Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
نقد الحداثة السياسية عند ليو شتراوس :
المؤلف
عبدالعظيم، أحمد فاروق.
هيئة الاعداد
باحث / أحمد فاروق عبد العظيم
مشرف / حسن عبد الحميد عبد الرحمن
مشرف / نصار محمد عبدالله
مناقش / محمد عثمان الخشت
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
453ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
21/8/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم الدراسات الفلسفية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 451

from 451

المستخلص

تتناول هذه الدراسة مشكلة العلاقة بين الفلسفة والسياسة في فكر ليو شتراوس (1899-1973)، ونقطة الانطلاق التي نبدأ منها هي نقد شتراوس للحداثة السياسية، ولذلك السبب كان علينا أن نأخذ في الاعتبار السياق الذي تظهر فيه المشكلة داخل عمل شتراوس الفكري، وكذلك المنظور الذي يعالج من خلاله المشكلة، إذ يتخذ شتراوس قبل كل شئ منظور الفلسفة في تقديمه للعلاقة بين الإنسان والمدينة للقارئ المعاصر. واستنادا علي هذا المنظور قمنا بالتحليل التاريخي- النقدي للعناصر الأساسية لرؤية شتراوس للحداثة السياسية وأزمتها وسبل الخروج من هذه الأزمة،وتتجسد هذه الرؤية فيما يطلق عليه شتراوس اسم: الفلسفة السياسية الأفلاطونية.
إن ضعف الليبرالية الديموقراطية وفشلها ونتائج هذا الفشل هي العناصر التاريخية الثلاثة التي تشكل سياق فكر شتراوس الفلسفي، وهذا الضعف الذي تعاني منه الليبرالية والحداثة السياسية كان بمثابة الواقع والتحدي في نفس الوقت، لكن الأحداث التاريخية ذاتها ليست هي السياق الذي يحدد فكر شتراوس ويعطيه مساره، بل كانت الصدمات التي تحث المرء علي النزاهة والاستقامة الفكرية هي ما دفع شتراوس إلي تعليق إيمانه الديني وإلتزامه السياسي من أجل الانطلاق صوب رحلة البحث عن أسباب المأزق الذي وجد نفسه فيه: المأزق السياسي- اللاهوتي. وقد فرض عليه هذا الوضع إعادة التفكير في العلاقة بين التراث والحداثة السياسية، وجعل منه معاصرا لنيتشه: أي إلي أن يفكر ويكتب في ظل الحضور الصاخب للعدمية، التي اضطرته لرد كل أنساق الفكر التي سادت تاريخ الفلسفة من أفلاطون وحتي هيجل إلي أفعال للإرادة وحركات ارتكاسية أساسها الجحود والارتياب.
يفسر شتراوس العدمية باعتبارها نتيجة للتنوير،نتيجة للطريق التاريخي الذي سلكته الحداثة السياسية منذ القرن الخامس عشر الميلادي، والذي يظهر لنا الآن في شكل موجات متتالية قامت بتشكيل الوعي الإنساني الحديث، وتفكيك الوعي الديني الحديث وإظهار المسلمات المؤسسة لليبرالية السياسية هو أول خطوات أركيولوجيا العدمية، إذ تجعل المواجهة مع الفكر ما قيل-الحديث بالإمكان رؤية هذه المسلمات، وبالتالي معرفة أين توجد القطيعة بين القدامي والمحدثين، وهكذا يصبح تاريخ الفلسفة ضروريًا للبحث عن أسباب وجذور الأزمة، إنه يتيح لنا الفرصة للهروب من الكهف الثاني الذي حفرته الحداثة السياسية تحت كهف أفلاطون: فليست حالتنا كسجناء في الكهف الذي تصفه محاورة الجمهورية هي المشكلة، لكن المشكلة هي أن الفكر الحديث يقف عقبة أمام إدراكنا للمسلمات التي ترتكز عليها مزاعمنا، أي أن فضاء تاريخ الفلسفة هو التمهيد الضروري للفلسفة السياسية، وتاريخ الفلسفة بالنسبة لشتراوس هو مستقبل وبداية الفلسفة.
وبالإضافة لجانب التفكيك والنقد يقدم شتراوس مساهمة إيجابية للفلسفة، وتتمثل هذه المساهمة في الدراسات التي خص بها شتراوس مفهوم الشريعة عند الفلاسفة المسلمين واليهود: هذا المفهوم الذي يوحد الحياة الإنسانية في المدينة بما هي حياة سياسية واجتماعية ودينية ضمن إطار شامل أو جامع، وهذا المفهوم بالتحديد- وأصله الفلسفي عند أفلاطون- هو ما تم نسيانه من قبل فلاسفة الحداثة السياسية. وإنطلاقا من هذا الاكتشاف الذي يظهر في عمل شتراوس كأساس فلسفي للفحص التاريخي- النقدي،قدم فيلسوفنا أول تأويل فلسفي- بالمعني الدقيق للكلمة- في العصر الحديث للفلسفة الإسلامية ورحلتها العلمانية في عالم الإسلام، وهو تأويل يأخذ في اعتباره السياق السياسي والاجتماعي والديني الذي عمل فيه الفلاسفة المسلمون، كما يأخذ في الاعتبار كذلك السمات الأدبية المميزة لنصوص هؤلاء الفلاسفة ومقاصدهم.
لقد بدأ شتراوس رحلته الفكرية من الليبرالية الديموقراطية وذلك من أجل الوصول إلي تناول أو معالجة الحداثة السياسية وأزمتها كمشكلة فلسفية، وانتهي به المطاف للوصول إلي الفلسفة السياسية الأفلاطونية،وانطلاقا منها استطاع تشخيص أزمة الحداثة السياسية باعتبارها نسيان لهذه الفلسفة ولكل ما ترمز إليه فلسفيا وسياسيا, إنها هي السبيل أمامنا للخروج من الأزمة التي نعيش فيها عبر إعادة تعلم طرح السؤال السقراطي: كيف يجب أن يعيش الإنسان حياته؟ وهو سؤال فلسفي وسياسي في نفس الوقت، سؤال علي أساسه خاضت الفلسفة في رحلتها العلمانية صراع الوجود كفلسفة سياسية- فلسفة أفلاطون السياسية.
وبناء علي ذلك تم تقسيم الرسالة إلي ستة فصول ومقدمة وخاتمة، وفي المقدمة عرض الباحث لإشكالية الدراسة وأهدافها ومنهج المعالجة، وفي الفصل الأول الذي يحمل عنوان: ”نظرية الليبرالية الديموقراطية”،قام الباحث بتناول الخلفية الفكرية والسياسية لأزمة الحداثة السياسية وتجليات ذلك في الفلسفة، ثم اختتم الباحث الفصل بتحليل فلسفي للنقد الذي وجهته الحركة السياسية الصهيونية لليبرالية.
وجاء الفصل الثاني بعنوان: ”الحداثة السياسية كمشكلة فلسفية”، وفيه عرض الباحث لنقد إسبينوزا للدين، وفي القسم الثاني تناول الباحث تصور شتراوس للفلسفة السياسية بوصفها فلسفة أولي تحدد علي نحو دقيق وعقلاني طبيعة النشاط الفلسفي وماهية علاقته بالسياسة والمجتمع،أما القسم الثالث من هذا الفصل، فقد تناول فيه الباحث العلاقة بين فلسفة أفلاطون والتقليد الفلسقي الإسلامي واليهودي في العصر الوسيط كما كشفت عنها الأعمال الرائدة التي قدمها شتراوس وتلاميذه منذ منتصف القرن العشرين.
وحمل الفصل الثالث عنوان: ”المواجهة مع هرمان كوهن”؛ وفيه ناقش الباحث نقد النقد الذي قام به شتراوس لفلسفة هرمان كوهن بخصوص تصور الأخير لطبيعة العلاقة بين الفلسفة والوحي،وكذلك الدور الذي لعبه إسبينوزا في تشكل رؤية الحداثة السياسية لطبيعة النظام السياسي وعلاقته بالفلسفة، وفي القسم الأخير من هذا الفصل تناول الباحث دور هرمان كوهن في توجيه شتراوس نحو دراسة موسي بن ميمون باعتباره ممثلا عقلانيا للعلاقة بين العقل والوحي.
وفي فصل الدراسة الرابع المعنون بـ: ”التأويل السياسي لمذهب النبوة”؛ أوضح الباحث في القسم الأول من هذا الفصل الانطباع الأول الذي تولد عند شتراوس في محاولته الأولي من أجل الوصول إلي فهم الدور والمكانة التي يشغلها مذهب النبوة في فكر موسي بن ميمون، وفي القسم الثاني تناول الباحث التأويل السياسي لظاهرة النبوة عند الفلاسفة المسلمين واليهود في العصر الوسيط،وفي القسم الثالث تناولت الدراسة الأصول الأفلاطونية التي ارتكزت عليها الفلسفة الإسلامية في العصر الوسيط كحل فلسفي لمشكلة العلاقة بين العقل والوحي وكذلك لمشكلة العلاقة بين الفلسفة والسياسة.
أما فصل الدراسة الخامس فقد جاء بعنوان: ”التحول الفارابي في فكر ليو شتراوس”؛ وفيه تناول الباحث الكتابة الباطنية أو الكتابة بين السطور ومشكلة العناية الإلهية باعتبارها الطريق الذي سلكه شتراوس لاكتشاف دور وأهمية الفارابي في تشكل التقليد الفلسفي في العصر الوسيط بعد سيادة أديان الوحي وهيمنتها علي ظاهرة الاجتماع السياسي الإنساني، وفي القسم الثاني من هذا الفصل تناول الباحث التحول الفكري الذي مر به شتراوس باعتباره تحولا فارابيا: بمعني أن الفارابي هو الذي قاد شتراوس لإعادة اكتشاف الفلسفة السياسية الأفلاطونية، وكذلك هو الذي قاده نحو سبل إحياء هذه الفلسفة بعد أن اختلت أو بادت.
وفي الفصل السادس والأخير الذي حمل عنوان: ”الفلسفة السياسية الأفلاطونية”؛ تناول الباحثِ مقومات الفلسفة السياسية الأفلاطونية والتي تتمثل في الجمع بين طريق سقراط وطريق ثراسيماخوس،ثم صورة الفارابي ”المعلم الثاني” كما تظهر في أعمال ليو شتراوس، وكذلك تصور الفلسفة السياسية السقراطية - الأفلاطونية كما تظهر عند كل من أفلاطون، الفارابي،وليو شتراوس لطبيعة العلاقة بين الفكر والمجتمع، وعرض الباحث في الخاتمة لأهم النتائج التي توصل إليها خلال دراسته.