Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
فلسفة العلم عند نورِتّا كورتجي/
المؤلف
صبره, وائل أحمد عبد الله.
هيئة الاعداد
باحث / وائل أحمد عبد الله صبره
مشرف / سهام محمود النويهي
مشرف / عزيزة بدر محمد
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
229 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - الفلسـفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 229

from 229

المستخلص

وبعد أنْ انتهى متن موضوع الدراسة، وتأسيسًا على ما سبق وجب علينا الإشارة إلى أهم النتائج التي توصلت إليها؛ وذلك للإجابة على سائر التساؤلات التي تم طرحها في مقدمة الدراسة، ويمكن حصر هذه النتائج في النقاط الآتية:
• تنتمي ”نورِتَّا كورتجي” إلى مدرسة فلسفة العلم الجديدة، أو ما يطلق عليه أحيانًا فلسفة علم ما بعد الوضعية Post-Positivism، حيث تسعى إلى وضع حلول معتدلة ومعقولة للمشكلات العلمية، وهذا بدوره يتماشى مع ما تتبناه من رؤى ليبرالية حقوقية تحررية دون تطرف أو مغالاة.
• بني جُل فكر ”كورتجي” على نقد وتقييم عديد من القضايا المهمة من تاريخ العلم؛ حيث إنَّ منهجها في عرض رؤاها قائم على نقد إحدى القضايا أو الفلسفات من تاريخ العلم؛ لإثبات فشلها أو تناقض تلك الفلسفة مع ذاتها؛ وذلك إمَّا للاستعاضة عنها بأخرى، أو للبرهنة على أنَّ هذه الفلسفة لديها رؤية أخرى أو منهج آخر لم يُكشف عنه من قبل، قد يكون مفيدًا إذا تم كشفه وتطويره.
ومن ثمَّ، فإنَّ الباحث يرى أنَّ ”كورتجي” تسير على خطى ”فييرابند” في إبراز أهمية النظريات القابعة في تاريخ العلم، وقدرتها على إخصاب الواقع العلمي الراهن، ويرجع ذلك إلى احتكاكها المباشر ”بفييرابند”، حيث كان مشرفًا مشاركًا على رسالة ”كورتجي” للدكتوراه، وكذلك بسبب رئاستها لتحرير القاموس الجديد للسيرة العلمية الذي صدر في ثماني مجلدات، كما أن السمة المميزة لفلاسفة ما بعد الوضعية هو الوعي الفعلي بتاريخ العلم.
• كما أنَّ ”كورتجي” حاولت تقديم قراءة جديدة للفلسفات السابقة عليها؛ لتقديرها حق قدرها أو الإشارة إلى بعض السقطات التي شابت مناهج بعض الفلسفات؛ لتطويرها أوالكشف عن الجانب التنويري فيها، فأشارت إلى بعض الاستثناءات التي شابت مبدأ العقلانية البوبري، حيث برهنت على عدم التزام ”بوبر” بقواعد مبدأ العقلانية كما أعلن عنها.
كما توصلت الدراسة إلى أنَّ ”كورتجي” ترى أنَّ مبدأ التقييم العقلاني (المعقولية وليس اليقين المطلق) – الذي قدمته بديلًا عن مبدأ العقلانية البوبري – يقدم حلًا لبعض مشكلات مبدأ العقلانية البوبري الخاصة بانتهاك التعميم، ذلك الأخير الذي يتناقض مع استثناءات ”بوبر”.
ومن ثمَّ فإنَّ حل إشكالية كيفية تشكل الاعتقادات يعتمد بشكل كلي على التقرير التفسيري؛ أحد التقاريرالمتنافسة في تشكل المعتقد، حيث برهنت على فشل التقرير الأيديولوجي والتقرير البراجماتي اللذان يقدمان تفسيرًا أحاديًا الجانب.
• إنَّ ”كورتجي” رسخت مبادئ علم اجتماع معياري للعلوم، حيث قدمت انتقادات لازعة لفلسفة ”بوبر” الاجتماعية، على الرغم من أنَّ جميع آرائها مبنية على تلك الفلسفة، حيث تجدها في نهاية العرض تتفق مع ”بوبر” وتتبنى منهج مشابه تزيّله ببعض التفاصيل التي تراها مهمة لتطوير المجتمع وفهمه، فتسعى ”كورتجي” لوضع قواعد منهج معياري صالح للتطبيق في كل من العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية على السواء، منهجًا يصلح للمجتمع المفتوح والحر.
• اتضح للباحث أنَّ موقف ”كورتجي” من الأمية العلمية هو رد فعل لرفضها للمركزية والبطريركية والهيراركية، حيث تهدف إلى أنْ يكون العلم متاحًا للجميع، ومن ثمَّ توسيع فرص مشاركة المرأة في العلم، فالعلم ليس كهنوتًا على الرجال. كما أنَّ حروب العلم نتيجة طبيعية لرواج الأمية العلمية في المجتمعات ما بعد الحداثية، وبالتالي تدعو ”كورتجي” إلى التعددية الثقافية بوصفها الوسيلة الأكثر نفعًا لتطور المجتمع ولمحو الأمية العلمية؛ حيث الاهتمام بثقافة وحقوق الأقليات والمهمشين ووضعها في
الاعتبار.كما أنَّ تسخير المعرفة العلمية لخدمة قضايا سياسية وأيديولوجية معينة أدى إلى عرقلة النمو الطبيعي للمعرفة، ومن ثمَّ رفضت ”كورتجي” آراء أنصار علم اجتماع المعرفة العلمية.
• وبعد عرضنا آراء رواد فلسفة العلم النِّسوية، وتفنيدات ”كورتجي” لتلك الآراء، تبين لنا أنَّ تلك الآراء الراديكالية تحكمها توجهات سياسية تعلن الثورة على الأسس الراسخة للمنهجية العلمية.
ومن ثمَّ ترفض ”كورتجي” التوجهات الراديكالية لرائدات فلسفة العلم النسوية المعاصرات، وتدعوهنَّ لاتباع سبل الرائدات النسويات الأوليات العظيمات؛ من حيث المطالبة بتنمية المرأة من خلال تسخير الأبحاث لتثقيفها وتعليمها وحل مشكلاتها، بدلاً من اهتمامهم المبالغ فيه بتقديم النقد للعلم والعلماء.
وعلى الرغم من دعوة ما بعد الحداثة للسياقية والنسبوية، واحتساب فلسفة العلم النِّسوية صيحة من صيحات ما بعد الحداثة؛ إلا أنَّ الدراسة توصلت إلى أنَّ فلسفة العلم النِّسوية في كثير من الأحيان تنتهك التمييز السياقي؛ فلا تفرِّق بين سياق الكشف وسياق التبرير؛ كما تخلط السياق العلمي بالسياق السياسي، وتُسخِّر الفروض العلمية لخدمة توجهات سياسية بعينها.
ومن ثمَّ استنكرت ”كورتجي” محاولة أنصار نظرية المعرفة النِّسوية إعادة تعريف مصطلحات العلم بما يتناسب مع تطلعات وطموحات النساء؛ حيث حاولوا تغيير أساليب البحث العلمي، وإضفاء قيمة أعلى للذاتية والعاطفة داخل مجال العلم.
ونتيجة لما تقدم يمكن تعريف نظرية المعرفة العلمية النسوية بأنها: النظرية التي تبحث في تاريخ العلم لإبراز دور المرأة في تطور العلم وتقدمه، ومحاولة تعديل أساليب العلم الحديث لقبول طبائع النساء بوصفها عاملًا أساسيًّا، ومعترفًا به في البحث العلمي.
• وعلى الرغم من انتقادات ”كورتجي” لفلسفات ما بعد الحداثة تبين للباحث أنَّ ”كورتجي” نفسها تتبع بعض أساليب ما بعد الحداثة في العلم وخاصة الأساليب النِّسوية؛ من حيث الاعتراف بتدخل الذات في اختيار مشكلة البحث وفرض الفروض من خلال تطبيق قواعد معينة واستخدام استيراتيجية اتخاذ قرار بعينها، وكذلك شرح وتوضيح الحالة الواقعية للمشكلة، كما أنَّ منطق الحالة الواقعية للمشكلة يدعم النِّسبوية ما بعد الحداثية، ويقلصان من الموضوعية والعمومية، وينتصران للذاتية.
• قدمت ”كورتجي” نظرية جديدة واضحة ودقيقة للبحث العلمي، تعتمد بشكل أساسي على مبدأ العلم التفسيري؛ حيث ترى أنَّ النظرية التي تقدم تفسيرًا واضحًا للظواهر والمشكلات يؤدي بدوره إلى زيادة المعرفة والفهم تعُد نظرية جيدة.
• وضعت ”كورتجي” العلم التفسيري ذا الفائدة العملية، والمعقولية وليس اليقين المطلق، معاييرًا لاختبار الفروض العلمية والمفاضلة بينها، حيث تكون الفائدة -على الأقل- تفسيرية، وليس لها غايات سياسية تقدمية أو أيديولوجية، وذلك مع عدم إنكارها وجود قيم علمية تقدمية في ذاتها، دون توجيه أو تسييس.• كما قدمت ”كورتجي” حلًا لمشكلة تعميم النظريات العلمية والتي غالبًا ما تُنتهك لفشل في المنهج أو البرادايم؛ لذلك دعت للمنطق القائم على الحالة الواقعية الذي يقيّم النظرية طبقًا لحالة وظروف المشكلة في وقت بعينه، حيث ترى أنَّ عديدًا من الفروض والنظريات تم التخلي عنها بسبب خطأ التعميم دون مراعاة حالة وظروف النظرية، ومن ثمَّ تدعو للاهتمام الفعلي بتاريخ العلم الذي يهتم بالوعي بتاريخ النظرية.
• إنَّ ”كورتجي” قدمت مقاربة متوازنة للمنهجية التي تحقق المنفعة العملية وتراعي كثيرًا من سلامة البحث العلمي، والباحث يرى أنَّ قُدرة ”كورتجي” على كشف الرأي والرأي المغاير في الفلسفة الواحدة لهو شيء يحسب لها؛ حيث برهنت على أنَّ ”بوبر” فيلسوف المنهج العلمي يقبل استثناءات تسمح بمراعات منطق الحالة الواقعية للمشكلة في فرض الفروض واختبارها.
• إنَّ ”كورتجي” تقدم النظريات المفيدة في العلم، والتي تزودنا بفهم أكثر للظواهر وتزيد حجم المعلومات المقدمة، على النظريات اليقينية التي قد تكون غير مفيدة؛ حيث ترجح ”كورتجي” التضحية باليقين المطلق في سبيل زيادة الفهم.
• كما قدمت ”كورتجي” إلى جانب نظريتها في تفسيرات الفعل البشري بناءً على منطق الحالة رؤية جديدة لأخلاقيات العلم وقيم الممارسة العلمية، حيث ترى أنَّ كلًا العلم والمجتمع يعاني عندما يتبنى الباحثون اتجاهًا يتجاهل المعايير الأخلاقية عند البحث عن المعرفة.
وكذلك دعت ”كورتجي” إلى ضرورة إدخال القيم في تعليم العلوم، حيث تدعونا إلى تبني قواعد ميرتون للعلم، تلك التي تخدم العلم والمجتمع، كما تدعونا إلى النظر في دمج قيم العلم مع فضائل المجتمع المدني، وترى أنَّ تطبيق قيم العلم و قيم الممارسة العلمية يؤديان إلى تحسين المنطق العام للمجتمع.
• إنَّ نظرية المعرفة عند ”كورتجي” هي ”الواقعية النقدية النافعة”؛ إنها نظرية معرفة جديدة تتخطى – ما بعد الحداثة/ما بعد الوضعية، وهي جزء من ثقافة الخطاب النقدي للإنسانية؛ المنير والنافع للبشرية، كما أنَّ ”كورتجي” تدمج بعض جوانب الرؤى الحداثية مع رؤى فلاسفة ما بعد الحداثة وما بعد الوضعية، حيث تؤكد على أنَّ المعقولية، لا اليقين المطلق، هو أقصى ما يمكن توقعه في المعامل العلمية.
• وأخيرًا، توصلت الدراسة في مجملها إلى أنَّ مفهوم فلسفة العلم عند ”كورتجي” قائم على التعامل مع النظريات العلمية بناءً على فائدتها العملية وقدرتها التفسيرية في ظل ظروف معينة ووضعيات محددة يشرحها الفاعل بمعقولية، بعيدًا عن الأيديولوجيات والغايات السياسية الموجِهة، وتحكمها معايير أخلاقية وقيم للممارسة العلمية متوافق عليها.
• وفى النهاية وجب الاعتراف بأنَّ الباحث لم يصل إلى فصل المقال في إبراز قضية مفهوم ”فلسفة العلم عند كورتجي”؛ بل هي محاولة متواضعة من الباحث للكشف عن بعض محاور هذه القضية، ودعوة للباحثين والدارسين للخوض في تفصيلات تلك القضية وفحص أعمال صاحبتها؛ للوقوف على أدق تفصيلاتها، وتقديمها للقارئ العربي في صورة واضحة وجلية.