Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الاختصاص القانوني والقضائي للمشـروعات متعـددة القوميـات /
المؤلف
صفـاء حســين أحمـد
هيئة الاعداد
باحث / صفـاء حســين أحمـد
مشرف / عصـام الدين القصـبي
مناقش / أحمد قسمت الجداوي
مناقش / هيثم البقلي
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
584ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الدولى الخاص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

الملخص
تعد المشروعات متعددة القوميات إحدى السمات المميزة للتجارة الدولية خلال السنوات الماضية، وهي المشروعات التي تتجاوز نطاق الإقليم الذي تتكون فيه، وان كان التبادل التجاري الدولي قد اتخذ في الماضي شكل التصدير والاستيراد لمختلف السلع التي تنتج في كل دولة فان هذا الشكل التقليدي يمثل الآن خطوة إلى الوراء، إذ أن المشروعات متعددة القوميات تجاوز أهدافها نطاق الأهداف التي يرمي إليها التبادل التجاري بين مختلف الدول وذلك لقدرة هذه المشروعات على تحقيق أرباح وفيرة تؤمنها من خلال زيادة نشاطها بالتمويل الذاتي، وخبرتها الفائقة في الأداء والتنظيم مما يحقق وفورات تستخدم بدورها في تكثيف الإنتاج. ثم أن قوة مركز الشركة الأم المالي يساعدها على إدخال الأساليب التكنولوجية الحديثة في الإنتاج وعلى استخدام العقول المبدعة لاستنباط أساليب جديدة لخفض تكلفته وتحسينه وهي نتيجة طبيعية للتطور الهائل في الفن الصناعي في الدول المتقدمة، إذ تشكل المشروعات متعددة القوميات في الوقت الحاضر سلطة اقتصادية ضخمة.
وقد انصرفت الدراسات القانونية الحديثة في مختلف الدول إلى بحث هذه الظاهرة القانونية، نظراً للأهمية العلمية والعملية لهذا النوع من المشروعات في الوقت الحاضر.
ووفقاً للطبيعة الخاصة التي تتسم بها هذه التجارة من حيث انعدام الحدود الجغرافية، والوجود المادي لمركزية النشاط التجاري لذا سعت المنظمات والمؤسسات إلى أن توجه قدراً من اهتمامها إليها، وكان مؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة في مقدمة المنظمات التي اهتمت بهذا النوع من المشروعات.
ولعل التناقض بين دولية النشاط من ناحية ومركزية السيطرة من ناحية أخرى هو المصدر الأساسي لجميع المشكلات القانونية التي تثيرها المشروعات متعددة القوميات وهي على جانب كبير من الاهمية، مثل جنسية الشركة وشخصيتها الاعتبارية. إذ يضع المشرع عادة في كل دولة قواعد إسناد خاصة لتحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقات التي تتضمن عنصراً أجنبياً، حيث ان وجود العنصر الاجنبي سوف يثير تنازعاً بين المحاكم والقوانين، فيكون من الاهمية معرفة أي من هذه المحاكم والقوانين هي المختصة للنظر في حل المنازعات؟
ولأن من صور النشاط الاستثماري للمشروعات متعددة القوميات هي العقود التي تبرمها هذه المشروعات فانها تخضع لنصوص القوانين المعنية في تلك الدول، نظراً لغياب الحلول الخاصة لتحديد القانون الواجب التطبيق عليها.
ولنشاط المشروعات متعددة القوميات اهمية كبيرة فيما يتصل بمسائل العمل فإذا ثار نزاع وتضمن النزاع عنصراً اجنبياً كما اذا كان العامل اجنبياً او كان تنفيذ عقد العمل يجري في دولة غير الدولة التي يوجد فيها الوحدة الفرعية التي ابرمت العقد، فان الامر يقتضي عندئذ تعيين المحكمة والقانون الواجب التطبيق.
ويتصل بنشاط المشروعات متعددة القوميات موضوع التحكيم الذي اصبح في الوقت الحاضر اهم وسيلة يرغب المتعاملون في التجارة الدولية اللجوء اليها لحسم خلافاتهم الناتجة عن تعاملهم فلا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية، من شرط يصار بموجبه إلى اتباع التحكيم عند حدوث نزاع أو خلاف يتعلق بتفسير أو تنفيذ العقد المذكور فلابد من معرفة القانون الواجب التطبيق على العقود التجارية المتضمنة شرط التحكيم، والامر ليس بهذه السهولة فقد تعالت الاصوات الفقهية مؤيدة بصورة أو بأخرى باتجاهات في قضاء التحكيم، وابرز هذه الاتجاهات او الآراء الفقهية هي ما يدعو إلى تطبيق ما يسمى قانون عبر الدول، او تطبيق القانون الدولي على العقود، او الاتجاه الذي يدعو إلى الاكتفاء الذاتي للعقد او العقد الطليق الامر الذي يدعو الى تحديد هذه الاتجاهات والتعرف عليها، ومن هنا تكمن اهمية الدارسة .
من الطبيعي أن يصاحب نمو التجارة الدولية وازدهارها في العصر الحاضر اتساع في نشاط المشروعات متعددة القوميات باعتبار هذه الأخيرة خادمة للأولى وسمة من سماتها. لذا فإن اصطلاح ” المشروعات متعددة القوميات ” في مجال بحثنا هذا يشمل النشاط وتكوين من يقوم بالنشاط الذي يتنوع بتنوع تلك المشروعات، اذ أن هناك أدوات وأساليب لتكوين هذا النوع من الشركات العالمية والمميز لهذه السبل هو الشركة القابضة او الاندماج بوصفهما وسيلة لتكوين هذه المشروعات.
تكون الشركة الأم في القمة، تتبعها شركات أخرى عديدة تابعة اقتصادياً لها، وتنتشر الشركات التابعة في دول عديدة بعيدة جغرافياً عن الشركة ألام ولكنها تدور في فلكها وتعمل على تطبيق خطة اقتصادية استراتيجية تضعها هذه الشركة الأم ، أما الأسلوب الآخر لتكوين الشركات متعددة الجنسية من خلال الاندماج الدولي والاندماج بطريقة المزج فهو الأكثر شيوعاً لقلة تكاليفه، أما الصورة الأخرى للاندماج فهي الاكتساب أو الاستيلاء.
أما بشان القانون الواجب التطبيق على المشروعات متعددة القوميات فيما يختص بأنشائها او نشاطها فإن هناك مسائل تثار بشأنها القوانين المتنازعة المتصلة بالعقود التي تبرمها، نظرا للخصوصية التي تتميز بها، ومدى ملائمة قواعد الإسناد الموضوعية لهذا النوع من العقود.
فإن للأطراف الحرية في اختيار القانون الواجب التطبيق عند انشاء تلك المشروعات او عند ممارسة نشاطها، وهذا الاختيار قد يكون صريحاً أو ضمنياً تستنتجه المحكمة من الظروف المحيطة بعملية التعاقد، وفي حالة عدم توافر اختيار صريح أو ضمني تطبق المحكمة قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً، وإذا اختلفا يسري قانون الدولة التي ابرم فيها العقد.
وقد أخذت القوانين المقارنة بحرية الإرادة في اختيار قانون العقد، فالمادة (19) من القانون المدني المصري لا تختلف عن المادة (25) من القانون المدني العراقي وكما نصت اتفاقية روما أيضاً وتعطي هذه الاتفاقية الحرية للأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد، ويكون الاختيار إما بصورة صريحة أو ضمنية، على أن يكون الضمني مؤكداً (م3/1) ، وفي حالة عدم وجود الاختيار الصريح أو الضمني المؤكد تطبق المحكمة قانون الدولة الأوثق صلة بالعقد. كذلك الامر عند اختيار المحكمة للنظر في الدعوى المقامة أمامها من عدمها باعتبارها هي صاحبة الاختصاص القضائي، وكذلك التوقف بالنظر في الدعوى في حالة وجود اتفاق صريح او ضمني من قبل اختيار الاطراف بادراج شرط التحكيم عند تسوية المنازعات بينهم او اختيار احدى الوسائل البديلة لحل المنازعات.
إما فيما يتعلق بالجنسية والشخصية المعنوية ومدى ملائمة المعايير التقليدية للجنسية والشخصية المعنوية لهذا النوع من الشركات فان معياري المراقبة او المشاركة ومركز القرار من المعايير الملائمة لإسناد جنسية لهذه المشروعات، مع وجود بعض الصعوبات التي تتعلق بالاعتراف القانوني للوحدات التابعة للشركة الام، فضلاً عن مسائل العمل باعتبارها أحد جوانب النشاط للمشروعات متعددة القوميات ومدى ملائمة القواعد التقليدية لإسناد العاملين في الوحدة الفرعية والعاملين المعارين والعاملين المنقولين عندما تثار مسالة تحديد القانون الواجب التطبيق عليها، وكذلك عندما يكون في العقود التي تبرمها المشروعات متعددة القوميات شرط للتحكيم ومعرفة القانون الواجب التطبيق، وهذا الأمر قد يزيد مسالة تنازع القوانين تعقيداً.
بعد كل ما تقدم، يهدف موضوع هذا البحث إلى إعطاء تصور قانوني دولي يتيح للمشروعات متعددة القوميات تخطي العقبات القانونية.
إذ أن اللجوء إلى التحكيم يعتبر من متطلبات التجارة الدولية ومدى أهميته في السرعة التي تتطلبها هذه العمليات التجارية، ولغرض معرفة القانون الواجب التطبيق على شرط التحكيم في العقود التي تبرمها هذه الشركات، فقد تم البحث في هذه المسالة والإشارة إلى المواقف الفقهية بشان تحديدها هذه المسألة.
وبالرغم من وجود أسباب ودوافع عديدة أدت إلى نشوء وتوسع المشروعات متعددة القوميات إلا أن أقوى أساليب التدويل، اسلوب الإستثمار المباشر الذي يعد أحد الاسباب الرئيسية لإنتشارها على المستوى العالمي، حيث بقيت الدول المصنعة هي الدول المستفيدة الأساسية من الإستثمارات الأجنبية المباشرة وبشكل متزايد، أما البلدان النامية فلا يعود إليها إلا جزء ضئيل من تلك التدفقات حيث أخذت في أغلب الأحيان اتجاه التناقص المستمر وفي التذبذب أحياناً أخرى .
وقد ساهمت البلدان النامية في توسيع ظاهرة تدويل هذه المشروعات منذ ظهور الشركات الكبرى التي اتجهت إليها قصد استغلال الثروات الطبيعية فيها حيث حافظت المشروعات متعددة القوميات على اتجاهها القطاعي في هذه البلدان وعلى رأسها القطاع الإستخراجي بالدرجة الأولى، إلا أن تركيزها على هذا الأخير تراجع نوع في العقود الأخيرة لصالح القطاع التحويلي والتكنولوجي، أما قطاع الخدمات فيأتي في درجة أقل.
عرفت النظم القانونية انواع واوصاف متعددة من المشروعات، لكن بوصفها متعددة القوميات شكت من فراغ تشريعي فلا يوجد هناك نظام قانوني سواء كان داخلي ام دولي قد قام بتنظيم نشاط هذه المشروعات تنظيماً قانونياً فما وجد من قواعد قانونية لتنظيم نشاطها لا تعد ان تكون موجودة في نصوص متفرقة هنا وهناك. لهذا فقد قام كتاب وفقهاء القانون بالتصدي لدراستها واستجلاء طبيعة نشاطها، فظهر على اثر ذلك دراسات متعددة تباينت من حيث اهدافها ونتائجها.
فالمشروعات متعددة القوميات تمارس نشاطها على مستوى دولي، فلم يعد نشاطها محصوراً ضمن نطاق اقليمي محدد بل تعداه ليشمل عشرات الدول، مما أدى الى قصور النظم القانونية الداخلية من الاحاطة بها، الامر الذي دفع بالامم المتحدة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية الى اقامة المؤتمرات واصدار القرارات والتوصيات بغية التوصل الى رسم معالم للتنظيم الدولي لها.
وأزاء هذا القصور من النظم القانونية الداخلية من جهة وغياب رؤية قانونية واضحة المعالم على المستوى الدولي حول طبيعة هذه الشركات من جهة اخرى ترك الباب مفتوحاً امام كتاب وفقهاء القانون الدولي للوقوف على حقيقة الوصف القانوني الدقيق للمشروعات متعددة القوميات. فلقد نادى العديد من كتاب وفقهاء القانون الدولي العام بضرورة الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية للمشروعات متعددة القوميات، فهي على وفق نظرتهم لم تعد اشخاصاً قانونية خاصة وانما اصبحت اشخاصاً قانونية دولية تمارس نشاطها على المستوى الدولي.
ان الذي يزيد من صحة هذا التصور هو تعاظم نشاطها في ظل العولمة. فلم يعد بإمكان أي نظام قانوني داخلي في ظل العولمة من الاحاطة بنشاط المشروعات متعددة القوميات ذلك انها قد تشابكت نشاطاتها واندمجت تعاملاتها بشكل يصعب تصوره من ناحية فردية، لهذا فقد بات من الضروري تنظيمها تنظيماً دولياً والاعتراف لها بالشخصية القانونية الدولية بغية درء تأثيراتها السلبية في الدول من ناحية وتمكينها من القيام باعمالها بعيداً عن التأميم والمصادرة من ناحية اخرى.