Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مقومـات الهويـة فـي الفكـر العربـي المعاصـر /
المؤلف
يوسف، حامد إسماعيل محمود.
هيئة الاعداد
باحث / حامد إسماعيل محمود يوسف
مشرف / فيصل بدير عون
مشرف / نوران محمد فتحي الجزيري
مناقش / فيصل بدير عون
الموضوع
الفلسفة.
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
228ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 228

from 228

المستخلص

المقدمة :
اللغة والثقافة العربية وقضية البحث عن الذات العربية وتأصيلها تلك هي القضايا التي أعيت الكثير من العلماء والأدباء والمفكرين والفلاسفة في البحث والتفكير. فكلما مضى الزمن نظن أننا قد أنجزنا الكثير في البحث العلمي المتمثل في اللغة العربية والهوية العربية ، ولكننا بالتأمل والدراسة ندرك أننا ما زلنا نحبو في السطر الأول .
والقضية الأساسية تتمثل في الإجابة عن التساؤل ، هل نملك الأدوات الكافية للحفاظ على اللغة والثقافة العربية ؟ وهل سلاح الاجتهاد في البحث مازال حاضرًا استعدادًا لخوض المعركة مع الجهل والفقر والمرض ، التي أصابت المجتمعات العربية ، في الوقت الذي يخوض فيه العالم صراعًا آخرًا حول تأصيل اللغة حتى ولو كانت مستحدثة ؟
إن الثقافة العربية الإسلامية تتعرض لمحن تحتاج إلى جهود كثيرة للمحافظة عليها . وهي في هذا شأنها شأن ثقافات وحضارات أخرى.
فلذا لزم السعي إلى معالجة هذا الخلل والبحث في الهوية والتمسك بالقيم النبيلة في الثقافة عامة، وبالمبادئ والقيم والعادات التي هي معلم رئيس من معالم (الحضارات والثقافات) .
على أننا – فيما أري – نعيش حالة اغتراب عند مفارق طرق كثيرة ؛ لأننا لا نستطيع أن نُحدد مَنْ نحن ؛ ولأننا مختلفون في تحديد هويتنا ما بين العروبة والإسلام والقوميات الآخرى ذات المرجعية التاريخية.
إن الغاية التي يسعى إليها القابضون على صنع القرار في أزمة السياسة الدولية في هذه المرحلة، هي محو الهويات ومحاربة التنوع الثقافي والعمل على انسلاخ الأمم والشعوب عن مقوماتها، لتندمج جميعها في إطار النموذج الغربي الأقوي إبهارًا والأشد افتنانًا في هذا العصر .
ففي ظل هذا المناخ الدولي غير المستقر الداعي لإذابة الحواجز ، يزداد الخطر الذي يهدد المجتمعات الإنسانية في خصوصياتها الثقافية والحضارية ، وفي أمنها الفكري والعقائدي ، وفي هويتها الوطنية وثقافتها القومية ، فهذا الخطر يتضاعف لقهر إرادة الشعوب وتحطيمها. ومن ثم وجب علينا الحفاظ على هويتنا الحضارية العربية الإسلامية فهي ضرورية وواجبة ؛ لأنها أمر حتمي تورث من جيل إلى جيل ؛ لأن الصراع سيظل قائمًا.
إذن ما هي الهوية ؟ أو ما المقصود بالهوية؟
الهوية هي في أصلها مسألة فلسفية قديمة تعرض لها الكثير من الفلاسفة فقد تناولها بالدراسة فلاسفتنا القدامي ، ابتداءً من الكندي إلى ابن رشد في مجال نظرية المعرفة ، إذ أصبح مفهوم ” الهوية ” يدل على معنى الذات ، وذلك من خلال مفهوم الشيء المفكر (ديكارت) ، ويميز الكندي بين ” الإنية ” و ”الماهية” إذ يرى ”الإنية” بوصفها الوجود العيني المادي المحسوس للشيء ، أما ”الماهية” فهي صورة الشيء أو خاصيته أو هويته غير المحسوسة.
تعددت تعريفات الهوية ومفاهيمها فقد قال بعض الباحثين” إن الهوية هي الإعلاء من شأن الفرد ، كما أن بعضهم الآخر قال إن الهوية ما هي إلا بطاقة تعريف عن شخصيته ، بينما ينظر بعضهم إلى الهوية من منظور آخر بأنها الوعي بالذات الاجتماعية بالإضافة إلى الذات الثقافية ، كما أنها تعد متحولة ؛ وذلك حسب الواقع ولا تعد ثابتة بمنظور أحادي ، كما أن الهوية أيضًا عُرفتْ بأنها الخصوصية الذاتية ، فهي تعد ثقافة الفرد ، ولغته وعرقه وعقيدته بالإضافة إلى
إن مسألة إثبات الهوية أو تغيُّرها، قد طرحت في كثير من المناقشات والحوارات ، وأثبتت المجادلات العلمية أن هوية أي مجتمع ليست أمرًا ثابتًا وسرمديًا ؛ لأن الإنسان يتأثر دائمًا بالمؤثرات الخارجية وبالتداول العلمي للأفكار والثقافات ، كما يرتبط أيضًا بالصراع على السلطة ، وهي الصراعات التي تظهر بنفسها بصورة مباشرة وغير مباشرة بالمؤثرات الخارجية ولعبة التوازنات .
وتؤكد الدراسات السوسيولوجية أن لكل جماعة أو أمة مجموعة من الخصائص والمميزات الاجتماعية والنفسية والمعيشية والتاريخية التي تميزها عن غيرها والتي تعبر عن كيان ينصهر فيه قوم منسجمون ومتشابهون بتأثير هذه الخصائص والمميزات التي تجمعهم على الهوية .
ومن هذا الشعور ذاته ، يستمد الفرد إحساسه بهويته وانتمائه ؛ لأنه ليس مجرد فرد نكرة تائه، وإنما يشترك مع عدد أكبر من أفراد الجماعة في المعطيات والمكونات والأهداف ، والذين ينتمون إلى ثقافة مركبة من جملة من المعايير والرموز والصور داخل المجتمع ليعطي وينتج ويفكر .
إن الهوية تعبر عن حقيقة الشيء المطلقة المشتملة على صفاته الجوهرية التي تميزه عن غيره ، كما أنها تعبر عن خاصية المطابقة ؛ أي مطابقة الشيء لنفسه أو لمثيله ، وبالتالي فالهوية الثقافية لأي شعب من الشعوب هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات العامة التي تميز حضارته عن غيرها من الحضارات.وفي حالة انعدام شعور الفرد بهويته نتيجة عوامل داخلية أو خارجية تتولد لديه ما يمكن أن نسميه بأزمة الهوية والتي تؤدي بدورها إلى أزمة وعي Warness Crisis مما تؤدي إلى ضياعها.
وبالرغم من تعدد الهويات الثقافية فإن جوهرها وهدفها واحد ، وهو تعميق إنسانية الإنسان ، والإعلاء من شأنها بمعزل عن كل أشكال القهر والكبت والهيمنة ، تحت أي دعاوى عنصرية أو عرقية أو دينية ، وهذه هي الهوية الإنسانية .
هذه هي إشكالية الدراسة والتي أسعى من خلالها إلى إلقاء الضوء عليها. وقد رأيت أن الإجابة عن هذه الإشكالية يمكن معالجتها من خلال الفصول الآتية:
1 – الفصل الأول ( المقومات الأساسية للهوية العربية ):
تتجلى المقومات الأساسية للهوية العربية في اللغة والدين وفي الرصيد الثقافي والفني والاجتماعي والعمراني والسياسي والحضاري وتعد هذه المقومات من الخصوصيات التي تتميز بها الشعوب والأمم عن بعضها وتحدد الانتماء.
إن الهوية بوصفها تشكيلًا ثابتًا تخضع لعوامل التحدي والاستجابة حسب السياقات المختلفة التي تتجلى فيها الهوية خطابا وسياسة ، فكل عناصر الهوية تُستدعى في أثناء الحرب والمقاومة سواء كانت دينيه أوثقافية أوحضارية أولغوية.
وتستدعى الهوية على مستوى الحدث بين الذات التي تمثلها وبين الآخر ، ففي الجدل الوطني يأتي جدلها محمولًا على حقوق الأقلية والأغلبية وفي الجدل العالمي تأتي في صورة حضارية أو تاريخية . ولكن يأتي السؤال كيف لنا أن نعد إنسانًا على مستوى حضاري في فكره وسلوكه وأدبه وفلسفته ؟ وذلك بالحوار والنقد والتسامح وتحليل الافكار.
2 – الفصل الثاني: (مبادئ الهوية) :
الهوية هي شكل ثابت في التاريخ النسبي ، وتخضع لعوامل التحدي والاستجابة حسب السياقات المختلفة فحدود دوائر الهوية وأسوار دوائر الأيديولوجية الانغلاقية والكلية لم تكن إلا على نزعة عدائية وتشكيكية في الآخر ، وتصور سلبي له! وتكمن خطورة الهوية في أن تكون ثابتة لا متغيرة فهي عناصر متعددة أهمها القدرة على الفهم في التاريخ نفسه .
ذلكم أن النظرة التآمرية ليست وليدة الانفعال والعاطفة ولكنها كانت وما زالت آلية عقلية تأسيسية في الجدل المذهبي والفكري والعربي منذ القرن الثاني الهجري .
3 – الفصل الثالث :( الهوية مع الاختلاف ) :
كانت أولى خطوات الإصلاح في فكرنا العربي المعاصر على يد الإمام ”الأفغاني” والإمام ” محمد عبده ” اللذين حاولا تجاوز التخلف الفكري من خلال حركة إصلاحية شاملة ، فالأفغاني تجاوز مذهبيته وطائفيته وانطلق سائحًا ومجاهدًا من أجل نهضة أمته ، كما أن الإمام محمد عبده قد جعل العقل بجوار النقل مصدرين للتشريع في إنتاجه النظري من فتاوي وتفسيرات ، ورفض أي شكل من أشكال الكهنوت الديني يمكن أن يقضي على الدين . فكان اعتداله المنهجي والسلمي في مواقفه السياسية ، في إصلاح حالة الأمة بعيدًا كل البعد عن أشكال الاستبداد وهنا أري أيضًا أن ميدان الجهاد الأول واقتلاع الحكام والقيادات والأنظمة الفاسدة واستبدالها بنظام إسلامي كامل متكامل هو البداية للإصلاح والتحديث والتجديد .
4- الفصل الرابع : ( الهوية ضد الاختلاف ) :
ونتناول فيه بعض التيارات والاتجاهات ؛ مثل : الإمبريالية والاشتراكية والليبرالية والعلمانية والمعارضة والتعددية القانونية والاجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان وسيادة القانون وتحديات العولمة .
ومن هنا فإن دراسة سؤال الهوية في هذه الفترة الراهنة له ما يبرره ، فلقد انتهت من العالم صور الاستعمار التقليدية ، وكان ذلك عقب حصول الدول المستعمرة على استقلالها ، واختفى الشكل التقليدي ” العسكري ” للاستعمار ، إذ برزت على السطح أنواع جديدة من الاستعمار ، ارتدت ثوبًا مختلفًا عن ثوبها التقليدي المتمثل في المقام الأول في مجالات الاقتصاد والثقافة. لقد كان الشكل التقليدي للاستعمار مصحوبًا بالاستحواذ على الأرض وخيراتها ، وكان الكفاح من أجل تحرير هذه الأرض ، ولكن الاستعمار الجديد هو استعمار العقول ، والهويات التي تشكل هذه العقول ، فلهذا ليس مستغربًا خروج ثورات في معظم البلاد العربية من أجل البحث عن الهوية التي توارت كما حدث في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا من ثورات.
5– الفصل الخامس : ” الهوية من إلخارج” ( الموضوعية ) :
وأتناول فيه فكرة التسامح بين الشعوب القائمة على التعايش وقبول الآخر على مدى تاريخه، وأصبحت أكثر ضرورة من أي وقت مضى ؛ وذلك نتيجة لكثرة الهجرات الواسعة سواء على المستوى العربي والعالمي ، وأدى ذلك إلى زيادة التفاعلات والعلاقات مع أنماط ثقافية واجتماعية مختلفة ، بالإضافة إلى العولمة وزيادة الحركة في وسائل الاتصال المختلفة والتكنولوجيا والتكافل والاعتماد المتبادل. وقد أدت تلك العوامل إلى وجود علاقات مع أفراد وجماعات من جنسيات مختلفة وأنماط ثقافية مختلفة ، بالرغم هذه الأجواء تصاعد التعصب والصراع ، حتى أصبح ظاهرة عالمية. ولم يكن الحديث عن صراع الثقافات والحضارات جديدًا على الساحة الفكرية العالمية ؛ لأنه كان موجودًا منذ بداية عصر الصناعة . إذ كان الغرب هو ذروة الحضارة والإبداع والعبقرية ، وكان غايته ومنتهاه الارتقاء بالبناء الثقافي ، ولكن الجديد هو ظهور ثورات الشباب كما نراها الآن في أوطاننا العربية.
6– الفصل السادس :” الهوية من الداخل ” ( الذاتية ) :
يشهد الواقع الراهن سقوط الأمة في أسر التغريب والاستيراد من الغرب ، ونقل نموذج الدولة الغربية إلى البلاد العربية والإسلامية ، وأدى ذلك إلى سياسة الهيمنة بالقوة ، أقصد هيمنة المؤسسات على الواقع الحضاري الذي نحياه ، وبخاصة مؤسسات الدولة . وعلى الأمة وحركتها وقوامها مما أخرج الأمة عن مسارات التغيير والتقدم ، وأضعف من قوتها ، وأدى ذلك إلى تعطيل دورها في النهوض والتقدم.
إن الانتماء ، أي انتماء ، سمة من السمات التي تميز الأمم بعضها عن بعض. وعلى هذا فإن مفهوم الانتماء العربي الإسلامي له ملامحه الخاصة ، وفي هذا الصدد سأعرض لمفهومين رئيسين لهذا الانتماء ؛ وهما : العروبية والقومية.
فالفكر الإسلامي يضمن فكر المواطنة للأقليات العربية ، ويضمنها لغير المسلمة ، فالمساواة بين المسلمين وغير المسلمين هي من صميم المفهوم العروبي ولا يبعد عنها دون فقدان لبعض من جوهرها . فسيادة الفكر الإسلامي لا يلزم عنه تقرير عدم المساواة .
فالكل يبحث عن الهوية . فليس من المستغرب أن يستحوذ سؤال الهوية على كل هذا الاهتمام من المفكرين والفلاسفة والعلماء والأدباء على اختلاف انتماءاتهم الفكرية .
والقضية هي قضية من أنا ؟ وفي المقابل عندما أصل إلى الإجابة ستظهر الهوية لكل أمة بما في ذلك الأفراد الذين يحيون في كنفها.
إن الهوية تتضمن العقائد والعادات والتقاليد الاجتماعية وعندما يعرف الإنسان ذاته وهويته فيدرك أنه كان في حالة اغتراب عن ذاته.
والهوية العربية تحتاج للكثير من الجهد لإبرازها وتأصيلها وتأكيدها في مقابل التيارات المختلفة والمتصارعة والتي تسعي إلى النيل من كل هوية مخالفة.