الفهرس 
الفصل التمهيدى وفيهيوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
المستخلص
الحمد لله العلى الأعلى الذى خلق فسوى, والذى قدر فهدى، والذى خلق الزوجين الذكر والأنثى، أحمده سبحانه على نعمٍ لا تعدّ ولا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الخلق والأمر, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله, وصفيه من خلقه وخليله, أرسله الله على حين فترة من الرسل, وانقطاع من السبل, علم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, وترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل من بعده أبدا كتاب الله وسنته.
اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه وسار على دربه إلى يوم الدين, وصل اللهم على سادتنا وكبرائنا من العلماء العاملين, الذين حفظوا هذا الدين وسلم تسليماً كثيراً وبعد .
فإنه لم يوجد ولن يوجد علم من العلوم قام العلماء بخدمته والاهتمام به مثل السنة المشرفة التى هى شقيقة القرآن ومثيلته فى الحجة.
قال تعالى: ” وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ”1.
وقال تعالى: ” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ”2 .
وقال تعالى: ” مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا”3.
وقال تعالى: ” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”4.
وقال تعالى: ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ”5.
و عن المقدام بن معدى كرب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ” ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عنى وهو متكئ على أريكته, فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه, وما وجدنا فيه حراما حرمناه, وإن ما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حرم الله ”6 .
1- سورة الحشر – الآية رقم 7.
2- سورة النساء – الآية رقم 59.
3- سورة النساء – الآية رقم 80.
4- سورة النور – الآية رقم 56.
5- سورة النساء – الآية رقم 65.
6- سنن الترمذى – كتاب العلم – باب ما نهى أن يقال عند حديث النبى (صلى الله عليه وسلم) – تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون – طبعة: دار إحياء التراث العربى – بيروت – حديث رقم:2664 – (5/38), قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب .
وهذه الآيات والأحاديث توضح وتبين منزلة السنة ومكانتها وأنها المصدر الثانى من مصادر التشريع الإسلامى وأنه لا غنى للقرآن عن السنة, ولا غنى للسنة عن القرآن, فالسنة بيان للقرآن فهى تفصل مجمله وتقيد مطلقه, وتخصص عامه وتوضح مبهمه, ولما كان للسنة المطهرة هذه المكانة العالية والمنزلة السامية قيض الله لها من يحرسها سلفاً عن خلف تعظيماً لقدر نبيه وتبجلاً له .
وقد تعددت جهود العلماء فى خدمة السنة المطهرة وتنوعت رواية ودراية, من حفظٍ لها فى الصدور إلى تدوينٍ فى الكتب وبيان حال المتون من صحة وضعف, ومحاربة الكذابين فى كل عصر حتى وصلتنا الأحاديث مشفوعة ببيان حالها, بالإضافة إلى ما قاموا به من أعظم الأعمال كوضع قواعد الرواية, وتأسيس قواعد الجرح والتعديل, ورفع التناقض والتعارض الظاهرى فى أحاديث النبى – صلى الله عليه وسلم - .
ومن جهودهم فى خدمة السنة المطهرة أيضاً ما قاموا به من شرح للأحاديث, وبيان الألفاظ الغريبة فى المتون.
وما قاموا به أيضاً من تصنيف الكتب التى يستعان بها فى تخريج الأحاديث والتى يعرف القارئ من خلالها مواقع الحديث فى أى مصدر من مصادر السنة الكثيرة, كما أنه يستطيع بواسطتها الوقوف على درجة الحديث من حيث الصحة والضعف وغيرها فى يسر وسهولة.
وما قاموا به أيضاً من تصنيف الكتب التى يستعان بها فى معرفة رجال الحديث مع بيان أحوال روايتهم .
كما أنه من جهودهم أيضاً جمع الأحاديث التى تتعلق بالأحكام فى كتاب واحد مع بيان ما تتضمنه هذه الأحاديث من أحكام .
هذه الجهود وغيرها تجعلنا نؤمن بأنه لم يوجد ولن يوجد علم من العلوم حظى بعناية واهتمام الأمة الإسلامية مثل علم السنة المطهرة, فجزى الله هؤلاء العلماء الذين حافظوا على الأمة وبيئتها, وعرفوا للسنة قدرها أفضل الجزاء ولهم من المسلمين أعظم الثناء, والله المستعان.
وقد كان من هؤلاء العلماء الذين حافظوا على هذه البيئة الإمام العلم العلامة المحدث الفقيه المؤرخ المحقق أبو محمد بدر الدين العينى الحنفى محمود بن أحمد بن موسى ابن أحمد الحافظ , لذلك استخرت الله سبحانه وتعالى وشرعت فى عمل هذا البحث المتواضع وهو تحت عنوان ( الصناعة الحديثية عند الإمام بدر الدين العينى فى كتابه ”نخب الأفكار فى تنقيح مبانى الأخبار فى شرح معانى الآثار” ).
أولاً : أسباب اختيار الموضوع:-
كتاب (شرح معانى الآثار) من أعظم مؤلفات العلامة أبى جعفر الطحاوى وذلك لما احتوى عليه هذا الكتاب من فوائد تتعلق بالأحاديث سندًا ومتناً, واستنباط الأحكام منها مع حسن ترتيبه وتبويبه, وقد صار هذا الكتاب من المراجع المهمة فى المذهب الحنفى, لأنه يثبت مذهب الأحناف مع إيراد أدلتهم وينفى ما ألصق بهم من رد الأحاديث وتقديم الرأى عليها، ولا يفوت الطحاوى أن يذكر أدلة المخالفين وينتصر لمذهبه الحنفى غالبًا باستثناء مواضع يسيرة، لذا اشتدت عناية العلماء بهذا الكتاب وروايته وتدريسه وشرحه وتلخيصه والترجمة لرجاله.
وكان من هؤلاء الذين اعنوا بهذا الكتاب العلامة بدر الدين العيني حيث شرحه فى كتابين: الأول: (مبانى الأخبار في شرح معانى الآثار) وهو خال من الكلام عن الرجال حيث أفردهم فى كتاب خاص سماه (مغانى الأخيار فى رجال معانى الآثار). الثانى: وهو كتابنا هذا (نخب الأفكار فى تنقيح معانى الآثار) .
ويمكن تلخيص أسباب اختيار الموضوع فى عدة نقاط من أهمها:-
1- أن الإمام بدر الدين من علماء الحديث الجهابذة ، وصاحب كتب فى الحديث ، ولكنه غير معروف كمحدث فيجب تعريفه.
2- كتابه ”نخب الأفكار” غير متداول فى أيدى أصحاب علم الحديث والباحثين والمهتمين بعلم الحديث تداول الكتب الأخرى مع أنه من الكتب النافعة , وبه أمور لا يستغنى عنها طالب علم ، فيلزم على العلماء والباحثين أن يعتنوا به.
3- كتابه هذا مليء بالفوائد الحديثية من العلل، والغريب، والفقه، و المعانى، والمختلف يلزم تحليلها.
4- هذا الكتاب قاموس للكلمات الغريـبة في الأحاديث الواردة فيه يجب الاستفادة منها.
5- للإمام بدر الدين آراء فقهية خاصة مستنبطة من الأحاديث يجب إبرازها.
6- للإمام بدر الدين طريقة خاصة فى دفع التعارض بين الأحاديث المتناقضة يجب بيانها.
ثانيًا : أهمية البحث:-
1- قيمة الكتاب العلمية, حيث إنه متعلق بشرح كتاب موضوع فى أحاديث الأحكام .
2- إظهار قيمة الإمام العينى بين شراح الأحاديث النبوية .
3- تميز هذا الشرح بمزايا قيمة منها: أنه يذكر مناسبة الحديث بما قبله, ويذكر الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين فى شرح الحديث.
4- يعدُ هذا الشرح بما تضمنه من مزايا مع وضوح العبارة وسلاسة الأسلوب فى جملته أحد الكتب التى ينصح بقراءتها كل من أراد الوقوف على شرح جملة من كتاب ” شرح معانى الآثار ” , وذلك لما احتواه هذا الكتاب من مسائل مهمة لا يجب تغافلها .
5- يعد كتاب ” نخب الأفكار ” للعلامة بدر الدين العينى من أفضل شروح كتاب ”شرح معانى الآثار” على الإطلاق.
ثالثاً : منهج الدراسة:-
تقوم الدراسة على المنهج الوصفى القائم على الاستقراء و التحليل: وذلك بدراسة القواعد التى سار عليها الإمام العينى فى كتابه, فى شرح الأحاديث النبوية, مع مراعاة الحكم على الأحاديث من ناحية القبول والرد, وطرق استنباط الأحكام منها , وذكره لألفاظ الجرح والتعديل , وغير ذلك من القواعد التى سار عليها الإمام العينى فى كتابه .
رابعاً : مشكلات البحث:-
تعد المشكلات البحثية بمثابة عوائق تحتاج إلى إزاحتها من طريق البحث العلمى بغية الوصول إلى نتائج محمودة, وفى ذات الوقت تمثل حجر الزاوية من حيث الإجابة عن التساؤلات المرصودة, ومن ثم تنوعت المشكلات من الناحية البحثية, ويمكن تلخيص تلك المشكلات فى الآتى:-
1- كثرة المصادر التى اعتمد عليها العينى, وتنوعها, وتعدد موضوعاتها, بحيث يصعب على الباحث إحصاؤها.
2- وجود أخطاء وتصحيفات كثيرة فى تحقيق الكتاب, وخاصة الطبعة القطرية.
3- افتقار الكتاب إلى تخريج الآثار وأقوال العلماء من مصادرها .
4- افتقار المكتبة الإسلامية إلى الكتب التى استعان بها العينى فى شرحه, فبعض تلك المصادر مخطوط, وأخرى مفقودة, وأخرى لم نجدها إلا فى كتب العلماء عند الإحالة إليها, مما يستلزم وقفة فى إعادة النظر فى المكتبة الإسلامية ككل من فهرستها على أحدث الطرق العلمية, وإعداد مراكز بحثية كبرى تقوم بحصر كل المطبوع أو المخطوط فى خزائن المكتبات وعمل دوريات لذلك, لكى يسهل على الباحثين معرفة ما لديهم من التراث .
خامساً : الدراسات السابقة:-
بحثت عن الدراسات السابقة التى تتناول هذا الموضوع بجد طويلاً فلم أجد, ولكن هناك بعض الدراسات التى تحدثت عن العلامة العينى وجهوده فى خدمة الحديث, ولكنها لم تتناول الصناعة الحديثية فى كتابه ”نخب الأفكار”بدراسة علمية مستقلة, ومن هذه الدراسات:-
1- بدر الدين العينى وجهوده فى علم الحديث وعلوم اللغة فى كتابه”عمدة القارئ”, تأليف: د.هند محمد سحلول, وهى رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة دمشق سنة 2006م.
2- منهج العينى فى مختلف الحديث فى كتابه”عمدة القارئ”, تأليف: سميرة إبراهيم حمدان, وهى رسالة ماجستير نوقشت بالجامعة الإسلامية بغزه سنة 2013.
3- بدر الدين العينى وأثره فى علم الحديث, تأليف: د.صالح يوسف معتوق, وهى رسالة ماجستير نوقشت بجامعة أم القرى, طبعتها دار البشائر الإسلامية سنة 1987م.
4- معالم المنهج اللغوى فى شرح الحديث النبوى عند الإمام العينى من خلال كتابه : ”عمدة القارئ شرح صحيح البخاري”, تأليف: ابن يوسف شتيح, وهى رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة قاصدي مرباح ورقلة الجزائرية سنة 2014م.
خطة البحث
تشتمل هذه الخطة على مقدمة, وتمهيد, وثلاثة فصول, وخاتمة .
المقدمة : تشتمل على أسباب اختيار الموضوع وأهميته, ومنهج البحث ومشكلاته, والدراسات السابقة.
أولاً: التمهيد: التعريف بالإمام الطحاوى ومنهجه, والإمام العينى ومنهجه, ويشتمل على:-
أولاً : التعريف بالإمام الطحاوى – رحمه الله – وكتابه ومنهجه فيه .
ثانياً : التعريف بالإمام بدر الدين العينى – رحمه الله – وكتابه ومنهجه فيه .
ثانياً: الفصل الأول: الصناعة الحديثية عند الإمام بدر الدين العينى فى شرح
الحديث, وبيان فقهه, وفيه خمسة مباحث:-
المبحث الأول: شرح الحديث بالمأثور(النقل).
المبحث الثانى: شرح الحديث بالمعقول.
المبحث الثالث: منهجه فى تبويبه للأحاديث.
المبحث الرابع: منهجه فى ذكر فقه الحديث.
المبحث الخامس: منهجه فى ذكر الفوائد الحديثية.
ثالثاً: الفصل الثانى: الصناعة الحديثية عند الإمام بدر الدين العينى فى علم الحديث
رواية ودراية, وفيه سبعة مباحث:-
المبحث الأول: عنايته التامة بالضبط.
المبحث الثانى: منهجه فى ذكره لأوجه إسناد الحديث.
المبحث الثالث: الصناعة الحديثية فى تقييد المهمل , وتمييز المشكل , وتبيين المبهم.
المبحث الرابع: طريقته فى التنبيه على العلل الواردة الحديث.
المبحث الخامس: الصناعة الحديثية فى استعماله لألفاظ الجرح والتعديل.
المبحث السادس: الصناعة الحديثية فى حكمه على الأحاديث.
المبحث السابع: منهجه فى دفع مختلف الحديث.
رابعاً: الفصل الثالث: الصناعة الحديثية عند الإمام العينى فى خدمة الأحاديث, وفيه
مبحثاث:-
المبحث الأول: الصناعة الحديثية فى ذكره لموضوعات علوم اللغة التى تخدم
الحديث.
المبحث الثانى: مصادر العينى فى كتابه.