Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المسئولية الجنائية لرئيس التحرير:
المؤلف
جرجس، سماح وليم أخنوخ.
هيئة الاعداد
باحث / سماح وليم أخنوخ جرجس
مشرف / أحمد حسني طه
مشرف / محمد أبو العلا عقيدة
مناقش / إيهاب يسر أنور
الموضوع
المسئولية الجنائية.
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
560ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

• حرية الصحافة وأهميتها:
حرية الصحافة وما يدخل في إطارها من تعبير عن رأي هي من أسمى الأعمال التي تعبر عن الحقيقة التي تدور في المجتمع، سواء كان المجتمع الداخلي أو المجتمع الدولي، ولا شك أن المساس بحرية الصحافة سوف ينعكس بالتالي على حرية الرأي؛ لأن حرية الرأي لا تخرج إلى أفراد المجتمع إلا عن طريق العمل الصحفي. فالصحافة هي المنفذ الذي يخرح منه الرأي إلى أفراد المجتمع، فهي المنبر الذي يعلن الرأي، والرأي الآخر.
وللصحافة دور كبير في عملية التواصل الثقافي الحر مع الثقافات الأخرى وتحقيق الذاتية الثقافية والقضاء على المخاطر التي تهددها، خاصة تلك التي تأتي من الخارج عبر البث الفضائي والشبكات الإلكترونية.
للصحافة كذلك دور مهم في إطار العملية السياسية والاقتصادية: ففيما يتعلق بالعملية السياسية تقوم الصحافة بنقد الحكومة وكشف أخطائها أمام الرأي العام( )، لذلك تدافع عنها المعارضة وتخشاها الحكومة( ). كما أنها تساهم في تكوين الرأي العام بما تقوم به من نشر آراء القراء تجاه كافة المشاكل التي تدور داخل المجتمع في تناول أهم المشكلات التي تواجه المجتمع. لهذا يكون للصحافة دور كبير في مساعدة السلطة التنفيذية لمعرفة تلك المشكلات التي تتجه الحكومة إلى حلها أو مساءلتها عن معرفتها والسكوت عنها( ).
ومن الناحية الاقتصادية: يؤدي وجود صحافة حرة إلى ثقة متبادلة بين الفرد والدولة، مما يعود على المؤسسات الاقتصادية بالازدهار، فمن المعروف أن قوانين الصحافة في العالم كله من أهم مؤشرات الصحة المعنوية والمادية للدولة وقدرتها على التقدم والنماء( ).
والحد من حرية الصحافة يمكن أن يتم بأكثر من طريقة فقد يتم النص على إمكانية غلق الصحف ومصادرتها دون ضوابط محددة، أو لسبب غير ذي أهمية يستوجب هذا الإجراء، أو عن طريق المساس بقمة العمل الصحفي والمتمثل في عمل رئيس التحرير لكونه المسئول عن إدارة شئون الجريدة، وبإقرار المشرع مسئولية تخالف القواعد العامة للمسئولية الجنائية بقانون العقوبات.
• حرية الصحافة في المواثيق الدولية
فحرية الصحافة تعد من الحقوق التي لا غنى عنها في أي مجتمع يحترم الحقوق والحريات، لذا فقد جاء النص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948، حيث تنص المادة 19 منه على أن ”لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء وتلقي وإذاعة الأنباء والأفكار دون تقيد بالحدود الجغرافية، بأية وسيلة كانت( ) كما نصت على هذا الحق الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة سنة 1950 في المادة 10 منها، حيث تنص على أنه ”لكل إنسان الحق في حرية التعبير وهذا الحق يتضمن حرية الرأي وحرية تلقي أو تبادل معلومات أو أفكار دون تدخل من السلطات العامة ودون اعتبار للحدود”.
كما أكدت الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة في 1966 على هذا الحق أيضا في المادة 19 منها حيث نصت على أنه ” لكل فرد الحق في حرية التعبير، وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات والأفكار من أي نوع، واستلامها ونقلها بغض النظر عن الحدود، وذلك إما شفاهة أو كتابة أو طباعة، وسواء كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها( ).
• حرية الصحافة في الدساتير:
كما ينص على هذا الحق غالبية دساتير دول العالم الحديث ومنها الساتير المصرية المتعاقبة بدأ من دستور 71 الملغي الصادر سنة 1971 الملغي وهذا الدستور قد كفل العديد من الأمور التي تؤكد حرية الصحافة. وفي إطار ذلك تقول المحكمة الدستورية العليا إن الدستور المصري حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها، كي لا تقتحم أحدها المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، او تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة.
كما أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكم لها( ) على أن الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت جميعا على تقرير الحريات والحقوق العامة في صلبها قصدا من الشارع الدستوري أن يكون لهذه الحريات والحقوق قوة الدستور وسموه على القوانين العادية وحتى يكون النص عليها في الدستور قيدا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وأحكام( ).
وتذهب المحكمة الدستورية العليا( ) في إطار التأكيد على حرية الصحافة بقولها ”يتعين أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته حقا مكفولا لكل مواطن، وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول كأصل عام دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها، وهي حرية يقتضيها النظام الديمقراطي، وليس مقصودا بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته، ولكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة”.
وفي إطار صيانة الحق في حرية الصحافة( ) فلقد جاء القانون رقم 96 لسنة 1996 ( ) بشأن تنظيم الصحافة بمصر ليؤكد أيضا على حرية واستقلال الصحافة بالمادة (3) منه حظر الرقابة على الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإداري كما جاء بالمادتين الرابعة والخامسة منه كما أكد على ذلك أيضا القانون رقم 180 لسنة 2018 ( ) بشأن تنظيم الصحافة والإعلام خاصة بالمادتين 2 و3 منه.
• القيود التي ترد على حرية الصحافة:
أي حرية في الوجود لابد وأن تقابلها مسئولية، كما هو متعارف عليه بين فقهاء القانون مصطلح أنه لا إطلاق على الإطلاق والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة. فلا يوجد أي حق مطلق فلكل حق قيد يحد من التغول بهذا الحق على حقوق الآخرين أو التعسف في استعماله، وقد تم النص على التعسف في استعمال الحق بالمادة الخامسة من القانون المدني المصري( ).
وفي إطار ذلك تقول محكمة النقض ”أن الدستور وإن كفل حرية الرأي والاعتقاد إلا أنه سجل أيضا أن الإعراب عن الفكر بالقول أو الكتابة ..... يكون في حدود القانون، ذلك لأن حرية الإعراب عن الفكر شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات، لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد، إلا في حدود كل منهم لحريات غيره( )
وتؤكد محكمة النقض مرة أخرى أن المشرع إذ يلتزم بالقيم الخالدة مناراً والأخلاق العامة نبراساً، فقد نظم ممارسة هذه الحرية بوضع قيود تستلزمها الوقاية من سطوة الأقلام، التي قد تتخذ من الصحف أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة الشرفاء، فالحرية في سننها لا تتصور انفلاتا من كل قيد ولا اعتداء على حقوق الغير ولا تسلطا على الناس، وباعتبار أنه لا شيء في الوجود يكون مطلقا من أي قيد( ) فحرية الصحافة حدودها عدم الإعتداء على حقوق الأفراد والمجتمع.
• أهمية البحث:
تأتي أهمية البحث من أهمية الموضوع الذي ينصب عليه البحث، وغني عن البيان أهمية منصب رئيس التحرير فهو المتحكم الأول والأخير في إدارة شئون الجريدة ومدى تعلق ذلك بحرية الصحافة والرأي وإظهار الحقيقة. كما أن مسئولية رئيس التحرير من الأمور والموضوعات التي شغلت الرأي العام على مدار عقود كثيرة وكذلك الوقت الحالي، حيث أن رؤساء تحرير الصحف غالبا ما يقدموا إلى المحاكم الجنائية عن الأعمال الصحفية التي تنشر من خلال الجريدة التي يترأسون تحريرها.
• سبب اختيار الموضوع:
يرجع سبب اختيار الموضوع إلى ندرة الأبحاث التي تعرضت إلى مسئولية رئيس التحرير وما يقابلها من أهمية لهذا الموضوع، بالإضافة إلى حسم الخلاف الفقهي والقضائي الذي يدور حول أساس المسئولية الجنائية لرئيس التحرير، سواء قبل الحكم بعدم دستورية نص المادة 195 عقوبات، أو بعد إلغائها، أو بعد تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 147 لسنة 2006، وبالتالي ملء الفراغ القانوني في هذا الإطار، وعلى الأخص أن مسئولية رئيس التحرير تتضمن الكثير من الأمور القانونية، والتي تعتبر من المسائل المعقدة في عملية البحث.
كما تتمثل أهمية هذا الموضوع في ضرورة التوازي والتساوي مع الدول المتقدمة التي تحترم حرية الصحافة، فالمسئولية الجنائية هي السيف الذي يسلط على حرية الصحافة والرأي، ولذلك فلابد أن يكون هناك مسئولية تتفق وقواعد المساواة والعدالة . فحرية الصحافة وما يحكمها من مسئولية هي عنوان أي دولة متقدمة ينظر إليها العالم باحترام وتقدير.
• منهج البحث:
دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة فالدراسات القانونية بصفة عامة، وفي مجال المسئولية بصفة خاصة لا تؤتي ثمارها إلا من خلال دراسة مقارنة يتم من خلالها التعرض للقوانين الأجنبية والآراء الفقهية، والأحكام القضائية التي تتصل بموضوع البحث، وقد جعلنا دراستنا المقارنة مع القانون الفرنسي والقانون السويسري.
وقد حرصت على أن أسلك منهجا منطقيا في تناول موضوع البحث فالمنطق يقتضي أن أبدأ الدراسة ببحث الموضوعات الأساسية التي تتصل بالمسئولية الجنائية لرئيس التحرير وتتمثل في تعريف الصحافة وتعريف الصحفي وشروط الاشتغال بمهنة الصحافة والتطور التاريخي لقوانين الصحافة ونطاق سر المهنة في العمل الصحفي. وبعد ذلك نتناول الأساس القانوني لمسئولية رئيس التحرير من خلال المنهج التأصيلي تناولنا فيه النظريات المفسرة للمسئولية عن فعل الغير وأخيرا تناولنا القواعد الإجرائية.
• صعوبات البحث:
أهم الصعوبات التي واجهت عملية البحث في هذا الموضوع تكمن في ندرة المؤلفات التي عالجت هذا الموضوع الفني الدقيق، حيث اهتمت معظم الدراسات إلى تحديد مسئولية العمل الصحفي بوجه عام، دون التطرق إلى قائد هذا العمل والمتمثل في رئيس التحرير.
وقد واجهت صعوبات كثيرة؛ فمن ناحية كثرة التشريعات المصرية المتعلقة بالصحف والصحافة والمطبوعات، وكثرة التعديلات الدستورية وأخيرا وبعد الإنتهاء من كتابة البحث وقبيل المناقشة قام المشرع بإصدار أربعة قوانين حديثة في موضوع البحث وهي: القانون رقم 175 لسنة 2018. والقانون رقم 178 لسنة 2018 بإصدار قانون الهيئة الوطنية للإعلام والقانون رقم 179 لسنة 2018 بإصدار قانون الهيئة الوطنية للصحافة، والقانون رقم 180 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مما اقتضى إعادة الكتابة لوضع هذه القوانين موضع الإعتبار.
فضلا عن تغيير وتعديل الدساتير المصرية والإعلانات الدستورية. ولما كان الإعلام وحريته وما له من حقوق وما عليه من واجبات هو أحد المجالات التي يزيد فيها الصراع بين فوضى النشر وبين القيود والرقابة القانونية مع التغييرات والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر حاليا أدى إلى تضارب التشريعات وتعددها في محاولة من المشرع لإيجاد التوازن بين حرية الصحافة وحق الدولة في الرقابة وسرية معلوماتها التي تتعلق بالأمن القومي وهو ما يزيد صعوبة الملاحقة لتلك التعديلات الدستورية والقانونية.
كما أن كثرة التعديلات الدستورية والتشريعية وحداثتها يتوازى مع ندرة المراجع الحديثة المتخصصة في تلك التعديلات.
كما يدخل في إطار مشكلات البحث قلة التطبيقات القضائية الخاصة بموضوع البحث والخاصة بالمسئولية الجنائية لرئيس التحرير، وعلى الأخص أحكام محكمة النقض بعد تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 147 لسنة 2006، وذلك لحداثة التعديل وطول فترة الحكم في القضايا المعروضة على محكمة النقض. فهناك من الأحكام التي يستغرق نظرها ما يقرب من عشر سنوات أمام محكمة النقض، وهذه التطبيقات والأحكام قد تكون منعدمة وليست قليلة.
• أهداف البحث:
تهدف هذه الدراسة إلى التعرض لموضوع المسئولية الجنائية لرئيس التحرير، بعمل دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة في ذلك بين وضع مسئولية رئيس التحرير في قانون العقوبات والصحافة المصري، وكل من قانون العقوبات والصحافة الفرنسي وبعض أحكام القانون السويسري والإيطالي، وذلك عن طريق الخطوات القانونية الآتية:
أولاً: الوقوف على هوية رئيس التحرير والمنصب الذي يشغله.
ثانياً: الوصول إلى تحديد الأساس القانوني للمسئولية الجنائية التي يخضع لها رئيس التحرير، عن طريق تأصيل هذه المسئولية وردها إلى الأساس القانوني الذي تنتمي إليه.
ثالثاً: تحديد المركز القانوني لرئيس التحرير داخل الصحيفة وذلك بتنظيم مسئوليته عن تلك الجرائم.
رابعاً: السبل القانونية التي تقي رئيس التحرير من تحمل المسئولية الجنائية التي تقع على عاتقه، حال إسناد أي جريمة من الجرائم الصحفية إليه.
• خطة البحث:
نتناول بالبحث المسئولية الجنائية لرئيس التحرير من جهتين؛ الأولى: تتعلق بالقواعد الموضوعية بشأن المسئولية الجنائية لرئيس التحرير، والثانية تتعلق بالقواعد الإجرائية بشأن هذه المسئولية.
وعلى ذلك سوف نقسم البحث إلى فصل تمهيدي وبابين، نتناول في الأول القواعد الموضوعية بشأن المسئولية الجنائية لرئيس التحرير، ونتناول في الثاني القواعد الإجرائية بشأن هذه المسئولية.
ولما كانت القواعد الموضوعية المتعلقة بالمسئولية الجنائية لرئيس التحرير قد ورد منها في قانون العقوبات العام بعض الجرائم، وورد البعض الآخر في القوانين الجنائية الخاصة، فقد خصصنا الفصل الأول لمسئولية رئيس التحرير في نطاق قانون العقوبات، والذي قسمناه إلى مبحثين نتناول في الأول مفهوم عمل رئيس التحرير وغيره من المسئولين عن جرائم النشر ومفهوم العلانية، وفي المبحث الثاني الأساس القانوني لمسئولية رئيس التحرير.
كما خصصنا الفصل الثاني لدراسة المسئولية الجنائية لرئيس التحرير في نطاق القوانين الجنائية الخاصة، وقسمنا ذلك الفصل إلى مبحثين تناولنا في المبحث الأول مسئولية رئيس التحرير عن إصدار الصحف، وتناولنا في المبحث الثاني جرائم طباعة وإصدار الصحف.
أما فيما يتعلق بالباب الثاني المتضمن بيان القواعد الإجرائية للمسئولية الجنائية لرئيس التحرير، فقد رأينا تقسيمه إلى فصلين؛ نتناول في الأول إجراءات تحريك الدعوى الجنائية والتحقيق الابتدائي بما تضمنه من إجراءات تحريك الدعوى الجنائية (المبحث الأول)، (المبحث الثاني) ضمانات التحقيق الإبتدائي.
كما خصصنا الفصل الثاني لدراسة إجراءات محاكمة رئيس التحرير والمحكمة المختصة بما تضمنه من القيود الإجرائية بشأن الاختصاص القضائي (المبحث الأول) والإختصاص القضائي (المبحث الثاني).
وبناء على ما تقدم نتناول هذا البحث على النحو التالي:
الباب الأول: القواعد الموضوعية المتعلقة بالمسئولية الجنائية لرئيس التحرير.
الباب الثاني: القواعد الإجرائية المتعلقة بالمسئولية الجنائية لرئيس التحرير