Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الأحكام الخاصة باستحالة التنفيذ لخطأ الدائن /
المؤلف
عبدالوهاب، حارث عبدالكريم.
هيئة الاعداد
باحث / حارث عبدالكريم عبدالوهاب
مشرف / عاطف عبدالحميد حسن
مشرف / فيصل زكي عبد الواحد
مناقش / محمد السعيد رشدي
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
348ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
5/12/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون المدني
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 348

from 348

المستخلص

ملخص الموضوع
الأحكام الخاصة باستحالة التنفيذ لخطأ الدائن
”دراسة مقارنة”
1- الفصل التمهيدي:
الالتزام واستحالة التنفيذ:
تناولنا في المبحث الأول مفهوم الالتزام، حيث تم تبيانه في مطلبين وهما: العقد كمصدر للالتزام، وتنفيذ الالتزام كأثر من آثار العقد وذلك لكل من التشريعين المصري والعراقي. وذلك من حيث تعريف الالتزام ومن حيث تعريف العقد، ومن حيث تنفيذه بطريقة تتفق مع حسن النية ومن حيث تحقيق النتيجة، ومن حيث اعتبار كل من طرفي العقد دائناً ومديناً.
ومن جهة أخرى قمنا بتعريف الاستحالة، وما تحققها باستحالة أو عدم التنفيذ الناتج عن نشوء الالتزام، وقد عبرت عن ذلك المادتان 373 و425 من القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي. وهذه الاستحالة قد تؤدي إلى انقضاء الالتزام نهائياً أو مؤقتاً، وتناولنا طبيعة الاستحالة، وهي متعددة من حيث كونها مطلقة أو مؤقتة أو مادية أو قانونية، أو كلية أو جزئية.
2- الباب الأول:
خطأ الدائن كأساس لاستحالة التنفيذ:
تناولنا في هذا الباب ارتباط الاستحالة في التشريعات المقارنة وذاتية الاستحالة في فصل أول، ثم في فصل ثاني مفهوم خطأ الدائن. حيث تناول الفصل الأول من هذا الباب ثلاثة أبحاث هي ذاتية الاستحالة والصور القانونية لخطأ الدائن المؤدي إلى الاستحالة والاستحالة في التشريعات المقارنة، حيث تناولنا في المبحث الأول ذاتية الاستحالة، أو بمعنى آخر خصوصية الاستحالة، حيث أن لها مفهومها الخاص وتنوعها بالنسبة للدائن أو المدين، أو بفعل الطبيعة أو بفعل الغير، حيث يترتب على هذه الذاتية انقضاء الالتزام ، وانفساخ العقد، ويترتب على ذلك التعويض وانقضاء الالتزام فهي ذاتية تنفرد بها النصوص المتعلقة بها كما في المواد 1147،1148 ، و1929،1733 مدني فرنسي، والمادة 293 مدني كويتي، وكذلك المادتين 437 ،478، وفي التشريع الألماني المادة 275، وفي إنجلترا نص قانون العقود المستحيلة التنفيذ على مبادئ أو ذاتية الاستحالة بجواز استرداد المبالغ التي دفعت قبل الوقت الذي ينفسخ فيه العقد بسبب الاستحالة . وفي العراق نصت المادة 168،425 صراحة على انقضاء الالتزام بالاستحالة والتعويض، وكذلك في بعض المواد الأخرى من القانون.
إذن يمكن القول بذاتية الاستحالة بالنسبة للمسئولية العقدية وأن لها أحكامها الخاصة التي تنفرد بها.
وتتنوع ذاتية الاستحالة إلى ذاتية موضوعية وشخصية، وذاتية مطلقة ونسبية، وذاتية مادية، وذاتية قانونية.
فمن حيث الذاتية الموضوعية فهناك المادتان 159،215 مدني مصري والتي لم تحدد شخصاً بعينه، بحيث ينقضى الالتزام بسبب هذه الاستحالة، وهناك المادة 373 والتي تحدد المدين بعينه فهي بذلك استحالة شخصية. فجمع القانون بين الاستحالة الموضوعية في بعض المواد دون تحديد دائن أو مدين، وخصص المشرع مواد معينة حدد فيها المدين، فالأولى موضوعية والثانية شخصية تتعلق بشخص المدين.
وقد ذهب البعض إلى أنه يجب النظر إلى مدى خصوصية المانع من التنفيذ أو عموميته، فإذا كان التنفيذ مستحيلاً بالنسبة للمدين دون أن يكون مستحيلاً بالنسبة لغيره تكون الاستحالة شخصية، أما إذا كان التنفيذ مستحيلاَ بالنسبة للمدين وإلى غيره لمن يكون في مثل ظروفه تكون الاستحالة موضوعيه بحيث تكون الاستحالة عامة بالنسبة للناس كافة.
أما من حيث الذاتية المطلقة وبالنسبة للاستحالة، ففي الذاتية المطلقة عدم تنفيذ الالتزام لوجود مانع لا يزول، أما الذاتية النسبية فهي وجود مانع يمكن أن يزول بعد بذل الجهود لإزالة هذا المانع، وترتبط هذه الاستحالة المطلقة والنسبية بالأحكام العامة في القانون المدني سواء في التشريع المصري، أو التشريع العراقي، أو في التشريع الفرنسي في المواد المتعلقة باستحالة وفسخ العقد وانقضاء الالتزام ، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كان عليها قبل التعاقد.
وفى مجال الاستحالة تأخذ الاستحالة طابعاً مادياً، بأن يكون الفعل الذي أدى إلى الاستحالة ملموساً، إلا أن التشريعات أحياناً قد تركتها لتقدير ذوي الشأن من حيث كون الفعل يشكل استحالة مادية من عدمه، كما في التشريع المصري حيث ياخذ أحياناً بالطابع الملموس للاستحالة، والطابع التقديري لها من حيث ماديتها وعدم ماديتها كما في المادتين 215،373، وقد عدد التشريع التونسي هذه الاستحالة في المادة 283 مدني وهو بذلك حدد طبيعتها في عدة أشياء وهي القوة القاهرة التي لا يستطيع الإنسان دفعها مثل الفيضانات والحريق وغير ذلك.
وفي القانون الفرنسي ألقى عبء الإثبات على الملتزم في المادة 1147 مدني، ولم تحدد المادة 1148 طبيعة الاستحالة ونص على السبب الأجنبي.
وفي مجال المادتين 211و 425 من التشريع المدني العراقي فإن الشخص مطالب بإثبات السبب الأجنبي, وضرب بعض الأمثلة مثل الآفة السماوية، والحادث المفاجئ, اذن يمكن القول إن الطبيعة الموضوعية للاستحالة يجب أن يكون إثباتها بالسبب الأجنبي بحيث يكون الفعل المادي الذي حدث كان سبباً فى استحالة تنفيذه.
وأخيراً تكتسب الاستحالة ذاتية قانونية فهي ليست افتراضية وليست اجتهادية، ولكنها ذات نصوص قانونية لكي تنتج آثارها للدائن أو المدين، وقد تعددت هذه النصوص في التشريع المصري في المواد 159 ، 215 ، 373 وفي التشريع العراقي في المادتين 168 و 425 وفي التشريع الفرنسي فى المادتين 1147 ، 1148 وفي التشريع التونسي في المادة 283 والتشريع البولندي في المادة 269 وهكذا لا تخلو دوله من النص على الاستحالة.
هذه النصوص القانونية قد يتم تعديلها، بحيث يكون شئ مباحاً في وقت ما، ثم يحرم أو يمنع استيراده في وقت آخر لصدور قانون، وبالتالي تتحقق الاستحالة، التي كانت مباحة من قبل، كقانون تحريم التعامل بالعملة الإجنبية بعد أن كان مباحاً.
وقد ذهب البعض إلى أن الاستحالة القانونية تتحقق بصدور أمر أو قرار إداري، إلا أن هذه الاستحالة لا يمكن أن يطلق عليها استحالة قانونية، لأنها لا تأتي بناء على قانون، وبالتالي فإذا كان المنع من جهة إدارية فيمكن أن يطلق على هذه الاستحالة في ”استحالة إدارية”.
وبذلك يمكن القول باستحالة قانونية عندما تكون صادرة بقانون، واستحالة إدارية عندما تكون صادرة بناء على أمر وقرار من الجهة الإدارية المختصة وبشرط عدم مخالفتها للقانون.
ثم تناولنا في المبحث الثاني الصور القانونية لخطأ الدائن المؤدى للاستحالة:
هناك نوعان لخطأ الدائن من الاستحالة وهما الاستحالة الدائمة والاستحالة المؤقتة، ويترتب على ذلك تحديد طبيعة خطأ الدائن. وقد أفادت بذلك المادة 99 من القانون المدني المصري، والمادة 131 /2 من القانون المذكور، والمادة 132 منه، والمادة 135 من القانون المذكور، وتتحقق الاستحالة طبقاً لأحكام المادة 166 فيما إذا كان الالتزام قائماً من عدمه إذا علق على شرط غير ممكن أو مخالف للنظام العام والأداب, وكذلك المادة 465 إذا احتفظ البائع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً ، هذا البطلان يؤدي إلى الاستحالة الدائمة.
وقد تناول التشريع المدني العراقي الاستحالة الدائمة في كثير من مواده حيث تنص المادة 127 على بطلان العقد فيما إذا كان محل الالتزام مستحيلاً، وكذلك المادة 130 مدني بأن يكون محل الالتزام غير ممنوع قانوناً وإلا كان العقد باطلاً، وأيضا المادة 132 /1 مدني عراقي.
كما أن خطأ الدائن للاستحالة المؤقتة، نصت عليه المادة 101 من القانون المدنى باشتراط القانون استفاء شكل معين في عقد ما، وكذلك، نصت عليه المادة 934 مدني مصري كعدم نقل ملكية العقار إلا إذا روعيت الأحكام المبينة في الشهر العقاري، وكذلك المادة 161 مدني والمتعلقة بوفاء كل طرف بالتزامه وإلا امتنع الآخر عن التنفيذ إذا أخل بالالتزام ، وأيضا ما تناولته المادة 246 مدني مصري والتي تنص على أن يوفي كل طرف بالتزامه، وإلا امتنع الطرف الآخر عن الوفاء بالتزامه.
وننهي ذلك بطبيعة خطأ الدائن المؤدي للاستحالة، حيث أنها قد تكون ناتجة عن التعسف في استعمال الحق، أو بمعنى آخر إساءة استعمال الحق، أو نتيجة عيوب في الشيء ذاته محل التعاقد، أو نتيجة تحمل الدائن خطأ تابعه، وقد أشارت إلى ذلك في تعسف الدائن في استعمال الحق المادتان 4 ،5 من القانون المدني، وما والمادة 147 مدني مصري، والمادة 146/2 مدني عراقي، حيث يستطيع الدائن عدم اللجوء للقضاء، وإن كان ذلك حقاً له وفي تحمل الدائن خطأ تابعه ما نصت عليه المادة 174 مدني مصري من أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه، وما نصت عليه المادة 661 مدني مصري في عقد المقاولة، وإسناد العمل لمقاول من الباطن ، وكذلك نصت المادة 173 من رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة وما نصت عليه المادة 176 مدني مصري أيضاً من مسئولية حارس الحيوان.
وقد تناول المشرع العراقي في المواد 218 – 266 المسئولية عن عمل الغير، وهي لا تخرج عن مسميات المشرع المصري، وإن كانت في جناية الحيوان كما يسميها حيث أسند المسئوليات إلى المالك في حالة الرؤية ولم يمنع الفعل الضار.
وفيما يتعلق بالعيوب في الشيء ذاته فقد تناولت المواد 131 -135 من التشريع المدني المصري العيوب التي توجد في محل الشئ، ومحل الالتزام، ونجد أن المشرع العراقي تناول ذلك في المادة 155، بأن يكون محل الالتزام ممكناً ومشروعاً, وفي ضمان العيوب الخفية نصت على ذلك المادة 447 مدني مصري وقد تناولها المشرع العراقي في المواد 558 – 560 مدني عراقي وهي ضمان العيوب الخفية.
اذن يمكن القول أن هذه المواد في التشريعين المدنيين المصري والعراقي وضعت شروطاً خاصة لتحديد خطأ الدائن في الشيء ذاته محل العقد بسبب العيوب الخفية، وتتعلق هذه العيوب بعلم البائع أو عدم علمه، وفي حالة عدم العلم لا ينسب إليه خطأ، أما في حالة علمه فينسب إليه الخطأ، وذلك بحق الضمان المنصوص عليه في التشريعين العراقي والمصري.
ثم تناولنا الاستحالة في التشريع المصري والتشريع العراقي والتشريع الفرنسي في مبحث ثالث، ومدى تعلق هذه الاستحالة بانقضاء الالتزام ، وأثرها على هذا الانقضاء سواء أكانت استحالة دائمة أو استحالة مؤقتة، وذلك تبعاً لظروف الاستحالة، من حيث انعدام الالتزام ، أو توقيفه مؤقتاً. وقد بينا كيف أن التشريع الفرنسي لم ينص صراحة على الاستحالة، بل نص على التعويض وتناول بعض النصوص المتعلقة بالفسخ الناتج عن القوة القاهرة، وهلاك الشيء، وعقد الإيجار. لذلك كانت هناك بعض الخلافات الفقهية من حيث تطابق بعض المواد في القانون الفرنسي على الاستحالة، ومن حيث عدم تطابقها لأن المشرع الفرنسي لم يكن صريحاً في ذلك. وفي التشريعات المقارنة ذاتها نص التشريع الكويتي على الاستحالة، إلا أن مثله كمثل بعض التشريعات تعلقت هذه الاستحالة بالمدين في صريح النصوص، وهي بذلك تتفق مع التشريع المصري. ولم يختلف القانون الألماني عن النص في الاستحالة بالنسبة للمدين دون التعويض للدائن، واتفقت المادة 325 من القانون الإلماني مع المادة 159 من القانون المدني المصري من حيث الاعتراف للمدين والدائن بالاستحالة، بأن نصت على انقضاء الالتزام إذا أصبح التزام أحد الأطراف مستحيلاً. وفي السياق ذاته شملت المادة 127 من التشريع العراقي الدائن والمدين. اذن يمكن القول بالنسبة للتشريعات المقارنة أن بعضها ينص صراحة على الاستحالة الناتجة عن خطأ المدين، في الاستحالة الناتجة عن خطأ الدائن والاستحالة الناتجة عن القوة القاهرة.
ثم تناولنا الفصل الثاني بعنوان: مفهوم خطأ الدائن:
الخطأ والمسئولية:
حيث تناولنا في هذا الفصل مبحثين الأول هو: الخطأ والمسئولية في العصور المختلفة والثاني خطأ الدائن في النظم القانونية الحديثة, وتناولنا المبحث الأول في الخطأ والمسئولية في حضارة وادي الرافدين والمبحث الثاني في الخطأ والمسئولية عند الرومان، والثالث في الخطأ والمسئولية في عصر الديانات، والرابع في الخطأ والمسئولية في العصر الأنجلوسكسوني. حيث بينا أن الخطأ في حضارة وادي الرافدين لم يكن معروفاً، وقد تعددت القوانين التي كانت تعاقب بصرف النظر عن وقوع خطأ من عدمه, فكان قانون لبت عشتار وقانون أورنامو، وأمتد ذلك إلى عصر أشنونا أو بلالاما، وحيث كانت العبرة بوقوع الضرر وليس الخطأ. وجاء بعد ذلك قانون حمورابي وعرف حمورابي المسئولية العقدية، وحدد هذه المسئولية.
وعند الرومان حيث كان العرف هو القاعدة المعتمدة في البلاد، وصدرت عدة قوانين أهمها قانون الألواح الإثنى عشر، حيث أقر الضرر دون الخطأ، وكانت تنظر الدعاوى على أساس الضرر وليس على أساس الخطأ, ثم صدر قانون بوتليا باباريا، ويفيد هذا القانون أنه اعتد بوجود الخطأ، وحرم قانون أتيفيا تملك الأشياء المتروكة سواء أكان بخطأ أو بدون خطأ فحدد المسئولية دون خطأ. وعندما صدر قانون أكيليا كان لا يحاسب على الخطأ غير العمدي، وفي أحوال أخرى لا ينظر إلى الفعل عما إذا كان خطأ من عدمه.
وانتهى القانون الروماني إلى أن دون الخطأ قد يرجع فيه إلى المسئولية في بعض الحالات، وقد لا يرجع إلى الخطأ في حالات أخرى حيث تقع المسئولية دون خطأ طالما وقع الضرر.
وفي ظل النظام الأنجلوسكسوني لم يكن يعرف الخطأ حيث كانت تقع المسئولية سواء أكان هناك خطأ من عدمه نظراً لغزو القبائل الجرمانية الجزر البريطانية وعندما صارت مملكة تأثرت بالقانون الكنسي فكان القضاء الشعبي والملكي والإقطاعي، وكان الإثبات بنظام المحنة ولم يكن للخطأ دور في ذلك، وكانت المحاكم هي التي تحدد المخطئ من عدمه، وبالتالي كان الخطأ لا يفترض في هذا النظام. وظهر الخطأ في القضاء في مختلف العصور، وأخذت به المحاكم واعتبر أساساً للمسئولية, وصدرت التشريعات الحديثة في تحديد الخطأ والمسئولية، واعترفت بالخطأ التعاقدي والخطأ التقصيري المترتب على المسئولية المدنية.
وتناولنا في المبحث الثاني من هذا الباب معيار خطأ الدائن في العصر الحديث وكيف كانت اتجاهات التشريعات الحديثة في تحديد معيار الخطأ, وذلك من خلال ثلاثة مباحث: الأول منها بينا فيه مفهوم خطأ الدائن وفكرته في العصر الحديث ومتى يكون عمدياً أو غير عمدي أو سلبياً أو أيجابياً أو مرفقياً, كما بينا في مبحث ثان آراء الاتجاهات الفقهية المختلفة في ظهور خطأ الدائن كأساس للمسئولية, وختمنا الباب الأول في مبحث أخير بينا فيه معيار إثبات خطأ الدائن في العصر الحديث.
3- الباب الثاني:
تناولنا في هذا الباب استحالة التنفيذ في القانون المدني وذلك من خلال فصلين الأول منهما يتعلق باستحالة التنفيذ وخطأ الدائن في نطاق الالتزامات، فتناولنا في المبحث الأول خطأ الدائن فى مصادر الالتزام واستحالة التنفيذ، من حيث خطأ الدائن في أثناء التعاقد، وخطأ الدائن بإرادته المنفردة، وخطأ الدائن فى العمل غير المشروع، وخطأ الدائن في الدفع غير المستحق وتم ربط هذه المسائل باستحالة التنفيذ، حيث أوضحنا خطأ الدائن بالغلط، وخطأ الدائن بالتزوير، وخطأ الدائن بمحل العقد، و خطأ الدائن والبطلان، وخطأ الدائن وانحلال العقد، وارتباط كل ذلك باستحالة التنفيذ الناتجة عن خطأ الدائن، وتناولنا في مبحث ثان بعد ذلك استحالة التنفيذ وخطأ الدائن في آثار الالتزام من حيث التنفيذ العيني والتعويض ومدى وقوع الدائن في هذا الخطأ.
كذلك تناولنا في الفصل الثانى تطبيقات استحالة التنفيذ وخطأ الدائن في تنفيذ بعض العقود بخمسة بحوث، وهي خطأ الدائن فى عقد البيع، وعقد الإيجار، وعقد المقاولة، والتزام المرافق العامة، وعقد الكفالة. وذلك فى كل من التشريع المصري والتشريع العراقي.
حيث تناولنا الأخطأء التي ممكن أن تصدر من الدائن في هذه العقود والالتزامات، وربطنا بين هذه الأخطأء واستحالة التنفيذ وإمكانية ذلك. حيث تبين أن هناك أخطأء للدائن إلا أن المشرع يذكر فقط خطأ المدين وحقوق الدائن قبل هذا الخطأ، وكان الأحرى بالمشرع كما ذكرنا أن يكون النص على خطأ الملتزم، وليس النص بالذات على المدين، وعلى كل فإن الدائن أو المدين أو الملتزم هم في النهاية يرتكبون أخطأء، إلا أن التكييف القانوني يستطيع أن ينسب الخطأ إلى أحدهم باعتبار ذلك, كما سبق وقد أوضحنا في تبادل الالتزامات أن يكون كل منهم مرة دائناً وأخرى مديناً.
4- الباب الثالث:
ذاتية المسئولية المدنية ونتائج خطأ الدائن في استحالة التنفيذ:
تتعدد المسئولية بصفة عامة من مسئولية مدنية إلى مسئولية إدارية، إلى مسئولية جنائية، وما يعنينا في بحثنا هذا هو المسئولية المدنية والتي تنقسم إلى مسئولية تعاقدية، ومسئولية تقصيرية، وتقوم المسئولية التعاقدية على الخطأ العقدي والضرر وعلاقة السببية. وقد تناولت المسئولية المادة 168 من القانون المدني العراقي ، وتناولتها المادة 215 من القانون المدني المصري، وخصص المشرع العراقي المواد 168 – 176 في المسئولية التعاقدية.
وتعتبر المسئولية التقصيرية هي إحدى المسئوليات المدنية وإذا كانت المسئولية العقدية تبنى على أساس الالتزامات والإخلال بالالتزامات في العقد، فإن المسئولية التقصيرية لا تبنى على العقد، ولكنها جزاء على الإخلال بواجب قانونى عام لا يتغير, هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير.
ويتحدد نطاق المسئولية العقدية في وجود عقد صحيح بين الدائن والمدين، وأن ينشأ الضرر نتيجة الإخلال بالالتزام العقدي.
ولكن هل يملك الدائن الخيار بين المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية؟
أخذت محكمة النقض الفرنسية بعدم جواز الإختيار بين المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية، وهذا الاتجاه أخذت به محكمة النقض المصرية، والرأى الأرجح في الفقه ألا يوجد خيار، ولا يكون للدائن سوى المسئولية العقدية طالما أن هناك إخلالاً بالتزام تعاقدي من أحد طرفي العقد، وعلى ذلك إذا توافرت المسئولية العقدية وتوافرت المسئولية التقصيرية، فلا خيار للطرف بين المسئوليتين وكان على الطرف اللجوء للمسئولية العقدية.
الإعفاء من المسئولية:
يتحدد الإعفاء من المسئولية نتيجة الظروف الطارئة أو القوة القاهرة، وقد رأينا كيف نصت المادة 147 مدني مصري، والمادة 146 مدني عراقي على الظروف الطارئة إلا أنها تتعلق بالمدين، ويرى الباحث أن تتعلق هذه المادة بعبارة أحد طرفي العقد الملتزم، هذا وقد نصت على الإعفاء من المسئولية في المادة 425 من التشريع المدني العراقي والمادة 161 من القانون ذاته.
وفي مجال الإعفاء العوامل متعددة، فقد نصت على ذلك المادة 217 من القانون المدني المصري، والمادة 259 من القانون المدني العراقي، وتناولت المادتان 163 من القانون المدني المصري و204 من القانون المدني العراقي هذه الإعفاءات من المسئولية نتيجة عوامل متعددة ذكرت بهذه المواد، أو تستخلص منها.
ولكى تتحقق المسئولية لا بد من تحقق الضرر، ولكي يتحقق الضرر لا بد من خطأ عقدي، وأن تكون هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
5- نتائج المسئولية المدنية وانقضاء الالتزام وتوافقها مع استحالة التنفيذ:
أولاً: من حيث نتائج المسئولية المدنية:
يترتب على ذلك إما البطلان وإما الفسخ الناتج عن خطأ الدائن في بحثنا هذا، وفي حالة البطلان يصبح العقد لا وجود له وكأن لم يكن، وقد يكون قابلاً للبطلان فيمكن أن تتم إجازته وقد يترتب على المسئولية فسخ العقد، وهذا الفسخ جزاء الإخلال بالالتزام ، وقد يترتب على ذلك إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، متى توافرت الشروط التي نص عليها القانون، وقد يقع الفسخ بالتقاضي أو التراضي أو منصوص الاتفاق.
وقد يقع في ركن الرضا ، كما قد يقع فى ركن المحل الناتج عن خطأ الدائن، كما قد يقع البطلان في ركن السبب. وقد يكون كما ذكرنا نسبياً إذا لم ينله البطلان المطلق حسب النص القانوني وحسب فقده ركناً من أركان العقد. وقد يترتب على الفسخ أو البطلان التعويض للمضرور متى توافرت أحكامه، سواء في التشريع المصري أو التشريع العراقي، وذلك حسب نصوص المواد 223، 224،217، 218، 220 من القانون المدني المصري، و255-259 من القانون المدني العراقي.
وأخيراً يترتب على استحالة التنفيذ انقضاء الالتزام ، وقد يكون هذا إلانقضاء بسبب الوفاء بالالتزام وقد يكون انقضاء الالتزام بدون الوفاء بالالتزام ، ويخضع الوفاء للقواعد الخاصة في القانون المدني المصري بالمواد 323 ، 325 ، 329 وفي القانون العراقي المدني بالمواد 375 ، 376 ، 378 ، 379 ،380 ، 383 ، 384 وهذا الوفاء إذا كانت النصوص تتعلق بالمدين فإن خطأ الدائن في بعض الحالات قد يخفى عليه صفة المدين، لسبق القول بأن الالتزامات المتقابله تعطي الصفة لكل منهما ما بين دائن ومدين. ويكون محل الوفاء هو الشيء المستحق أصلاً، قد يترتب عليه فوائد ومصروفات يلتزم بها الموفي. وقد ينقضى الالتزام بمقابل للوفاء، أو بالتجديد والإنابة، أو بالمقاصة، أو باتحاد الذمة، وكل ذلك يكون له أثره على استحالة التنفيذ وخطأ الدائن وذلك حسب ما أوضحنا في المتن في التشريع المصري، والتشريع العراقي.
وقد ينقضى الالتزام باستحالة التنفيذ دون خطأ من أحد طرفي الالتزام ، وهي الاستحالة الناتجة عن القوة القاهرة التى ليس لأحد دخل فيها. حيث ينقضي دون الوفاء.
وأخيراً قد ينقضي الالتزام رغم الخطأ والاستحالة المؤقتة بالتقادم وذلك في المدة التي نص عليها القانون وحسب ما أوضحنا في مدة التقادم .