Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
دور العرف في النظام القانوني والقضائي بالتطبيق على دولة قطر :
المؤلف
آآل ثاني، سعود محمد حسن العبد الرحمن.
هيئة الاعداد
باحث / سعود محمد حسن العبد الرحمن آل ثاني
مشرف / طه عوض غازي
مشرف / أحمد علي ديهوم
مشرف / السيد عبد الحميد فوده
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
778 ص. :
اللغة
الإنجليزية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - فلسفة القانون وتاريخه
الفهرس
Only 14 pages are availabe for public view

from 551

from 551

Abstract

في الحقيقة أن أغلب القوانين التي لعبت دورا عظيما في المدنيات القديمة ذات منشأ عرفي، ونذكر على سبيل المثال قانون ”دراكون” الصادر سنة 631 ق.م وقانون ”صولون” الصادر في أثينا سنة 594 ق.م وقانون ”حمورابي” في بابل، وقانون ”مانوا” في الهند وأخيرا قانون ”جو” في الصين.
واستمر العرف مصدرا وحيدا للقانون حتى ظهور الشرائع الدينية التي جاءت بقواعد سلوكية تنظم حياة الناس، ثم بدأ تضاؤل تأثير المعتقدات الدينية في إنشاء القاعدة القانونية، فعاد العرف ليحتل مرتبة الصدارة بين مصادر القاعدة القانونية، حتى بدأت المجتمعات الحديثة بتدوين الأعراف وإصدارها بصورة تشريعات، وأخذ التشريع مركز الصدارة من العرف، إلا أن ذلك لا يقلل من مكانة العرف، فمازال العرف مصدرا رسميا للقانون في كل بلاد العالم، وهو مصدر تمليه الضرورة والواقع وطبائع الأمور.
ولقد أقرت الشريعة الإسلامية هذا المصدر واعتبرت العادات الملزمة واجبة الاتباع كالقواعد المسنونة، فهو المصدر الشعبي الأصيل الذي يتصل اتصالا مباشرا بالجماعة، ويعتبر وسيلتها الفطرية لتنظيم تفاصيل المعاملات.
ويقصد بالعرف اعتياد الناس على اتباع سلوك معين على وجه الاطراد مع الاعتقاد بإلزامية هذا السلوك، أي أن الأفراد داخل مجتمع ما درجوا على القيام بعمل ما على وجه الاستقرار والدوام مع اعتقادهم الجازم بوجوب اتخاذ هذا المسلك أو الطريقة في القيام بهذا السلوك.
والشعور بالإلزام هو أحد أهم أركان العرف مع اعتياد السلوك المتكرر، ولذلك يخرج من دائرة العرف الحالات الشاذة، فهي لا تكفي لقيام عرف، وعلى ذلك فالعرف يتكون من عنصرين: مادي يتمثل في اعتياد الأفراد على سلوك معين مدة من الزمن، وعنصر معنوي هو اعتقاد الأفراد بضرورة احترام هذا السلوك.
والعرف بما أنه نابع من الإرادة الحقيقية للأفراد داخل مجتمع ما، فهو يعبر بصدق عن إرادة الأفراد داخل هذا المجتمع، بخلاف التشريع على سبيل المثال الذي قد تمليه ضرورات سياسية خارجة عن إرادة الأفراد العاديين، فالعرف يمتاز بأنه المعبر الصادق عن واقع الأفراد الاجتماعي والاقتصادي لأنه نتاج التجارب والتعاملات اليومية للأفراد داخل الجماعة.
فضلا عن أنه يتميز بالمرونة، فالقواعد العرفية يمكن تعديلها، كلما اقتضت حاجة الناس إلى ذلك، فالعرف المعبر عن حاجة الأفراد، يتغير إذا ما تغير سلوكهم نظرا لتطور ما لحق بهم على سبيل المثال، أو تغيير الزمان والمكان، ولهذا فللعرف أهمية كبرى في مختلف التشريعات وإن اختلفت درجة هذه الأهمية من دولة إلى أخرى.
ففي قطر يأتي العرف في المرتبة الثالثة كمصدر للقانون المدني، بعد التشريع وأحكام الشريعة الإسلامية، وفي هذا تنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدني القطري رقم 22 لسنة 2004 على أنه ”2- إذا لم يوجد نص تشريعي حكم القاضي بمقتضى الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد حكم بمقتضى العرف، وإلا فنص قواعد العدالة”.
أما في النظام القانوني المصري فيأخذ العرف المرتبة الثانية بعد التشريع، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 على أنه ”2- إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة”.
وهذا لا يعني تراجع دور العرف في النظام القانوني القطري، ففي قانون التجارة القطري رقم 27 لسنة 2006 في المادة الثانية منه نص على أنه ”تسري على المسائل التجارية الأحكام الواردة في هذا القانون أو في غيره من القوانين المتعلقة بالمسائل التجارية، فإن لم يوجد نص يطبق العرف التجاري ويقدم العرف الخاص أو العرف المحلي على العرف العام، فإن لم يوجد عرف تجاري، تطبق أحكام القانون المدني”.
فمن النص القانوني السابق، يتضح جليا أهمية ومكانة العرف في النظام القانوني القطري وخاصة في القانون التجاري، فضلا عن أن هناك العديد من النصوص التشريعية كانت في الأصل قواعد عرفية، قام المشرع بتقنينها في صور نصوص مكتوبة.
فالعرف له أهمية خاصة داخل النظام القانوني القطري بدأ من العصور القديمة، فمنذ المجتمعات البدائية مجتمعات القوة والثأر والعشيرة والقبيلة، ولاحقا أصبح معروفا بمجتمعات حكومات المدن، حيث كانت تقام في كل مدينة حكومة مستقلة عن الأخرى، كانت تنظم الحياة فيما بينهم على أساس العلاقات الأسرية، علاقات القرابة والمصاهرة، التي يكون زعيمها رب العائلة، وفي مرحلة لاحقة، يصبح العشيرة والقبيلة، وفي فترة زمنية تالية يصبح رئيسا لدولة محدودة، دولة المدينة، والتي تلتها مرحلة تشكيل مجالس قبلية تتولى إدارة شئون القبائل بصورة جماعية.
فهذه المجتمعات البدائية حكمتها العادات والأعراف والتقاليد التي درج أفرادها على اتباعها، وعرب الجاهلية جزء من المجتمع الإنساني الذين ارتبطت حياتهم وممارستهم إلى حد كبير بالفضيلة والأخلاق وهذه الصفة أكد عليها مؤسس علم الأخلاق أرسطو، واستمرارا للتطور الفكري والثقافي للمجتمع، تطورت أيضا أنماط حياته وأصبح له قوانينه وأنظمته التي تحكم سلوكه، وهي العادات والتقاليد والأعراف وليس فقط الكرم والمروءة والعلاقات الأسرية التي ظلت ردحا من الزمن المصادر الرئيسية للقواعد التي تحكم سلوك الأفراد.
ولما جاء الإسلام بتعاليمه الحنفية السمحة أقر من الأعراف الحسنة منها، وأنكر كل ما يخالف الفطرة الإنسانية السليمة التي تحض على فعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحتى مع ظهور الدولة بشكلها الحديث، فإن العرف ظل له دور هام كمصدر هام للقاعدة القانونية رغم انتشار حركة تدوين القوانين، فالعرف هو النظام الحاكم الذي تدور به وعليه عجلة المعاملات بين الناس ويكشف عن معاني كلامهم ومراميه، ويرسم حدود الحقوق والالتزامات وينير حجة القضاء، وهذا المستند عظيم الشأن لكثير من الأحكام العملية بين الناس في شتى شعب الفقه وأبوابه وله سلطان واسع المدى في توليد الأحكام وتحديدها وإطلاقها وتقييدها.