الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن المتتبع لتاريخ الفلسفة ومباحثها الرئيسة ومراحل تطورها سوف يدرك أن مبحث الأخلاق يعد بلا منازع أعرق هذه المباحث، ويبدو ذلك واضحًا في الفلسفات الشرقية واليونانية بداية من كتابات حكماء مصر، والهند والصين وبلاد ما بين النهرين ثم الفلسفة اليونانية، وتطور مبحث الأخلاق بظهور الأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) وسعت الكتابات الفلسفية في هذه الحقبة لتأكيد الثوابت في بنيتها لتكون معايير لضبط القيم، وتحديد الحسن والقبيح من الأفعال، والخير والشر منها. تمثل الأخلاق الأساس البنائي لأي مجتمع فلا يمكن قيام مجتمع بدون قيم أخلاقية تحدد معايير السلوك الايجابي للخير وترسخ مفهوم الواجب لدى الأفراد، وتكبح أفعالهم عن الشر، فلقد اهتمت المدارس الفلسفية عبر العصور بدراسة الظواهر الأخلاقية وتحديد ضوابط المجتمعات، ووجدنا اختلاف النظريات والآراء حول المعيار الأخلاقي، فمنهم من رجح العقل كأساس للتفرقة بين الخير والشر، وردها آخرون إلى عادات وقيم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ويلتزم بواجباته، ومن ناحية أخرى ردها البعض إلى الشرع والدين كمعيار في الحكم على الأفعال من خير أو شر تبعًا للأحكام الشرعية، وهذا ما تطرقت له من خلال عنوان الدراسة )القيم الأخلاقية والحضارة الإنسانية)؛ لكي أُبيِّن مدى تطور القيم الأخلاقية واختلافها من عصر لآخر والمؤثرات التي أثرت في ثباتها تبعًا للعقل الجمعي والثقافة السائدة، ووجدت أنها ظلت ما بين السقوط والتطور تبعًا للأهداف الفرد ومتطلباته، فالأخلاق لم تتصف بالثبات بل اتبعت تطور الفكر العقلي واختلفت بين طيات الفكر ووجهات النظر التي أدت بها في العصور المعاصرة إلى الفوضى الأخلاقية ومحاولة التخلي عنها في سبيل تحقيق الذات والتمتع بالملذات. |