئات الحاكمة، إذ لا قيمة للحقوق بغير أداة للدفاع عنها أو وسيلة لحمايتها.
ورأينا إمكانية تأسيس مبدأ الرقابة على التعديلات الدستورية من الناحية النظرية، نتيجة المغايرة بين السلطة التأسيسية الأصلية والسلطة التأسيسية المنشأة، إذ أن السلطة التأسيسية الأصلية أعلى السلطات في الدولة، ومن ثم يلتصق بها السيادة الحقيقية أو الفعلية بخلاف السلطة التأسيسية المنشأة والتي تظل تابعة للسلطة التأسيسية الأصلية من خلال ما بينه الدستور لها من حدود، ومن ثم تندرج سلطة التعديل في إطار السلطة الأصلية، الأمر الذى يقتضى معه أن تعبر سلطة التعديل الدستوري عن السيادة في الحدود المرسومة لها من قبل السلطة التأسيسية الأصلية.
كما رأينا إمكانية تأسيس مبدأ الرقابة على التعديلات الدستورية من الناحية القانونية، نظرا للقيود الدستورية الواردة على سلطة التعديل في الدستور أو خارجه. فمن ناحية أولى تذهب الدساتير إلى تضمين نصوصها بإجراءات شكلية للتعديل الدستوري تبدأ من اقتراح مبدأ التعديل وتنتهي بالتصديق عليه ونفاذه، كما تذهب الي تضمين نصوصها قيود زمنية وموضوعية تحد من إطلاق سلطة التعديل الدستوري، وهو وضع كان من مؤدياته أن تصير كافة التعديلات الدستورية التي تجرى بالمخالفة للقيود الزمنية أو الموضوعية أو بالأحرى للإجراءات الشكلية غير دستورية نظرا لما تنطوي عليه التعديلات من مخالفة صريحة لنصوص الدستور. ونجد من ناحية ثانية المبادئ فوق الدستورية حيث اختلف الفقه في تحديدها، وإكسابها القيمة القانونية التي تفوق القواعد الدستورية الواردة في الدستور، مما استتبع صعوبة اعتبارها قاعدة مرجعية في الرقابة الدستورية على التعديلات الدستورية، ومع ذلك فإن المبادئ فوق الدستورية تكتسب القيمة الأدبية او السياسية، وبالأخص مبادئ حقوق الانسان المقررة في إعلانات الحقوق والمواثيق الدولية، أو المبادئ العليا التي تهيمن على جميع أحكام الدستور ويمكن استنباطها منه، والتي يمكن تسميتها بروح الدستور، ويمكن توسيم خروج التعديل الدستوري عنها بالانحراف الدستوري.
وبالنظر إلى اختصاص القضاء الدستوري بالرقابة على التعديلات الدستورية، أو التساؤل حول ما إذا كان بمقدور المحاكم الدستورية رقابة التعديلات الدستورية؟ يمكن الإجابة عليه بالآتي:
إذا تضمن دستور الدولة حكماً يتعلق بهذه المسألة – ما إذا كانت الرقابة القضائية على التعديلات الدستورية مسموح بها أم لا – فإن هذا النص يحدد ذلك. فإذا نص الدستور على أنه يجوز للمحكمة الدستورية رقابة دستورية التعديلات الدستورية، فستكون هذه الرقابة جائزة. وهو ما رأيناه في دساتير رومانيا وتونس والمغرب وتركيا. ولكن إذا كان الدستور يحظر صراحة الرقابة القضائية للتعديلات الدستورية، فلن تكون الرقابة جائزة. وهو ما رأيناه في الدستور الهندي لعام 1950 بالتعديل في عام 1976.
أما إذا لم يحدد دستور الدولة مسألة الرقابة على التعديلات الدستورية، مثل دساتير الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، والنمسا، وفرنسا، وليبيا، ومصر. فإن موقف الفقه والقضاء الدستوري تباين في قبول مبدأ الرقابة الدستورية على التعديلات.
رأينا اختلاف الفقه في قبول الرقابة الدستورية على التعديلات، بين اتجاه أول يذهب إلى عدم قبول الرقابة لأن النصوص المحددة للاختصاص الدستوري لا تؤيد مثل هذه الرقابة، كما لا يوجد فارق بين السلطة التأسيسية الأصلية التي تتولى وضع الدستور ابتداءا، والسلطة التأسيسية المشتقة عنها والتي تتولى تعديل الدستور فيما بعد. واتجاه ثاني يذهب إلي قبول الرقابة نظرا لأن النصوص الدستورية المنظمة للاختصاص لا تمنع من إمكانية الرقابة على التعديلات الدستورية، كما أن السلطة التأسيسية المنشأة مفوضة من السلطة التأسيسية الأصلية في إجراء التعديل الدستوري وفقا للقواعد الواردة في الدستور، كما يقتضي مبدأ الشرعية ومفهوم الدولة القانونية مبرراً لخضوع السلطة التأسيسية المنشأة للقيود الدستورية، ونظرا لأن الدستور يحتوي على قواعد قانونية فإن أنسب مكان للرقابة على التعديلات الدستورية أمام القضاء الدستوري.
كما رأينا اختلاف القضاء الدستوري في الأنظمة الدستورية المختلفة، حول تقرير الرقابة على التعديلات الدستورية، حيث أخذت بعض الأنظمة الدستورية بالرقابة الشكلية على التعديلات الدستورية، كالمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة ليبيا. كما أخذت بعض الأنظمة الأخرى بالرقابة الشكلية والموضوعية على التعديلات الدستورية، كالمحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية، والمحكمة الدستورية النمساوية، والمحكمة الدستورية التركية، والمحكمة العليا في الهند – على الرغم من أن الدستور الهندي نص صراحة على رفض الرقابة – بينما رفضت بعض الأنظمة الدستورية تلك الرقابة، مثل فرنسا، ومصر.
ورأينا موقف النظام الدستوري المصري من الرقابة على التعديلات الدستورية، حيث إن الدستور المصري الحالي الصادر 18 يناير سنة 2014 من الدساتير الجامدة، حيث تضمن إجراءات مختلفة في تعديل نصوصه عن القوانين العادية، وتضمن قيود زمنية على التعديل الدستوري، كما تضمن قيود موضوعية صريحة وضمنية على التعديل الدستوري، وقد استقرت المحكمة الدستورية العليا في أحكامها المختلفة علي حماية الحقوق والحريات، وضمانات ممارساتها، بالرجوع إلي مواثيق حقوق الإنسان الدولية وما جرت عليه الدساتير المصرية.
وتبين لنا جمود الدساتير المصرية من خلال التعديلات الدستورية التي أُجريت على الدساتير المصرية، مثل دستور1971 حيث التعديل الأول في 22 مايو 1980، والتعديل الثاني في 26 مايو 2005، والتعديل الثالث في 26 مارس 2007، والتعديل الدستوري الذي أجري على الدستور الحالي بتاريخ 2 فبراير 2019.
وبالرجوع إلي موقف القضاء الدستوري المصري – المحكمة الدستورية العليا ومن قبلها المحكمة العليا – نجد أنه استند إلي العديد من الأسانيد في رفض الرقابة على التعديلات الدستورية على النحو الآتي:
أولا: تسوي المحكمة الدستورية العليا في الحكم بين نشأة الدستور وتعديله، وتخرجهما من نطاق رقابتها، سواء من الناحية الشكلية أو الموضوعية.
ثانيا: يستند القضاء الدستوري في تحديد ولايته للرقابة الدستورية، فيما حددته النصوص الدستورية وقانون المحكمة الدستورية، والتي جعلت اختصاص القضاء الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها الدستورية، دون رقابة التعديلات الدستورية أو بالأحرى النصوص الدستورية بشكل عام.
ثالثا: تستند المحكمة الدستورية في رفض الرقابة على التعديلات الدستورية إلى طبيعة النصوص الدستورية، إذ أن السلطة التأسيسية – في نظر المحكمة – أعلي السلطات قاطبة في الدولة، وتنشأ جميع السلطات في الدولة، الأمر الذي من مؤدياته ألا يتصور خضوع السلطة التأسيسية في تكوينها أو فيما تباشره من أعمال لرقابة أي سلطة من سلطات الدولة الأخرى.
وبناء على ذلك ينظر القضاء الدستوري إلى الإجراءات الخاصة بنشأة الدستور إلى أنها من الأعمال السياسية التي لا تخضع لرقابة القضاء، حيث إن إجراءات إصدار الدساتير وما انطوت عليه من أحكام يتناول مسائل سياسية لا يدخل النظر فيها أو التعقيب عليها في ولاية هذه المحكمة.