Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
منظور التطور فى ثلاثيتي ليف تالستوى ونجيب محفوظ
دراسة مقارنة /
المؤلف
طلبة ،وليد احمد .
هيئة الاعداد
باحث / وليد احمد طلبة
مشرف / نادية إمام سلطان
مشرف / عبد المعطي صالح عبد المعطي
تاريخ النشر
2014
عدد الصفحات
311ص.؛
اللغة
الإنجليزية
الدرجة
ماجستير
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الألسن - اللغات السلافية
الفهرس
Only 14 pages are availabe for public view

from 311

from 311

Abstract

يعد الأدب المقارن أحد أهم فروع العلوم الأدبية التي تدرس أوجه التشابه والاختلاف والتأثير والتأثر بين آداب دول وشعوب العالم بفضل تشابه الظروف التاريخية لحياة تلك الشعوب. وأهم ما يميز الأدب المقارن دراسة مظاهر التطور الاجتماعي والثقافي والسياسي في حقبة تاريخية ما، مما يجعله وثيقة فنية معتمدة عن تلك الحقبة. ولا يزال النقاد والأدباء في جميع أنحاء العالم، مع اختلاف اتجاهاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم وجنسهم، منشغلين بدراسة الأدب المقارن وفروعه.
والباحث في هذا البحث بصدد اتباع الأسلوب النقدي للمدرسة السلافية بوصفه أحد أهم اتجاهات الأدب المقارن في روسيا. وتربط المدرسة السلافية الآداب بجذورها المجتمعية التي تنتجها اعتمادًا على ما تقوله وحدة عملية التطور الاجتماعي التاريخي للبشرية، ولذلك يسمح لنا هذا المنهج بدراسة مظاهر التطور الاجتماعي في ثلاثيتي الأديبين ليف تالستوي الروسي ونجيب محفوظ المصري، معتمدين في دراستنا على رصد هذا التطور في كلا العملين، باعتبار أن كل عمل منهما يمثل تجربة خاصة ربما تتشابه ملامح كل منهما في مرحلة تاريخية ما وربما تختلف في مراحل أخرى.
وقد وقع اختيار الباحث في دراسته المقارنة على ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ، نظرًا لما يحتله كلا الكاتبين من مكانة مرموقة في كل من الأدبين الروسي والمصري من ناحية، ولما تثيره أعمالهما من جدل واسع في الأوساط الأدبية حتى وقتنا الحالي من ناحية أخري.
إن ثلاثية الكاتب الروسي ليف تالستوي ”الطفولة” (1851)، ”المراهقة” (1852–1854)، ”الشباب” (1855-1857) تهدف إلى تتبع تطور شخصية الإنسان في فترات حياته المختلفة، وإذا كانت بعض الآراء تنظر إلى تلك الثلاثية باعتبارها سيرة ذاتية للكاتب نفسه، فمرجعية ذلك إلى أن تالستوي قد أتاح لنفسه إمكانية دراسة الحياة الروسية وتحليلها بصورة عامة، وقد أشار الكاتب الروسي شيرناشيفسكي(1793-1861) إلى ذلك في سياق حديثه عن ثلاثية تالستوي قائلا: «استطاع تالستوي بصورة كبيرة دراسة طبائع الإنسان الروسي داخل نفسه»( )، فكل فصل يحتوي في طياته على فكرة محددة وحادثة ما، ولذلك نلاحظ أن البناء الروائي داخل كل فصل خاضع بصورة رئيسة إلى تطور العالم الداخلي للإنسان بمشاعره ومعاناته، فعلى مدار الثلاثية يظهر تالستوي محللًا لشخصية الإنسان في مراحل حياته المختلفة، طفلًا، ثم مراهقًا، ثم شابًا، على الرغم من صعوبة تخيل التشكيل النفسي لحياة الإنسان في تلك المراحل.
وعلى الصعيد الآخر يحتل نجيب محفوظ الصدارة في الأدب الروائي المصري والعربي ويكفي أن نقول إنه أحد الأدباء العرب العالميين، لذا احتفلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 2011 بمرور مائة عام على مولد الكاتب المصري الشهير نجيب محفوظ (1911-2006). حصل محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عن مجمل أعماله ومنها ثلاثيته المشهورة التي تتكون من ثلاث روايات أدبية: ”بين القصرين” (1956)، ”قصر الشوق” (1957)، ”السكرية” (1957) أو ما يعرف برواية الأجيال. ومن أبرز ما تمتاز به ثلاثيته، كما هو الحال بالنسبة لباقي أعماله الروائية، حبه لمصر وارتباطه الوثيق بشعبها وتاريخها وثقافتها ومعاناتها، فبينما يصور الكاتب في ثلاثيته شكلًا من أشكال التطور لأسرة مصرية على مدار ثلاثة أجيال إذا به يصور ثلاث مراحل من تاريخ مصر. فمصر دائمًا ما تكون الخلفية الرئيسة في حياة الشخصيات والأبطال.
وتظهر فكرة التطور عند نجيب محفوظ باعتبارها ضرورة في حياة الناس شاءوا أم أبوا. وكما يشير رجاء النقاش (1934-2008) في سياق حديثه عن الكاتب الكبير فإن «ضرورة التطور تتضح كأقوى ما يكون في الثلاثية فالمجتمع القديم والجيل القديم ينهاران ليحل محلهما مجتمع جديد وجيل جديد وأفكار جديدة، ومقاومة التغيير لا جدوى منها، فالتغيير يأتي ويفرض نفسه بقوة... ولابد من القول هنا إن نجيب محفوظ لا يلجأ إلى الدعوة الخطابية المباشرة للتطور والتجديد، وإنما يلجأ إلى التصوير الفني للواقع الاجتماعي والشخصيات الإنسانية والصراعات المختلفة، فنجيب محفوظ ليس من أصحاب الأفكار المجردة والخيالية، بل إن إبداعه الفني العظيم يقوم على قدرته العالمية في تقديم الحياة نفسها والإنسان بلحمه ودمه وأفكاره ومشاعره وواقعه».) )
ومن أجل تتبع مراحل التطور في هذه الدراسة المقارنة، وجد الباحث أن اتباع النقد الاجتماعي الأدبي في تحليل تلك الأعمال يعد الأنسب والأكثر ملائمة ً، لكونه أحد أهم علوم النقد الحديثة وتعتمد عليه الدراسات النقدية الحالية في تحليل الأعمال الأدبية.
ويعتمد علم الاجتماع الأدبي على دراسة الأعمال الأدبية باعتبارها ظاهرة اجتماعية حيث « يرتبط المنهج الاجتماعي بقراءة النصوص الأدبية وتحليلها من منظور مدى تعبيرها عن الوسط الاجتماعي الذي أنتجها، وهو بذلك يتعامل مع الظاهرة الأدبية ليس بوصفها ظاهرة مستقلة بذاتها وبخصوصياتها وفرادتها الإبداعية، وإنما يعتبر النصوص الأدبية وسائر الفنون غير مستقلة عن شروط إنتاجها الاجتماعي، وتحمل داخلها آثار المجتمع والجماعة والمؤسسة الأدبية التي أنتجتها. ويقوم المنهج الاجتماعي على مبدأ رئيس:
- اعتبار الإنتاج الأدبي غير منفصل عن السياق الاجتماعي الذي ظهر فيه، فهو موجه للاستهلاك الاجتماعي والتأثير في متلقيه ومستهلكيه، وتشكيل أذواقهم وتغيير سلوكهم.»( )
أهمية البحث:
تناول كثير من النقاد العرب في أعمالهم ليف تالستوي، كما رثاه الشاعران الكبيران حافظ إبراهيم (1872-1932) وأحمد شوقي (1968-1932)، كما نـُشرِت العديد من أعمال الكاتب المترجمة في الوطن العربي، ولكن تعد الأعمال التي تناولت تالستوي الفنان قليلة إذا ما قورنت بتلك التي تناولت الجانب الديني والفلسفي من إبداعاته. ففي مستهل كتاب الأديب التونسي محمد المشيرقي بعنوان ”تولستوي، ترجمة حياته منتخبات» يقول الكاتب: «أمّا النقاد العرب فقد كتبوا عن تولستوي بعض المقالات النقدية في مطلع القرن العشرين، وظهرت هذه المقالات في الجرائد والمجلات وكان مؤلفوها يتحدثون عن تولستوي الفيلسوف والمفكر والواعظ ولكنها أهملت تولستوي الفنان المبدع»( ).
ولذلك يفتح هذا البحث المجال لدراسة بعض الجوانب الثقافية من المجتمع الروسي بنهايات القرن التاسع عشر والمجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين، وكذلك تتبع الجانب الإبداعي في ثلاثيتي الكاتب الروسي الكبير ليف تالستوي والكاتب المصري المبدع نجيب محفوظ بالإضافة إلى دراسة التطور التاريخي في كلا المجتمعين باستخدام أحدث مناهج النقد، أو ما يُعرف بالنقد الاجتماعي الأدبي.
ويتجلى المجتمع المصري بعاداته وتقاليده في النصف الأول من القرن العشرين في ثلاثية نجيب محفوظ بشكل غير مسبوق. فالنجاح الباهر لإبداع الكاتب يعود في الأساس لاهتمامه بحياة المصريين باختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية وبحياة الشعب المصري البسيط وسكان الحارات والأزقة القديمة. ولهذا يمهد هذا البحث الطريق أمام القارئ الروسي ليتعرف تقاليد الرواية لدى أحد أهم الكتاب المصريين، وكذلك للاطلاع على الواقع الحقيقي للمجتمع المصري خلال حقبة مهمة من تاريخه.
الإضافة العلمية للبحث:
• يعتبر البحث المقدم من أوائل البحوث في قسم اللغة الروسية التي يتم فيها مقارنة ثلاثيتي الكاتب الروسي ليف تالستوي والكاتب المصري نجيب محفوظ، فربما ازداد الاهتمام مؤخرًا بدراسة بعض الأعمال الشهيرة لتالستوي وبالأخص رواياته «الحرب والسلام» (1863-1869) ، «آنا كارينينا» (1873-1877)، «البعث» (1889-1899) وغيرها من روائع الكاتب، إلا أن ثلاثية الكاتب «الطفولة» (1852)، «المراهقة» (1854)، «الشباب» (1857) لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل الباحثين والأدباء العرب والمصريين.
• يعد بحث «منظور التطور في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ (دراسة مقارنة)» من بين أوائل البحوث في قسم اللغة الروسية التي تتبع النقد الاجتماعي الأدبي في الدراسة المقارنة كما يعتمد على إحدى أهم مدارس النقد الروسي وهي المدرسة السلافية.
• يعد هذا البحث من أوائل البحوث التي تتطرق إلى دراسة ثلاثية الكاتب الكبير ليف تالستوي ليس فقط لكونها تمثل السيرة الذاتية له، بل لأنها تعد عملاً يحمل في طياته كثيرًا من تاريخ روسيا وثقافتها في ذلك الوقت.
• يعد الكاتب نجيب محفوظ من أشهر الكتاب العرب في القرن العشرين الذين تعرف عليهم القارئ الروسي، ففي عام 1988 ظهرت أولى الروايات المطبوعة لنجيب محفوظ باللغة الروسية وهي «حكايات حارتنا» (1962)، «الطريق» (1964) وكذلك الرواية الأشهر في روسيا وهي «اللص والكلاب» (1961)، وهناك القليل من الدراسات النقدية المتخصصة باللغة الروسية عن ثلاثية نجيب محفوظ مما يفتح آفاقًا جديدة أمام القراء الروس المتخصصين.
أهداف البحث:
تتلخص أهداف الدراسة فى النقاط التالية :
1- إظهار العلاقة بين علم الاجتماع والأدب والنقد الأدبي بما يتوافق مع مدرسة الأدب المقارن المناسبة لموضوع البحث في إطار علم الاجتماع الأدبي باعتباره أحد أهم طرق النقد الحديثة التي تتفق مع هدف ومهمة البحث.
2- تحليل التطور الموضوعي لكلتا الثلاثيتين والذي يتضمن التطور النفسي لأبطالهما ودوره في تكوين شخصيتهم.
3- تتبع التطور الطبيعي لأحداث الثلاثيتين للوقوف على أهم الأحداث وأكثرها تأثيرًا وتعبيرًا عن التغييرات الاجتماعية في كلا العملين.
4- دراسة التطور الاجتماعي والثقافي والحضاري في المجتمعين الروسي والعربي في ضوء المقارنة بين ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ وبيان أوجه التشابه والاختلاف بينهما.
5- تتبع مظاهر التطور في بنية الرواية في ثلاثيتي ليف تالستوى ونجيب محفوظ من زمان ومكان وأحداث وشخصيات.
منهج البحث:
يعتمد الباحث في الدراسة على ثلاثة مناهج رئيسة:
• المنهج النقدي الاجتماعي الأدبي وذلك حرصًا على تتبع مراحل التطور في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ لكونهما كيانًا ثقافيًا متكاملاً يقوم فى الأساس على ربط الشكل بالمضمون، ويحمل في طياته الاجتماعي والتاريخي في نسق لغوي متكامل، فليست الثلاثيتان مجرد عملين روائيين يشتركان في بعض الخصائص الفنية، لكنهما أيضا يعبران عن حقبة تاريخية هامة في حياة الشعبين الروسي من جانب والمصري من جانب آخر، حاول كلا الكاتبين رصد ملامحهما بإتقان وصدق.
• المنهج المقارن للمدرسة السلافية بوصفه أحد أهم اتجاهات الأدب المقارن في روسيا، وتربط المدرسة السلافية الآداب بجذورها المجتمعية التي تنتجها، اعتمادًا على ما تقوله وحدة عملية التطور الاجتماعي ـ التاريخي للبشرية.
• كما يتبع الباحث المنهج البنيوي من خلال تحليل بنية الرواية وتقنيات السرد كالفضاء الزماني والمكاني ومدى تطورهما ليتلاءم مع الصراع الداخلي للشخصيات، وكذلك البناء اللغوي ودوره في رسم الشخصيات.
المصادر والمراجع:
يعتمد الباحث على مصادر علمية تمثل النصوص الكاملة لكل من ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ، بالإضافة إلى مراجع لأعمال الأدباء الروس والعرب المتخصصة في ذلك المجال وكذلك الدوريات الأدبية المتخصصة في مجال النقد الأدبي. كما يستعين الباحث بشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
بنية البحث:
يتكون بحث «منظور التطور في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ (دراسة مقارنة)» من مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة وقائمة بالمصادر والمراجع.
تتناول المقدمة موضوع البحث وأهميته ومنهجيته وكذلك الأهداف والإضافة العلمية للبحث .
يشتمل الفصل الأول: ”إطلالة علي علم الاجتماع الأدبي” على ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: نشأة علم الاجتماع الأدبي وتطوره.
يتناول الجزء الأول علم الاجتماع الأدبي بصفته أحد أهم مناهج البحث الحديثة. باعتبار الأدب في الأساس ظاهرة اجتماعية، وجد الباحث ضرورة الاعتماد على المنهج الاجتماعي الأدبي لرصد مظاهر التطور الاجتماعي في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ.
الجزء الثاني: التيارات الرئيسة في علم الاجتماع الأدبي.
يعقد الباحث في هذا الجزء مقارنة بين أهم اتجاهات علم الاجتماع الأدبي ومدارسه، وفيها المدرسة الإنجليزية والمدرسة الماركسية.
الجزء الثالث: ملائمة علم الاجتماع الأدبي لمنهجية البحث.
في سبيل اختيار المنهج الأدبي المقارن المتسق مع أهداف البحث، حاول الباحث في هذا الجزء استعراض أشهر مدارس الأدب المقارن.
ويشتمل الفصل الثاني: ”تحليل موضوعي للثلاثيتين” على ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: تطور أيديولوجية ليف تالستوي ونجيب محفوظ في الثلاثيتين.
الجزء الثاني: تطور الأحداث في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ.
يحاول الباحث في الجزء الثاني تتبع ملامح تطور الأحداث في ثلاثيتي تالستوي ونجيب محفوظ.
الجزء الثالث: التطور الاجتماعي والإنساني لأبطال الثلاثيتين.
يحاول الكاتب في هذا الجزء رصد التطور الاجتماعي والثقافي والفكري لأبطال الثلاثيتين، وكذلك رصد التشابه أو الاختلاف في ملامح تطور الشخصيات عند تالستوي ونجيب محفوظ ومدى مطابقة هذا التطور لطبيعة المجتمع الروسي أو المصري في ذلك الوقت.
يعد الكشف عن العالم النفسي للأبطال أهم ما يميز إبداع ليف تالستوي ونجيب محفوظ، ولهذا لم يكن بالإمكان دراسة التطور الاجتماعي والسياسي في الثلاثيتين دون الكشف عن التطور الإنساني لحياة أبرز أبطالهما.
يشتمل الفصل الثالث: ”تحليل فني للثلاثيتين” على جزئين:
الجزء الأول: الفضاء الزماني والمكاني في كلتا الثلاثيتين.
يتناول هذا الجزء بالبحث العلاقة بين الفضاء الزماني والمكاني في كلتا الثلاثيتين. ونظرًا لأن فن الثلاثية يستند إلي مبدأ تطور الأجيال، فقد حرص الباحث على دارسة التطور الزمني في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ.
يعد المكان من العناصر المهمة في بناء الشخصية الروائية في ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ؛ فهو يشكل دورًا كبيرًا في التعبير عن مضامين العملين وأفكارهما.
الجزء الثاني: البنية اللغوية للثلاثيتين. يبحث الجزء الثاني المستويات اللغوية المختلفة في الثلاثيتين.
أما الخاتمة فتؤكد النتائج التي توصل إليها الباحث، وهي كالآتي:
- وفي سبيل الكشف عن مضمون هذا المنهج الأدبي، قام الباحث برصد مظاهر تطوره التاريخي وأهم رواده، كما حاول رصد العلاقة الوطيدة بين علم الاجتماع والأدب والنقد الأدبي، وتوصل الباحث إلى الرابط بينهما، ألا وهو اعتبار كل عمل أدبي وحدة اجتماعية مستقلة.
- بعد دراسة أهم مدارس علم الاجتماع الأدبي، تولدت لدى الباحث قناعة تامة بأن أفكار المدرسة الماركسية، التي تنظر إلى العمل الأدبي بوصفه وثيقة تاريخية، خلافًا لكونه وثيقة إجتماعية، تعد الأكثر اتساقًا مع أهداف البحث والمنهج الرئيس المتبع.
- نظرًا إلى أن البحث المقدم لا يعتمد على عوامل التأثير والتأثر بين كلا الكاتبين، فكان من المناسب اختيار المنهج المقارن للمدرسة السلافية، الذي يعتمد على رصد مظاهر التشابه والاختلاف بين الآداب المختلفة بعيدًا عن التواصل المباشر بينهما واعتمادًا علي وحدة عملية التطور الاجتماعي والتاريخي للشعوب.
- ولعل أهم ما يميز أيديولوجية إبداع ليف تالستوي، ومن بينها ثلاثية (”الطفولة”، ”المراهقة”، ”الشباب”)، ارتباطه بحياة الشعب الروسي البسيط.
- تنتمي ثلاثية نجيب محفوظ إلى المرحلة الاجتماعية من المراحل المتتالية لإبداع الكاتب، حيث تجلت تلك المرحلة في الخمسينيات من القرن العشرين. ولهذا من المنطقي أن يسعى الكاتب إلى رصد المجتمع المصري من خلال تتبع مراحل تطور حياة ثلاثة أجيال تنتمي لأسرة مصرية متوسطة.
- ترصد ثلاثية ليف تالستوي تطور حياة بطل من أسرة إقطاعية روسية، استطاع الكاتب من خلاله تصوير الطبقية السائدة في المجتمع الروسي عبر تطور نمط حياة المجتمع الإقطاعي بعاداته وتقاليده من جانب، والفلاحين الأقنان والقرى الريفية الفقيرة من جانب آخر.
- على الجانب الآخر تستعرض ثلاثية نجيب محفوظ ثلاثة أجيال متعاقبة. الجيل الأول، الذي ينتمي إليه السيد أحمد عبد الجواد، يمثل جيل الأفكار الرجعية في المجتمع المصري، في حين يمثل الجيل الثاني الذي ينتمي إليه كمال جيل المثقفين المصريين، الذين نشأوا في ظل انكسار الروح الثورية في مصر في الثلاثينيات من القرن العشرين، أما الجيل الثالث، فهو جيل أحفاد السيد أحمد عبد الجواد، الذين يتبنون أفكار سياسية مختلفة، سواء كانت اشتراكية أو دينية، في الأربعينيات من نفس القرن.
- من خلال منظور التطور استطاع الكاتبان رصد مظاهر التطور الاجتماعي والسياسي سواء في روسيا في منتصف القرن التاسع عشر أو في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين.
- طبقية المجتمع الروسي – السمة المميزة في رواية ”الطفولة”، حيث قام الكاتب بإظهار ممثلي طبقة الإقطاعيين (أسرة إرتينيف) وطبقة الفلاحين الأقنان (تاتيانا سافيشنا، جريشا، فوكا).
- بالإضافة إلي ذلك تُلقي الثلاثية الضوء على بعض تقاليد المجتمع الإقطاعي الروسي كالاستعانة بخدمات المربيين الأجانب، وممارسة الصيد، وتنظيم الحفلات الفاخرة وغيرها.
- شهدت الرواية الثانية «المراهقة» تطورًا اجتماعيًا كبيرًا بعد انتقال الأبناء بشكل نهائي إلى منزل الجدة في موسكو.
- تعتبر صورة سكان المدينة الفقراء، كالحوذي والسيدات الفقراء في طريقهم إلى سوق المدينة، أحد أبرز ملامح التطور في الرواية الثالثة من ثلاثية ليف تالستوي.
- ومن ناحية أخرى تعد ثلاثية نجيب محفوظ وثيقة تاريخية عن المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين.
- تبدأ رواية ”بين القصرين” بتصوير حياة أسرة تاجر مصري ميسور الحال يسلط قبضته الحديدية على جميع أعضاء أسرته، في حين يبدو المجتمع المصري رازحًا تحت ذل الاحتلال البريطاني.
- ولعل الرواية الثانية تظهر لنا الوجه الآخر للمجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين – الطبقة الأرستقراطية التي تعيش في قصور أحياء القاهرة الراقية في ذلك الوقت كالعباسية.
- ترصد رواية ”السكرية” التطور المتسارع في المجتمع المصري في فترة ما قبل ثورة 1952م مع ظهور جيل ثالث من طبقة المثقفين من أحفاد السيد أحمد عبد الجواد، ينتمون لاتجاهات سياسية مختلفة، ولكل منهم وجهة نظر مختلفة لإصلاح المجتمع والتخلص من الاحتلال البريطاني، مثل أحمد، الذي يؤمن بالأفكار الاشتراكية، وعبد المنعم، الذي يرى في أفكار جمعية الإخوان المسلمين السبيل الوحيد لإصلاح المجتمع. ولهذا تبدو أفكار الأجداد والآباء عديمة الجدوى بالنسبة للجيل الجديد، الذي تقف فيه المرأة مع الرجل على قدم المساواة في الدراسة والعمل.
- إذا ما حاولنا دراسة التطور الإنساني والنفسي لبطلي ثلاثيتي ليف تالستوي ونجيب محفوظ – نيكالينكا وكمال، ستتكشف العديد من نقاط التشابة والاختلاف بينهما.
- على الرغم من قلة ملامح التطور، التي طرأت على شخصية الأم ناتاليا نيكالايفنا في ثلاثية تالستوي، كما هو الحال بالنسبة لشخصية أمينة في ثلاثية نجيب محفوظ، فإننا اكتشفنا وجود العديد من ملامح التشابه بينهما منها.
- لعب الأب بيوتر ألكساندريتش دورًا محوريًا في ثلاثية تالستوي، كما هو الحال بالنسبة للأب أحمد عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ. وإذا ما تتبعنا ملامح تطور كلتا الشخصيتين على مدار أجزاء الثلاثيتين يتضح وجود عوامل اختلاف بينهما، وكذلك صفات متشابهة على الرغم من انتمائهما لطبقتين اجتماعيتين مختلفتين.
- يمتاز الإطار الزمني الخارجي للثلاثيتين بحضور كلا الراويين في خلفية الأحداث. تجري أحداث ثلاثية ليف تالستوي على لسان بطل بالغ يروي تاريخ حياته خلال طفولته ومراهقته وشبابه، في حين دارت أحداث ثلاثية نجيب محفوظ على لسان راو من الخارج.
- من المدهش في الثلاثيتين وجود علاقة وثيقة بين المكان الداخلي للأحداث والأماكن التي نشأ وعاش فيها كلا الكاتبين في الحقيقة، مما أضفى على صور المكان واقعية كبيرة.
- يمكن تقسيم المستويات اللغوية المختلفة في الثلاثيتين إلى مستويين رئيسيين: المستوى الأول يتعلق بأسلوب الكاتب الراوي، الذي تدور على خلفيته أحداث الثلاثيتين، والمستوى الثاني يتعلق بأسلوب أبطال الثلاثيتين.
- في النهاية يعرض الباحث قائمة بالمصادر والمراجع التى أفاد منها البحث.