Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الآلهة الشرقية في مصر خلال العصرين البطلمي والروماني :
المؤلف
إبراهيم، هبة محمد سيد.
هيئة الاعداد
باحث / هبة محمد سيد إبراهيم
مشرف / إبراهيم عبد العزيز جندي
مشرف / مصطفى محمد قنديل زايد
مناقش / السيد رشدي محمد
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
228ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
15/7/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 228

from 228

المستخلص

عُرف الشعب المصري بالتدين منذ أقدم العصور، إذ كان المصريون القدماء شديدو التمسك بديانتهم وآلهتهم ولعبت الديانة دورًا واضحًا وكبيرًا في حياتهم، واتسمت ديانة المصريين القدامى بالعمق الشديد كما اتسمت أيضًا بالغموض، وعلى الرغم من ذلك فإن المصريين رحبوا بالديانات الأخرى واستوعبوها دون أن ينفروا منها، وخاصة ديانة البلاد المجاورة لمصر والتي كانت بينها وبين المصريين علاقات مشتركة، نجم عن ذلك دخول العديد من الآلهة الأجنبية إلى المجمع الإلهي المصري، فأجلَّها المصريين ولم يجدوا غضاضة في التعبد إليها، كما أنهم حاولوا المماثلة بينها وبين آلهتهم المحلية، وكان من أهم تلك الآلهة التي تعبد إليها المصريون الآلهة الشرقية، تلك التي عرفها المصريون منذ عهد الدولة القديمة، نذكر منها على سبيل المثال الإله ”سوبد” الذي عرف بأصله الأسيوي، وقارنه المصريون بالإله ”حور” فعرف بالإله ”حور سوبد”، وقد بلغ هذا التقارب بين الآلهة المصرية والشرقية أوجه في عهد الدولة الحديثة، تلك الفترة التي خضعت فيها العديد من البلدان لسطوة مصر ودخلت تحت لوائها، مما زاد من التقارب الثقافي والحضاري بين مصر وبين تلك الدول والحضارات ولا سيما بلاد الرافدين.
ظهر ذلك التقارب بصورة جلية في النواحي الدينية، فانتشرت الآلهة الشرقية في مصر وأخذت لها مكانًا مرموقًا داخل المجمع الإلهي المصري، فتقرب إليها المصريون، ونحتوا صورها على جدران معابدهم، وكان المثال الأكثر وضوحًا على ذلك الإلهة عشتار، تلك التي تعبد إليها المصريون وتقرب منها ملوك مصر القديمة، وكذلك الإله بعل الذي تشبه به الملك رمسيس الثانى باعتباره إله حرب، إضافة إلى الكثيرين من الملوك الذين تشبهوا بالآلهة الشرقية مثل عنات وقادش ورشب، هكذا كان للآلهة الشرقية دورًا واضحًا داخل المجتمع المصري منذ عهد ملوك مصر القديمة.
كان من أهم أسباب اختيار الموضوع محل الدراسة محاولة تتبع وجود تلك الآلهة في مصر خلال العصريين البطلمي والروماني، وذلك للوقوف على أسباب انتشارها بين المصريين وأيضا بين بعض الجاليات الأجنبية الموجودة في مصر، وبطبيعة الحال كان هناك عدد كبير من الآلهة الشرقية التي وفدت إلى مصر في تلك الفترة، بيد أننا قمنا باختيار الآلهة الشرقية الرئيسية الأربعة عشتار وميثراس وأدونيس وأتارجاتيس (وهى الآلهة التي وفدت من بلاد الرافدين وفينيقيا وبلاد فارس)، ذلك لانتشار عبادة تلك الآلهة الأربعة المختارة في مصر أكثر من غيرها من الآلهة الشرقية الأخرى، كما أن تلك الآلهة الأربعة هي التي حظيت بالاهتمام الأكبر والرعاية الأعظم من ملوك وحكام مصر في تلك الفترة.
وفى ذلك الإطار كان من الضروري معرفة أصول تلك الآلهة الأربعة، وأسمائها وأساطيرها، وطقوس عبادتها في بلدانها الأصلية، حتى يتسنى لنا معرفة أوجه التقارب بينها وبين الآلهة الأخرى، سواءً كانت آلهة مصرية محلية أم آلهة عبدتها الجاليات الأجنبية المقيمة في مصر خلال تلك الفترة وبصفة خاصة الإغريق واليهود، فمثلًا عرف الإغريق عشتار بأنها أفروديتي، لذلك كان لابد من معرفة أسطورتها وطقوسها حتى نقف على الأسباب التي دعت الإغريق إلى ذلك، كما كان من الضروري معرفة طقوس تلك الإلهة في بلدها الأصلي حتى نستطيع الإجابة على تساؤلات مثل هل انتقلت تلك الطقوس معها إلى مصر؟ أم أن الأمر قد اختلف بعد انتقالها؟، كذلك كان من ضمن الأسباب التي حدت بنا إلى دراسة هذا الموضوع الرغبة في الوقوف على أهم الأماكن التي تمركزت فيها تلك الآلهة خلال العصريين البطلمي والروماني، وعلى أية حال فقد استدعت منا الدراسة بمجملها الكثير من الجهد وذلك من خلال الاستدلال بالوثائق البردية والمصادر الأدبية.
بطبيعة الحال كانت هناك دراسات سابقة تعرضت لموضوع الآلهة الشرقية بالبحث بصفة عامة، وغطت جانبًا أو آخر من جوانبه نذكر منها على سبيل المثال دراسة جيمس فريزر بجزئيها
Frazer, James George, Adonis Attis Osiris, Studies in the history of Oriental Religion, Vol. I. Vol. II, London, 1906, 1924.
ودراسة أخرى له بعنوان
The Golden Bough, a Study Magic and Religion, Brick Court, Temple, London, 1922.
وأيضًا دراسة فرانز كومونت والذي كانت له دراسات مهمة في تاريخ الديانات الشرقية، وخاصة عبادة ميثراس، وقد استفاد منها العديد من الباحثين
Cumont, Franz, Les Syriens en Espagen et les Adonies a Seville, Syria, T. 8, Fasc. 4, 1927.
وأيضًا دراسته المعنونة بـ
Les Religions Orientales Dans Le Paganisme Romain, Paris, 1929.
كما توجد دراسات حديثة أخرى مثل
Tripolistis, Antonia, Religions of the Hellenistic-Roman Age, Michigan-Cambridge, 2002.
Sugimoto, David T. (Editor), in Transformation of a goddess Ishtar – Astarte- Aphrodite, University of Zurich, 2014.
Szanto Zsuzsanna, the Jews of Ptolemaic Egypt in the light of Papyri, Budapest, 2016.
بالإضافة إلى دراسات مهمة حول ميثراس وعلاقته بالمسيحية ومنها
Wagener, A. Pelzer, christianity and the Oriental Cults, the Classical outlook, Vol. 37. No. 7, 1960.

وقد استفدنا منها جميعًا استفادة جمة في دراستنا هذه، فقد حاولنا أن نعالج موضوع الدراسة بشكل أكثر تفصيلًا وشمولًا، فقمنا بإلقاء المزيد من الضوء على عدة موضوعات مهمة مثل عبادة الجاليات الأجنبية في مصر للآلهة الشرقية، وأماكن تمركز تلك الآلهة مقارنة بأماكن تمركز تلك الجاليات، والبحث في علاقة تلك الآلهة الشرقية محل الدراسة بالآلهة المصرية المحلية، وتحليل ما حدث من تقارب ومماثلة بين تلك الآلهة وغيرها من الآلهة الأخرى، وأيضًا دراسة التقارب بين عبادة ميثراس والمسيحية، معتمدين في ذلك –إضافة إلى الدراسات سالفة الذكر-على العديد من الدراسات المعربة والعربية والمقالات، والمصادر الوثائقية والأدبية الداعمة لموضوع البحث، وأيضًا على كل ما استطعنا دراسته والحصول عليه من البردي والأوستراكا والشواهد الأثرية.
على الرغم من ذلك لم تخلُ عملية البحث والدراسة من صعوبات ومشاق جمة أهمها قلة المراجع التي تتحدث مباشرة عن عبادة تلك الآلهة في العصرين البطلمى والروماني وندرة الوثائق البردية التي تتحدث عن الآلهة الشرقية محل الدراسة، وهو أمر واجهه كل الباحثين في هذا المجال، ويعضد هذا ويؤيده ما قاله العالم روستوفتزف ”من المؤسف أننا لا نملك مجموعة كاملة من المواد البردية والأثرية يمكن من خلالها معرفة تاريخ العبادات الأجنبية ومنها العبادات الشرقية في مصر خلال العصريين البطلمي والروماني” ومن هنا كانت صعوبة دراسة تلك الحقبة التاريخية، ومعرفة مدي تأثير تلك الآلهة في المجتمع المصري بكل طوائفه نظراً لان تلك الحقبة من تاريخ مصر شهدت العديد من الجاليات المختلفة، وندرت الوثائق وغابت المعلومات التي تناولت طبيعة تلك الطوائف وطبيعة عبادتها للآلهة الشرقية، بل وطبيعة تطور تلك الآلهة نفسها لا سيما في العصر الروماني.
قسمت الدراسة إلى تمهيد وأربعة فصول وخاتمة، تناول التمهيد دخول الآلهة الشرقية إلى مصر خلال الدولتين القديمة والوسطى وانتشار عبادتها بشكل جلى خلال الدولة الحديثة، وعناية ملوك مصر القديمة بالآلهة الشرقية وأماكن تمركز الآلهة الشرقية في مصر، والمماثلة والتقارب بين الآلهة الشرقية والوطنية.
وجاء الفصل الأول بعنوان” الآلهة الشرقية وطقوس عبادتها” وتناولنا فيه التعريف بالآلهة الشرقية محل الدراسة وهي عشتار وميثراس وأدونيس وأتارجاتيس، بالإضافة إلى عرض أصول تلك الآلهة وتسمياتها وكذلك صفاتها وألقابها والرموز المرتبطة بها وطقوس عبادتها في بلدها الأصلي.
أما الفصل الثانى فكان بعنوان” الآلهة الشرقية في العصر البطلمي” وتناولنا فيه التعريف بالأعراق المختلفة التي وجدت في مصر خلال تلك الفترة وعبادتها للآلهة الشرقية، وهم الإغريق والفرس واليهود وبعض العناصر الشرقية الأخرى، إضافة إلى دراسة أماكن تمركز الآلهة الشرقية في مصر.
جاء الفصل الثالث بعنوان” الآلهة الشرقية في العصر الرومانى” وتناول الفصل العناصر السكانية في مصر الرومانية كالإغريق واليهود والرومان، وكذلك سياسة الرومان الدينية في مصر وعبادة الرومان للآلهة الأجنبية، وكذلك عبادة الرومان للإله ميثراس، وعبادة ميثراس في مصر خلال العصر الروماني، وعلاقة الرومان بالإلهة أتارجاتيس، وعبادتها في مصر خلال ذلك العصر.
أما الفصل الرابع والأخير فكان عنوانه ”الامتزاج بين الآلهة الشرقية والعبادات الأخرى في العصرين البطلمي والروماني” ويتناول طُرح فكرة التماثل والتقارب بين العديد من الآلهة الشرقية والمصرية، مثل التقارب والتماثل بين أوزيريس وأدونيس، وكذلك المزج والتقارب بين إيزيس ومثيلاتها من المعبودات، التي وصفت في الحضارات المختلفة بـ ”الأم الكبرى”، وانتهينا بدراسة انتقال مراسم طقوس المعبودات الشرقية إلى مصر.
انتهت الدراسة بخاتمة عرضنا فيها أهم ما توصلنا إليه من نتائج، بقي أن نذكر أننا استخدمنا المنهج السردي في تناول العريف بالآلهة الشرقية وطقوس عبادتها وانتقالها من مواطنها الأصلية إلى مصر، والمنهج التحليلي الاستقرائي في المقارنة بين طبيعة تلك الآلهة في مواطنها واختلاف طبيعتها بعد دخولها إلى مصر.
في النهاية أتوجه بعظيم الشكر إلى أستاذي العالم الكبير الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد العزيز جندي، الذي رشح لي موضوع هذه الدراسة وشرفني بالإشراف عليه، ولم يبخل علي بدعم أو نصح أو إرشاد، كما أمدني بالعديد من المراجع والدراسات التي استفدت منها كل الاستفادة، وإليه -بعد الله سبحانه وتعالى-يرجع الفضل في كل الجوانب الإيجابية في تلك الدراسة، لذا أتوجه إليه بالشكر العميق، وكذلك أتوجه بكل الشكر والتقدير والعرفان بالجميل لأستاذي العالم الجليل الأستاذ الدكتور مصطفى زايد، الذى منحنى الكثير من وقته وجهده وعلمه وأمدني بالكثير من النصائح والإرشادات ولا سيما في المجال الأثري، مما أثرى هذه الدراسة له منى كل التقدير والاحترام.