Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تاريخ المخدرات فى مصر وأساليب مكافحتها 1929 – 1960م /
المؤلف
عميش، إيمان أحمد مصطفى.
هيئة الاعداد
باحث / إيمان أحمد مصطفى عميش
مشرف / جمال معوض شقرة
مشرف / ماجدة محمد حمود
مناقش / أحمد عبد الدايم
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
506ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قســـــم تاريـــــــــــخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 506

from 506

المستخلص

المخدرات مشكلة قديمة حديثة حيث لها جذور تاريخية متشعبة ولازالت قائمة حتى وقتنا هذا وهى أيضا مشكله محلية ودولية تعانى منها معظم دول العالم كما تعانى منها مصر، وقد عرفت المخدرات منذ فجر التاريخ قديماً،واستمرت على مر القرون والحضارات المختلفه الى يومنا هذا، وقد اطلق عليها البعض الجواهر؛ و ذلك لعظم تأثيرها وصعوبة الحصول عليها، بينما اطلق عليها البعض الاخر الآفه؛ لأن ادمانها كالسرطان يتفشى فى حياة المدمن ليقضى عليها تدريجياً لينتهى بقضاء نحبه بعد ما سبب خسائر كبيرة على المستوى الشخصى وعلى مستوى المجتمع، ولمٌا كانت مشكلة المخدرات تهريباً واتجاراً وادمانهاً تزداد بتطور الحضارات وتعاقبها خطورة، كان لابد من دراستها من مختلف جوانبها للقضاء عليها من الجذور، حيث أن هذه المشكلة تختلف عن غيرها بتشابكها وكثره التعقديات فيها وجوانبها المختلفة، والمراحل المتتالية التى تطورت فيها الى أن وصلت لهذه الخطورة، حيث تبدأ دائما مشكله المخدرات بزراعة النباتات المنتجه لها تليها عملية الانتاج، وبعد الانتهاء من تصنيعها تنتقل الى مرحلة التهريب ثم الاتجار بها لتصل اخيراً الى يد المتعاطى والمدمن ، وكل مرحلة من هذه المراحل طويلة وبها عناصر عديدة مشاركة، ومن هنا يأتى التشابك والتعقيد بالاضافه الى ارتباطها بكافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية...ألخ، هذا فضلاً عن حجم المشكلة بالمجتمع ومدى تأثيرها عليه، إلا أنه رغم خطورتها لم تحظ بالاهتمام المستحق، ولا توجد دراسة كاملة مفصلة عنها، حيث اقتصرت معظم الدراسات على الجوانب الاجتماعية والنفسية وندرة من الفتاوى الدينية تاركة الكثير من الجوانب الاخرى التى لها التأثير الاكبر فيها كالجانب السياسى، الاقتصادى، القانونى الثقافى الصحى ودور المؤسسات المجتمعية المختلفة فى مكافحة هذه آلافه، مما اتى بانصاف حلول عجزت عن القضاء عليها .
بدأت مشكلة المخدرات فى مصر صغيره لا يلتفت اليها، ثم تطورت مع الوقت الى أن بلغت حد الازمه أو الكارثه التى تهدد الامن القومى، ولم تكن المخدرات فى البداية تشكل من الخطورة أو الاهمية التى يجب فيها تقنينها ومكافحتها، فلما بدأ محمد على بزراعتها لاغراض تجارية تحولت من مجرد عارض أومشكلة صغيرة لكبيرة بلغت ذروتها فى اواخر عشرينيات القرن العشرين، فالمخدرات كانت موجوده منذ القدم والمزروع كان قله وقليل الجودة، وما يرد منها لمصر قليل وغير منتشر، فلما قام محمد على بزراعتها وانتاجها باستخدام المتخصصين من الخارج كالارمن، وانتاج اصناف جيدة سجل ذلك كتاريخ لبداية المخدرات لمصر؛ وبذلك تحولت مصر لدولة منتجة وتوسع دائرة تعاطيها وادمانها وبداية انتشارها فى كافة فئات وطبقات المجتمع .
ترتكز مشكله المخدرات على ثلاث فروع التهريب والاتجار والتعاطى، تلك الفروع مرتبطه ببضعها وكل منها تكمل الاخرى، فإذا وجهت ضربه لأحداها تقصم روابطها فلا تهريب دون تجارة ولا تجارة دون تعاطى، على أن التعاطى هو أهم تلك الفروع وبدونه لايمكن أن توجد هذه التجارة الواسعة، حيث أن متعاطى المخدرات هو الحلقة الاخيرة فى سلسه التهريب وعليه تقوم هذه التجارة.
ولكل فرع من تلك الفروع دور وتأثير على مشكلة المخدرات فى مصر، فإذا كان أساس تلك التجارة التعاطى فأن منبعها الرئيسى التهريب وبدونه لا تقوم هذه التجارة، أما التجارة فهى تمثل حلقة الوصل بين المهرب والمتعاطى وبدونها لاتتم هذه التجارة، فهى من تستلم المخدر من المهرب وتقوم بالترويج له ومن ثم بيعه، كما توفر المخدر للمدمن وتهيأ له الظروف المناسبة لتعاطيه، فكلا الطرفين لا يستطيعا الاستغناء عن التاجر، لذلك تشبه هذه الفروع حلقات السلسلة كل حلقه بمفردها عديمة القيمة وليس لها أى اهميه، ولكن معاً تشكل خطراً كبيراً على القطر.
يتميز كل فرع بسمات خاصة تميزه عن بقيه الفروع، تلك السمات قد تتشابه فى الاطار العام ولكنها تختلف فى الجوهر، كاستخدام كل الفروع الحيل لأخفاء المواد المخدرة عن اعين جهات المكافحة المختلفة، إلا أن تلك الحيل اختلفت من فرع لأخر، حيث ابتكر كل فرع طرقاً جديدة فى إلاخفاء كلاً حسبه ظروفه وجهة المكافحه التى يتعامل معها.
كما تشابهت أيضا اسباب العمل بهذه المنظومة تهريباً وتجارة وادماناً فى الاطار العام وأن اختلفت فى تفاصيل العمل، حيث هدف كل من المهربين والتجار من هذه التجاره تحقيق عائد مادى كبير من جراء هذه العملية مستفيدين من ندرة تلك السلع فى البلد المهرب لها وفروق الاسعار بين الدول المختلفة، ويشجعهم على ذلك ارتفاع الاسعار بالاضافة الى حدوث عمليات الغش التى تزيد من ارباحهم، هذا فضلاً عن تحقيق الربح الوفير فى وقت قصير، وحث الاخرون بهذا الاغراء على العمل معهم، ولم يقتصر عامل الاغراء على الربح فقط بل كان بتقديم المخدر مجاناً للمدمنين فى حالة مشاركتهم فى البيع أو التهريب أو الايقاع بفرائس أخرى فى براثن الادمان، كذلك كان العائد السياسي والعسكري أحد أبرز أسباب العمل بهذه المنظومة بالاضافه الى الوراثة حيث يعمل الوالدين أو احدهما بهذا المجال فينقلون تلك الاعمال الى ابنائهم ويعلمونهم كيف يقومون بذلك بحرص، فيخرج اطفالهم متمرسين اذكياء منذ صغرهم فاذا قبض على الوالدين اكمل الابناء مسيرتهم، كما كان عامل الوراثة مسبب للادمان حيث يشجع الاخ اخيه على الادمان معه حتى لا يفتضح امره أمام افراد اسرته، أو يكون الاب هو المدمن فيعود ابنه على عادة التعاطى منذ صغر سنه ويكبر الطفل ومعه هذه العاده ليصبح الامر مع الوقت ادماناً لا يستطيع الاقلاع عنه، واحياناً قوة وسطوة التاجر أو المهرب مخدرات كانت حافزاً على العمل بهذه التجارة، حيث يرى أنه فى مأمن من البوليس ويخشى الناس بأسه فيسهل ذلك عمله حيث يقبل الموظفين الرشوة منه ويقومون بحمايتهم ومساعدته.
تلك كانت العوامل المحفزه للعمل بهذه المنظومه ولكن كان هناك اسباب اخرى نتيجه للظروف الاقتصاديه والاجتماعيه السيئه، حيث غالباً ما يعمل هؤلاء فى مهن بسيطه لا توفر لهم سبل الحياة الكريمة، حيث يتجه الافراد لذلك العمل بدلاً من التسول والاستجداء وخاصه اذا كان من اصحاب السوابق أو مصابون بعاهات جسديه وضاقت به سبل العيش، وأيضا الامراض المختلفه وهم فئتين فئه تتعاطها لعله فى العقل أو الجسم فيلاذمهم الادمان بحكم العادة وفئه تتعاطها لمرض فى النفس وهو فى الغالب اشباع الشهوة الجنسية والانهماك فى الملذات .
وتنقسم عمليه التهريب الى عدة فروع، أولها المنابع التى يرد منها المخدر، ثانيها فئات التهريب المختلفه، وثالثها وسائل التهريب المتعددة وحيل الاخفاء فى هذه الوسائل، واخرها حيل وطرق التسليم للتجار فى القطر، وعد المهربون أهم جزء فى هذه العملية فهم عمادها الذى قامت عليه ، فكلما كان المهرب حاذقاً وماكراً كلما استمرت هذه العملية دون توقف أو التعرض لمخاطر الضبط من قبل عناصر المكافحه المختلفة، بينما تشمل عمليه الاتجار عده اقسام مختلفة وهى فئات الاتجار المختلفة من أفراد وعصابات وعملهم وجنسياتهم واعمارهم المختلفة، حيل الاتجار ووسائلها المختلفة، أماكن التخزين المتنوعة، المسميات المختلفة لانواع المخدرات، رد البوليس على تلك الحيل، اسباب ضبط التجار، وتعد فئات الاتجار اهم تلك الاقسام لأنها من تسيٌر كافه العمليه، فكلما كان التاجر أو عصابة الاتجار حاذقاً كلما كان نسبه نجاح العملية مرتفعاً وسار عمله بكل سهوله، كما تترتب نجاح عملية الاتجار وفشلها مدى فطنة وسرعة بديهة عناصر المكافحة المختلفة، لذا عد رد البوليس على حيل التجار ومدى قدرتة فى التعامل مع المواقف المفاجئه والمختلفة ثانى العناصر اهمية فى عمليات الاتجار، واخيراً ينقسم الادمان الى انواع المخدرات وطرق تعاطيها ومسمياتها، النتائج المترتبه على تعاطيها واخيراً فئات الادمان .
وادراكاً من الحكومه المصرية لخطورة مشكلة المخدرات، أسست جهازاً خاصا بمكافحة المخدرات يكون مسؤولاً عن اتخاذ كافة التدابير للقضاء على تلك العاده نهائيا، ولقد مر جهاز مكافحه المخدرات بثلاثة مراحل الاولى مرحلة مكتب المخابرات العام للمواد المخدره (1929 - 1947)، الثانية مرحلة ادارة مكافحة المخدرات ( 1947– 1953 )، والثالثة مرحلة قسم مكافحة المخدرات (1954 - 1960 )، كما دعمته بأجهزة مساعدة هى خفر السواحل، حرس الحدود، مصلحة الجمارك، سلاح الطيران، والكلاب البولسية، وقد تكافلت هذه الاجهزه امنياً فى محاولة القضاء على ذلك الخطر المنتشر فى مصر، وخلال رحلة تعاملهم مع هذه المنظومة ومحاولتهم القضاء عليها حققوا الكثير من النجاحات التى كان لها تأثير فعال فى مواجهة هذه الجريمه وخطرها، إلا أن رحلتهم شملت العديد من الهزائم أيضا حيث احيانا ما اخفقوا فى تحقيق النتائج المرجوه نتيجه لصعوبة تخطى بعض العراقيل وسوء الظروف المحيطه بهم.
واستكمالاً لمسيرة المكافحة دعمت المكافحة الامنية بتشريعات جديدة تطورت على مدى فترة الدراسة حسب الظروف والحلول المعروضة وطرق التعامل المختلفة مع المشكلة، حيث حددت تشريعات مكافحه المخدرات الاطر القانونيه لجريمة المخدرات تهريباً واتجاراً وتعاطياً وزراعة وتنقسم هذه التشريعات القانونية الى قسمين تشريعات داخلية لمكافحة المخدرات وتشريعات خارجية، وتتناول التشريعات الداخليه القوانين التى وضعها المشرعون فى القطر المصرى لمكافحة المخدرات تهريباً وتجارة وتعاطياً وزراعة، بينما تتناول التشريعات الخارجية المؤتمرات الدولية التى عقدت لمكافحة المخدرات والتى حضرها ممثلوا مصر، وأهم القوانين والتشريعات الدولية التى انضمت اليها مصر .
كان لمؤسسات المجتمع المختلفة دور في مكافحة المخدرات كلا على حسب امكانياته وبما يلائم ظروفه، فلم تقتصر مكافحة المخدرات على المكافحة الامنية أو التشريعية فقط، بل شملت كل انواع المكافحة من طبية وصحافية وسينمائية ومسرحية ودينية وثقافية، وكان لكل نوع من هؤلاء دور وتأثير مختلف عن بقية انواع المكافحة، فلقد حاول ولاة الامر حل مشكلة المخدرات من كافة جوانبها مستخدمين في ذلك طرق ووسائل متنوعة؛ وذلك كي لا تبقى ثغره يتسلل منها اصحاب هذه التجارة غير المشروعة الى قلوب وعقول المدمنين والمتعاطين لييسروا تجارتهم .
وقد كان الاساس في معالجة مشكلة المخدرات يقوم على ركيزتين الاولى فهم الاسباب التي ادت الى الادمان بمختلف انواعها، والثانية فهم الثقافات المختلفة المتعلقة بالمخدر؛ حتى يتم وضع الاسس الصحيحة في المكافحة.
وهكذا كان تطور مشكلة المخدرات في مصر 1929- 1960م، حيث بدأت بسيطه غير ملحوظه لتتحول الى ازمه خطيره وجب حلها سريعاً، فتجاهل ازدياد خطورتها على مر الاعوام، واستخدام حلول قاصرة كان السبب فى تفاقمها، مما حدى برسل باشا للاستعانة بالصحافة لتنبيه الحكومه لخطورة المشكلة وعظم حجمها مما ترتب عليه تأسيس جهاز مكافحة المخدرات برئاسته، واتخاذ كافة الطرق للقضاء على خطرها .
كان لكل جهاز ومؤسسة وفئة في المجتمع المصري دور في مكافحة المخدرات، وكان لكل منهم تأثير مختلف عليها، وحقق كل منها مقدار معين من النجاح منها ما هو كبير ومنها ما هو قليل أو محدود، فلو تحدثنا على اكبر الاجهزة نجاحاً فهي الاجهزة الامنية، واكثر المراحل ايجابية وتحقيقا للنتائج المرجوة فهي مرحله المكتب؛ وذلك لأن المكتب كان اكثر المراحل صعوبة من كافة الظروف سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ورغم ذلك استطاع القضاء نهائياً على اخطر انواع المخدرات وهى المخدرات البيضاء وتخطى اعتى العقبات وهى الامتيازات الاجنبية، بالإضافة الى أنه قدم العديد من المقترحات والحلول التي كان دعماً للمكافحة في المستقبل وارشاداً لمن بعدهم في العمل .