Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التأصيل التاريخي لتطور فكرة الخطأ كأساس للمسئولية التقصيرية :
المؤلف
الخالدي، سالم عادل سالم بوتلف.
هيئة الاعداد
باحث / سالم عادل سالم بوتلف الخالدي
مشرف / طه عوض غازي
مشرف / أحمد علي ديهوم
الموضوع
القانون- فلسفة.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
524 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - فلسفة القانون وتاريخه
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 524

from 524

المستخلص

لا غني لأي مجتمع عن القانون، فهو يهدف إلي فرض النظام في المجتمع عن طريق تنظيم علاقات الأفراد، فظهرت المسئولية المدنية التي يتسع نطاق تطبيقها ليشمل جميع أفراد المجتمع دون استثناء، فهي تطبق على اتفاقاتهم وتلك هي المسئولية العقدية، وعلى نشاطاتهم التي ليست محل اتفاق، وهذه هي المسئولية التقصيرية، وكلتا المسئوليتين تأسست كأصل عام على الخطأ، ولكن أكثرهما انتشاراً هي المسئولية التقصيرية من حيث أنها لا تتطلب لتطبيقها وجود عقد، ولهذا فإن توافرت شروطها طبقت على جميع الأفراد دون أخذ موافقتهم.
وليس لأية فكرة قانونية من قيمة إلا بقدر ما توحي به من مضامين عادلة، صحيح أن المسئولية التقصيرية وفقاً للقانون المدني لا تقوم في جميع صورها على الخطأ، لكن القاعدة العامة هي قيامها على الخطأ، بالإضافة إلي الضرر وعلاقة السببية بينهما، سواء كان الخطأ ثابتاً أم مفترضاً، في حين ينحصر نطاق المسئولية التقصيرية دون خطأ، أي اكتفاء بالضرر فقط على حالات خاصة قليلة وردت في نصوص متفرقة على سبيل الحصر، بحيث إذا لم يوجد نص يقرر مسئولية غير خطئية يتم الرجوع لحكم القاعدة العامة التي تتطلب الخطأ لقيام المسئولية التقصيرية وفقاً لنصوص المواد (163 مدني مصري)، و (227 مدني كويتي).
وترجع أهمية الخطأ في المسئولية التقصيرية إلي تعلقه بالنشاط الإنساني بشكل عام، حيث يعد الخطأ حداً فاصلاً بين ما يجوز من الأعمال والأفعال وبين ما لا يجوز، سواء أكانت أعمالاً إيجابية، أي ينبغي القيام بها، أم أعمالاً سلبية يمنع على الشخص القيام بها، وسواء عد ذلك العمل جريمة أم لا، ومن ثم فالخطأ يفصل بين الحرية الشخصية التي تعد من حقوق الإنسان، وحرية الآخرين التي يجب احترامها وعدم التعدي عليها، حتي ولو أدي ذلك إلي تقييد حرية الشخص لمنعه من الاعتداء.
وإذا كانت أهمية الخطأ على هذا النحو، فإنها تعد ضمانة للمسئولي، فهو لن يعوض المضرور إلا إذا وصف ما قام به من سلوك بأنه خطأ، ولما كان مضمون التزامه بعدم إضراره بالغير فذلك يعني أن المضرور هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ، وهو ليس بالأمر السهل على المضرور، وإن اكتفي المشرع بإثبات الركن المادي وهو التعدي.
ولم يُعرف المشرع المصري والكويتي الخطأ كركن لقيام المسئولية التقصيرية، حيث ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي عند تعليقها على المادة (227) مدني كويتي ما يلي: ”ولم يشأ المشرع أن يحدد المقصود بالخطأ كركن لقيام المسئولية تاركاً أمره لاجتهاد الفكر القانوني، وذلك بهدف أن يضف عليه ما ينبغي له من مرونة وانطلاق”.
وجاء أيضاً في مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري عند تعليلها لهذا الأمر ما يلي: ”إن لفظ الخطأ في هذا المقام يغني عن سائر النعوت والكني التي تخطر للبعض في معرض التعبير كاصطلاح العمل غير المشروع، أو العمل المخالف للقانون، أو الفعل الذي يجرمه القانون ... الخ، وإنه يتناول الفعل السلبي إلي مجرد الإهمال والفعل العمد.
وغني عن البيان أن سرد الأعمال التي يتحقق فيها معني الخطأ في نصوص التشريع لا يكون من ورائه إلا إشكاله وجه الحكم، ولا يؤدي قط إلي وضع بيان جامع مانع، فيجب أن يترك تحديد الخطأ لتقدير القاضي، وهو يسترشد في ذلك بما يستخلص من طبيعة نهي القانون عن الإضرار من عناصر التوجيه، فثمة التزام يفرض على الكافة عدم الإضرار بالغير، ومخالفة هذا النهي التي ينطوي فيها الخطأ، ويقتضي هذه الالتزام تبصراً في التصرف يوجب عمال بذل عناية الرجل الحريص”.
وهكذا نجد أن المشرع أوكل إلي القضاء مهمة الحكم على سلوك ما بأنه خطأ أو أنه لا يشكل خطأ، وهذا يتجاوز بالقضاء عن دوره المعتاد الذي ينحصر في مجرد تفسير النص حتي يسهل تطبيقه.
وبعد الدراسة توصلنا الي مجموعة من التوصيات نوجزها في الآتي:
1) نوصي كلاً من المشرع المصري والمشرع الكويتي بالتدخل بإجراء عدة تنقيحات في وظيفة المسئولية المدنية في القانون المدني مفادها: أ- بداية العودة إلى فكرة المذكرة التفسيرية عند إصدار أى من التشريعات. ب- أن يكون جل اهتمام المسئولية في تدارك الأضرار لا في تعويضها. جـ- تبني مفهوم بسيط ومرن للخطأ، يساعد المضرور في الحصول على التعويض المناسب عن طريق تيسير إثبات الخطأ.
2) ورد في نص المادة (222/1) مدني مصري ما يأتي: ”يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلي الغير إلا إذا تحدد بمقتضي اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء”، نجد أن المشرع المصري أدخل من غير قصد الورثة في مدلول الغير، باعتبار أن مدلول الغير يعني كل شخص غير متضرر، فيشمل ذلك الخلف العام (الورثة) أو أي شخص آخر ينتقل إليه الحق في التعويض، لذا نوصي المشرع المصري بتعديل هذا النص بأني يأتي عدم انتقال الحق في التعويض بعد الفقرة الثانية من المادة (222) مدني مصري كالآتي: ”لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلي الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب، ولا ينتقل إليهم إلا إذا تحدد بمقتضي اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء”، وذلك ما سلكه المشرع الكويتي في المادة (231/3) مدني كويتي، المادة (232) مدني كويتي.
3) نري أنه قد حان الوقت لأن يقوم المشرع المصري بهجر العنصر المعنوي في الخطأ، والاكتفاء بالعنصر المادي، خاصة وأن شريعتنا الإسلامية الغراء تعتمد أساساً على العنصر المادي للخطأ منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام سابقة على كافة التشريعات الوضعية، وهذا ما سلكه المشرع الكويتي بهجره للركن المعنوي للخطأ واعتداده بالركن المادي فقط.
4) بالنسبة لافتراض مسئولية المتبوع، أوصت الدراسة بنهائية التعويض على المتبوع، طالما أخطأ التابع أثناء أداء العمل المأذون له فيه آلة ومحلاً وكيفية، وذلك لأن يد التابع تعتبر وكأنها يد المتبوع، أما إذا تخلف أحد العناصر الثلاثة، فإن نهائية التعويض تقع على التابع لا على المتبوع.
5) بالنسبة لافتراض مسئولية حارس الأشياء أخذت الدراسة بالحراسة الفعلية، ثم فرقت في مسئولية الحارس بين الأشياء الخطرة بظروفها وملابساتها، وذلك كالأشياء الجامدة والحيوانات غير الحية، وبين الأشياء الخطرة بذاتها، وذلك كالسموم والعقاقير الضارة والحيوان العقور، وأوصت الدراسة بأن حارس الصنف الأول يعفي من المسئولية إذا أثبت السبب الأجنبي، بينما حارس الصنف الثاني فيجب التفرقة بشأنه بين حالتين، الأولي إذا حاز الشيء الخطر بترخيص من الدولة، فيعفي من المسئولية إذا أثبت السبب الأجنبي، والثانية إذا حاز الشيء الخطر دون ترخيص، فيجب ألا يعفي من المسئولية حتي ولو أثبت السبب الأجنبي، لأنه قد أخطأ وترتب الضمان بذمته – لا من وقت وقوع الضرر – وإنما من وقت حيازته الشيء الخطر دون ترخيص.
6) نوصي بأنه في حالة حيازة الغاصب للشيء المغصوب لا يمكن رفع المسئولية عنه بالسبب الأجنبي، حتي ولو أثبت أن الشيء الذي غصبه قد هلك بسبب أجنبي.