Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
أثر القوة القاهرة على الرابطة العقدية
في نطاق المسؤولية العقدية ومدى إمكانية
تعديل الأثر المترتب عليها:
المؤلف
ضبابات، ياسر شحادة مرزوق.
هيئة الاعداد
باحث / ياسر شحادة مرزوق ضباب
مشرف / عاطف عبد الحميد حسن
مشرف / محمد عبد المنعم حسن
مشرف / محمد عبد الهادى
الموضوع
قانون مدنى
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
548ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قانون مدنى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

المستخلص

تحتل المسؤولية العقدية مكاناً بارزاً ومتميزاً في نطاق المسؤولية المدنية، بوصفها الضمان الفَعال للوفاء بالالتزامات وأداء الحقوق لأصحابها، والعنصر الجوهري لاستقرار المعاملات. لهذا فإننا لا نجد غرابة عندما يعطي الفقه الإسلامي والقانون المدني الأهمية المتزايدة لتلك المسؤولية، من خلال بيان أحكامها، ووضع الضوابط والمعايير التي يمكن أن تتأسس عليها، وكذلك بيان كيفية دفعها. وإذا كان هناك خلاف بينهما في معالجة هذه المسؤولية، فانه خلاف في الفلسفة والمنهج، اساسه اختلاف مصدر التشريع في القوانين المدنية والإطار الذي يسير كل منهما فيه.
ويعد العقد أهم وسائل تفاعل أفراد المجتمع فيما بينهم، لذا كان الشغل الشاغل لعقول الناس منذ عصور المدنيات القديمة إلى عصرنا هذا. وحتى يتسنى للعقد أداء ما أنيط به من مهام صعبة، فقد اهتمت به كل التشريعات القديمة منها والحديثة وأحاطته بمجموعة من المبادئ والأسس التي تكفل له قوته الملزمة والتي تجد أساسها في مبدأ سلطان الإرادة( )، والذي لا يجوز فيه لأحد المتعاقدين أن يستقل بنقض الاتفاق أو تعديله، ما لم يتم الاتفاق على ذلك بينهما، لا بل إن الأمر يتعداهما إلى القاضي الذي يقتصر دوره على مجرد تطبيق أحكام العقد وتفسيره بما قد يتضمنه من شروط.
إذ أن القاضي لا يتولى إنشاء العقد عنهم، لهذا فان العقد ما دام قد تم إبرامه على وجه صحيح، فانه ينشئ بين عاقديه التزامات تكون أشبه بالالتزامات التي يفرضها القانون، مع ملاحظة أن الالتزامات القانونية تفرض على الجميع. وآيا كان أمر الخلاف، فان الذي يهمنا هو أن المتعاقد، انطلاقا من مبدأ القوة الملزمة للعقد لا يستطيع أن يتحلل من التزامه إلا إذا قام اتفاق على ذلك بينه وبين المتعاقد الآخر معه، أو لسبب من الأسباب التي يقررها القانون، أما ما عدا ذلك فليس أمام المتعاقد إلا تنفيذ ما التزم به سواء باختياره أو جبرا عنه، وليس هناك ما يعفي المدين من مسؤوليتهُ عن عدم تنفيذ ما التزم به إلا أن تحول دون ذلك التنفيذ ظروف أو أحداث تفوق طاقة المدين وقدرته على تخطي تلك الظروف والأحداث والتي يطلق عليها القانون تعبير السبب الأجنبي (cause etrangere)، ومن هنا تبرز نظرية القوة القاهرة باعتبارها أهم صور السبب الأجنبي.
في البداية لا بد من الإشارة أن موضوع القوة القاهرة( ) هو من الموضوعات القديمة الحديثة؛ لأن القوة القاهرة هي حالة تهدد الالتزامات بالقضاء عليها في أي وقت كان وعلى حين غرة، مما يجعل هذا الموضوع من الموضوعات التي يجب ألا تركن جانباً، وذلك للتطور المستمر لأنواع وأشكال العقود، وأيضاً لتطور الأحداث القاهرة وعظم حجمها، مما يجب معه على المشرع في مختلف الدول أن يواكب هذه التطور بحيث يتم تحديث النصوص القانونية التي تعالج هذه الحالة لتكون قادرة على منح الاستقرار في مجال العقود.
ومن هنا تتضح أهمية الموضوع الذي يخلق مسائل قانونية معقدة لما تحدثه القوة القاهرة عند حدوثها قد تؤدي إلى تهديد سلامة الالتزام العقدي، والتي تفترض أن عقدا صحيحا قد ابرم في ظل ظروف وأحداث عادية( )، ثم طرأت خلال تنفيذ هذا العقد ظروف وأحداث لم يكن للمدين يد في حدوثها، أدت إلى جعل تنفيذ الالتزام العقدي مستحيلا بصفة نهائية أو مستحيلا لبعض الوقت. وأثر القوة القاهرة على الالتزام العقدي في نطاق المسؤولية العقدية شأنها في ذلك شأن باقـي موضوعات تلك المسؤولية، لها مفهوم وإطار وحدود تكون عليها، مما يجعل لها كياناً مستقلاً ومتميزاً عن موضوعات المسؤولية العقدية( ).
وأن هذا التميز النابع من ذاتيتها يكمن في وجود سبب معين يؤدي إليها، وان هذا السبب يتسم بالاتساع والشمولية إذ لا يمكن حصر صوره، وقد تنبه المشرع لذلك فلم يذكر صوره على سبيل الحصر وإنما على سبيل المثال. فضلا عن وجود شروط تجعلها في محيط بعيد عن المسؤولية العقدية، وترتب عند تحققها انقضاء كل الالتزام أو جزء منه، وإذا كانت هذه هي ذاتية القوة القاهرة في جانبها النظري، فإنها لها جانب عملي يتمثل في الأثر المترتب على تحققها.
وبالرجوع إلى نصوص القانون المدني الأردني( ) نجده لم يشرع نصوص خاصة بحالة القوة القاهرة وإنما اعتبرها إحدى صور السبب الأجنبي في المادة (261)( ) المطابقة للمادة (165) من القانون المدني المصري( ).
أهمية الموضوع من الناحية القانونية:-
تتضح أهمية البحث من الناحية القانونية( )، في كلا الجانبين العملي والنظري، فالجانب العملي يتعلق بارتباط هذا الموضوع بالظروف التي نشأ العقد فيها، ذلك أن تلك الظروف عرضة للتغيير ولا يستطيع أحد أن يضمن بقائها وثباتها عند التنفيذ، فقد يطرأ ما يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً بعد أن نشأ ممكنا، فقد تكون الظروف التي تغيرت من القوة القاهرة، إذ لا يستطيع أي من الناس أن يفعل شيئا باتجاهها. ومن ناحية أخرى فان دور نظرية القوة القاهرة يتضح بوصفها سبباً من أسباب دفع المسؤولية.
كما تبرز أهمية هذا البحث في خطورة آثار القوة القاهرة على العقد؛ فهي تؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مستحيل التنفيذ ما يؤدي إلى انقضاء التزام المدين ومن ثم ينقضي لالتزام المقابل له ويترتب على ذلك انفساخ العقد بقوة القانون وهذا ما لا يرغب المتعاقدان في حصوله، إذ أنهما ما تعاقدا إلا لمصلحة مرجوة، لذلك فإنما يسعيان دائماً إلى الاستمرار في العلاقة التعاقدية بشتى الطرق والوسائل والإبقاء عليها، وهذا الأثر يتعلق بالقوة القاهرة الكاملة والدائمة، لذلك فإنه لا بد من البحث عن حلول مجدية للحفاظ على العقد من الانحلال، كأن يتم وقف العقد لحين زوال الحادث القاهر، أو تنفيذ العقد في الجزء المتبقي من الشيء محل العقد.
أما الجانب النظري، فيتمثل في أن هذه الدراسة دراسة مقارنة بين التشريعات المدنية العربية والغربية، مع الإشارة إلى أحكام الفقه الإسلامي ومجلة الأحكام العدلية التي تعتبر بمثابة القانون المدني في فلسطين، فهي تكشف لنا عن مظاهر التطور في الأنظمة القانونية الأخرى وأوجه النقص في قانوننا، والسبل الواجبة الأتباع لتلافي النقص والقصور، وبذلك ستوسع هذه الدراسة من الأفق القانونية للباحـث، بما يطلع عليه من أنماط قانونية مختلفة، والتي قد لا يكون مثيلٌ لها في قانونه الوطني، لكي نرقى بقانوننا مما هو عليه إلى ما يجب أن يكون عليه.
أسباب اختيار الموضوع:
كما قلنا سابقاً أن موضوع القوة القاهرة من المواضيع المهمة، ولهذا فأنها أثارت أقلام الفقهاء والكتاب في مجال القانون العام والخاص وهذا ما اثأر فينا الرغبة في الكتابة في موضوع القوة القاهرة، وقد ارتأينا دراسة القوة القاهرة باعتبار انه عندما يذكر السبب الأجنبي يتبادر إلى الذهن بأنها قوة قاهرة، أما باقي الصور فلا تتبادر إلى الذهن، ولهذا فأنها أهم صور السبب الأجنبي وأوسعها نطاقاً، وكذلك أن هذا الموضوع لم يبحث بشكل واسع ودقيق والقوة القاهرة كما قلنا من المواضيع المهمة وخصوصاً أنها تؤدي إلى إعفاء المدين من المسؤولية العقدية في حالة عدم تنفيذ التزامه وهذا يعتبر استثناء من القاعدة التي تقضي بتنفيذ التزامه في حالة عدم تنفيذه أو التأخر في تنفيذه عن طريق نفي العلاقة السببية، كذلك حاجة الموضوع إلى استنباط نظرية عامة يكون لها التكوين الذاتي المستقل عن أحكام صور السبب الأجنبي العامة، وترتكز على الربط بين الجانب الفقهي والجانب القانوني، خاصة في فلسطين لخصوصيتها أنها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أهداف البحث:
يُقصد من هذا البحث تحقيق أهداف عديدة فيما يلي أهمها:
1- كشف الغموض الذي يكتنف نظرية القوة القاهرة عند وجود أكثر من سبب يؤدي إلى تحقق الضرر من بينها القوة القاهرة، لذلك سنكشف الغموض في حالة كانت القوة القاهرة هي السبب الوحيد في تحقق الاستحالة، وحالة اشتراك أسباب أخرى مع القوة القاهرة.
2- يهدف إلى معالجة ما يترتب على القوة القاهرة من آثار عامة وخاصة في مختلف العقود، وتتمثل هذه الآثار في استحالة تنفيذ الالتزامات وانقضائها. ودراسة النتائج المختلفة التي تترتب عند تحقق القوة القاهرة كسبب ينفي مسؤولية المدين، وتحديد هذه النتائج وفقا لنوع القوة القاهرة المتحققة.
3- إبراز الدراسة المقارنة فيما يتعلق بإظهار نظرية القوة القاهرة ودورها في نفي المسؤولية العقدية باعتبارها احد صور السبب الأجنبي، وكذلك دراسة وجمع المبادئ القضائية المتعلقة بالقوة القاهرة.
تحديد نطاق البحث:
لقد قمنا بدراسة القوة القاهرة بوصفها إحدى صور السبب الأجنبي المؤدي إلى الإعفاء من المسؤولية العقدية وبالتالي من التعويض الذي يطالب به الدائن المدين وقد بحثناها في نطاق المسؤولية العقدية فقط دون التقصيرية، ولهذا حاولنا من خلال هذا البحث معرفة القوة القاهرة ومدلولها وشروطها وتمييزها عن غيرها من الأوضاع وآثارها على اختلاف أنواعها أي قمنا بتحليلها على ضوء ما ذهب أليه الفقهاء والكتاب والقضاء كما تطرقنا إلى وجود عدة أنواع للقوة القاهرة وما يترتب عليها من آثار وخصوصاً أثر القوة القاهرة على الالتزام العقدي وأثرها على المسؤولية العقدية ومدى أمكانية تعديل الأثر المترتب عليها.
الدراسات السابقة:
نظراً لقلة الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع مما شجع الباحث إلى بحثه محاولاً معالجة ما يثيره من إشكاليات وصعوبات قانونية، محاولاً المساهمة في إثراء الموضوع، ورغم بحثي المتكرر في المكتبات وذلك في مكتبات الجامعات الفلسطينية والأردنية بغرض الاطلاع على أكبر قدر من جزئيات الموضوع لم أجد رسالة علمية تناولت الموضوع وإنما وجدت بعض الكتب والمؤلفات التي تناولت الموضوع بشكل عام، وكذلك بحثت في المكتبات المصرية لم أجد ، ولكن كان الشراح يتناولوا القوة القاهرة بمؤلفاتهم بشكل عام، هذا ما دفعني لبحث هذا الموضوع، ومن الدراسات السابقة ما يلي:
أولاً: الاستحالة وأثرها على الالتزام العقدي- دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون المدني، للدكتور عبد الوهاب الرومي، وهذه رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة القاهرة، حيث تناولت جميع صور السبب الأجنبي ومن ضمنها القوة القاهرة.
ثانياً: القوة القاهرة وأثرها على عقود التجارة الدولية، للدكتور صفاء تقي عبد نور، رسالة دكتوراه. كلية القانون. جامعة الموصل. 2005، وقد تناولت هذه الرسالة القوة القاهرة وأثرها على العقود الدولية، ولم تتطرق للعقود الداخلية.
ثالثاً: المفهوم القانوني لرابطة السببية، للدكتور عادل جبري محمد حبيب، وهذا كتاب ليس رسالة علمية وإنما هو كتاب خصصه المؤلف للكلام عن علاقة السببية في كل من القانونين المصري والفرنسي، وقد تتطرق للقوة القاهرة باعتبارها سبب أجنبي يؤثر على العلاقة السببية لينفي المسؤولية.
رابعاً: القوة القاهرة في قانون العمل، للدكتور صلاح محمد أحمد، رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة عين شمس، سنة 1995م.
إشكالية البحث:
تنبع إشكالية البحث من خلال النتائج التي تحدثها القوة القاهرة عند تحقق، وبالتالي يمكن طرح الإشكالية، ما هي الآثار التي تترتب على وقوع حدث القوة القاهرة؟ وما دور الارادة في تعديل هذه الآثار المتحققة؟. وبالتالي لابد من تحديد هذه الاثار التي تحدثها القوة القاهرة عند وقوعها، من اجل معرفة أن القوة القاهرة هل هي سبب للاعفاء من المسؤولية العقدية، أم أنها سبب للاعفاء من التعويض. وكذلك تحديد هل هنالك سبل وطرق يمكن من خلالها تنجب أثار القوة القاهرة أم أن اثارها لا يمكن تجنبها.
منهجية البحث:
لقد اتبعنا في هذه الدراسة منهجاً مختلطاً، فقد كان منهجاً تحليلاً ومقارناً، في ذات الوقت.
1- فهو منهج مقارن لأننا لم نتناول موضوع القوة القاهرة في ظل نظام قانوني واحد. بل قمنا بدراسة الموضوع في تشريعات وطنية متعددة تنتمي إلى نظم قانونية مختلفة. فقد عقدنا مقارنة بين الأحكام الواردة في القانون المدني الأردني ومجلة الأحكام العدلية، وتلك الواردة في القانونين المصري والفرنسي اللذين ينتميان إلى النظام القانوني اللاتيني، وكذلك مقارنتها مع مشروع القانون المدني الفلسطيني.
2- منهج تحليلي: حيث سنقوم بمحاولة تحليل كل جزئية وكل إشكالية ترد خلالها الدراسة في ضوء مختلف أوجه الأطروحات الفقهية والقرارات القضائية وتحليل القواعد القانونية المقررة بهذا الصدد، وبيان أبعادها وآثارها.
خطــة البحث:
وبغية أعطاء البحث أبعاده اللازمة، والإحاطة بجميع جوانبه القانونية النظرية منها والعملية والوقوف على معطياته المختلفة وبما ينسجم مع خصوصيته فقد ارتأينا تقسيمه إلى بابين يسبقهما باب تمهيدي:
الباب التمهيدي: ينصب على دراسة ماهية القوة القاهرة. حيث سنقسمه إلى فصلين نتناول في الأول بحث مفهوم القوة القاهرة، من حيث ماهية القوة القاهرة وفقاً لذلك المفهوم ودرجة تأثير القوة القاهرة على تنفيذ العقد. أما الفصل الثاني فسنخصصه لدراسة شروط القوة القاهرة.
الباب الأول: فسنبحث فيه أثر القوة القاهرة على العقد، وسنقسمه إلى فصلين أيضاً نتناول في الأول اثر القوة القاهرة الكاملة والدائمة على العقد. لذلك سنقوم بدراسة انفساخ العقد. أما الفصل الثاني سنقوم بدراسة اثر القوة القاهرة الجزئية والمؤقتة على العقد من حيث وقف التنفيذ في العقد وإنقاص العقد فيما يتعلق بالقوة القاهرة المؤقتة.
الباب الثاني: يخصص لدراسة اثر القوة القاهرة على المسؤولية العقدية ودور الإرادة في تعديل هذا الأثر وسنقسمه إلى فصلين أيضاً نتناول في الأول اثر القوة القاهرة على المسؤولية العقدية، أما الفصل الثاني سنقوم بدراسة دور الإرادة في تعديل هذا الأثر.
الخاتمة: أوردنا فيها الملاحظات والنتائج التي تم التوصل إليها من خلال دراسة الموضوع وفق أحكام القوانين المقارنة