Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تأثير سياسات الاقتصاد الأخضر على تدفق الإستثمارات الأجنبية المباشرة إلي مصر:
المؤلف
دياب، أحمد مغاوري شحاته.
هيئة الاعداد
باحث / أحمد مغاوري شحاته دياب
مشرف / أحمد فؤاد مندور
مشرف / عبير فرحات علي
مناقش / هاني محمد السعيد
الموضوع
الاقتصاد الاخضر.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
347ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
الإقتصاد ، الإقتصاد والمالية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - معهد البيئة - العل
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 347

from 347

المستخلص

أدركت قمة الأرض التي عقدت في ريو دي جانيرو ، البرازيل في عام 1992 أهمية مفهوم البيئة المستدامة. وقد اعتمدت الجمعية العامة لمؤتمر الأمم المتحدة مفهوم ”التنمية المستدامة” في اجتماعها عام 2012 والتي أطلق عليها ”ريو +20” وأطلقت مجموعة من الأهداف ذات الصلة وهي: ضمان الالتزام السياسي للدول الأعضاء نحو التنمية المستدامة، وتقييم مستوى التقدم المحرز نحو تحقيق الالتزامات المتفق عليها، والتصدي للتحديات التي تواجه الدول في تنفيذ هذا المفهوم، كما وافقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على التركيز على الاقتصاد الأخضر في معالجة مسائل التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق ، أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريراً شاملاً بعنوان ”نحو اقتصاد أخضر، مسارات للتنمية المستدامة والقضاء على الفقر” ، وهو التقرير الذي ابرز الحاجة الملحة لاستثمار 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في تخضير عشرة قطاعات اقتصادية أساسية. وشدد التقرير على أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر من شأنه أن يحفز النشاط الاقتصادي مع تقليل مخاطر الأزمات والصدمات الناشئة عن نموذج ”الاقتصاد التقليدي” القائم على الطاقة الأحفورية. كما أشار التقرير إلى أن هذا النموذج من التنمية الاقتصادية يناسب جميع أنواع الاقتصادات.
وتتناول هذه الدراسة أثر التحول إلى سياسات ”الاقتصاد الأخضر” وتأثير هذا التحول على تدفق الاستثمارات المباشرة بهدف تحقيق التنمية المستدامة. وتعتمد الدراسة على ما انتهت اليه الدراسات الدولية وتجارب الدول التي كشفت عن أهمية تخضير الاقتصاد كمحرك للتنمية المستدامة وخلق فرص العمل مع تخصيص جزء من الدراسة للتطبيق الميداني. ومن أهم التساؤلات التي تحاول الدراسة معالجتها هي التساؤل الخاص”هل من الممكن لصانعي القرار في مصر اعتماد سياسات خضراء لتحفيز زيادة معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة المنتهية في 2030”.
تتعرض الدراسة إلى بعض المشكلات التي تواجه متخذي القرار الاستثماري في مصر سواء في شركات القطاع الخاص وكذا على مستوى المسئولين الحكوميين المنوط بهم اتخاذ القرارات والإجراءات وتنفيذ السياسات ذات الصلة بموضوع الدراسة، وذلك في ضوء تطبيق مفاهيم وسياسات الاقتصاد الأخضر في المنظومة التشريعية والاقتصادية لجمهورية مصر العربية. لذلك تتعرض الدراسة إلى التساؤل الجوهري الخاص بمدى إمكانية قيام متخذي القرار في مصر بتبني سياسات خضراء من شأنها تحفيز معدلات الاستثمارات المباشرة في قطاعي الطاقة المتجددةوالزراعة، وما يترتب عليها من فرص توظيف والقضاء أو الحد من الفقر.
وقد تطرق التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP, 2017، لهذه المسألة عندما اشار إلى أن أهداف التنمية المستدامة التي تم اقرارها عالميا تشمل الاقرار بضرورة الانتباه للابعاد البيئة والاجتماعية عند التخطيط للتنمية الاقتصادية المستدامة، معتبرا أن التحديات التي تواجه متخذ القرار واسعة النطاق وتتطلب وضع سياسات تضمن التعامل مع تحديات وصول الغذاء والماء والطاقة للسكان على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والبيئية، وهو ما يتطلب مشاركة شاملة فيما بين كافة الجهات الفاعلة الاقتصادية، لوضع وصياغة السياسات والانشطة التي تستطيع دمج قوة القطاع الخاص وإدراجها ضمن منظومة التنمية المستدامة.
وتضيف الدراسة للأبعاد العلمية للموضوع من منطلق تركيزها على العلاقة بين تطبيق سياسات الاقتصاد الأخضر في جمهورية مصر العربية وتشجيع مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة والزراعة، لذلك فإنه من الضروري دراسة تأثير وجود سياسات خضراء بعينها لتحقيق التنمية الخضراء من خلال الاستثمار في قطاعي الطاقة المتجددة والزراعة، بل ويمكن أن يمتد النظر إلى تطبيق سياسات خضراء لجذب استثمارات مباشرة في قطاعات أخرى.
ومن الأمثلة الداعمة لأهمية هذا الدراسة وتطبيقاتها في مصر، تحول الدول المتقدمة مثل ألمانيا إلى هذا التوجه بداية من عام 1998 في فترة الحكومة الائتلافية بين حزب الديمقراطيين الاجتماعيين وبين حزب الخضر حيث بدأت برنامج طموح لتبني سياسات تهدف الي التحديث والتطوير البيئي Environmental Modernization والتي تضمنت منح تفضيلات جمركية وفرص أفضل للحصول على الكهرباء المستخرجة من مصادر متجددة. حيث كان الهدف المعلن آنذاك هو أن يكون 35% من إجمالي الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2020 وكان ذلك في حد ذاته سببا قويا لظهور مزيد من الابتكارات.
ويكمن الهدف الرئيسي في دراسة أثر السياسات الخضراء على النمو الاقتصادي المدفوع بزيادة معدلات الاستثمار المباشر في جمهورية مصر العربية، من خلال مراجعة مفهوم الاقتصاد الأخضر وعلاقته بالاستثمارات الأجنبية كمحرك أساسي للتنمية المستدامة، ومساهمة السياسات الخضراء في التغلب على بعض المشاكل المتعلقة بالاستثمار، مع عرض للسياسات الخضراء المطبقة في مصر، و إبرز القوانين والتشريعات التي تدعم تطبيق السياسات الخضراء على المشروعات في القطاعات الخاضعة للدراسة، مع تقييم أثر السياسات الخضراء في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر على الأصعدة التجارية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
كما تتحقق أهمية الدراسة من خلال قدرتها على تحديد السياسات التي يمكن أن تتبناها حكومة جمهورية مصر العربية خلال المرحلة المقبلة (حتى 2030) لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة، على أساس أن الطاقة هي أحد أهم محددات التنمية الاقتصادية الشاملة، والزراعة نظرا لأهميتها القصوى للاقتصاد المصري من حيث عدد العمالة ومستواها المعيشي ومساهمتها في اجمالي الناتج القومي. وقد لوحظ وجود اتجاه في مصر للاعتماد على الطاقـــة المتجددة كبديل للطاقة الأحفورية. كما تلعب نتائج الدراسة دوراً هاماً في توضيح العلاقة بين السياسات الخضراء وبين الاستدامة البيئية.
وتركز الدراسة على الإطار الزمني بين عامي 2001 و 2030. لعلاقة الدراسة بإستراتيجية التنمية المستدامة ”رؤية 2030” في مصر. وقد اتخذ المجلس الأعلى للطاقة في فبراير 2008 قراراً بتصميم وتنفيذ خطة لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 20٪ من إجمالي الطاقة المتولدة بحلول عام 2020 من طاقة الرياح لتكون 12٪ من خلال إنشاء مزارع الرياح المتصلة بالشبكة بطاقة إجمالية تبلغ حوالي 7200 ميجاوات. ولتحقيق هذه الإستراتيجية ، يشجع مشروع قانون الكهرباء الجديد تطبيقات الطاقة المتجددة. كما يشجع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال. وقد ركزت الدراسة على اثر السياسات الخضراء في تدفق الاستثمارات المباشرة في قطاعي الطاقة المتجددة والزراعة دون التعرض لباقي القطاعات الاقتصادية الهامة لمصر وان كان هناك فرصة لتعميم نتائج هذا الدراسة على تلك القطاعات. كما استعرضت الدراسة التعريفات والمفاهيم والاطر النظرية الخاصة بموضوعات الاستثمار المباشر مع بيان الإجراءات المصرية المطبقة في هذا الإطار، فضلا عن عرض مفاهيم وتعريفات الاستثمار الأخضر، واخيرا استعراض الاطار النظري للاقتصاد الاخضر من خلال عرض اهميته ومجالاته ومساهمته في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة التي تأخذ في اعتبارها الابعاد البيئية والاجتماعية.
وفي هذا الاطار، قامت الدراسة بحصر الدراسات السابقة ذات الصلة وكان القاسم المشترك بين هذه الدراسات أن اتفقت الأدبيات على أن القرار الاستثماري للشركات متعددة الجنسيات يعتمد على عدة عوامل تتعلق بسياسات الدولة المضيفة وعلى رأسها السياسات المتعلقة بالبيئات الاقتصادية والسياسية والتشريعية والقضائية التي تطبقها الدولة، وعلى صعيد علاقة البيئة بالاستثمار، فقد أظهرت الدراسات السابقة وجود تأثير للاستثمارات المباشرة على البيئة والتنمية، فالتدفقات الاستثمارية الوافدة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى ماليزيا - على سبيل المثال - كان لها أثار بيئية سلبية في ماليزيا وتايلاند والفيليبين، كما أوضحت التقاريرالصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD, 2014 أن فرضية الـ Pollution Haven Hypothesis (التنمية القائمة على استنزاف الموارد وتجاهل اعتبارات البيئة) كان لها تأثير واضح في حجم ومدى تدفق الاستثمارات المباشرة من الدول المتقدمة للدول النامية خاصة في الصناعات الملوثة للبيئة ، وقد تم ملاحظة هذه الظاهرة في عدد كبير من الدول النامية، وقد ترتب على ظهور الصين والنمور الأسيوية كدول متلقية للاستثمارات أن أولى مجموعة من الباحثين الاهتمام بتقييم العلاقة بين الاستثمارات والبيئة. وأكدت الدراسات السابقة أيضاً أن الحرية السياسية والديمقراطية تلعب دور هام جداً ومؤثر على البيئة وعلى مستوى التقدم في مجال البيئة في الدولة.
وبناء على ذلك، عرفت الدراسة الاقتصاد الأخضر على أنه” اقتصاد تقل فيه إنبعاثات الكربون وتزداد بموجبه كفاءة استخدام وتخصيص الموارد الطبيعية، كما يستوعب جميع الفئات الاجتماعية، وفي الإقتصاد الأخضر يكون النمو في الدخل وفرص العمل مدفوعاً بالاستثمارات العامة والخاصة التي تقلل إنبعاثات الكربون والتلوث، وتزيد من كفاءة استهلاك الموارد والطاقة، وتمنع خسارة خدمات التنوع البيولوجي، وتحتاج هذه الاستثمارات إلى تحفيز ودعم الحكومات عن طريق الانفاق العام الموجه، وإصلاح السياسات وتغيير اللوائح، بل ويحافظ على مسار التنمية على رأس المال الطبيعي ويحسنة ويعيد بنائه عند الحاجة باعتبــاره مصدراً للمنفعة العامة، وبخاصة للفقراء الذين يعتمد أمنهم ونمط حياتهم على الطبيعة”. ولعل المعنى الأساسي لمفهوم الاقتصاد الاخضر هو أنه حزمة السياسات الاقتصادية التي تساعد على تحقيق النمو الاقتصادي (من حيث نمو اجمالي الناتج المحلي) والتي تحقق في ذات الوقت حماية بيئية ومكاسب اجتماعية كبيرة. وقد ركزت الاستخدامات المبكرة لهذا المصطلح على التخفيف من اثر تغير المناخ لكن المفهوم بدأ يتسع ليشمل نطاقًا أوسع من اعتبارات حماية الموارد البيئية (التربة والمياه والمخزونات السمكية وما إلى ذلك).
وفي سعيها لتقييم الآثار المترتبة على تبني سياسات خضراء على الاستثمار المباشر في مصر ، قامت الدراسة بتقييم الآثار المترتبة على تبني السياسات الاقتصادية الخضراء Green (G) في القطاعات الخاضعة للدراسة، مقابل الاثار الناجمة عن تبني السياسات التقليدية المعتادة Business as Usual (BaU)، وتم عرض ذلك فيما يعرف بـ (سيناريو G مقابل وسيناريو BaU) واعتمدت المحاكاة على ذات المحاور التي تتبناها الآلية التي اعتمدها وتطبقها معهد الآلفية ومقره واشنطون والذي يستخدم نموذج اقتصادي متطور جدا يعرف باسم النموذج العالمي (Threshold 21 World) T21 والذي يعتبر أداة محاكاة ديناميكية مصممة لدعم التخطيط التنموي الشامل والمتكامل على المدى الطويل من خلال التحليل المقارن لخيارات السياسات المختلفة، ومساعدة المستخدمين وصانعي القرار على تحديد مجموعة السياسات التي تؤدي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتكاملة والمتجانسة.
إلا أن الدراسة، وبسبب العجز عن تمويل تصميم هذا النموذج بالتعاون مع معهد الألفية اعتمدت آلية الاستقصاء لتقييم أثر تطبيق السياسات الخضراء Green Scenario مع اعتبار ثبات الأثر بالنسبة لتطبيق سيناريو الاقتصاد التقليدي Business as Usula Scenario. وقد تم ذلك عن طريق دمج جميع المتغيرات في قائمتي استبيان لكل قطاع من القطاعات الخاضعة للدراسة على حدة. وكان الهدف هو تقييم اتجاهات عينة المجتمع تجاه الآثار المترتبة على تبني السياسة الخضراء بدلاً من سياسات الاقتصاد التلقليدي (BaU) ثم تقييم الآثار الناتجة عن التحول إلى هذه السياسات في المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وتقييم الآثار المترتبة بعد ذلك على قرارات للاستثمار في مصر في قطاعات الدراسة، ومن ثم الخروج بتوصيات ذات مغزى.
ولهذا الغرض تم تصميم الاستقصاء بطريقة بسيطة وواضحة لتشمل المتغيرات المراد تقييمها وهي السياسات الخضراء في المجالات الاقتصادية والتجارية والبيئية والاجتماعية، والتي تم تحديدها وحصرها من خلال مراجعة وحصر كافة الدراسات السابقة ذات الصلة ، واستندت الدراسة إلى إثبات / دحض فرضيات الدراسة التالية لتحديد مدى تأثير سياسات الاقتصاد الأخضر على قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعي الطاقة المتجددة والزراعة:
1- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين أنواع وأدوات تصميم السياسات الخضراء في المجالات الاقتصادية والبيئة والاجتماعية مثل الضرائب، الحوافز النقدية والائتمانية، الدعم العيني، دعم البحوث والتطوير والابتكار، سياسات خفض معدلات الفقر والبطالة، والتوظيف، وخفض معدلات انبعاثات الغازات الضارة على القرارات الاستثمارية لرجال الأعمال.” ويشمل هذا الفرض على الفروض الفرعية التالية:
1/1- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية للسياسات فى المجال الاقتصادى على القرارات الاستثمارية لرجال الأعمال.”
2/1- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية للسياسات فى المجال البيئى على القرارات الاستثمارية لرجال الأعمال.”
3/1- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية للسياسات فى المجال الاجتماعى على القرارات الاستثمارية لرجال الأعمال.”
2- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين تبنى الدولة لسياسات الانتاج الأخضر وبين التكلفة النهائية للمنتج
3- لا يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين تبنى الدولة لسياسات الانتاج الأخضر وبين جودة المنتج”
هذا وتنقسم الدراسة إلى قسمين، الأول وهو القسم النظري، الذي يتناول المعلومات النظرية مثل تعريف الاستثمار، الاستثمار الأخضر، الاقتصاد الأخضر و المفاهيم المرتبطة به وخصائصه وآلياته وأثره على التنمية المستدامة. كما يتضمن الجزء النظري عرض لموقف الاستثمارات المباشرة في مصر وجهود الدولة لجذب مزيد من الاستثمارات وعلاقة هذه الجهود برؤية التنمية المستدامة 2030، فضلا عن استعراض لقصص النجاح الدولية في مجال التحول للاستثمار الأخضر، وقد وجد الباحث أن هذه التجارب تثبت بل تسير في نفس اتجاه النتائج التي خلصت اليها الدراسة والتي تبرز أهمية التحول إلى الاقتصاد الأخضر خلال فترة الدراسة لما لها من أثار ايجابية على كافة الاصعدة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.
أما الجزء الثاني فقد تم تخصيصه للتحليل التطبيقي وللدراسه الميدانية. مع التركيز على قطاعين أساسيين في الاقتصاد، الزراعة والطاقة المتجددة . وقد قام الباحث في هذا الجزء من الدراسة بتحليل فرضيات الدراسة وتقييم اتجاهات صانعي القرار سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى الشركات لتحديد أثر السياسات المختلفة ثم تقييم آثارها. وأخيرا وبناءً على نتائج التحليل العملي والتطبيقي، طور الباحث مجموعة من التوصيات وعرض اليات تنفيذها فيما يتعلق بسبل التحول للاقتصاد الأخضر. وفيما يلي نوضح مشمول جزئي الدراسة وذلك على النحو التالي:
1- الجزء النظري:
حاول الباحث القاء الضوء على مجموعة من المفاهيم والحقائق من خلال فصل نظري واحدعنوانه الاقتصاد الأخضر والاستثمار المباشر: المفاهيم، الأهمية، المتطلبات، الخصائص، قياس وتمويل الاستثمار الأخضر، ونماذج للتحول نحو الاقتصاد الأخضر حول العالم
2- الجزء التطبيقي (الدراسة الميدانية):
اشتمل هذا الجزء على اربعة فصول عملية تستهدف استكشاف اثر التحول إلى تطبيق السياسات الاقتصاد الأخضر على تدفق الاستثمارات المباشرة في قطاعي الطاقة المتجددة والزراعة مقارنة بتطبيق سياسات الاقتصاد التقليدية، وذلك من خلال تحليل اتجاهات متخذي القرار في كل من الدوائر الحكومية ذات الصلة والمسئولين المعنيين في الشركات من القطاع الخاص داخل مصر وخارجها، ومن ثم الوقوف على هذا التأثير بالنسبة لعدد من المتغيرات في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والبيئية.وفي ضوء البيانات التي تم الحصول عليها من العينة فقد توصل الباحث لمجموعة من النتائج التي شكلت في مجملها – جنبا إلى جنب مع ما ورد في الجزء النظري من الدراسة – الاساس الذي بنيت عليه التوصيات العملية التي يختتم بها الباحث هذه الدراسة.
ولتحقيق ذلك من الناحية التطبيقية والميدانية، قام الباحث بتطبيق البرنامج الإحصائي ”SPSS” بعد ادخال نتائج الاستقصاء بغرض التحقق من صحة فرضيات الدراسة. حيث اثبتت النتائج وجود علاقة مباشرة وهامة وايجابية بين التحول الى السياسات الخضراء وقرار الاستثمار في مصر. وقد أثبتت الدراسة أن المستثمرين من القطاع الخاص يشجعون التحول إلى السياسات الخضراء، وذلك على الرغم من أن هذا التحول قد يزيد من التكلفة الاستثمارية في المدى القصير والمتوسط. إلا أن معظم تلك الشركات ارتأت أنها قادرة على تحقيق أرباح إضافية على المدى البعيد. ومع ذلك ، فقد لاحظت الدراسة أن الحكومة المصرية يجب أن تبذل مزيداً من الجهد من أجل التحول إلى السياسات الخضراء مثل تقديم دعم وحوافز مالية وضريبية للشركات التي تضخ استثمارات خضراء تفوق نطاق المسئولية الاجتماعية، أو أن يتم ازالة الرسوم الجمركية على مستلزمات الانتاج الأخضر والعدد والالات الرأسمالية اللازمة لهذا التحول، وان كان ذلك يتطلب جهد كبير أولا لتحديد ما هي المستلزمات ومدخلات الانتاج الخضراء. وقد اتبعت الدراسة المنهج التالي :
1- تم الاعتماد في تصميم نموذج الاستقصاء على ذات متغيرات الخاصة بمفردات سياسات الاقتصاد الأخضر ذات الصلة بالاستثمار وذلك بهدف اختبار الفروض التـي تتعرض لها الدراسة، ولم تتطرق الدراسة لطبيعة النشاط الاقتصادي أو الاختلافات الاجتماعية والأحوال البيئية في مختلف أقاليم الجمهورية، كما لم تتعرض لطبيعة مسئوليات متخذي القرار أو المستفيدين أو أي من الجهات أو الشخصيات أو المؤسسات خاصة الحكوميين.
2- شمل مجتمع الدراسة كل من الشركات المستثمرة في قطاعي الطاقة والزراعة ومتخذي القرار التنفيذي والتشريعي لتنظيم القطاعين اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا في مصر، وقد تم الحصول على بيانات هذا المجتمع من خلال قواعد بيانات وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وزارة الزراعة، قواعد بيانات الهيئة العامة للاستثمار والتمثيل التجاري المصري، ومن خلال الاتصالات والمقابلات الفردية التي أجراها الباحث مع مسئولي وزارة الاستثمار، وقد أمكن تقدير عدد مفردات هذا المجتمع بنحو 273 مفردة لقطاع الطاقة المتجددة، و312 لقطاع الزراعة.
3- اعتمدت الدراسة على سحب عينة طبقية عشوائية لكل مجتمع من مجتمعي الدراسة في ضوء مجموعة من الافتراضات الإحصائية والمتمثلة في درجة الثقة في النتائج المتوقعة (90%)، والخطأ المسوح به عند (10%)، وتوافر الخصائص التي يتم دراستها في 50% من مجتمع الدراسة وباستخدام الجداول الإحصائية، وأيضا باستخدام الصيغة الرياضية العلمية ذات الصلة ، ليتضح أن حجم العينة الممثل لمجتمع الدراسة كان 84 مفردة لقطاع الطاقة المتجددة و 91 مفردة لقطاع الزراعة.
4- تم توزيع 200 مفردة عشوائيا على القطاع موضوع الدراسة، وتم توزيع الاستمارات على المجتمع عشوائيا، وكانت الاستمارات الصحيحة والقابلة للتحليل 87 استمارة بنسبة استجابة 87%.
5- بعد تفريغ بيانات الاستقصاءات الصالحة تم استخدام البرنامج الإحصائي (spss) في إجراء التحليل الإحصائي لبيانات الدراسة الميدانية، تم حساب معامل الثبات (Alpha) لأسئلة استمارة الاستقصاء (ما يسمى بمعامل الاعتمادية)، وذلك لبحث مدى الاعتماد على نتائج الدراسة الميدانية في تعميم النتائج وكذلك تم حساب معامل الصدق الذاتي.
6- تم استخدام الوسط الحسابي والانحراف المعياري لتوضيح متوسط وتباين الآراء حول متغيرات الدراسة، وتم استخداموالتوزيع التكراري لوصف عينة الدراسة. كما تم استخدام الانحدار المتعدد لتحديد اهم المتغيرات المستقلة التى تؤثر فى المتغيرات التابعة وفقا للمنطق الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
7- تم اختبار فروض الدراسة وقد اتضح ما يلي :
• عدم صحة الفرض الفرعى الأول من الفرض الأول وصحة الفرض البديل:”يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين السياسات فى المجال الإقتصادى والتجارى على القرارات الأستثمارية لرجال الأعمال.”
• عدم صحة الفرض الفرعى الثاني من الفرض الأول وصحة الفرض البديل: ”يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين السياسات فى المجال البيئيى على القرارات الأستثمارية لرجال الأعمال.”
• عدم صحة الفرض الفرعى الثالث من الفرض الأول وصحة الفرض البديل: ”يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين السياسات فى المجال الاجتماعى على القرارات الأستثمارية لرجال الأعمال.”
• وبناء عليه، عدم صحة الفرض الاساسي وصحة الفرض البديل: يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين أنواع وأدوات تصميم السياسات الخضراء مثل الضرائب ، الحوافز النقدية والائتمانية، والدعم العيني، ودعم البحوث والتطوير والابتكار على القرارات الأستثمارية لرجال الأعمال.”
• عدم صحة الفرض الثانى وصحة الفرض البديل:” يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين تبنى الدولة لسياسات الانتاج الأخضر وبين التكلفة النهائية للمنتج”
• عدم صحة الفرض الثالث وصحة الفرض البديل:” يوجد تأثير جوهري ذو دلالة احصائية بين تبنى الدولة لسياسات الانتاج الأخضر وبين جودة المنتج”
ثم قامت الدراسة بتقييم نتائج التحول إلى الاقتصاد الاخضر على معدلات النمو في المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية مثل أثرها على الزيادة في الإيرادات وأثرها على نسبة العمالة والأثر على أداء الصادرات ومن ثم الاثر على معدلات الفقر والبطالة والأثر على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والاثر على انتاجية الفدان وربحيته. وقد أظهرت الدراسة أن ابرز نتائج التحول ”الجاذب للاستثمار المباشر” نحو السياسات الخضراء ما يلي:
1- بالنسبة لقطاع الطاقة المتجددة
• زيادة في قدرات الطاقة المولدة (حتى عام 2030) عند الاستثمار في مشروعات توليد الطاقة المتجددة (شمسية أو من الرياح) مقارنة باستثمار نفس الأموال للتوسع في مشروعات حالية بنسبة تتراوح بين 11-15%.
• لزيادة في العائد على الاستثمار (حتى 2030) حال استثمار الأموال في مشروعات توليد الطاقة المتجددة (شمسية أو من الرياح) مقارنة باستثمار نفس الأموال بهدف التوسع في مشروعات حالية بنسبة تتراوح بين 11-15%.
2- بالنسبة لقطاع الزراعة
• زيادة العائد من الفدان على المدى البعيد إذا ما قورن بالعائد باستخدام نمط الزراعة التقليدية حالياً بنسبة تتراوح بين 16-20%.
• زيادة العائد على الاستثمار حتى 2030 بـ 16-20% عند التحول إلى السياسات الخضراء مقارنة بالوضع القائم.
• تقدر نسبة الحافز الضريبي السنوي الذي يحقق ضمان التزام المزارع أكبر من 10 فدان بتدويرالمخلفات الزراعية لانتاج سماد عضوي واعادة استخدامها في النشاط الزراعي بنسبة تتراوح بين 16-20%.
• ان التحول إلى الاقتصاد الأخضر من شأنه تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الملوثة للبيئة بنسبة بين 11-15% مقارنة بمستوياتها الحالية (الانبعاثات حاليا مستواها 360 الف طن سنويا).
لذلك فقد انصبت توصيات الدراسة على تحقيق الهدف الاساسي منها والمتمثل في عنوانها ”تأثير سياسات الاقتصاد الأخضر على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر”، وقد انقسمت هذه التوصيات إلى توصيات ذات صلة بالتشريعات والسياسات التي تطبقها الحكومة من خلال القوانين ذات الصلة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر في المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والبيئة بالنسبة للقطاعات محل الدراسة، وتوصيات تتعلق ببعض آليات دعم الاستثمار الاخضر على مستوى التمويل والقياس، وتوصيات على مستوى التعاون والتكامل المؤسسي الذي يعتبر حجر الأساس لنجاح عملية التحول للاقتصاد الأخضر وهو ما اتفقت عليه كافة الدراسات التي تعرضت لهذا الموضوع، وتوصيات على صعيد التعاون الدولي في مجال الاقتصاد الأخضر للاستفادة من المبادرات الدولية في هذا المجال، وكذا للاستفادة من التجارب العملية وقصص النجاح التي تحققت في دول أخرى وفي مصر، واخيراً توصيات حول عملية التخطيط لوضع ومتابعة تنفيذ هذه السياسات فيما بين أجهزة الدولة المعنية على اختلاف مجالاتها. وفيما يلي توصيات الدراسة وآليات تنفيذها كل على حدة. ولعل ابرز التوصيات تلك الخاصة بمراجعة جميع القوانين المصرية ذات الصلة وعلى رأسها قوانين الزراعة والبيئة والري والاستثمار والطاقة مع اقتراح آلية لهذه المراجعة. كما تضمنت الدراسة توصيات بمجموعة من الإجراءات المكملة لتلك القوانين والتي يرى الباحث ضورة أن تنفذها الحكومة لتشجيع وتسهيل عملية التحول الى انتاج اكثر اخضراراً. جنبا إلى جنب مع توصيات لاستحداث حلول تمويلية لمشروعات الخضراء، بعد تصنيفها وصياغة مؤشر لقياسها على غرار المؤشرات المعمول بها لدى كبرى البنوك العالمية، كما تشمل التوصيات ضرورة التقدم بمشروعات خضراء إلى مؤسسات التمويل الدولية، وأخيرا توصية باستكمال الاطار المؤسسي لتكامل مؤسسات الدولة ذات الصلة بتطبيق التشريعات والسياسات الخضراء بشكل تكاملي ومستدام، مع ضرورة ايلاء مسألة التدريب لرفع قدرات الموارد البشرية لاستيعاب أهمية التحول نحو الاقتصاد الأخضر