Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أثرالتغيرات المناخية على تحقيق الأهداف الإنمائية الزراعية في مصر :
المؤلف
خليفة، نورالهدى صفوت عوض.
هيئة الاعداد
باحث / نورالهدى صفوت عوض خليفة
مشرف / عبير فرحات علي
مشرف / عيد رشاد عبد القادر
مناقش / ماجد الخربوطلي
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
221ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الاقتصاد والاقتصاد القياسي
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية التجارة - قسم الاقتصاد
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

المستخلص

يحظى قطاع الزراعة باهتمام كبير في مجال التنمية المستدامة وخاصة في ظل تأثرها بشكل مباشر وغير مباشر بالتغيرات المناخية، والتوسع العمراني، وزيادة التلوث والتصحر، إضافة إلى العديد من التحديات والمعوقات التي من شأنها التأثير سلباً على قدرة الدولة على توفير وإنتاج احتياجاتها الغذائية الحاضرة، وكذلك القدرة على توفير الاحتياجات الغذائية المستقبلية نتيجة صعوبة إعادة استغلال الأراضي بهدف الزراعة مرة أخرى بنفس الكفاءة، الا بتوفير قدر كبير من الموارد المالية والتي من المفترض لها أن توجه إلى تنمية القطاع الزراعي وتحسين مستوى معيشة السكان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويشير كل من إعلان ريو بشأن البيئة، وإعلان جوهانسبرج بشأن التنمية المستدامة إلى أن الزراعة تقوم بدور حاسم في تلبيـة احتياجـات سـكان العـالم الآخذين في التزايد، وأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالقضاء على الفقـر، وبخاصـة في البلـدان الناميـة، وأن الزراعـة المـستدامة والتنميـة الريفيـة أمـران أساسـيان لتنفيـذنهج متكامـل قوامـه زيـادة إنتـاجية الأغذيـة وتعزيـز الأمـن الغـذائي والـسلامة الغذائيـة بطريقـة تتحملها البيئة( ).
وتشكل التغيرات المناخية إحدى أهم التهديدات للتنمية المستدامة على الدول النامية أكثر منه على الدول الغنية، بالرغم من كونها لا تساهم بنسبة كبيرة من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويعود ذلك إلى ضعف اقتصاديات هذه الدول في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية للضغوط المتعددة التي تضاف إلى قدراتها على التكيف من جهة أخرى، إضافة إلى اعتمادها بصفة رئيسية على قطاعات مرتبطة بالظروف المناخية كالزراعة والسياحة وموارد الطاقة وفى مقدمتها النفط التي تعتبر شريان الاقتصاد في هذه الدول، مما يجعلها معرضة بشدة إلى التأثر بالتغيرات المناخية؛ حيث تؤثر التغيرات المناخية على توافر الغذاء، وقدرة الوصول اليه، واستقراره.
ويلاحظ بالنظر إلى المقياس الكمي لتوافر الغذاء أن زيادة نسب وتركيزات الانبعاثات الكربونية يتوقع لها أن تنعكس سلبا على إنتاجية العديد من المحاصيل، كذلك من شأن التغيرات المناخية أن تزيد من حدة تقلبات الإنتاج الزراعي مع تفاقم الاحداث المناخية المتطرفة، وبالتالي ستتعرض البلدان إلى أعلى الدرجات من عدم الاستقرار في الإنتاج الغذائي، نتيجة الزيادات الملاحقة في درجات الحرارة سيتناقص طاقة الإنتاج الزراعي لدى الدول النامية، ويتبعها ارتفاعات أعلى في الأسعار. ومن ناحية اُخرى فإن تغير المناخ يحتمل أن ينطوي على حدوث تعديلات في تأمين المواد الغذائية وسلامتها مع تزايد ضغوط الامراض المنقولة، والفيضانات، وتلك الامراض المحمولة بواسط الغذاء ذاته. وقد يترتب على ذلك هبوط كبير في الإنتاجية الزراعية، والأيدي العاملة وقد يفضى ذلك إلى تفاقم معدلات الفقر.
ويعد من ملامح التغيرات المناخية التي تحدث في الوقت الراهن الجفاف الشديد الذى اجتاح بعض مناطق العالم والامطار الغريزة التي سببت الفيضانات والسيولة في مناطق اخري، وذلك بسبب الانبعاثات الكبيرة التي حدثت منذ بداية الثورة الصناعية والمستمرة، الامر الذى أدى إلى بروز ظاهرة الاحتباس الحرارى، وبالتالي حدوث تلك التغيرات المناخية العالمية والتي من أهم ملامحها تعرض القطبين الشمالي والجنوبي إلى ذوبان أدى إلى زيادة منسوب مستوى المياه في البحار والمحيطات، الأمر الذى ينطوي على احتمالية غرق أجزاء من العالم خاصة المناطق المنخفضة.
ونجد أن مصر ليست ببعيدة عن ذلك وفقا لتقرير البنك الدولي الذى أشار إلى أنها من الدول الأكثر عرضه( )، خاصة وأن هذه التغيرات سوف تؤثر على الموارد الطبيعية المتاحة، خاصة على الموردين الأساسين اللذين تتميز فيهما مصر بالندرة النسبية، وهما الأرض والمياه الأمر الذى يؤدي إلى التأثير المباشر وبعيد المدى على قطاع الزراعة، وستؤثر التغيرات المناخية أيضا على عرض الغذاء في العالم مما يقود إلى تزايد أسعار الغذاء العالمية، وبالتالي زيادة فاتورة استيراد الغذاء المصرية مما يولد ضغوطا على موازناتها العامة مما يعرضها إلى المخاطر الخارجية، حيث تعتبر مصر مستوردا صافيا للغذاء، وبالتالي يحد من قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
لذلك تحاول هذه الدراسة بيان الآثار المختلفة للتغيرات المناخية على القطاع الزراعي ودوره في تحقيق الأهداف الإنمائية للتنمية المستدامة من خلال محاولة الإجابة على التساؤلات التالية، تحديد اتجاه الإنتاج الزراعي في كل من مصر والصين، وما هي الآثار المترتبة على التوسع والتكثيف في الانبعاثات الكربونية الحالية والمتوقعة على الإنتاج الزراعي، ومن ناحية أخرى، كيف تؤثر هذه التغيرات المناخية على استدامة قطاع الزراعي في انتاج الغذاء، وهل يمكن أن تلعب الزراعة دورا هاما في استراتيجيات التكيف.
ثانيًا- مشكلة الدراسة:
تتجسد مشكلة الدراسة فـي معاناه مصر من مشكلتين أساسيتين:
الأولي: وتتمثل في عدم استقرار المؤشرات المناخية خلال فترة الدراسة وبالتحديد منذ عام 2000 حيث أنه بملاحظة معدل التغير في درجات الحرارة قد تبين أنه قد بلغ (0.11) درجة مئوية سنويا، حيث تتناقص الحرارة بمعدل (0.1) درجة مئوية كل عقد على منطقة الدلتا والقاهرة وتتناقص ما بين (0.05) إلى (0.07) درجة مئوية لكل عقد على شواطئ البحر المتوسط والبحر الأحمر ومصر الوسطي، أما في مصر العليا والصحراء الغربية فيتراوح معدل ارتفاع درجات الحرارة ما بين (0.22) إلى (0.32) درجة مئوية لكل عقد، مما يوضح أن هناك اتجاها لا يمكن اغفاله لتزايد درجات الحرارة في مصر( )، مما ينتج عنه ارتفاع في معدلات التبخر مما يعرض مصر إلى خسارة ما يقدر بحوالي (10%) من تدفقات النيل التي تصل إلى السد العالي( ) وقد تصل إلى (25%) بحلول عام 2025.
كذلك بلغ معدل التغير السنوي للأمطار على مصر نحو (11.4%) لكل عقد، ويتراوح هذا المعدل ما بين(0.86%، 0.49%) لكل عقد للمناطق المختلفة، ويلاحظ تزايد هذا المعدل خلال فصلي الشتاء والربيع ماعدا منطقتي مصر العليا شتاءً وشواطئ البحر المتوسط والاحمر خلال فصل الربيع، في المقابل يتناقص معدل هطول الامطار في مصر خلال فصل الخريف في حين تنعدم الامطار خلال فصل الصيف( )، ومنثم يتضح أن مصر تتسم بالتقلبات الشديدة في هطول الامطار مع اتجاهها الواضح نحو الانخفاض) (، مما يؤثرعلى ضعفالمواردالمائية، وذلك في ضوء تزايد نسب الانبعاثات الكربونية من (113.2) مليون طن عام 1997 إلى نحو (255.4) مليون طن عام 2019( ) وفقا للبيانات المتاحة، وفى حالة استمرار سيناريو تزايد الانبعاثات ستكون مصر من أوائل الدول التي ستعاني من ارتفاع مستوي سطح البحر، مما يعرضها إلى تأكل أجزاء من سواحلها وأرضيها الزراعية الخصبة خاصة في منطقة الدلتا( ).
أما الثانية:فتتلخص في أن مصر من الدول الأكثر تضررا من الآثار الناجمة عن تغير المناخ، ويعتبر القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تأثرا نظرا لحساسيته تجاه حدوث أي تعديل في درجات الحرارة السائدة أو أن ما هطول الامطار، حيث ستتعرض المحاصيل إلى انخفاض في الإنتاجية، هذا إلى جانب زيادة استهلاك المياه للحفاظ على درجة خصوبة التربة نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، فعندما شهدت مصر ارتفاعا في درجة الحرارة خلال 1998-2010 بمعدلبلغ (2.2) درجة مئوية فوق المعدل العادي، أدى ذلك إلى انخفاض إنتاجية محصول القمح بنسبة (-21.2%) في محافظات الصعيد، في مقابل انخفاض في إنتاجية القمح بمحافظات الدلتا بنسبة (-8.2%) على سبيل المثال( ) وهو من أهم المحاصيل الاستراتيجية.
كذلك من المتوقع بحلول عام 2030سترتفع الاحتياجات المائية لمحصول القمح بنسبة قدرت بنسبة (9%) في دالتا النيل، بينما قدرت بحوالي (17%) في المناطق الوسطي والصعيد لنفس المحصول، هذا بالإضافة إلى عواقب الجفاف على النظم البيئية والطبيعية وغلة المحاصيل الأخرى، وبالتالي الأثر على ندرة الغذاء خاصة في ظلمات عانيه مصر من اكتظاظ سكاني سوف يترتب عليه حدوث فجوة غذائية كبيرة تصل إلى حد يعوق تحقيق التنمية المستدامة في مجال الأمن الغذائي خاصة فيظل التنمية الزراعية المقيدة بالحاجة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية الشحيحة وضغوط التحضر السريعة بالإضافة إلى القيود التكنولوجية. كذلك هناك آثار تتعلق بتشديد أسواق الغذاء، وبالت الي زيادة الصعوبات في استيراد الغذاء مما يزيد من صعوبة زيادة الإمدادات الغذائية المحلية. وذلك فإن أي آثار سلبية متوقعة نتيجة تغير المناخ سوف تسبب ضررا كبيرا للاقتصاد المصري، من خلال تزايد معدلات البطالة في الريف وتزايد معدلات الفقر والجوع.
ونجد أن الصين تماشيا مع قوى التوسع الاقتصادى أظهرت نموا كبيرا في انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون من (3.41) مليون طن عام 1997 إلى (10.17) مليون طن عام 2019، مما يدل على أن التنمية في الصين مازالت تأتى على حساب الجودة البيئية، مما يجعلها المسؤولة عن نسبة بلغت 28% من إجمالى الانبعاثات العالمية.
كذلك أظهرت العديد من المؤشرات تعرض الصين لعدد من الظروف المناخية المتطرفة خاصة خلال الفترة 2009-2011 كان أهمها ارتفاع درجة الحرارة بمعدل (1.4) درجة مئوية، فضلا إلى خسارة (10) مليون هيكتار من الاراضى الزراعية بسبب الفيضانات.
كما أشارت تقديرات الحكومة الصينية إلى الخسائر الاقتصادية المباشرة جراء أحداث الطقس المتطرفة تكلف الدولة من 1-3% من الناتج المحلى الاجمالى كل عام، فعلى سبيل المثال بلغ متوسط الأضرار الناجمة عن الفيضانات والجفاف حوالى (284) مليار يوان خلال الفترة 200-2010( ).
كذلك نجد أن احواض الأنهار الواقعة في شمال الصين ستصبح أكثر خطورة على صعيد ندرة المياه، لكن أحواض الأنهار الأخرى في جنوب الصين ولاسيماأحواض الأنهار الجنوبية الشرقية (نهر اللؤلؤة)، ستعملعلى تحسين التوازن المائى أو تقليل العجز المائى، وبالرغم من الاثار السلبية للتغيرات المناخية على الصين، إلا أن ممكن وصفها بالمعتدلة إذا كان المزارعون قادرين على إعادة تخصيص المياه بين المحاصيل، وتعديل الاراضى المروية والبعلية، ومن خلال الدراسة يمكن لمصر الاستفادة من التجربة الصينية في القطاع الزراعى في مواجهة التغيرات المناخية في ضوء الإمكانيات المتاحة.