Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
رقابة القضاء على الغش فى التحكيم /
المؤلف
عبد المؤمن، شاهندة فرانسواز ناجى.
هيئة الاعداد
باحث / شاهندة فرانسواز ناجى عبد المؤمن
مشرف / سيد أحمد محمود
مناقش / محمود مختار عبد المغيث
مناقش / محمد سعيد عبد الرحمن
الموضوع
قانون المرافعات.
تاريخ النشر
2019
عدد الصفحات
326ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون التجـارى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 326

from 326

المستخلص

ملخص الرسالة
لا يمكن القول بأن ظاهرة أو فكرة الغش هي فكرة حديثة ولهذا خصصنا لها هذه الدراسة، هذا غير صحيح، فالغش ظاهرة قديمة ارتبطت في وجودها بوجود الإنسان وتطوره، ولجأ إليها لتحقيق مصالحه الغير مشروعة، أنها باختصار أحد مظاهر جانب الشر في النفس البشرية.
وطالما كان الغش هكذا فقد استمر حتى الآن، واتسعت دائرة وجوده فلم يعد قاصراً على مجال بعينه فنجده في التصرفات المدنية، وازداد ي التعاملات التجارية، وجرمه المشرع الجنائي.... الخ.
ومع ازدهار التحكيم كوسيلة لحل المنازعات بجوار قضاء الدولة ازداد الحديث عن الغش في التحكيم، ومرد ذلك أن التحكيم في أصل شرعته يقوم على إرادة الأطراف أنفسهم، فهم الذين يتفقون على اللجوء إليه، ويختارون المحكم أو المحكمين، ويختارون نوع التحكيم حراً أو مؤسساً بالقانون أم بالعدالة، ويختارون مكانه، ولغته، ومدته... باختصار يتدخل إرادة الأطراف في كل شيء، إنه نظام إرادي. وإذا كان الغش هو – ومن زاوية بعينه – عمل إرادي، فإنه بطبيعة الحال يزداد في التحكيم نظراً للصيغة الإرادية لهذا النظام.
وليس ما سبق وفقط هو سبب ازدياد الحديث عن الغش في التحكيم ولكن يضاف إليه المصالح الاقتصادية والمالية الضخمة التي تجسدها المنازعات موضوع التحكيم سيما في العلاقات الدولية الخاصة، هذه المصالح كانت وراء العديد من حالات الغش والتدليس بل والرشوة وغيرها من الأفعال والتصرفات التي تنحرف عنها بحسب أن يسود التعاملات من حسن النية.
وإذا كانت أغلب حالات الغش في التصرفات المدنية أو التجارية تأتي من أحد الأطراف أو كليهما فإن الغش في التحكيم يعرف بجوار الغش الصادر عن الأطراف غش المحكم نفسه، وهذا النوع من الغش هو بطبيعة الحال أشد وطأة، على اعتبار أن المحكم وإن كان شخصاً من آحاد الناس إلا أنه عُهد إليه وظيفة قضائية، وظيفة تطبيق القانون وإحقاق الحق والعدل ولهذا فلا يقبل منه غش، سواء لتحقيق مصلحة غير مشروعة لأحد الأطراف أو لمصلحة نفسه.
وإذا كان ما سبق هو ما يبرر إيجاد آلية للرقابة على مسألة الغش في التحكيم فإنه وحتى الآن لا يمكن القول بأن نظام التحكيم يتضمن في ذاته آلية للرقابة على الأحكام الصادرة عنه أو منه كما هو الحال في قضاء الدولة. ولهذا كان الاعتماد على قضاء الدولة لمباشرة هذه الرقابة. وفي هذا السياق اهتمت التشريعات المنظمة للتحكيم في كل الدول يرسم ملامح هذه الرقابة وحدودها، وبات تقليدياً الحديث عن تدخل القضاء في التحكيم بأسلوبين إما بالمساعدة أو بالرقابة، وبالنسبة للتدخل بالرقابة فقد تجسد في تنظيم دعوى بطلان حكم التحكيم أمام القضاء.
وإذا كانت رقابة القضاء على الغش في التحكيم هي إحدى صور رقابة القضاء على التحكيم عموماً، فإنها مع ذلك تتميز بأمرين يجسدان إشكاليات حقيقية لأي دراسة حول هذا الموضوع؛ أولهما وتتعلق بمفهوم الغش نفسه موضوع هذه الرقابة، أما الثانية فهي أن المشرع المصري كغيره من العديد من المشرعين لم يدرج صراحةً الغش لا ضمن حالات بطلان حكم التحكيم، ولا ضمن شروط إصدار الأمر بتنفيذه.
وفيما يتعلق بالإشكالية الأولى فالمؤكد أنه لا يمكن الوقوف على تعريف محدد، جامع مانع للغش، ببساطة لأن الغش حتى في التحكيم يتميز بتعدد صوره وأشكاله التي لا تقع تحت حصر، ومع ذلك فالمؤكد أنه من حيث مصدره قد يقع من الخصم أو الخصوم وقد يقع من المحكم نفسه، ومن حيث من يوجه إليه الغش [المغشوش] فقد يوجه إلى الخصم الآخر وقد يوجه إلى القانون نفسه، أنه إذاً أبسط محاولة لتقسيم الغش إلى غش نحو الشخص وآخر نحو القانون.
وفيما يتعلق بالإشكالية الثانية، وهي الأدق والأهم، فعلى الرغم من أن تشريعات التحكيم لم تدرج الغش صراحةً كحالة من حالات بطلان حكم التحكيم كما لم تتطلب انتفائه كشرط للأمر بتنفيذه إلا أن القول بصحة حكم التحكيم والأمر بتنفيذه رغم انتفائه على الغش هو قول يصطدم مع المنطق السليم والعدالة في آن معاً، يصطدم مع المنطق لأن المشرع أجاز إبطال حكم التحكيم في حالات أقل وطأة وخطورة من حالات الغش كبطلان في الإجراءات أو في الحكم، ويصطدم مع العدالة لأنها – أي العدالة – في أبسط معانيها تأبى تحقيق حكم تحكيم مبني على الغش، تأبى بعبارة أخرى إعلاء الغش على القانون والعدالة.
وربما كانت الاعتبارات المتقدمة وراء اتجاه الفقه والقضاء في أغلب الدول إلى اعتبار الغش في ذاته مخالف للنظام العام، أو اعتبار مبدأ أو قاعدة الغش يفسد كل شيء أحد مكونات النظام العام، سواء الداخلي أو الدولي. إن اللجوء إلى فكرة النظام العام برمتها لم يكن إلا كملاذ أخير لمحارب الغش في ظل الغياب التشريعي في هذا الخصوص.
ونشير أخيراً إلى أن رقابة القضاء على الغش في التحكيم ويقدر ما تعتبر دليلاً دافعاً على عدم اكتمال التحكيم كنظام متكامل للفصل في المنازعات يحمل من داخله آليات مراجعة أحكامه كقضاء الدولة، فإنه وبنفس القدر – أي هذه الرقابة القضائية – من شأنها إشاعة الثقة في التحكيم نفسه كطريق لفض المنازعات، تثقه الأطراف في التحكيم لن تتأتى إلا بيقينهم بإمكانية إبطال أحكامه وكذلك رفض الأمر بتنفيذها متى كانت مبنية على الغش.