Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
القانون الواجب التطبيق على عقد التفاوض الدولي /
المؤلف
الحديثي، محمد حسن حميد العلي.
هيئة الاعداد
باحث / محمد حسن حميد العلي الحديثي
مشرف / عاطف عبد الحميد حسن
مشرف / أبو العلا على أبو العلا النمر
مناقش / أحمد قسمت الجداوي
الموضوع
القانون الدولي الخاص.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
343ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الدولي الخاص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 343

from 343

المستخلص

الملخص
أن التفاوض أمر ضروري ولصيق بحياة الأنسان منذ القدم وعلى مر العصور، الا ان اهميته الحقيقية لم تظهر الا في العصر الحديث، حيث كان للتطورات الأقتصادية والتكنولوجية الهائلة التي شهدها هذا العصر عظيم الأثر على بنيان العقد وتكوينه، فقد أصبحت اعداد كبيرة من العقود تتسم بالتركيب والتعقيد الفني، بحيث بات من الضروري التفاوض على هذه العقود بداءة ودراستها دراسة مستفيضة حتى يمكن التوصل الى ابرامها، ومن هنا برزت اهمية التفاوض على العقد، ومدى ما يمكن ان يترتب عليه من اثار قانونية.
ورغم هذه الاهمية التي اصبح يحظى بها التفاوض على العقد في العصر الحديث، الا ان التقنيات المدنية الحديثة لم تتناوله بنصوص خاصة تنظمه وتحدد اثاره، فيما عدا بعض التقنيات المغمورة التي افردت له نصوصا” خاصة، وان جاءت هذه النصوص غامضة وغير كافية لحسم مسشكلات التفاوض، ولقد ادى هذا الفراغ التشريعي الى حدوث خلاف كبير في الحلول التي اخذ بها الفقه والقضاء في القانون المقارن.
وقد عرفنا التفاوض على العقد بأنه ( حدوث اتصال مباشر او غير مباشر بين شخصين او اكثر بمقتضى اتفاق بينهم، يتم خلاله تبادل العروض والمقترحات وبذل المساعي المشتركة، بهدف التوصل الى اتفاق بشأن عقد معين تمهيدا” لأبرامه في المستقبل ) ومن هذا التعريف ظهر واضحا” ان التفاوض على العقد يتميز بالخصائص التالية : فهو ثنائي الجانب على الاقل، وهو تصرف ارادي، وهو يتم دائما” باتفاق الطرفين الصريح والضمني، وهو يقوم على التبادل والاخذ والعطاء من الجانبين، وهو دائما” ذو نتيجة حتمية احتمالية، وهو اخيرا” مجرد مرحلة اولية تمهد لأبرام العقد النهائي.
وقد تبين لنا من هذه الدراسة ان الايجاب بالعقد هو الحد الفاصل بين مرحلة التفاوض ومرحلة ابرام العقد، اذ ان التفاوض يهدف في المقام الاول الى التوصل الى هذا الايجاب، وذلك بمناقشة وتحديد شروط العقد وبلورتها في صورة ايجاب نهائي، وبصدور هذا الايجاب تنهي المفاوضات لتحقق الهدف منها، ويدخل الطرفان في مرحلة ابرام العقد، فيقوما بتبادل الايجاب والقبول الذي ينعقد به العقد. على ان صدور الايجاب لا يؤدي حتما” الى زوال مرحلة التفاوض نهائيا”،
بل ان المفاوضات تعلق بصدور هذا الايجاب انتظارا” لما سيسفر عنه، فأن تم قبوله ممن وجه اليه انعقد العقد وانتهى الامر، وان عدل عنه الموجب او رفضه الموجب له سقط الايجاب باثر رجعي واعتبر كأن لم يكن، وعند ئذ يعود الطرفان من جديد الى حضيرة المفاوضات حتى يتوصلا الى ايجاب اخر يتم قبوله دون قيد او شرط فينعقد العقد.
وقد انتهينا الى ان الدعوة الى التفاوض تختلف عن الدعوة الى التعاقد، ففي حين ان الداعي الى التفاوض يهدف الى الدخول في مفاوضات مع من يستجيب لدعوته من اجل مناقشة وتحديد شروط العقد غير المحددة، فان الداعي الى التعاقد لايقصد البتة ان يتفاوض مع المستجيب لدعوته، وانما يهدف فحسب الى حث هذا الاخير على الاقبال عليه للتعاقد معه في الحال وفقا” لشروط محددة سلفا” لايمكن النقاش فيها، فالدعوة الى التفاوض هي اذن دعوة للتمهيد الى ابرام عقد من العقود القابلة للتفاوض، اما الدعوة الى التعاقد فهي دعوة لابرام عقد من العقود غير القابلة للتفاوض، اي عقود الأذعان.
ولعل اهم ما توصلنا اليه في هذه الدراسة، هو ان التفاوض على العقد ليس مجرد عمل مادي غير ملزم، وانما هو تصرف ذو طبيعه عقدية، فقد تبين لنا ان هناك دائما” اتفاق بين الطرفين على التفاوض، صريحا” كان هذا الاتفاق او ضمنيا”، وان هذا الاتفاق هو الذي ينشيء الالتزامات التي تقع على عاتق الطرفين اثناء التفاوض. اذ ان التفاوض على العقد لايتم في الواقع بمحض الصدفة، وانما يتم بناء على اتفاق سابق بين الطرفين. فاذا لم يكن الطرفان قد صرحا باتفاقهما على التفاوض، فان هذا الاتفاق يستخلص ضمنا” مـن مجرد قبولهما الدخول في التفاوض. وبذلك فأن المسئولية في مرحلة التفاوض تكون في الاصل مسئولية عقدية، وليست مسئولية تقصيرية.
غير ان المعمول به في الحياة العملية، سواء في القانون المصري او في القوانين الاخرى، هو ضرورة التفرقة بين ما اذا كانت المفاوضات مصحوبة ام غير مصحوبة باتفاق صريح على التفاوض، فاذا كانت المفاوضات غير مصحوبة باتفاق تفاوض صريح، كانت المسئولية في هذه الحالة مسئولية تقصيرية. وذلك فيما عدا القانونين الالماني والسويسري اللذين يعتبران المسئولية في تلك الحالة مسئولية شبه عقدية تنطبق عليها قواعد المسئولية العقدية، اما اذا كانت المفاوضات مصحوبة باتفاق صريح، فان المسئولية تكون حينئذ مسئولية عقدية.
وقد راينا ان فكرة اتفاق التفاوض – الصريح اوالضمني – تتفق تماما مع النية الحقيقية للطرفين، وتتماشى مع صحيح القانون، بل ان القضاء الفرنسي قد اعترف في اكثر من حكم بوجود اتفاق على التفاوض بين الطرفين هو في حقيقته اتفاق ضمني.
وقد لاحظنا تزايد اللجوء الى الاتفاق الصريح على التفاوض في الحياة العملية، فقد اصبح المتفاوضون اليوم يحرصون على ابرام اتفاق صريح على التفاوض، لا سيما في التفاوض على العقود الهامة، وذلك لتنظيم العلاقة فيما بينهم بهدف تامين المفاوضات وزيادة فرص نجاحها، وكذلك للحيلولة دون الوقوع تحت رحمة قواعد المسئولية التقصيرية التي تصبح عديمة الفائدة اذا ما عجز المتفاوض المضرور عن اثبات الخطأ في جانب المتفاوض الاخر.
وان اتفاق التفاوض هو عقد حقيقي يتم بتوافق ارادتين ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود، وانه ينعقد بمجرد تراضي الطرفين – صراحة او ضمنا” – على الدخول في التفاوض دون الحاجة الى أفراغه في شكل معين، وانه يلزم الطرفين بالتفاوض على العقد فحسب ولا يلزمهما بابرام هذا العقد بالفعل، اذ انه مجرد اتفاق تمهيدي، وانه غير محدد المدة عادة. وقد بينا ايضا” ان هذا الاتفاق اما ان يتم في صورة اتفاق مستقل، واما ان يتم في صورة بند او شرط مدرج في عقد اصلي، كشرط اعادة التوازن العقدي او شرط ال Hardship، وشرط التسوية الودية للمنازعات، وشرط المستقبل، وهي الشروط التي يطلق عليها بوجه عام ( شرط اعادة التفاوض).
وقد تبين لنا ان التفاوض على العقد يمر في الحياة العملية بثلاث مراحل، هي :- مرحلة انعقاد التفاوض، اي المرحلة التي يلتقي فيها الطرفان ويتفقان على الدخول في التفاوض، ومرحلة سير المفاوضات , اي المرحلة التي تتم فيها عملية التفاوض بالفعل، ومرحلة انتهاء التفاوض اما بالنجاح او الفشل.
وراينا ان التفاوض وان كان يهدف الى الاعداد والتحضير لابرام العقد النهائي، الا انه يحتاج الى الاعداد والتحضير، خاصة اذا كان يتعلق بعقد من العقود الهامة، وذلك عن طريق اجراء دراسة تمهيدية للمشروع المراد التفاوض عليه، والقيام بالبحث عن المتعاقد الاخر والتحقق جيدا” من شخصيته، لا سيما اذا كان العقد المراد ابرامه من العقود القائمة على الأعتبار الشخصي.
وقد رأينا ان الاتفاق على التفاوض، الذي تبدأ به دائما” عملية المفاوضة، يتم عملا” بتوجيه احد الطرفين الى الاخر دعوة بالدخول في التفاوض، اطلق عليها في الفقه اسم الايجاب بالتفاوض، ثم قبول هذا الايجاب ممن وجه اليه، واتضح لنا ان الايجاب بالتفاوض اما ان يكون صريحا” وأما ان يكون ضمنيا”في واقع الحياة العملية.
وقد بينا ان اتفاق التفاوض متى انعقد صحيحا” فأنه ينشيء على عاتق الطرفين التزامات تبادلية معينة يأتي على رأسها الألتزام بالتفاوض، اذ ان هذا الألتزام هو الالتزام الرئيسي في مرحلة التفاوض، وهو ذو شقين، الشق الأول هو الألتزام بالدخول في التفاوض، وهو التزام بتحقيق نتيجة، والشق الثاني والجوهري هو الألتزام بالتفاوض بحسن نية، اذ طبقا” للقواعد العامة يلتزم الطرفان بتنفيذ اتفاقهما على التفاوض بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. وقد انتهينا الى ان الالتزام بالتفاوض بحسن نيه هو التزام بتحقيق نتيجة، اذ يجب على المتفاوض ان يكون حسن النيه بالفعل اثناء التفاوض حتى يفي بالتزامه، ولا يجوز له ان يدفع المسئولية عن نفسه باثبات انه بذل كل ما بوسعه من جهد لكي يكون حسن النية فلم يستطع، لان حسن النية كل لا يتجزء، فاما ان يكون الشخص حسن النية او سيء النية ولا شيء غير ذلك.
وقد راينا ان الالتزام بالتفاوض بحسن النية تتفرع عنه التزامات اخرى تقع على عاتق الطرفين حتى ولو لم ينصا عليها صراحة في اتفاق التفاوض، لان هذه الالتزامات يستلزمهها حسن النية في التفاوض , وهي :- الالتزام بالاعلام، وهو الالتزام الذي يقتضي الشفافية في التفاوض , وقد انتهينا مع الراي الراجح الى ان هذا الالتزام ببذل عناية وليس التزاما بتحقيق غاية. وكذلك الالتزام بالتعاون من اجل انجاح المفاوضات، وهو ايضا التزام ببذل عناية. والالتزام بمواصلة التفاوض , وهو بداهة التزام ببذل عناية، لان الطرفين لايلتزمان بابرام العقد النهائي بالفعل، وانما يلتزمان فحسب ببذل قصار جهدهما للاستمرار في التفاوض بهدف التوصل الى ابرامه، وايضا” الالتزام بالمحافظة على الاسرار التي يكشف عنها التفاوض، وذلك بالأمتناع عن افشاء او استغلال هذه الاسرار الا بترخيص من صاحبها، وهو الالتزام بتحقيق نتيجة.
وقد لاحظنا ان الاطراف المتفاوضة تحرص عادة، خاصة في التفاوض على العقود الهامة، على ابرام اتفاقيات تمهيدية لتنظيم عملية التفاوض وحسم المشكلات التي يمكن ان تنشا عنها.
ومن هذه الأتفاقات، عقد الأطار، وهو العقد الذي يحدد الشروط الرئيسية التي يلتزم الطرفان بأتباعها عند التفاوض لأبرام عقد من العقود الفردية التي تعرف بعقود التطبيق او عقود التنفيذ، مثل عقد اطار التوريد.
ومن هذه الاتفاقات ايضا” الأتفاق المؤقت، وهو الأتفاق الذي ينشيء على عاتق احد الطرفين كلا منهما التزامات مؤقتة لتنظيم العلاقة بينهما اثناء التفاوض او عند فشله.
ومن هذه الاتفاقات كذلك، الاتفاق المرحلي، او ال Punctation، وهو اتفاق يبرمه الطرفان في احد مراحل التفاوض ويحددان فيه بعض شروط العقد النهائي التي اتفقا عليها في تلك المرحلة. وهو يلزم الطرفين بعدم المنازعه فيما تم الاتفاق عليه، وبمواصلة التفاوض على الشروط الباقية. وقد انتهينا الى ان المادة (95) من القانون المدني المصري تنظم صورة هامة من صور الاتفاق المرحلي، وهي الصورة التي يتضمن فيها هذا الاتفاق جميع المسائل الجوهرية في العقد مع الاحتفاظ بمسائل تفصيلية للاتفاق عليها فيما بعد. فقد قضت هذه المادة بان العقد النهائي يعتبر قد تم بمجرد هذا الاتفاق اذا كان الطرفان لم يشترطا فيه ان العقد لايتم عند عدم الاتفاق على هذه المسائل المؤجلة، واذا قام خلاف على هذه المسائل فان المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة. وخلصنا من ذلك الا ان الاتفاق المرحلي في هذه الحالة يتضمن اتفاقا” ضمنيا” بالتفاوض على المسائل المرجاة.
وقد تبين لنا ان التفاوض على العقد ينتهي بالفشل لأسباب معينة، هي :- جمود المفاوضات، او وصولها الى طريق مسدود، او قطعها من جانب احد الطرفين. وراينا ان هذا الفشل يؤدي الى انحلال اتفاق التفاوض، وذلك أما بأنهائه واما بفسخه، متع بقاء بعض الأتفاقات المؤقتة نافذه لحسم المشكلات المترتبة على الفشل.
وقد لاحظنا ان الطرفين قد يستمرا في التفاوض صوريا” رغم فشله، وذلك للوقوف على اسباب هذا الفشل، والحيلولة دون حدوثها مرة اخرى اذا ما قررا التفاوض على نفس العقد في المستقبل.
كما انتهينا الى ان رشوة المفاوض يمكن ان تؤدي الى ابطال العقد الذي ابرمه نيابة عن الأصيل، سواء بالأستناد الى التدليس كعيب للرضا أو بتطبيق القاعدة العامة التي تقضي بأن الغش يبطل التصرفات.
وقد خلصنا من هذه الدراسة الى ان المسئولية المدنية في مرحلة التفاوض هي قاعدة عامة مسئولية عقدية، نظرا” لان هناك دائما” اتفاق بين الطرفين على التفاوض، صريحا” كان او ضمنيا”، وأن هذه المسئولية هي نتيجة الأخلال به.
ورأينا ان اهم صور الخطا العقدي في مرحلة التفاوض هي : رفض الدخول في التفاوض المتفق عليه من قبل، وقطع المفوضات من دون مبرر مشروع، واستفزاز المتفاوض الاخر ودفعه الى ترك المفاوضات، والاخلال بالالتزام بالاعلام الذي يؤدي الى فشل التفاوض، وافشاء الاسرار او استغلالها بدون ترخيص من صاحبها.
وقد انتهينا الى ان التنفيذ العيني الجبري مستبع تماما” من مجال التفاوض، فلا يجوز اجبار المتفاوض المدين على تنفيذ التزامه بالتفاوض تنفيذا” عينيا”، حتى ولو لم يكن هذا التنفيذ مستحيلا” ولا مرهقا”، نظرا” لما في هذا الاجبار من مساس بحريته الشخصية، ولعدم جدوى التفاوض حينئذ، وانما تقتصر مسئولية هذا المتفاوض على تعويض المتفاوض المضرور تعويضا” نقديا”.
وقد رأينا ان الاضرار التي يمكن ان يعوض عنها في مرحلة التفاوض هي : نفقات التفاوض، وضياع الوقت، والمساس بالسمعة التجارية، وتفويت الفرصة، وعدم تنفيذ العقود التي ابرمت مع الغير استنادا” الى مشروع العقد المتفاوض عليه.
واذا كانت المسئولية العقدية هي التي تنشأ اصلا” في مرحلة التفاوض، الا ان المسئولية التقصيرية يمكن ان تنشأ في هذه المرحلة. وذلك اذا ما كان أخلال المتفاوض بالتزامه العقدي يشكل خطأ عقديا” وخطأ تقصيريا” في أن واحد، ففي هذه الحالة تقوم مسئوليته التقصيرية الى جانب مسئوليته العقدية ؟
وقد رأينا ان اهم صور الخطأ التقصيري للمتفاوض هي : الدخول في التفاوض لمجرد التجسس على الطرف الاخر، او لمجرد اعاقة هذا الاخير عن ابرام صفقة اخرى، ورشوة المفاوض الاخر او افساده، والتفاوض على ملك الغير، والسكوت عمدا” عن واقعه مؤثرة في التعاقد، والتشهير بالمتفاوض الاخر والاساءة الى سمعته.
وقد انتهينا اخيرا” الى ان تحديد القانون الواجب التطبيق على المسئولية المدنية في مرحلة التفاوض يثير اشكالا” كبيرا”، خاصة في الحالة التي يكون فيها المفاوضات غير مصحوبة باتفاق تفاوض صريح، اذ ان هذا النوع من المفاوضات ليس له حكم واحد في جميع الدول.