Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
فكرة الضمان في الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية:
المؤلف
سلطان، نرجس محمد.
هيئة الاعداد
باحث / نرجس محمد سلطان
مشرف / فيصل زكي عبد الواحد
مشرف / محمد عبد المنعم حبشي
مناقش / محمد محيي الدين ابراهيم سليم
الموضوع
الفقه الاسلامى.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
548ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التعليم
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون المدني
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 548

from 548

المستخلص

يتمتع كل فرد في مجتمعات العدالة بمجموعة من الحقوق التي يتمتع بها والالتزامات التي يجب أن ينفذها بالمقابل، وذلك هو الأصل العام وفقا لما يجيزه وينظمه الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، فهذان الأخيران لم يتركا الإنسان حرا في تصرفاته بحيث يؤذي الغير ويضره وإنما نظما سلوكه وعلاقته مع الغير ضمن قواعد قانونية ملزمة، وبما أن الشريعة الإسلامية الغراء قامت على مبدأ العدالة، فقد أوجدت فكرة التضمين أو ما يسمى اليوم بالمسئولية المدنية.
وعليه عرفت المسئولية المدنية تطورات مختلفة، حيث ظهرت في أول الكيانات البشرية وفي أولى صورة لها إلى حين وجودها كنظرية قانونية مستقلة قائمة بذاتها، وهذه المرحلة تمتد من المجتمع البدائي إلى القانون الفرنسي القديم، فقد عرفت فترتين أساسيتين، الفترة الأولى امتدت إلى بداية العهد الروماني حيث كانت العبرة بالثأر ومن ثم كانت المسئولية المدنية مختلطة المسئولية الجنائية، أما الفترة الثانية فهي فترة القانون الفرنسي القديم والذي قام بفصل المسئولية المدنية عن المسئولية الجنائية، بوضع نظرية لأول مرة وكان ذلك في بداية القرن التاسع عشر ميلادي من خلال التقنين المدني الفرنسي.
وتعد المسئولية المدنية من المواضيع المهمة التي تناولها الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، حيث ان الفقه الاسلامي لم يعترف من حيث المبدأ بفكرة المسئولية المدنية، والتي كانت ومازالت تتصدر قمة المسائل والموضوعات القانونية الجذرية بالبحث والدراسة أضف إلى أننا كباحثة نجدها فلسفة قائمة بحد ذاتها تحتاج إلى التأمل والتدقيق، فهي تمثل المحور الأساسي الذي تدور حوله معظم القضايا اليوم، حتى باتت تشغل مركز القلب في القانون المدني والشغل الشاغل في المحاكم والمحامين، وقد وصفها الفقيه الفرنسي (جوسران) بأنها أصبحت محور القانون المدني وبالتالي محور القانون بأكمله.
وحدا هذا الأمر بالفقهاء إلى أن يتوغلوا في كينونة المسئولية المدنية فباتوا يرون بأنها: التزام الشخص بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الإخلال بالتزام عقدي أو قانوني، أي يمكن أن يقع الفعل الضار عمدا أو مجرد إهمال سببه فعل شخصي أو بفعل الغير، وعلى هذا النسق نجدها ترمي إلى إصالح الضرر الذي لحق بالمضرور، وذلك بتقديم تعويض مالي، وتجدر الإشارة إلى ان مفردة المسئولية قد وردت بهذا اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد جاءت بمعان عدة، منها قول الباري جل وعلا: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)( )، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسئولٌ عَنْ رَعِيَّتِه).
وتنقسم المسئولية إلى: المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية والمسئولية الموضوعية، فالأولى التي تترتب عن عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه، والثانية فهي التي تنشأ عن الإخلال بالتزام فرضه القانون وذلك بالتعويض عن الضرر الذي ينشأ دون وجود علاقة عقدية بين المسئول عن هذا الضرر وبين المضرور، أي ينشأ على عاتق الشخص بسبب الأفعال التي صدرت عنه، وأحدثت ضررا للغير، كما قد تنشأ على عاتقه أيضا نتيجة الأضرار التي يحدثها حيوان أو شيء يتولى حراسته، وقد تنشأ أيضا من جراء الإضرار التي تحصل من فعل أشخاص آخرين يخضعون لرقابته وتوجيهه، وبما أن المسئولية المدنية عبارة عن التزام بالتعويض، فإن هذا الأخير يلتزم به المتسبب في الضرر، وهذا ما يعرف بمصطلح (الضمان) والذي يعد أثر من الآثار التي يرتبها الشرع على التصرفات الشرعية بوجه عام.
ففكرة وأحكام الضمان الواردة في القوانين المدنية التي هي في أساسها مزاج ما بين الفقه الإسلامي والفقه الفرنسي، وعنيت هذه الدراسة بتسليط الضوء على كلا الفقهين، مع مقاربة النصوص التشريعية المصرية والعراقية والأردنية، لموازنتها بالفقه الإسلامي. كما بينت مواطن الضعف والقوة في التشريعات العربية تحديدا ما يخص الضمان.
ومن خلال دراستنا هذه سنتطرق إلى الفقه الإسلامي لكونه هو العصب الأساسي للقانون المدني بوجه عام، وللضمان بوجه خاص، فحري بنا أن نبرز جهود الفقهاء الأجلاء الذين تناولوا بالتفصيل أحكام الضمان وأركانه وشرائطه الفقهية، الأمر الذي يسهل معه تمييز الضمان، فمن منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لاضرر ولا ضرار) أخذ الفقهاء الأجلاء في التصدي للضمان سواء أكان واردا على العقود، أو على الأفعال الشخصية، فبينوا أن أحكام الشريعة الإسلامية لا ترضى بالضرر للآخرين بل إنها تسعى جاهدة لإبراز روح المحافظة على الإنسان وممتلكاته، وهذا الأمر جلي من خلال حرص الفقهاء المسلمين على التعويض عن الأضرار وأهمية تضمينها، بحيث كل شخص يضر بالآخرين يضمن أفعاله ويضمن أفعال من هم تحت رقابته من الأشخاص والأشياء وحتى الحيوانات لكون (جناية العجماء جبار)، لهذا فإن الأرواح والأموال التي تهدر أو تضار لابد من أن يحاسب من أهدرها وفقا لأحكام الفقه الإسلامي، وقد سعت المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي) جميعا على إيراد الضمان في كتب العبادات والمعاملات الخاصة بكل مذهب، فهناك اتفاق وإجماع على ضرور الضمان لكل مضرور سواء بالقيمة أو المثل وفقا للشرائط الفقهية.
وقد واصل المتأخرون من فقهاء الشريعة الإسلامية مسيرة المتقدمين، فقد فصلوا الضمان بالشكل الكافي وميزوه عما يشتبه به من الفاظ ظهرت في وقتنا الحالي، ولم يكتفوا بذلك بل زادوا عليه وفقا لمقتضيات الضروة وأحكامها وكانت لهذه الأرء اليد الطولى في تصحيح مسار المشرع القانوني والتأثير عليه في الدول محل المقارنة.
وكذلك ركزنا في بحثنا هذا الإطلاع على التشريع الفرنسي وكيفية معالجته لفكرة الضمان، حيث إنطلق هذا التشريع من حيث إنتهى الفقه الفرنسي، فكانت الأسس التي صاغها الفقهاء (ستارك ودوما وسافاتيه ومازو) الأثر الواضح في بناء المسئولية المدنية وتطوير شقيها العقدي والتقصيري.
إضافة إلى أننا نستعرض في رسالتنا هذه التشريعات العربية في (مصر والعراق والأردن وبعض الدول العربية الأخرى) وكيف عالجت مسألة الضمان، خاصة مع تداخل هذا المصطلح لدى كثير من المشرعين مع مصطلح المسئولية المدنية، ولهذا نجد أننا نمر على تلك التشريعات بشيء من التفصيل، حيث أفردت هذه التشريعات حالات من ضمن المسئولية العقدية والتقصيرية تشتمل على الضمان، فالنصوص التشريعية العربية الخاصة بالضمان لم تكن متسلسلة بل كان هنا وهناك، فحاولنا كباحثين لملمة هذه النصوص التي تحوي على إشارات لأركان أو أشكال الضمان والإشارة اليها ضمن بحثنا هذا.
ولا ننسى أن للمدرسة الأنكلوسكسونية وضعها الخاص من حيث تناول مسألة الضمان، فنجد أن الدول التي تبنت القانون العرفي قد عالجت الضمان من زاوية الضرر، حيث نجد أنهم لم يعتمدوا على نظريات معينة لتبنى عليها الأحكام القضائية المتعلقة بالضمان، وإنما عملوا جاهدين على تحليل القضايا بشكل موضوعي بحث أن كل ضرر يضمن وفقا لمعايير عدة من على سبيل المثال معيار المضايقة ومعيار الإهمال ومدى تكرار الضرر.
وسبرنا لغور النظريات والأحكام القضائية في الفقه الفرنسي والأنكلوسكسوني إنما يجيء بغية تسليط الضوء على القوانين الوضعية العربية، ومدى مراعاتها لاراء الفقهين، ومدى قرب هذه القوانين من الفقه الإسلامية محل المقارنة الأساسي في دراستنا، كما نجد أن من الضروري الاستشهاد ببعض تطبيقات الضمان الواردة في المسئولية المدنية كل من مصر والعراق والأردن ودول أخر، فاختيارنا لهذه الدول جاء كنتاج لإختلف هذه الأنظمة من حيث تبنيها للنظريات، فجانب منها يتبنى النظرية الشخصية القائمة على الخطأ (كمصر)، وجانب أخر يتبنى النظرية الموضوعية ومنها (العراق والاردن)
وآخيرا نرى أن الباعث الأهم لإعداد هذا البحث، هو أهمية الضمان الناشيء عن الضرر في حياتنا اليومية، فهو يوفر حفظا لأرواح الناس وأموالهم التي كفلها الشارع عز وجل ونص عليها المشرع الفاضل.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية هذه الرسالة في كونها تأتي لتوضيح موقف الشريعة الإسلامية وآراء فقهائها من الضمان، وبيان أحكامه والتطبيقات التي تجري عليه، وأهمها الضمان في العقود والضمان عن الفعل الشخصي، مع بيان مفهوم كلا الحالتين. وكل ذلك نقارنه مع التشريعات المصرية والعراقية والأردنية الناظمة لإحكام الضمان. وتأتي أهمية هذه الدراسة في الوقت الذي خلت فيه الكتب المنهجية من الجزئية التي نطرحها.
هدف الدراسة:
تحديد ماهية الضمان من جانب الفقه الإسلامي، والتشريعات العربية محل المقارنة، مع بيان مدى تأثر المشرع بالفقه الإسلامي والغربي. بالإضافة إلى أن هذه الدراسة تهدف إلى إيضاح بعض تطبيقات الضمان في الفقه الإسلامي والتشريعات في كل من مصر والعراق بالإضافة إلى الأردن.
مشكلة الدراسة:
وجود غموض حول تحديد ماهية الضمان في التشريعات العربية، حيث نلاحظ أن تختلط مع مفهوم المسئولية المدنية وهذا الأمر نجده حتى عند كبار المؤلفين المختصين في هذا الميدان، أضافة إلى ندرة الكتب القانونية التي تعرضت لهذا الجانب والإتكاء على الجانب الفقهي. إضافة إلى إعتماد التشريعات العراقية في الكثير من الأحيان على آراء فقهاء الشريعة الإسلامية من المتقدمين ومجلة الأحكام العدلية، في حين إتجه المشرع المصري إلى التأثر بتيارين الأول هو الفقه الإسلامي والثاني هو الفقه الغربي.
إشكالية الدراسة:
واجهت الباحثة عقبات تخص موضوع الضمان، منها تشتيت النصوص المتعلقة بالضمان في التشريعات المصرية والعراقية، إضافة إلى أن المشرعين أحيانا يعتبروا فكرة الضمان مرادفة للتعويض وأحيانا أخرى مرادفة للمسئولية المدنية، وكذلك لم أجد كتابا قانونيا متخصص بجمع مسألة الضمان بالشكل الذي يمكننا من الإتكاء عليه في تحديد ماهية الضمان فقها وقانونا.
منهج الدراسة:
إتبعت الباحثة عند كتابة الرسالة المنهجين التحليلي والمقارن، بالتطرق لآراء فقهاء الشريعة الإسلامية المعالجة لفكرة الضمان، ولنصوص التشريعات المصرية والعراقية والأردنية الناظمة لها. لتقوم من بعد ذلك بالمقارنة مابين الفقه والتشريعات العربية محل المقارنة، من أجل تشخيص مواطن الضعف والقوة فيها.
الدراسات السابقة:
استعانت الباحثة بالمصادر التي تناولت فكرة الضمان من زاوية الفقه الاسلامي والقوانين الوضعية.
ومنها على سبيل المثال:
1- كتاب نظرية الضمان للدكتور علي الخفيف.
2- نظرية الضمان أو أحكام المسئولية المدنية للدكتور وهبي الزحيلي.
خطة الدراسة:
سنتناول في دراستنا هذه فكرة الضمان من خلال ثلاثة فصول يسبقها فصل تمهيدي وعلى النحو التالي:
الفصل التمهيدي: التطور التاريخي لفكرة الضمان
الفصل الأول: فكرة الضمان في لفقه الاسلامي والقوانين العربية
الفصل الثاني: نشوء فكرة الضمان في الفقه الفرنسي والتشريعات الانكلوسكسونية
الفصل الثالث: تطبيقات الضمان في القوانين العربية