Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تعبيرات التواضع في النصوص الأدبية للكنيسة القبطية منذ القرن السادس حتى القرن الثامن الميلادي :
المؤلف
ناروز، مريم ماهر يوسف.
هيئة الاعداد
باحث / مريم ماهر يوسف ناروز
مشرف / صدقة موسى علي
مشرف / يوحنا نسيم يوسف
الموضوع
الآثار المسيحية.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
259 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الآثار
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية الآداب - قسم الآثار
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 297

from 297

المستخلص

اعتمد هذا البحث على دراسة وتحليل عشرين عظة قبطية من الإنتاج الأدبي للكنيسة القبطية لاثني عشر كاتباً منهم ثلاثة بطاركة وتسعة أساقفة من آباء القرون من السادس إلى الثامن الميلادي، وقد بيَّنت الدراسة نتائج مهمة:
فبالنسبة لموضوعات الإنتاج الأدبي للكنيسة القبطية منذ القرن السادس الميلادي وحتى القرن الثامن الميلادي فقد اهتمّ الأُدباء البطاركة بتقديم عظات في موضوعات متنوعة أو التركيز على موضوعٍ من الكتاب المقدس، فيتحدث ”البابا ثيؤدسيوس/ القرن السادس الميلادي” عن ”يوحنا المعمدان” من خلال ما ذُكر عنه في إصحاحات متفرقة في الأناجيل الأربعة. وكذلك يتناول ”البابا بنيامين/ القرن السابع الميلادي” عظة عن ”عُرس قانا الجليل التي ذُكرت في إنجيل يوحنا” وعظة أخرى عن ”يونان والتوبة”. أما فيما يخص السيدة العذراء والملائكة، فقد تحدَّث ”البابا ثيؤدسيوس/القرن السادس الميلادي” عن ”إصعاد جسد السيدة العذراء”، وعن ”عجائب رئيس الملائكة ميخائيل مع دوروثيؤس وزوجته ثاؤبستي”.
أما عن سِيَر الشُّهداء، فقد اهتم اثنان من الأساقفة التسع الذين تناولت هذه الدراسة أعمالهم الأدبية بكتابة سير شهداء محليين مثل ”إسطفانوس أسقف إهناسيا/ القرن السادس الميلادي” الذي كتب عن ”الشهيد إيلياس الإهناسي”. وكَتب أيضاً عن شهيدٍ من غير المصريين الذين استُشهدوا في مصر وهو ”الشهيد أولمبيوس من آسيا الصغرى”. كذلك تحدث ”مينا أسقف بشادي/ القرن السابع الميلادي” عن سيرة ”الأنبا مكروبيوس الشهيد أسقف بشادي” الذي كان أسقفاً على المنطقة نفسها واستُشهد في عصر الملك ”دقلديانوس”.
واهتمّ الأدباء أيضاً بتدوين سير آباء رهبان سواء محليين من قديسي المنطقة أو الدير الذي ينتمي إليه كاتب السيرة، ودوَّن البعض سِيَر رهبان من غير المصريين، فتناول ”إسطفانوس اسقف إهناسيا/ القرن السادس الميلادي” سيرة ”الراهب أبوللو” أب دير أنبا إسحق الذي ترهَّب فيه الأنبا إسطفانوس. وقد تناول ”باسيليوس أسقف بمچ/ القرن السادس الميلادي” سيرة أحد الرهبان من منطقة أخرى وهو ”الراهب لونجينوس”، وربما يكون قد اقتبسها من سيرة لونجينوس المُدونة في القرن الخامس أو السادس الميلادي، وذلك في تذكار تكريس كنيسة على اسم الراهب لونجينوس في ”دير السلاميت بجبل ثونا”.
واهتمَّ ”موسى أسقف قفط/ القرن السابع الميلادي” بتقديم سيرة مُعلمه ”الأنبا بيسينتيوس أسقف قفط/ القرن السابع الميلادي”. وكَتب ”بيسينتيوس أسقف قفط/ القرن السابع الميلادي” عن ”أنبا نوفر السائح” في يوم تذكاره في المزار المخصص له على جبل الأساس. كما اهتمَّ ”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن الميلادي” بكتابة سيرة ”الأنبا يوحنا القصير” أب الدير الذي ترهَّب فيه.
ومن الموضوعات المُهمة التي تناولتها الأعمال الأدبية القبطية، عظات عن مشاهير الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فركَّز ”يوحنا أسقف الأشمونين/ القرن السادس الميلادي على اثنين من أهم رجال الكنيسة وهما ”مارمرقس الرسول” الذي بشَّر مصر بالمسيحية، و”الأنبا أنطونيوس” أب الرهبان ومؤسس الرهبنة القبطية في القرن الرابع الميلادي. وقدَّم ”البابا بنيامين/ القرن السابع الميلادي” عظة عن الأنبا شنودة رئيس المتوحدين/ القرن الخامس الميلادي. كما وضع ”قسطنطين أسقف أسيوط/ القرن السابع الميلادي” مديحين ”للبابا أثناسيوس الرسولي” أحد أهم بطاركة الكنيسة القبطية في القرن الرابع الميلادي والذي دافع عن الإيمان ضد الهراطقة ولُقِّب بـــ”حامي الإيمان القويم”. ورَوَى ”البابا أغاثون/ القرن السابع الميلادي” تكريس هيكل الأنبا بنيامين” سلفه، وأشار فيه إلى الأنبا مقار أب الدير الذي تمَّ فيه التكريس المذكور في هذا العمل. وقدَّم ”مينا أسقف بشادي/ القرن السابع الميلادي” سيرة ”البابا إسحق” بطريرك الإسكندرية في أواخر القرن السابع الميلادي.
وتناولت نصوص الفترة محل الدراسة في مجملها ثلاثة موضوعات من الكتاب المقدس ”عن يوحنا المعمدان” و”عُرس قانا الجليل، و”يونان والتوبة”، وموضوع واحد عن السيدة العذراء ”إصعاد جسد السيدة العذراء” وآخر عن الملائكة ”عجائب رئيس الملائكة ميخائيل”. واهتمَّ اثنان من الكُّتَّاب بالكتابة عن اثنين من الشهداء المحليين ”الشهيد إيلياس الإهناسي”، و”الأنبا مكروبيوس الشهيد أسقف بشادي”، بالإضافة إلى شهيد واحد من غير المصريين ”الشهيد أولمبيوس”. وخمسة موضوعات عن آباء رهبان وسواح ”الراهب أبوللو من دير أنبا إسحق”، و”الراهب لونجينوس” و”بيسينتيوس أسقف قفط” و”أنبا نوفر السائح” و”أنبا يوحنا القصير”. في حين احتوت موضوعات هذه القرون الثلاث على ستِّ سِيَر لمشاهير الكنيسة القبطية ”مارمرقس الرسول”، و”الأنبا أنطونيوس”، ” الأنبا شنودة رئيس المتوحدين”، و”البابا أثناسيوس الرسولي”، ”الأنبا بنيامين والأنبا مقار” و”البابا إسحق البطريرك”.
ويتضح من هذا العرض المُفصَّل لموضوعات النصوص محل الدراسة أن التركيز الأكبر في الكتابات الأدبيَّة للكنيسة القبطية منذ القرن السادس الميلادي وحتى القرن الثامن الميلادي خُصِّص أغلبها في الحديث عن مشاهير الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من القديسين والبطاركة وآباء الرهبنة الكِبار، وذلك بهدف التركيز على الرسالة التي يرغب بطاركة الكنيسة القبطية وأساقفتها في توصيلها لشعب الكنيسة القبطية، فقد احتوت هذه الأعمال بالفعل على عبارات إيمانية قوية وشرح مبسط لعقائد الكنيسة الأرثوذكسية في مواجهة الهراطقة. مع الإشارة إلى الفضائل الروحية، ومنها فضيلة التَّواضع.
وقد تركزَّت موضوعات العظات في كتابات الأساقفة على سِيَر الشهداء والقديسين المحليين في مناطق أسقفيتهم أو آباء الدير الذي ترهبوا فيه، جنباً إلى جنب مع موضوعٍ آخر من الكتاب المقدس في بعض الأحيان مثل ”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن الميلادي”، الذي كتب سيرة ”أنبا يوحنا القصير” مع عظتين عن ”دخول السيد المسيح الهيكل” وعن ”يونان والتوبة”.
وفضَّل البعض أن يروي حادثة تاريخية تضمُّ في طياتها سيرة أحد آباء الرهبنة مثل ”تكريس هيكل أنبا بنيامين” الذي كتبه ”الأنبا أغاثون” عن سلفه ”الأنبا بنيامين”، وقد أشار فيه إلى قداسة ”الأنبا مقار” أب الدير الذي تمت فيه الحادثة.
ونظراً لتَنَوّع موضوعات النصوص محل الدراسة فقد أظهرت نتائج قيمة فيما يخص موضوع الدراسة (فضيلة التَّواضع)، فقد سادت لدى جميع كُتَّاب الأدب القبطي فكرة محاولة تثبيت الشعب على الفضائل الروحية بعد أزمة ”مجمع خلقيدونية” جنباً إلى جنب مع تثبيتهم على العقيدة والإيمان المستقيم، فكانت العظة وسيلة للمُحافظة على العقيدة بقوةٍ ووضوحٍ بلا تهاون، في ثوبٍ روحانيٍّ هادئٍ مُتضعٍ في الوقت ذاته.
ومن هذا المنطلق عَبَّر الكاتب عن تواضعه أو عن تواضُع الأشخاص الذين يروي سيَرَهم أو معجزاتهم أو عجائبهم، فيذكر بعض الكُتَّاب في مُقدمة أو ختام النصّ عبارات ومفردات تدلُّ على حقارةِ الكاتب وضَعْفِه ومسكنتِه، ويعود يذكر أيضاً العبارات نفسَها داخل النص؛ حتى أن بعض الأفكار تشابهت وتكررت بين كتابات أكثر من كاتب في الفترة نفسها بشكلٍ ملحوظ في القرون ما بين السادس إلى الثامن الميلادي، وترجع بعض هذه التأثيرات لقرب مناطق أسقفية أحدهم من الآخر، فربما اطَّلع أحدهم على الإنتاج الأدبي لأسقف الإيبارشية المجاورة لسببٍ أو لآخرٍ مما أثَّر على أسلوبه الأدبي.
كما أن بعض الأساقفة تأثَّروا بعبارات ومفردات جاءت في كتابات البطاركة المعاصرين لهم، وربما يرجع التأثُّر بكتابات البطاركة إلى اهتمامهم بافتقاد الشعب في جميع أنحاء القطر المصري بالمراسلات، مما جعل الصُّوَر والأفكار والأساليب التي يستخدمونها مألوفة راسخة في أذهانِ رجالِ الكنيسة والشَّعب، مما مكَّن بعض الأساقفة من توظيف محتواها بما يتوافق مع عظاتهم.
وقد يعتبر هذا مشابهاً لما تمَّ في أعمال الفترة التي تُسمى بـــ “The Cycle” خلال القرنين السابع والثامن، والتي يُعتقد أن الأعمال التي أُنتجت خلالها هي أعمال أُدباءٍ من القرنين السابع والثامن الميلاديين، ولكنها تحمل أسماءَ أُدباءٍ من أعلام القرنين الرابع والخامس لتكتسب مصداقية ويكون لها تأثير على الشعب، ففكرة استعارة الأفكار والألفاظ بل والأساليب الأدبيَّة موجودة لدى الكاتب القبطي في القرون محل الدراسة، بل ويعتبر بعض هذه الاستعارات تطوراً في الأسلوب الأدبي وليس فقط تأثُّراً، حيث يَستَخدِم الكاتب أسلوباً غير شائع الاستخدام في القرن الذي يعيش فيه، ولكنه كان مألوفاً عند كاتبٍ ما في قرنٍ آخر سابق.
أما عن الأساليب المُستخدمة في النصوص القبطية للتعبير عن التَّواضُع فقد كانت متنوعة، وساد بعضها في جميع القرون، في حين انفرد ببعض الكُتَّاب باستخدام أسلوبٍ بعينه لم يرد في كتابات الآخرين.
ولم يتخل أي من كُتَّاب القرون الثلاث عن العبارات الاستفهامية إذ بها يستطيع الكاتب إيضاح المعنى المُراد من حديثه، وقد استُخدم الاستفهام بشكلٍ ملحوظٍ وبأدواتٍ مختلفةٍ في كتابات القرن السادس في كتابات كلٍّ من ”البابا ثيؤدسيوس”، و”إسطفانوس أسقف إهناسيا” و”باسيليوس أسقف بمچ” و”يوحنا أسقف الأشمونين”، وفي القرن السابع في كتابات و”البابا أغاثون”، ولم يظهر في كتابات ”موسى أسقف إدكو/ القرن السادس الميلادي”، وكذلك في كتابات ”قسطنطين أسقف أسيوط/ القرن السابع الميلادي”، و”موسى أسقف قفط/ القرن السابع الميلادي”، وكذلك أيضاً في كتابات ”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن الميلادي”.
وشاعَت التَّوسُّلات والتَّضرعات في النصوص الأدبية القبطية في القرون الثلاثة حيث يطلب الكاتب طلبته من الله أو من القديس الذي يروي سيرته أو حتى من الشعب السامعين لعظته، وبطرقٍ متعددة ما بين التَّوسُّل بأفعال التَّضرع والاستعطاف والتَّرجي، أو بأساليب نحوية كاستخدام فعل الأمر بغرض الطَّلب والسؤال أو بالصيغة التعليلية أو السببية أو بأداة التمنِّي. وقد قدَّم ”البابا ثيؤدسيوس الأول” تَنَوُّعَاً مَلحُوظَاً في تعبيره عن التَّواضُع بالتَّوسُّلات والتَّضَرُّعات، وقد استخدم ”إسطفانوس أسقف إهناسيا/ القرن السادس الميلادي”، و”موسى أسقف إدكو/ القرن السادس الميلادي” أفعال التَّضرع والاستعطاف. وجاءت التَّضَرُّعات أيضاً في نصوص القرن السابع في كتابات ”قسطنطين أسقف أسيوط” و”موسى أسقف قفط” و”مينا أسقف بشادي”، كما سادت أيضاً بشكلٍ ملحوظٍ في كتابات ”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن الميلادي”. ولم تُذكَر أية توَسُّلات أوتَّضرُّعات في كتابات ”باسيليوس أسقف بِمچ/ القرن السادس الميلادي” و”يوحنا أسقف الأشمونين/ القرن السادس الميلادي”.
أما عن المُقارنة والتَّشبيه فلم تستخدم بشكلٍ واسع بغرض التَّواضع، ولكنها كانت إحدى مميزات كتابات ”يوحنا أسقف الأشمونين/ القرن السادس الميلادي” الذي استخدمها ليعبر عن ضعفه مقارنة بالقديسين الآخرين.
وقد قَصَد الأدباء الأقباط تقديم أنفسهم للسامع أو القارئ كجاهلين بلا معرفة ولا علم، معتمدين اعتماداً كلياً على قوة الله ومعرفته غير المحدودة التي تُعين الإنسان نافين عن أنفسهم أي صفة جيدة قد تلقى مديحاً، وقد اعتمد ”البابا ثيؤدسيوس الأول” في كتاباته على تكرار استخدام أسلوب النفي بصور مختلفة، كما لجأ أيضاً لهذا الأسلوب من كُتَّاب القرن السادس الميلادي ”إسطفانوس أسقف إهناسيا”، و”موسى أسقف إدكو”، و”يوحنا أسقف الأشمونين”. كما استُخدم أيضاً في أعمال القرن السابع الميلادي في أعمال”موسى أسقف قفط”، و”مينا أسقف بشادي”.
ولم يكن التعبير عن التَّواضع في كل الحالات مُستتراً أو معتمداً على قاعدةٍ نحويةٍ ما، وإنما كان عددٌ كبيرٌ من الكُتَّاب على درجةٍ روحيةٍ عاليةٍ تمكِّنه من التَّواضُع جَهاراً أمام جمهور المستمعين أو القارئين لعظته، دون أن يخشى على ألا يهابونه بعدها، فجاء التعبير عن التَّواضُع بأسلوب مباشر لدى عدد كبير منهم، باستخدام مفردات وأفعال من أصل قبطي أو يوناني تُعبر عن قلة الشأن والحقارة والمسكنة، وقد تميَّزت كتابات ”البابا ثيؤدسيوس الأول/ القرن السادس الميلادي” بتنوع وكثرة المفردات التي تعبر عن التَّواضع، وكذلك جاء هذا الأسلوب أيضاً في كتابات بقية آباء القرن السادس الميلادي: ”إسطفانوس أسقف إهناسيا”، و”باسيليوس أسقف بمچ”، و”موسى أسقف إدكو”، و”يوحنا أسقف الأشمونين”. كما استُخدم أيضاً هذا الأسلوب في كتابات القرن السابع الميلادي في كتابات ”البابا أغاثون”، و”قسطنطين أسقف أسيوط”، و”مينا أسقف بشادي”. وجاءت أيضاً العبارات والمفردات المباشرة في كتابات ”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن”.
واعتمد معظم الكُتَّاب الأقباط على الكتاب المقدس بعهديه في كتاباتهم، واحتوت أعمالهم الأدبية على عدد كبير من الاقتباسات المباشرة من الآيات التي يحفظونها، أو غير المباشرة في صورة إشارة للمعنى المقصود للآية لتقوية العظة، ولتوضيح المعنى المُراد. وقد تمت ملاحظة عدد كبير من الاقتباسات الكتابية في النصوص محل الدراسة بغرض التَّواضع أو للإشارة إلى فضيلة التَّواضع، ففي القرن السادس ورد العدد الأكبر من الاقتباسات في كتابات ”إسطفانوس أسقف إهناسيا”، يليه ”البابا ثيؤدسيوس” ثم ””يوحنا أسقف الأشمونين”، وكان العدد الأقلّ في كتابات ”موسى أسقف إدكو”.
وقد قلَّ عدد الاقتباسات الكتابية في كتابات القرن السابع الميلادي وكان ذلك في أعمال ”موسى أسقف قفط”، و”قسطنطين أسقف أسيوط”، وقد استخدم ”مينا أسقف بشادي” شاهدٍ واحد فقط من الكتاب المقدس. ولم تُستخدم الاقتباسات بشكلٍ ملحوظٍ في بقية كتابات القرن السابع الميلادي. ثم عادت بقوة بصورة ملحوظة، متكررة ومتتابعة في القرن الثامن الميلادي في كتابات ”زكريا أسقف سخا”.
لجأ بعض الكُّتاب لتكرار فكرة ما وردت في كتابات آخر في القرن نفسه ففي القرن السادس الميلادي يكرَّر كلٌّ من”إسطفانوس أسقف إهناسيا” و”باسيليوس أسقف بمچ” أفكاراً وردت في كتابات ”البابا ثيؤدسيوس الأول”. وتكرر أيضاً أحد التشبيهات بغرض التَّواضُع في كتابات كلٍّ من ”إسطفانوس أسقف إهناسيا”، و”يوحنا أسقف الأشمونين”. ووردت المقارنات والتشبيهات في القرن السابع في النصوص المنسوبة لــــ”قسطنطين أسقف أسيوط” فقط.
كما توجد أيضاً بعض الأساليب أقل شيوعاً بين الكُّتَّاب في تعبيرهم عن تواضعهم، فقد لجأ القليلون لتقديم نصيحة للشعب لاقتناء التَّواضع، مثل ”موسى أسقف إدكو/ القرن السادس الميلادي” الذي انفرد بهذا الأسلوب بين كُتَّاب القرون الثلاث، كما لجأ أيضاً ”يوحنا أسقف الأشمونين/ القرن السادس الميلادي” إلى استخدام مفردات بينها تضاد لتعبر عن معنى التَواضع بقوة. ولم ترد هاتان الطريقتان في بقية نصوص الفترة محل الدراسة.
ووقد جاء في بعض النصوص عبارات تعبِّر عن التَّواضُع بالهروب من المجد الباطل ومديح الناس وإعطاء المجد لله وحده، واستخدم كلٌّ من ”موسى أسقف قفط/ القرن السابع الميلادي”، و”زكريا أسقف سخا/ القرن الثامن الميلادي” فقط.
واحتوت بعض النصوص على عبارات تعبِّر عن التَّواضُع بأسلوب غير مباشر يُفهم من سياق النصّ، وقد استطاع ”البابا ثيؤدسيوس/ القرن السادس الميلادي”، و” قسطنطين أسقف أسيوط/ القرن السابع الميلادي”، توظيف هذا الأسلوب بطريقة جيدة.
وقد كانت لدى كُتَّاب هذه الفترة المهارة اللُّغوية والقدرة على تقديم الفكرة بطريقةٍ واضحةٍ، فقد استخدموا أحياناً مفردات بعينها ذات معنيين حقيقي: يدل على الفقر والعوز، ومجازي يدل على التَّواضُع، مما يدلّ على معرفة هؤلاء الكُتَّاب بمفردات اللغة، ووعيهم بالمعاني الدقيقة لهذه المفردات وقدرتهم على توظيفِ كلِّ كلمةٍ في محلِّها.
كما استخدم بعضهم كلمات قبطية مع مرادفاتها من أصل يوناني في السياق نفسه، مما يبرهن على معرفة الكاتب للغتين القبطية واليونانية وقدرته على توظيف الكلمة في محلها، وعند مقارنة أحد النصّوص المكتوبة باللهجتين الصعيدية والبحيرية يتضح مدى تمكُّن كاتب النصّ من توظيف كل كلمة في محلها بهدف التعبير عن المعنى المُراد في النصّ المكتوب بالصعيدية ومقابله بالبحيرية.
وقد نَتج عن دراسة الأصل المصري القديم لبعض الأفعال والمفردات القبطية المُستخدمة للتعبير عن التَّواضُع إيضاحاً أكثر عُمقاً للمعنى المقصود، فقد كان المُخصص المُستخدم في الأصل المصري القديم لمعظم الكلمات المُستخدمة بغرض التَّواضع يعبر عن معاني الضعف والسقوط. كما أوضح تأصيل بعض المفردات والأفعال مدى دقة الكاتب القبطي في اختيار أيٍّ منها للتعبير عن التواضع.