Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
حقوق الإنسان في إطار النظام الدستوري لمملكة البحرين والاتفاقيات الدولية :
المؤلف
سالم، أحمد مبارك.
هيئة الاعداد
مشرف / أحمد مبارك سالم
مشرف / رمضان محمد بطيخ
مشرف / سعيد أبو الفتوح محمد البسيوني
مناقش / منصور محمد أحمد
الموضوع
القانون العام.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
586ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
9/10/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

الملخص
إن منظومة حقوق الإنسان تمثل فيما استوعبته المعاهدات الدولية المختلفة المتعلقة بذلك نطاقاً حيوياً يستجمع ضمن بنوده ما يقع ضمن ما يمكن نعته بالمشترك الإنساني وما لا يقع ضمن هذا النطاق على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل؛ وهذا ما يجعل كثيراً من المعاهدات تتضمن جانباً من تقرير حق الدولة في إبداء التحفظ نظراً لاعتبارات ترتبط بالسيادة أو بخصوصية المجتمع، إلا أن هذه الاعتبارات ينبغي ألا تكون على حساب ما يتضمنه صلب هذه المعاهدات من تقرير للحقوق المرتبط بالبعد الإنساني في مختلف مستوياته وفي ظل تعدد نطاقاته.
تنشأ قواعد قانونية دولية موضوعية خاصة باحترام حقوق الإنسان، حيث تشترك إرادة الدول الأطراف فيها على الاتفاق على الالتزام باحترام هذه الحقوق دون تعليق مثل هذا الاحترام من قبل دولة طرف على احترام الدولة الطرف الأخرى لها، وهو ما يعني أن الالتزامات هنا ليست التزامات متقابلة وتبادلية كما هو الحال في المعاهدات العقدية، بل يتعين على مختلف الدول الأطراف في هذه المعاهدات احترامها في كافة الأحوال، كما أن هذه المعاهدات تعتبر مفتوحة لكافة الدول للانضمام إليها على عكس المعاهدات العقدية التي تقتصر على أطراف محددة.
وفي ظل النظام الدستوري لمملكة البحرين فيما يرتبط بالعهود والاتفاقيات الدولية، فإن هناك الكثير من التفاصيل التي تتنوع من خلالها القواعد الدستورية في هذا النظام لتحديد الموقف الدستوري من التصديق عليها وبلورتها ضمن السياق التشريعي للنظام البحريني، وذلك حسب طبيعة ونطاق العهود والاتفاقيات الدولية التي تتم المصادقة عليها، خاصة بالنسبة للعهود والاتفاقيات التي ترتبط بتقرير حقوق الإنسان على اختلاف نطاقاتها ومعالجاتها.
وضمن نطاق ما قررته نصوص الدستور المصري الحالي الصادر في يناير من العام 2014، فإن هناك العديد من المعايير التي نص عليها هذا الدستور تضمنت العديد من القواعد الدستورية لتحديد الموقف الدستوري من التصديق عليها وبلورتها ضمن السياق التشريعي للنظام المصري، خاصة بالنسبة للعهود والاتفاقيات الدولية التي ترتبط بتقرير حقوق الإنسان على اختلاف نطاقاتها ومعالجاتها.
ومن جانب آخر فقد قرر التشريع الإسلامي الكثير من القواعد الفقهية التي تعالج مسألة إبرام العهود والمواثيق وجوانب الالتزام بها استناداً لما قررته الأصول التشريعية المعتمدة لدى المذاهب الفقهية المعتبرة، وضمن هذا السياق البحثي سيتم استعراض هذه القواعد وفق ما قررته الدلالات الفقهية المعتبرة، وذلك ضمن إطار العلاقات الدولية وفق النظرة الشرعية المرعية.
إن الإشكاليات الدستورية التي ترتبط بإعمال المعاهدات التي تمت المصادقة عليها من قبل الدولة تمثل عائقاً دستورياً من شأنه أن يعرقل إعمال هذه البنود لاعتبارات قد ترتبط ببعد عقدي وقد ترتبط ببعد يقترن بالأعراف والتقاليد وخصوصيات المجتمع، إلا أن ما يرتبط من بينها بالبعد الديني يرتبط بكون الشريعة الإسلامية ومبادئها هي المصدر الرئيسي للتشريع وفق ما تقرره بعض النصوص الدستورية، وما يرتبط بذلك لاستقراء جوانب التوافق بين النص القانوني ومبادئ الشريعة الإسلامية من إشكاليات تقترن بما يتعلق بمشكلة تقنين الأحكام الفقهية مع حاجتها للتجديد في ظل تعدد المذاهب الفقهية المعتبرة، وذلك وفق ما يتعلق بما تقرره المحكمة الدستورية في تفسيرها لدلالات هذا النص الدستوري.
إن البعد الديني عندما يحكم إبداء التحفظ على المعاهدات والاتفاقيات الدولية يقترن بالكثير من الإشكاليات في ظل تعدد المذاهب الفقهية المعاصرة، وعدم تلبية الرؤية الاجتهادية في مختلف الجوانب الفقهية للمتغيرات والمستجدات خاصة ما يتعلق منها بالعلاقات الدولية وتنظيم نطاقات التفاعل فيها وفق ما يرتبط بمقتضيات المتغيرات المعاصرة؛ لذلك فإن الحاجة باتت ملحة لتلبية العمل على إيجاد هذه الأرضية، خاصة فيما يتعلق باتفاقيات ومعاهدات حقوق الإنسان، والتي تمثل منظومة رعتها ودعمتها التعاليم الإسلامية قبل أن تتقرر ضمن إطار المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
إن منظومة حقوق الإنسان باعتبارها تمثل مجموعة القواعد القانونية التي تتناول حقوق الإنسان وتحدد مجالاتها وأنواعها وحدود تطبيقها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ترتبط في وضعها مع الضمانات الدستورية والقانونية للتمتع بالحريات العامة والحقوق المكفولة للإنسان في مواجهة الدولة، كما تنظم القيود الواردة على حقوق وحريات الأفراد، حيث يكمن الهدف الأساسي من فكرة حقوق الإنسان في توفير الحماية للإنسان في مواجهة السلطة توفيراً للعدالة والحرية في المجتمع؛ ومن أجل ذلك فإن الحقوق والحريات التي تحظى بالحماية ضمن نطاق التحديد الدستوري تمثل المصدر المباشر لشرعيتها الدستورية.
إن وضع الاعتبار للحريات الأساسية يتوقف على مدى ما يكون لها من أهمية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية من خلال النظر إلى المبادئ السائدة في المجتمع، كما لا بد أن يكون للتفرقة بين الحريات الأساسية والحريات غير الأساسية أثر من حيث القابلية للتنظيم والأداة التي يتم بها التنظيم، فالتنظيم بالنسبة للحريات الأساسية وتحديدها يقتصر كأصل عام على المشرع الذي يتولى بنفسه تعريفها وتحديدها، ولا يجوز للسلطة التنفيذية أو الإدارية أن تتولى هذا التنظيم، إلا أنه إذا لم يتدخل المشرع لتنظيم حرية أساسية، فإن ذلك لا يمنع من الاعتراف بها وبتصنيفها، ولا يؤدي ذلك إلى تعطيل ممارستها ضمن نطاق المجتمع.
إن نطاق التعديل في النصوص الدستورية محكوم بقاعدة الحقوق الدستورية المكتسبة التي لا يجوز المساس بها إلا بما يقرر مزيداً من تلك الحقوق، وإذا ما خالف التعديل هذه القاعدة فإنه يكون محتم البطلان، ولا يستطيع تنظيم الحريات وحقوق الإنسان إلا المشرع لأنه المخاطب بالنصوص التي تتعرض للحريات، ويؤكد ذلك أن الدساتير بإحالتها إلى القانون في تنظيم الحرية لا تقر أداة تشريعية سوى القانون لتنظيم الحريات والحقوق الأساسية؛ ذلك أن القانون هو الأداة المعبرة عن إرادة الأمة تقره الهيئة النيابية وفقاً لاعتبارات الملائمة ووفقاً للإجراءات الخاصة التي تتبع في إصدار القانون والأشكال التي تصاحبه بجانب توقيرها لضمانات فعالة بتدخل السلطة التشريعية تضفي على نصوصه توقيراً أكيداً، إلا أن عدم صدور قانون ينظم ما قرر الدستور تنظيمه لا يعني أن يتوقف نفاذ النص الدستوري على صدور هذا القانون، فالنص الدستوري نافذ ولو لم يصدر القانون المنظم لها والذي أحال عليه الدستور.
وفي ظل النظام الدستوري البحريني والنظام الدستوري المصري بدت عناية فائقة بكفالة الحقوق والحريات التي تستوعب مختلف النطاقات لحقوق الإنسان باعتبارها مقومات أساسية للمجتمع تأكيداً على مبدأ سيادة القانون، وهذا ما يعطي المحكمة الدستورية في كلا النظامين نطاقاً أوسع لاستخلاص مزيد من الحقوق والحريات التي أكدها القانون بطريق غير مباشر، حيث اتسم كلا النظامين بالعديد من الاعتبارات التي تقترن بمبدأ سيادة القانون الذي يحكم المجتمع المعاصر أيا كان مصدره وأياً كان مستواه في النظام القانوني، حيث أن سيادة القانون لا تعني فقط مجرد الالتزام باحترام أحكام القانون، بل تعني سمو القانون وارتفاعه على الدولة، وهو ما يتطلب أن تبدو السيادة في مضمون القانون لا في مجرد الالتزام بأحكامه؛ تقريراً باحترام مبادئ حقوق الإنسان التي تقتضي المساواة والعدالة وحماية الحريات؛ ذلك أن القانون ليس مجرد أداة لعمل الدولة، بل هو ضمان يكفل حقوق الأفراد في مواجهة الدولة ليحفظ التوازن في العلاقة بين الأفراد والدولة.
إن النظام الدستوري لمملكة البحرين والنظام الدستوري لجمهورية مصر العربية في ظل ما قررته نصوص كل منهما من أن الشريعة الإسلامية ومبادئها تعد مصدراً للتشريع، وإزاء الموقف الدستوري لكلا النظامين من تحقيق الأثر المباشر لأحكام اتفاقيات حقوق الإنسان ضمن نطاق التشريع الداخلي، فإن الفقه الإسلامي يزخر بالعديد من التخريجات التي تعالج موقف الإسلام من إبرام العهود والاتفاقيات الدولية، خاصة تلك المعنية بحقوق الإنسان ضمن إطار العلاقات الدولية، حيث يتسم هذا الفقه بخصوصية في بناء منظومة حقوق الإنسان ضمن هذا الإطار في سبيل حفظ كرامة الإنسان والنهوض بإنسانيته وفق ما قررته القواعد الشرعية المرعية، لا سيما ما يتعلق بالعلاقات الدولية وما تقرر بخصوص تنظيمها من أحكام فقهية ارتبطت بالقيم الإسلامية التي اقتضت خدمة الإنسانية وتعزيز تنظيم العلاقات بين المجتمعات الإنسانية ضمن إطار العهود والاتفاقيات المختلفة التي من شأنها تعزيز السلام والمصالحة وحماية حقوق الإنسان في بعدها الإنساني ووفق ما تقرره الدلالات الشرعية المرعية في إطار الفقه الإسلامي، وذلك ضمن إطار القواعد الفقهية لإبرام العهود والاتفاقيات الدولية التي تمثل جانباً مهماً في تنظيم العلاقات ضمن إطار المجتمع الإنساني من منظور الإسلام، وهذه القواعد تحكمها قيم ومبادئ ذات بعد أخلاقي تؤسس العهود والمواثيق الإقليمية والدولية على مرتكزات صلبة، خاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي ترتبط في تأصيلها وإقرارها بأبعاد تقترن بركائز الأديان ومقومات المجتمع وخصوصياته، إلا أنها في الغالب الأعم ترتبط ببعد إنساني مشترك.