Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
العقوبة التأديبية في القانون الوضعي المصري
بين التاريخ والفلسفة
دراسة مقارنة
/
المؤلف
عبد المنعم ، حكمت صابر محمد
هيئة الاعداد
باحث / حكمت صابر محمد عبد المنعم
مشرف / محمد علي محجوب
مشرف / طه عوض غازي
مناقش / السيد عبد الحميد فوده
تاريخ النشر
2021
عدد الصفحات
559ص.:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - فلسفة وتاريخ القانون
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

لقد تناولنا في دراستنا هذه الوظيفة العامة والموظف العام والمساءلة التأديبية له، وهدفت الدراسة إلى الوقوف على أهمية الوظيفة العامة في الحياة البشرية؛ لما لها من شأن عظيم؛ إذ لم تعد تقتصر على مرافق الدفاع والأمن الداخلي والقضاء والمرافق الإدارية البحتة، كما كان الحال في الماضي، إنما تعدت وظائفها منذ بداية هذا القرن وعم نشاطها مختلف الميادين ولاسيما الإقتصادية والإجتماعية، وعماد ذلك كله هو الموظف العام الذي يعتبر أداة الدولة وعقلها المفكر وساعدها المنفذ؛ ولما كان موضوع دراستنا هو فلسفة العقوبة التأديبية وتاريخها عبر العصور والتي لا تقوم إلا بتحديد المسؤولية التأديبية للموظف العام؛ فأصبح من الأهمية بمكان تناول اضلاع هذه المسؤولية الثلاث والتي تتبلور فى الوظيفة العامة، والموظف العام، والجريمة التأديبية، ولذا تم التقديم للدراسة بفصل تمهيدي -للوقوف على كل هذه الموضوعات- قسمناه الى مبحثين خصصنا الأول منه لبيان ما هية الوظيفة العامة والموظف العام وذلك في مطلبين تناولنا بالأول نشأتها من حيث التشريع والفقه ثم تعريفها وطبيعتها واستعرضنا في هذا الصدد كل من النظامين الأمريكي( المفتوح )، والأوربي (المغلق)،وسمات وعيوب كل منهما ثم بينا أخلاقياتها من خلال مدونة السلوك الوظيفي، وكذا أخلقيات بعض المهن الحرة؛ كالطب والمحاماة، ثم تناولنا بالمطلب الثاني الموظف العام؛ ذلك الضلع الثاني في منظومة المساءلة التأديبية وتناولناه من حيث مفهومه تشريعيا وفقهاً وقضاءً فى مصر وفرنسا؛ ثم خصصنا المبحث الثاني فى مطلبين تناولنا بالأول منهما طبيعة العلاقة بين الموظف العام والدولة وهنا تبين لنا ان هناك نظريتين، سواء عقدية وتنظيمية، ووقفنا على تفصيلات كل منهما وحجج انصارهما، وما هو عليه الحال في مصر، وماهية الجريمة التأديبية التي يمكن ان يسأل عنها الموظف العام، وفى المطلب الثاني تناولنا اركان الجريمة التأديبية المادي والمعنوي، وأوجه الشبه والإختلاف بينها وبين الجريمة الجنائية؛ وعلى ذلك فقد جعلنا هذا الفصل بمثابة تأسيس لما سيأتي من بناء لمنظومة هذه الدراسة التي تهدف الى الوقوف على ماهية العقوبة التأديبية وفلسفتها عبر العصور، وتقييم القواعد القانونية النافذة حالياً تقييما صحيحا لكوننا نراها ليست منبتة الصلة عن القواعد السابقة عليها، بل هي امتداد لها؛ ذلك أن القواعد القانونية الحالية والمنظمة للوظيفة العامة والموظف العام تمتد بجذورها إلى كل من القانون الفرعوني والشريعة الإسلامية، كما تمتد بجذورها أيضا إلى القانون الروماني ومن قبله الإغريقي الذى كان مطبقا في مصر في العصر البطلمي، وقد قسمنا هذا القسم الى بابين تناولنا في الباب منهما العصور القديمة: والمتمثلة فى الفرعوني والبطلمي والروماني والإسلامي، وكيفية تنظيم الإدارة في العصر العثماني؛ وقد قسمناه الى فصلين في الفصل الأول والذى قسمناه الى في مبحثين خصصنا الأول منهما للتنظيم الإداري للوظيفة العامة في مصر الفرعونية من حيث الادارات المركزية والمحلية والموظف العام من حيث التعيين والترقية والمساءلة التأديبية بمطلب أول، ثم تناولنا بالمطلب الثاني القضاء في مصر الفرعونية والعقوبة التأديبية بكل تنوعاتها وأقسامها وسلطة توقيعها، ونظم التقاضي، وبالمبحث الثاني تناولت الدراسة بمطلب اول الحكم البطلمي بسماته ونظام الإدارة فيه والجرائم التأديبية وعقوباتها وسلطة توقيعها ونظم القضاء، ثم عرجنا الى المطلب الثاني وفيه تناولنا؛ الحكم الروماني لمصر ونظم الإدارة مركزية ومحلية، وطبيعة الوظيفة العامة وجرائم الموظف العام والعقوبات التأديبية المطبقة آنذاك وسلطة توقيعها والنظم القضائية وسمات الوظيفة العامة حينئذ، والملاحظات على هذا العصر، ثم عرجنا الى الفصل الثاني وفيه تناولنا؛ مصر في العصر الإسلامي وقد قسمناه الى مبحثين تناولنا في الأول منه ماهية الجريمة التأديبية في هذا العصر وقد قسم هذا المبحث الى مطلبين تناولنا في الأول منه شرعية الجريمة التأديبية والجرائم التعزيرية ، والتعزير عليها وتعريف التعزير في كل من الفقه والاصطلاح وموقف السنة النبوية منه ، ثم عرجنا الى المطلب الثاني وفيه تناولنا العقوبات التعزيرية وخصائصها وأنواعها سواء مادية أم معنوية أم مالية وبينا مشروعيتها ، وتطبيقاتها في الدولة الإسلامية، والمختص بتوقيعها وضمانتها وكيفية التظلم منها وأسباب سقوطها وتقادمها؛ ثم انتقلنا الى الباب الثاني وفيه تناولنا العقوبات التأديبية في القوانين الوضعية والتي بدأت في الظهور في مصر العثمانية ومحمد على باشا وما تلاه من قوانين وضعية، وقد قسمناه الى فصلين تناولنا في الأول منه العقوبات التأديبية في مصر العثمانية ومحمد على وتناولنا ذلك في مبحثين خُصص الأول منه للتنظيم الإداري آنذاك وأنواع العقوبات التأديبية وسلطة تطبيقها وشرعيتها ومدى ملائمتها، ثم عرجنا الى المبحث الثاني من هذا الفصل، وفيه تناولنا العقوبة التأديبية بالقوانين الوضعية التي توالت في الصدور عقب العصرين السابقين؛ وفيه تناولنا بالمطلب الأول تعريف العقوبة في كل من التشريع، والفقه، والقضاء المصري، وسماتها وطبيعتها والنظريات التي قيل بها في هذا الصدد، وشرعيتها، ثم عرجنا الى المطلب الثاني وفيه تناولت الدراسة العقوبات التأديبية خلال كل من الفترتين: من عام 1883 وحتى عام 1951، ثم الفترة من 1951 وحتى الأن من حيث؛ أنواعها المادية والمالية، وسلطة توقيعها، ثم عرجنا الى نهاية هذه الدراسة بالفصل الثاني وفيه تناولت الدراسة نظم التأديب في الوظيفة العامة وقد قسمناه الى مبحثين تناولنا في المبحث الأول: الأنظمة التأديبية المختلفة سواء كانت رئاسية، ام قضائية، ام مجالس تأديب، ونظم التأديب في مصر، وذلك بالمطلب الأول، ثم عرجنا بالدراسة الى المطلب الثاني وفيه تناولنا كيفية تنظيم الوظيفة العامة في فرنسا، ونظمها وسلطة توقيعها، وكذا سلطات التأديب الرئاسية فى مصر بمختلف قوانين الوظيفة العامة، وبالمبحث الثاني تناولت الدراسة العقوبات التأديبية للعاملين بكل من القطاع العام وقطاع الأعمال العام، وتناولنا ذلك في مطلبين خصصنا الأول لسلطة التأديب الرئاسية بالقطاعين المذكورين والقوانين المنظمة لها، ثم عرجنا بالدراسة الى المطلب الثاني، وفية تناولنا: تأديب بعض الكادرات الخاصة: كأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، والقضاء وأعضاء النيابة العامة، والنيابة الإدارية، ثم انهينا دراستنا ببيان للأسباب المختلفة لإنقضاء العقوبة التأديبية.
ومما سبق تبين مدى التأثير المتبادل بين مختلف النظم القانونية المتبعة في كل عصر رغم اختلاف الحضارات، حيث القانون الفرعوني ذو النزعة الشرقية وكل من القانون البطلمي والروماني ذوا النزعات الغربية، وكيف أن كلا من القانون الروماني والشريعة الإسلامية التقيا وتبادلا التأثير حيث ظهر ذلك في كيفية تنظيم الدواوين الحكومية ودولاب العمل وأطر اختيار الموظف العام ومراحل استمراره في الوظيفة العامة من حيث الشروط الواجب مراعاتها في اختياره مرورا بكيفية تعيينه وترقيته وتأديبه، ففي العصر الفرعوني شهد الجهاز الإداري للدولة تنظيما دقيقا أدى إلى تقدم الدولة، إذ أدى الموظفون في هذا العصر مختلف الأعمال الوظيفية المنوطة بهم تحت إشراف ورقابة صارمين من الملك، والذى كان له مطلق الحرية حيال موظفيه تعييناً وترقيةً ونقلاً وتأديباً، ولما كان هذا العصر يتسم بالنزعة العدوانية وعدم وجود قوانين خاصة بالوظيفة العامة، فقد خضع التأديب في الوظيفة العامة للأطر القانونية الحاكمة لكل من النواحي السياسية والإجتماعية والإدارية في المجتمع، وعليه فقد سادت الصبغة الجنائية على العقاب التأديبي فوجدنا الموظف العام يخضع للعقاب البدني بصلم الأُذن وجدع الأنف والجلد والقطع والإعدام بالسم والخازوق والإلقاء للوحوش والنفي، إضافة إلى العقوبات النفسية كالتوبيخ واللوم، والمالية كالمصادرة وقطع الماهية وجميعها شديدة الوطأة على الموظف العام مما أنعكس أثره على ضبط الوظيفة العامة ورقى وتقدم الدولة بأكملها، وإذا ما انتقلنا إلى العصرين البطلمي والروماني نجد أنه وإن اتسمت الوظيفة العامة بنفس الأهمية في العصر السالف إلا أنها لم تحظ بنفس الإهتمام بالرغم من الأهداف الإقتصادية التي صاحبت سيطرة كلا النظامين على مصر، وقد عَزى ذلك إلى اهتمام حكام كل عصر بمصالحهم الخاصة ورغبتهم في تحقيق طموحاتهم، وعليه فقد فقدت الوظيفة العامة آنذاك التطوير، وخضعت لإقتباس ما كان عليه العصر الفرعوني دون مواكبة لمرور ردح من الزمان وظل الوضع على ما هو عليه حتى الفتح الإسلامي لمصر إذ اعيد تنظيم الوظيفة العامة وفق الأطر الدينية والتي اهتمت بمن يتولى الوظيفة العامة، وطبق رسولنا الكريم قواعد العدل والمساواة، وحرص على وجود الكفاءة في من يقع عليه الإختيار لها كما تكفل للموظف العام بالدخل والزوجة والخادم والمسكن، وجعل من التعزير عقوبات تأديبية بإعتبار أن جرائم الموظف العام تعد من قبيل المعاصي بهدف الإحاطة بكل مخالفات الموظف العام، وحتى لا يفلت أي مخالف من العقاب، واتسمت بالملائمة لجسامة الجرم المرتكب أو هيونته إذ طبقت عقوبة الإعدام في الجرائم الخطيرة، كما تنوعت العقوبات التعزيرية بجانب العقوبات المقدرة كالحدود والقصاص والكفارات، ورَخص (ص) لولى الأمر في حرية اختيار العقوبات الملائمة، كما حفظ لذوى الهيبة مكانتهم بإقالة ذوى العثرات وفق ما ورد بحديث السيدة عائشة رضى الله عنها، وصار على نهجه كل من تولى أمر المسلمين بعده وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، والذى كان شديد الحرص على حرمة مال المسلمين، وطبق ذلك حيال ابنه عندما نهاه عن تربية إبله مع إبل الدولة، وطلب منه فصل تجارته عن تجارة المسلمين، وأختص والى المظالم والمحتسب والحاجب بتوقيع العقوبة مما أصلح حال الدولة الإسلامية ورفع شأنها.
ثم انتقلنا بالدراسة الى العقوبة التأديبية في كل من العصر العثماني ومحمد على باشا، ورأينا ان جميع النظم بما فيها العثماني ومحمد على قد تشكلت فلسفة التجريم والعقاب فيها قديما وحديثا في ضوء فلسفة التشريع ذاتها من جهة ومن جهة ثانية عرفت كل الشرائع العقوبات البدنية، وقد حازت قصب السبق مقارنة بالعقوبات المالية، ومن جهة ثالثة اقترنت فلسفة العقوبات البدنية آنذاك بالغاية من العقوبة في تحقيق الردع العام والردع الخاص بإعتبار أن الأفعال التي استوجبت تنفيذ العقاب البدني هي من الجسامة الضارة بالمجتمع ضررا كبيرا، الأمر الذى استوجب مواجهتها بغلظة وبشدة قد تكون مفرطة، ومن هنا كان الجزاء البدني ملائما ومناسبا، كما كُرست سٌلطة الرئيس الإداري التأديبية على الموظف العام والتي ظهرت في فرعون مصر، والتزم بها كل من تولى حكم البلاد بعده في كل عصر مع تغيرات بعض الشيء للتناسب مع ظروف العصر وأهداف كل نظام ووفق رؤيته في مجابهة فساد الموظف العام ضماناً لقيامه بمهام وظيفته على أكمل وجه وفى نطاق القوانين والمراسيم المنظمة للمجتمع.
وفى العصر العثماني ومحمد على باشا شهدت الوظيفة العامة تنظيما لم يكن موجودا من قبل، إذ انفتحا على أوربا ونقلا عنها بعض النظم التي تختلف إلى حد ما مع النظم الإسلامية سياسيا وقانونيا الأمر الذى أدى في النهاية إلى تغريب النظم السياسية والقانونية والإدارية عن المرجعية الدينية، وجنح النظامان إلى تطوير الوظيفة العامة والموظف العام بقصد الإرتقاء بهما وصولاً إلى رفعة شأن الدولة المصرية فصدرت قوانين تنظم الوظيفة العامة وشرائط من يتولاها ومنح الموظف العام العديد من المزايا بما من شأنه ان يغض طرفه عن الفساد الوظيفى، وفى نفس الوقت غلظت عقوبات مخالفته لواجباته الوظيفية التي لا تتفق مع النزاهة وطهارة اليد وانشئت دواوين إدارية مختلفة كالروزنامة والحقانية ونظم قضاء المظالم وظل الوضع على هذه الوتيرة حتى عام 1883م حيث صدرت العديد من المراسيم الديكريتات والقوانين التي تنظم الطوائف الوظيفية والموظفين والعقوبات التأديبية المقررة لكل من هذه الطوائف وسلطات توقيعها، وصدرت بعد ذلك العديد من القوانين الخاصة بالعاملين المدنيين بالدولة بدءً من القانون رقم 210 لسنه 1951 والذي جمع الأحكام المتعلقة بالوظيفة العامة والعقوبات التأديبية المقررة عند الإخلال بالالتزامات والمهام الوظيفية، ثم القوانين ارقام 46لسنة 1964 وما تلاه من قوانين النيابة الإدارية والرقابة الإدارية ومجلس الدولة والقطاع العام وقطاع الأعمال لمواكبة تغيرات المجتمع السياسية والإجتماعية والإقتصادية والإنفتاح الإقتصادي والعولمة وما صاحبها من تغير أنماط الجرائم التأديبية وأشكال الفساد الإداري على نحو ما سلف بيانه بهدف إصلاح المجتمع وتلاشي الفساد الوظيفي ما أمكن المشرع إلى ذلك سبيلا.