Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المسئولية المدنية عن سير حوادث السير.
الناشر
كلية الحقوق،
المؤلف
مهران،عبدالغفار ابو العيون جابر على.
هيئة الاعداد
باحث / عبدالغفار ابو العيون جابر على
مشرف / محمد سعد خليفه
مناقش / شحاته غريب شلقامى
مناقش / جمال عبدالرحمن محمد
الموضوع
مدنى.
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
521ص.؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
كلية الحقوق،
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة أسيوط - كلية الحقوق - القانون المدنى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 280

from 280

المستخلص

بما تقدم نكون قد انتهينا بفضل الله وتوفيقه من بحث المسئولية المدنية عن حوادث السير من خلال بابين، عرضنا في الباب الأول منهما لنطاق هذه المسئولية، وتبين أنها قد تأخذ صورة المسئولية العقدية إذا ما وجد عقد نقل الأشخاص بين المضرور والمسئول، وقد تبين أيضًا أن هناك بعض الحالات التي يدق فيها مسألة وجود أو تكييف العلاقة العقدية التي تربط بين المضرور والمسئول، كالنقل المجاني وعقد الفندقة، وغيرها من العقود التي عرضنا لها. وفي مقابل ذلك، قد تأخذ المسئولية عن حوادث السير صورة المسئولية التقصيرية، وذلك استنادًا إلى قواعد المسئولية عن حراسة الأشياء بشكل رئيس، فضلًا عن قواعد مسئولية المكلف بالرقابة عمن تحت رقابته، وكذا مسئولية المتبوع عن عمل تابعه.
ولقد اختتمنا الحديث عن نطاق المسئولية عن حوادث السير بالتعرض للسيارات ذاتية القيادة، بوصفها من أهم تطبيقات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وقد تبين لنا أن هذه السيارات لها خمسة مستويات من حيث مدى تدخل العنصر البشري في التحكم بالسيارة؛ كما خلصنا إلى أن المسئولية عن هذه السيارات قد تأخذ صورة المسئولية العقدية، وقد تأخذ صورة المسئولية التقصيرية عن حراسة الأشياء، استنادًا إلى فكرة تجزئة الحراسة، وأخيرًا يمكن أن تخضع المسئولية عن حوادث السيارات ذاتية القيادة لقواعد المسئولية عن فعل المنتجات المعيبة، على النحو الذي نظمه التوجيه الأوروبي لعام 1985، والمتعلق بتقريب الأحكام التشريعية والتنظيمية والإدارية للدول الأعضاء في مجال المسئولية عن فعل المواد المعيبة، ومن سار على هديه من التشريعات، كالقانون المدني الفرنسي، وقانون التجارة المصري، وأخيرًا قانون حماية المستهلك الجديد رقم 181 لسنة 2018.
والحقّ أنه يمكن للمضرور من حوادث السيارات ذاتية القيادة أن يجد ضالته في الاستناد إلى قواعد المسئولية عن حراسة الأشياء، وذلك عند سقوط دعوى المسئولية عن فعل المنتجات المعيبة، والتي تتقادم بمضي عشر سنوات من تاريخ طرح المنتج للتداول، إلا إذا أقام المضرور دعواه خلال هذه المدة، وذلك على النحو الذي نظمه التوجيه الأوروبي، وأقره القانون المدني الفرنسي. أما في مصر فقد رأينا أن قانون حماية المستهلك الجديد رقم 181 لسنة 2018، ومن قبله قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999، لم يتضمنا تحديدًا لمدة ضمان المنتج لفعل منتجاته المعيبة، وإن تم النص على مدة تقادم دعوى المسئولية بعد وقوع الضرر؛ حيث نصت المادة 67/5 من قانون التجارة الجديد على أن تتقادم دعوى المسئولية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع. وينبني على ذلك أن الحماية التي قررها المشرع المصري للمضرور من فعل المنتجات المعيبة تفضل تلك التي قررها التوجيه الأوروبي، ومن سار على هديه من التشريعات المدنية، من حيث إنه لم يشأ أن يجعل ضمان المنتج لفعل منتجاته المعيبة محددًا بمدة معينة تبدأ من تاريخ طرح المنتج للتداول، خلافًا لما قرره التوجيه الأوروبي والقانون المدني الفرنسي، على النحو السالف بيانه.
وقد عرضنا في الفصل الثاني من الباب الأول من هذه الرسالة لبيان أركان المسئولية عن حوادث السير وشروطها، وقد تبين لنا، في معرض الحديث عن أساس هذه المسئولية، أن نظرية الضمان كما عرفها الفقهاء المسلمون هي أقدر النظريات على تقديم أساس سليم لهذه المسئولية في نظرنا، وهو ما يكشف عن براعة ما قدمه وتركه لنا هؤلاء الفقهاء العظام من قواعد فقهية في ضوء ما جاء به الدين الحنيف، والذي وضع المبدأ الحاكم لهذا الأمر بقوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار). ثم عرضنا لبيان شروط هذه المسئولية بالنظر أولًا إلى فعل السيارة وتدخلها في إحداث الضرر؛ وثانيًا في ضوء فعل الطريق؛ نظرًا لأهمية دوره وتسببه في وقوع كثير من الحوادث، الأمر الذي يتحتم معه بحث أساس المسئولية عنه، وقد انتهينا إلى أنه يمكن تأسيس مسئولية الدولة عن فعل الطريق استنادًا إلى قواعد المسئولية عن حراسة الأشياء، فليس في قواعد هذه المسئولية – فيما رأينا - ما يحول دون ذلك، باعتبارها أكثر صونًا وحماية لمصلحة المضرور من حوادث السير، وعليه فقد عرضنا تفصيلًا لأحكام هذه المسئولية وشروطها، من حيث وجود الطريق في حراسة جهة معينة؛ ثم تدخل الطريق في حوادث السير تدخلًا إيجابيًا.
أما الباب الثاني من هذه الرسالة فقد خصصناه لدراسة آثار المسئولية عن حوادث السير والتأمين الإجباري منها، وذلك ببيان دعوى المسئولية المدنية عن حوادث السير من حيث أطرافها والمحكمة المختصة بها وحجية الحكم الجنائي بالنسبة لهذه الدعوى. أما التعويض، بوصفه غاية المسئولية المدنية، فقد تبين أنه غالبًا ما يأخذ صورة التعويض النقدي بوصفه أكثر تكيفًا مع الأضرار الناشئة عن هذه الحوادث سواء أكانت أضرارًا مادية أم أدبية. وقد اختتمنا الفصل الأول من هذا الباب ببيان وسائل المدعى عليه في دفع هذه المسئولية، ومنها الدفع بتوافر السبب الأجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير؛ وقد تبين أن المشرع الفرنسي كان أكثر حرصًا على حماية المضرور من هذه الحوادث من خلال قانون بادنتير، فلم يجز الاحتجاج في وجه المضرورين بفكرة القوة القاهرة أو خطأ الغير، كما أن خطأ المضرور لم يعد صالحًا لدفع هذه المسئولية إلا في نطاق ضيق للغاية؛ فلم يجز المشرع الاحتجاج في وجه المضرورين من الحادث، باستثناء قائدي المركبات، بالخطأ الصادر منهم، إلا أن يكون هذا الخطأ غير مغتفر، وهو السبب الوحيد للحادث، بل إنه فوق ذلك، متى كانت أعمار المضرورين تقل عن ستة عشر عامًا، أو تزيد على سبعين عامًا، أو متى كانت نسبة العجز الدائم لديهم تعادل ثمانين بالمائة على الأقل، لزم - والحالة هذه - أن يتم تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بأشخاصهم، دون أن يحتج في مواجهتهم بخطئهم غير المغتفر، ولو كان هو السبب الوحيد للحادث؛ وكذا فقد رأينا أن المشرع الكويتي قد أراد أن يذهب بعيدًا في مجال حماية المضرورين من حوادث السير، وذلك في خصوص الأضرار الواقعة على النفس، بأن يكفيهم مغبة قيام المدعى عليه بإثبات السبب الأجنبي الذي تنتفي به المسئولية القائمة على حراسة الأشياء، فقرر أنه إذا وقع ضرر على النفس مما يستوجب الدية، وفقًا لأحكام الشرع الإسلامي، وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، فإن المباشر يلتزم بضمانه، ما لم يكن في إتيانه ملتزمًا حدود الدفاع الشرعي، ولا يقوم هذا الضمان إذا ثبت أن المضرور قد تعمد إصابة نفسه، أو أن الإصابة قد لحقته نتيجة سوء سلوك فاحش ومقصود من جانبه. وذلك كله خلافًا للوضع في مصر، حيث لا تزال فكرة السبب الأجنبي بأنواعها الثلاثة، تصلح أساسًا لدفع المسئولية عن حوادث السير، متى توافرت شرائطها.
أما الفصل الأخير من هذه الرسالة فقد خصصناه لدراسة التأمين الإجباري من هذه المسئولية، والذي عرفه المشرع المصري لأول مرة بمقتضى القانون رقم 652 لسنة 1955، والذي استبدل به بعد ذلك القانون رقم 72 لسنة 2007، وقد تبين من الدراسة المقارنة لهذين القانونين أن القانون الجديد قد حرص على الاستفادة مما انتهى إليه التطور القضائي في ظل سابقه، من حيث تحديد المستفيدين من التأمين، في ضوء الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا والتي ألغت بها كثيرًا من النصوص المستبعِدة لبعض الفئات من الحماية التأمينية في ظل القانون السابق، بحيث صار الاستبعاد مقتصرًا على قائد المركبة وحده، وهو ما حرص القانون الجديد على تأكيده. كما أن القانون الأخير قد حرص على حماية المؤمن له في مواجهة المؤمن، فيما يتعلق بحالات رجوع الأخير على الأول بما أداه من تعويض للمضرور، حيث أورد هذه الحالات على سبيل الحصر، فلم يجز للمؤمن إضافة حالات أخرى، على عكس القانون القديم، والذي أجاز الاتفاق بين المؤمن له والمؤمن على إضافة حالات رجوع أخرى، فضلًا عما تم النص عليه في القانون.
وفي مقابل ذلك فقد وجدنا أن القانون القديم كان أكثر حمايةً للمضرورين من حوادث السير من جانبين؛ أولهما أنه قد وسع من نطاق الأضرار المكفولة بالحماية التأمينية، بحيث تشمل الأضرار المادية والأدبية التي تلحق بأشخاص المضرورين، سواء أكانت أضرارًا أصلية أم مرتدة؛ وذلك خلافًا للقانون الجديد، والذي اقتصر الأمرُ فيه على تغطية الأضرار الجسمانية، وكذا الأضرار التي تلحق بممتلكات الغير عدا تلفيات المركبات، مستبعدًا من حمايته الأضرار الأدبية، وكذا الأضرار المرتدة الناجمة عن الحادث. ومن جانب آخر فقد وجدنا أن القانون القديم لم يضع حدًا أقصى لالتزام شركة التأمين، حيث كان التزامها في مواجهة المضرور شاملًا ما يحكم به للأخير قضائيًا مهما بلغت قيمته، وذلك خلافًا لما قرره القانون الجديد، والذي حرص على أن يكون التزام شركات التأمين محددًا بمبالغ معينة، بحيث يكون للمضرور إن أراد مزيدًا أن يتخذ الإجراءات القضائية قبل المتسبب في الحادث، ولا شيء على شركة التأمين في ذلك. ولا شك أن في ذلك انتقاصًا كبيرًا في مجال حماية المضرورين من حوادث السير، والذين يعنيهم في المقام الأول أن يجدوا مسئولًا موسرًا يرجعون عليه بالتعويض.
أما ما استحدثه القانون الجديد ولم يكن له نظير فيما مضى، فقد تمثل في صندوق تعويض المضرورين من حوادث السير، وهو أمر محمود في سبيل تحقيق الحماية المنشودة في هذا المجال، حيث ينشأ التزام الصندوق بدفع المبالغ المحددة في وثيقة التأمين في حالات عدة، منها أن تكون المركبة المتسببة في الحادث مجهولة، أو مركبة منتهيًا ترخيصها، وغيرها من الحالات التي ورد النص عليها في موضعها. وقد انتهينا إلى أنه يتعين أن تضاف إلى هذه الحالات حالة قيام مسئولية الدولة عن حادث السير استنادًا إلى فعل الطريق، على نحو ما قررناه في الباب الأول من هذه الرسالة، وقد رأينا، في مقابل ذلك، ضرورة تعزيز موارد الصندوق المخصصة لهذه الحالات، وذلك بإضافة نسبة من المبالغ المتحصلة من المخالفات المرورية في ضوء ما تسمح به القواعد المنظمة لهذا الأمر.