Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نزعة التحرر في روايتي
الأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران و الحداد للوشيون :
المؤلف
تشان، سون بنج.
هيئة الاعداد
باحث / سون بنج تشان
مشرف / نجوى عمر كامل
مشرف / حنان يوسف عز الدين
مشرف / مجدي مصطفي أمين
تاريخ النشر
2018.
عدد الصفحات
121ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2018
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الألسن - قسم اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 121

from 121

المستخلص

مقدمة
يتناول هذا البحث موضوعا أدبيا في القرن الماضى، حيث ظهر فى أوائل هذا القرن أشهر كاتبين فى لبنان والصين ---- هما جبران خليل جبران ولوشيون، كشفت أفكارهما العميقة وموهبتهما الفذّة عن إسهامهما فى صرح الفنون الإنسانية، تحتل أعمالهما الأدبية مكانة بارزة فى الأدب العالمى حتى يومنا هذا. لا تعد ”الأجنحة المتكسرة” للكاتب جبران خليل جبران و ”الحداد ” للكاتب لوشيون هى أهم أعمالهما، ولكن كلا منهما يناقش الكثير من القضايا المهمة، وهى مناهضة الزواج الإقطاعى،و معالجة قضايا المرأة، حيث تتمتع هذه القضايا بمغزى اجتماعى مهيم.
انطلق كلا الكاتبين من خلفياتهما الاجتماعية والثقافية الواسعة، فى وصف الحياة الواقعية للناس وسعيهم الدؤوب فى الحياة فى فترة محددة من التاريخ وصفًا صادقًا. فندد الكاتبان بالقوى الإقطاعية المتخلفة، وأيقظا همة الشعب ووعيه، ودعيا إلى السعى الدائم وراء حقيقة الحياة، وشجعا الناس على المضى قدمًا نحو آفاق الجمال والمثالية. كشفت مأساة هذين الكتابين فى الحب العديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية،وعكست أيضا الآثار العميقة الناجمة عن هذه المأساة، كما قامت بدور بالغ الأهمية فى توعية الجماهير ومسيرة تاريخ البشرية.
رصد هذان العملان الأدبيان صورة المرأة فى الرواية بلمسة تنبض بالحياة، أفضل من الصور البراقة والمزخرفة لشخصيات الأدب العالمى.تكشف إبداعات هذين الكاتبين عن موهبتهما الأدبية الفذّة وأسلوبهما الفريد فى الكتابة، فأصبحا مثالًا يحتذى للأجيال القادمة من الكتّاب وأصبحت أفكارهما الظاهرة تستحق الدراسة.
”الحداد” هى الرواية الوحيدة للكاتب الصينى لوشيون التى تتناول قضايا الحب والزواج، كتبها الكاتب والمفكر العظيم لوشيون فى 1925م. نالت هذه الرواية إعجاب العديد من النقاد واستحسانهم فور صدورها، ومازالت تتمتع هذه الرواية بروح الواقع حتى يومنا هذا .
وكتب جبران خليل جبران روايته الرائعة ”الأجنحة المتكسرة” فى عام 1911، يعكس فيها بصورة عميقة المصير المؤلم للمرأة اللبنانية تحت السلطة الإقطاعية. فحبكة القصة ليست معقدة وصعبة، تحدث جبران فى روايته عن الحب الصادق الذى نشأ بينه وبين فتاة ثرية تدعى سلمى،حيث تعرف إليها جبران بالصدفة، ولكن مطران الكنيسة الذى يمثل القوى الإقطاعية، فرّق بينهما بأساليبه الإجرامية، مما جعلهما يعيشان تحت وطأة المفاهيم التقليدية وقيود العادات الاجتماعية، لذلك اضطرت سلمى أن تتزوج من وحش فى ثوب إنسان يدعى منصور، عانت معه مختلف صور العذاب النفسى، وفى النهاية ماتت وتركت العالم القاسى والزائف، بينما عاش البطل وحده فى هذا العالم لا أنيس له، وهام على وجهه، وانتابته حالة من الحزن والغضب لظلم المجتمع له وقسوته عليه. تمكن الكاتب فى هذه الرواية أن يعبر بكل صدق عن تعاطفه واهتمامه الشديد بمصير المرأة العربية تحت الحكم الإقطاعى. كما كشفت الرواية أيضا عن النزعة الديمقراطية المناهضة بقوة للإقطاعية والاستبدادية، فى ظل مسيرة لكشف نفاق القوى الرجعية الدينية وشراستها، فبعدت عن الروح الدينية الصحيحة.
قام كل من بطل رواية ”الحداد”جوان شانغ والبطلة جي جوين بمحاربة القوى الإقطاعية وتحطيم القيود الاجتماعية، فى ظل مبدأ الحرية الشخصية وحرية الحب بعد ”ثورة 4 مايو 1919م”،و نبذ الأخلاق الإقطاعية، والتمرد على الأعراف الإقطاعية، كما نادوا بحرية الزواج، فقد عاشا معًا بالحب، ومن ثم قطعت جي جوين علاقتها بأهلها، وقل عدد أصدقاء جوان شانغ، غمرت مشاكل الحياة الصغيرة العاطفة الجياشة بينهما بصورة تدريجية،وبدت على وجهيهما ملامح الحزن والكآبة شيئًا فشيئًا، وتعرض حبهما لاختبار قاس بسبب الظروف المالية الصعبة والحياة الجوفاء والبطالة التى يعيشها البطل جوان شانغ،الذى رأى أن الأمل الجديد يكمن فى الانفصال عن بعضهما البعض؛فعادت البطلة إلى الأسرة المتسلطة، وأخيرًا توفيت فى عالم خال من الحب، لذا رأى البطل جوان شانغ خطواته الجديدة فى الحياة من أجل جي جوين فى ظل المأساة التى صنعها بنفسه للبطلة.
كانت حياة المرأة في الإقطاعية حياة مسلوبة مستسلمة لفكرة الذكورة تستسلم لكل رجل أبا كان أو زوجا، فكان عليها الطاعة والانقياد وفق هذه السيادة الذكورية.
كما اعتبر المجتمع المرأة آنذاك إنسانا معدومًا من المشاعر ،محرومًا من التفكير والرغبات بل محرومًا من إبداء الرأي.
تدنت مكانة المرأة الاجتماعية في المجتمع الاقطاعي فأصبحت حياتها عذابا ومعاناة ومأساة بكل ما تحمله هذه المعاني.
قضت عادات الصين الإقطاعية على إنسانية البشر وعطفهم على الآخر ،كما حكم المجتمع الصيني الإقطاعي على النساء: في فترة أمراء الحرب الشماليين قبل الحرب الأهلية الصينية حياة تحت تقاليد صينية قاسية.
أهمية هذا الموضوع والأسباب الكامنة وراء اختياره:
إن المرأة جزء فعال في المجتمع ،فهي الأم والزوجة والشقيقة والابنة ، و تشغل جزءا كبيرا من كيانه النفسي والاجتماعي؛لذلك فإن تهميشها وإلغاء دورها أوحصرها أو التقليل منه يعد تعطيلًا للمجتمع وتعطيلًا لعجلة الحياة وتقدمها في كافة المجالات .
عانت المرأة كثيرًا في العصور الإقطاعية والعصور الحديثة في كثير من المجتمعات بسبب العادات والتقاليد الظالمة، وهذا يعد صورة من صور الظلم لها، بل ويعتقد من يظلمون أنهم على حق.
فالظلم الاجتماعي الذي يقع بين الناس جراء بعض المعتقدات أو العادات والقيم والمفاهيم الخاطئة الشائعة بينهم دون إدراك منهم لحقيقة ظلمهم ،فيكون المظلوم ضحية بينهم دون أن يكون له أي ذنب لما وقع عليه.
وبرغم التقدم الذي وصلت إليه المجتمعات المعاصرة فإنه ما زال هناك بعض الأفكار الشائعة والخاطئة متأصلة في المجتمع ،-ولكن بالطبع ليس بالشكل الذي كانت عليه من قبل في المجتمع الإقطاعي- والتي يقوم علي إثرها اضطهاد المرأة وظلمها .
وتأتي ثقافة اضطهاد المرأة و ظلمها من ثقافة استضعاف الآخرواستبعاده، فالبقاء والسيادة للأقوى. مما أدى إلى تحقير مكانة المرأة وتحديد دورها في المجتمع لتكون سلعة فى يد من يريد.
”أنا مدين بكل ماهو أنا إلى المرأة منذ كنت طفلًا حتى الساعة، والمرأة تفتح النوافذ في بصري والأبواب في روحي .ولولا المرأة الأم والمرأة الشقيقة والمرأة الصديقة ،لبقيت هاجعًا مع هؤلاء الذين ينشدون سكينة العالم بغطيطهم ”.
هكذا كان يقدر جبران الدورالعظيم للمرأة في جميع مراحل حياتها ،ويشيد بمكانتها ؛ يتضح في كتاباته ،فتلك رسالة منه إلى حبيبته(مي زيادة)يخبرها أنه وجود المرأة ما كان جبران خليل جبران الفنان الذي عرفته وعشقته أوروبا .
أثرت المرأة في حياة جبران تأثيرًا واضحًا منذ طفولتها وقد حملته أمه مع إخوته مهاجرين إلى أمريكا ،فضلًا عن تشجيعها المستمر لابنها وحرصها على تعليمه الفنون، والمرأة الشقيقة التي أشار إليها في كلماته هي أخته (مريانا)التي كانت تراعيه أيام مرضه ،مرورًا بالمعلمة (فلورنس بيرس)؛ لأنها هي التي راسلت الفنان (فريد هولاند داي)الذي ساعد جبران في بداية موهبته بالرسم، وصولًا بالمرأة الصديقة (ماري هاسكل)فكانت المساندة له طوال حياته منذ أن عرفها، و(مي زيادة )التي أحبها وأرسل لها هذه الرسالة .
تم اختيارسلمى كرامة للتحدث عنها؛ لأنها بطلة رواية الأجنحة المتكسرة التي سيتم تحليلها تحليلًا فنيا مفصلًا في الفصول الآتية .
سلمى كرامة أو حلا الضاهر، فتاة لبنانية عرفها الكاتب عندما عاد إلي لبنان كي يتلقى تعليم اللغة العربية هناك في سن الثامنة عشرة حيث يقول عنها ”كنت في الثامنة عشرة عندما فتح الحب عيني بأشعته السحرية ،ولمس نفسي لأول مرة بأصابعه النارية ،وكانت سلمى كرامة الأولى التي أيقظت روحي بمحاسنها...
”لكن لم يكتمل حبهما بسبب العادات والتقاليد والظلم الاجتماعي الذي وقع علي المسكينة سلمي آنذاك،فتزوجت عنوة وماتت متحسرة علي حياتها وحبها وابنها بعد مرور سنين من زواجها .
كشف جبران بجرأة حقيقة ما عانته المرأة من ذل وهوان ،فكانت نظرته إلى المرأة تختلف عن نظرة عصره المهينة لها ،وكيف كانت التقاليد والأموال تحول بين الحبيبين وتجعل من المرأة سلعة لكل راغب فى البيع والشراء.
تبنى لوشيون في كتاباته قضايا متعددة وكانت على رأس هذه القضايا معاناة المرأة من العادات والتقاليد التي جعلتها سلعة تباع وتشترى ،بل وحرمتها حقوقها .
يشير لوشيون فى روايته ويفضح ما يمارس ضد المرأة من اضطهاد وتهميش لدورها فى المجتمع ويدعو إلى تحررها فاتخذ جي جوين رمزا للمرأة التي حاولت التحرر والخروج من سجن عادات وتقاليد الإقطاعية ،لكن عادت لتفشل في تجربتها الأولى وهذا لا يعني الاستسلام ،حيث كان التحرر وقتها في مراحله الأولى وكانت هي قليلة الخبرة .
يقال إن لوشيون قد نجح في أن يكشف الوجه المنافق لمجتمع الإقطاعية مجتمع ال5000سنة ،وحث الناس على الوعي والاستفاقة وتعد كتاباته مؤثرة فى الأجيال لمعاصرة له وللاحقة.
اتسمت كتاباته بالطول لكن دون أن تفقد سلاستها وهذا يرجع إلي دقة المشاهد و التفاصيل التي يصورها للقارئ، سواء عبر الوصف الخارجي لكل ما يحيط بالأحداث أو وصف الشخصية من الداخل لإظهار المشاعر المعبرة عن الضعف الإنسانى..
منهج البحث:
يعتمد البحث على المنهج التحليلي المقارن الذي يرصد نقاط التشابه والاختلاف بين الكاتبين والمقارنة بينهما عن طريق التوازي لمعرفة أغراض كل منهما وأسلوب كل واحد في الكتابة متبعة منهج المدرسة الأمريكية ،لأنه الأقرب إلى طبيعة الدراسة ،حيث اتفق الكاتبان في الموضوع ،وإن لم يحدث بينهما تأثير وتأثر.
أهداف البحث:
أولًا:المقارنة بين تأثير المجتمعين العربي والصيني في هذا العصر على المرأة بشكل خاص.
ثانيًا:المقارنة بين تصوير الكاتبين العربي والصيني وأسلوبهما في تقديم الموضوع.
وينقسم البحث إلى تمهيد و فصلين ،عرضت فى التمهيد التعريف بالكاتبين ،والخلفية الثقافية لكل منهما ،ثم الخلفية الاجتماعية و التقاليد الخاصة بالمرأة فى الثقافتين العربية الصينية.
والفصل الأول بعنوان (مؤثرات تشكيل شخصية المرأة عند جبران و لوشيون) و يتكون من مبحثين: الأول عن أثر التشكيل الذاتى للشخصية فى توليد نزعة التحرر عند البطلتين، والثانى عن أثر التشكيل الاجتماعى فى تصاعد نزعة التحرر فى الروايتين و المقارنة بينها .رصد البحث فيه العلاقة المتوترة بين فعل (القهر الاجتماعى) ونزعة التحرر عند الشخصية الروائية ،طرديا و عكسيا .
أما الفصل الثانى فهو بعنوان (المعالجة الفنية فى التعبير عن نزعة التحرر، ومقارنة بين الكاتبين العربي والصيني) ويتكون من مبحثين أيضا: الأول يحلل أثر الرغبة فى الإصلاح الاجتماعى عند لوشيون فى اختيار الجمل التقريرية. واللجوء إلى تقنية التذكر لاختصار زمن القص. ثم شعرية اللغة.
والمبحث الثانى يحلل أثر امتداد الحوار عند جبران في التعبيرعن الصراع النفسى، وشيوع الجمل الوصفية، ثم شعرية اللغة.