Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إشكالية الموضوعية في العلوم الطبيعية /
المؤلف
عبد الكريم، صالح سعد صالح.
هيئة الاعداد
باحث / صالح سعد صالح عبد الكريم
مشرف / سهام محمود النويهى
مشرف / عزيزة بدر محمد
مناقش / عزيزة بدر محمد
تاريخ النشر
2017
عدد الصفحات
301ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 301

from 301

المستخلص

إن قدرة أي موضوع من موضوعات العلم على إثارة جدل يصعب حسمه عبر سبله المتاحة (طرائق البحث العلمي) يعد دلالة فارقة على السِّمة ما بعد علمية أو السمة الفلسفية لهذا الموضوع، ويبدو لي أن هذا هو شأن موضوع ”موضوعية العلمObjectivity of science ” إذ أثار جدلاً ولا يزال يثير جدلاً ويطرح تساؤلات لا يمكن الإجابة عنها وفق منهجه (أي وفق المنهج العلمي)؛ الأمر الذي يُحتّم قيام نشاط بشري ما بعد علمي بهذا الدور، هذا النشاط البشري هو فلسفة العلم التي تتمثّل مهمتها الرئيسة في النظر في منهج العلم و نتاجاته نظراً تحليلياً نقدياً للوقوف على مشكلاته ومحاولة تقديم الحلول لها، وهذا- من ناحية أخرى - يكرّس حقيقة مفادها أن لا غنى لأحد هذين الحقلين المعرِفيَينِ(الفلسفة والعلم) عن الآخر؛ بمعنى أن وجود إشكاليات في العلم يستعصي حسم أمرها وفق منهجه، ضرورة لقيام فلسفة (فلسفة علمPhilosophy of science) تنظر في أمرها، في المقابل فإن قيام هذه الأخيرة رهنٌ بوجود إشكاليات علميةScientific problems، فلكلٍ حدوده وموضوعاته، فستظل للعلم قضاياه وموضوعاته كما للفلسفة والدين والفن قضاياها وموضوعاتها، ولا يجب أن نُعلي - على طريقة الوضعيينThe positivists الذين يقدّسون العلم - من شأن أي من هذه المناشط البشرية على الآخر.
لقد شَغَلَت أمور الحياد Neutrality والنزاهةintegrity والتجرّدimpartiality من كل الفعاليات الذاتية في الممارسات العلمية Scientific practices، وبالتالي تحرّي الموضوعية، أقول لقد شغلت هذا الأمور العديد من الفلاسفة والمفكرين ولفترات طويلة من الزمن، وقُدّمَت في هذا الشأن العديد من التصورات والآراء تبلورت في مجملها في التساؤل عمّا إذا كان العلم نشاطاً موضوعياً أم لا؟ وانقسم الفلاسفة والمفكرون إزاء هذا الأمر بين مؤيد لموضوعية العلم وبين رافضاً لها، ولكلا الفريقين أسانيده وحُجَجِهِ.
الأمر المهم في كل هذا هو سيادة القول – ولفترات طويلة من الزمن – بصعوبة، بل واستحالة تحقق الموضوعية بشروطها (من حياد وتجرّد وابتعاد عن أية ميول واعتبارات ذاتية) في العلوم الإنسانية والاجتماعيةHuman and Social Sciences في مختلف فروعها، في مقابل القول بإمكانية - بل والجزم - بالموضوعية المطلقة في العلوم الطبيعية (Natural sciences) كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والفلك. وإن هذا التصور (تصور الموضوعية التامة أو البحتة في العلوم الطبيعية) ظل – بل يمكن القول بأنه لا يزال – سائداً؛ وذلك من منطلق إمكانية الفصل بين الذات Self العارفة بميولها وتحيزاتها وبين موضوع object معرفتها في الممارسات العلمية في هذه العلوم، مقارنة باستحالة إمكانية الفصل بين الذات وبين موضوعها في العلوم الإنسانية؛ لأن موضوع الدراسة فيها هو الإنسان ذاته، فالإنسان (الباحث) هو الذات وهو الموضوع في الآن نفسه، مما يؤدي إلى صعوبة الفصل بين ذاته كباحث وبين ذاته كموضوع، فضلاً عن صعوبة ضبط المتغيرات Variables؛ بمعنى أن الإنسان (موضع البحث) لا بد وأن يغيّر من سلوكياته عند إجراء الدراسة عليه، وهذا لا يحدث في المادة موضوع البحث في العلوم الطبيعية التي يمكن وإلى درجة عالية من الدّقة قياس وضبط المتغيرات فيها عند إجراء الدراسات على المادة سواءً في الفيزياء أم الكيمياء أم البيولوجيا أم الفلك.
ولكن – وهذا الأمر هو الذي أثار إشكالية هذه الدراسة – مع التقدّم العلميScientific progress المذهل في العلوم الطبيعية (في كل فروعها) مع نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حدثت قفزات، وطفرات علمية، وبذلك لم يعد القول بأن علاقة الذات بموضوعها علاقة انفصال قولاً عقلانياً (مبرراً) مثلما كان سائداً فيما قبل القرن التاسع عشر؛ الأمر الذي يؤدي إلى إعادة النظر في موضوعية هذه العلوم وفق تصورها الكلاسيكي.
إن ما ترتّب على التقدّم العلمي هو أن أصبحت الملاحظات والتجاربObservations and experiences (التي هي أساس البحث في العلوم الطبيعية) محمّلة بالخلفيات المعرفيةLoaded backgrounds cognitive الذاتية للعلماء؛ ذلك أن الموضوعات أصبحت افتراضية في أغلبها وليست مرئية أو مُشاهدة للملاحظ أو المُجرّب، الأمر الذي يمكن معه القول بأنها غدت (وبالضرورة) من صُنع الذات بما لها من خبرات وخلفيات سابقة تتداخل مع موضوع المعرفة.
فضلاً عن ذلك نجد أن القيم Values بكل أشكالها، كالقيم الأخلاقية والنفعية والجمالية أصبح لها تأثيرها في توجيه العلماء في ممارساتهم العلمية.
نجد أيضاً التحيّزات Biases التي تمثّلت في النظر إلى مُنتِج المعرفة العلمية من حيث جنسه، أو ما يُعرف بالجنوسة Gander، حيث يكون التقليل من الإنجازات العلمية الأنثوية Feminine في مقابل الرفع من شأن الإنجازات الذكورية Masculine .
ففي كل هذه الأمور نجد التدخّلات الذاتية في الممارسات العلمية، وبالتالي صعوبة القول بالموضوعية وفق اشتراطاتها التي ترفض أية نزوعات ذاتية في الممارسات المعرفية العلمية.
ووفقاً لما سبق فقد تبلورت إشكالية الدراسة على النحو التالي:
إذا كان تداخل الذات مع الموضوع أمراً لا مفر منه في الممارسات العلمية في العلوم الطبيعية، فكيف يمكن التوفيق بين مطلب الموضوعية وهذا التدخّل من الذات؟ وإذا لم يكن بالإمكان التوفيق بين مطلب الموضوعية وبين هذا التدخّل الضروري، فأي تصوّر بديل عن الموضوعية بعد ذلك؟
وتتضمن هذه الإشكالية عدّة فروض وتساؤلات على النحو التالي:
1 - إذا كانت فعالية الذات العارفة في الممارسات العلمية في العلوم الطبيعية لها دورها الذي لا يمكن تجاهله، فهل يمكن بعد ذلك القول بالثنائية الكلاسيكية للذات/ الموضوع؛ أي الانفصال بينهما؟
2 - إذا كانت القيم غير المعرفية non-Epistemic Values (لأخلاقية أو الجمالية أو النفعية التقنية ...إلخ) في مقابل القيم المعرفيةEpistemic Values (العلم لأجل العلم أو المعرفة لأجل المعرفة) تشكّل دوافعاً لا يمكن تجاهلها لممارسة النشاط العلمي، ألا يُخل هذا الأمر باشتراطات الموضوعية، وبالتالي يفسح المجال أمام الاعتبارات الذاتية، ويعطيها دورها في الممارسات العلمية؟
3 - إذا كان العلم - كما تزعم ذلك الأبستمولوجيا النسويةFeminist Epistemology - يتسم بالطابع الذكوري، أليس في هذا الأمر تحيّزاً في الممارسات العلمية على أساس جنس الذات العارفة؟ وهل استطاعت الأبستمولوجيا النسوية – بنقدها للطابع الذكوري للعلم – تقديم الحل البديل؟
4 - إذا كانت النواحي الجمالية تشكّل عواملاً فعّالة لا يمكن غض الطرف عنها في بنية النظريات والقوانين العلمية المعاصرة، أليس هذا توشجاً بيّناً للجوانب الذاتية للعلماء بالجوانب المعرفية العلمية؟ وبالتالي ألا يُعدّ هذا الأمر تعارضاً صريحاً مع مطالب الموضوعية في صورتها المطلقة؟
5 - إذا كان توشّج الذات بموضوعها أمرأ لا خلاص منه، أليس القول بالذات - موضوع هو القول العقلاني بدلاً من القول بالموضوعية في العلوم الطبيعية؟ وهو ما يمثّل المفهوم الممكن نحته بديلاً لمفهوم الموضوعية باشتراطاته التي غدت بعيدة المنال مع التقدّم العلمي المعاصر للعلوم الطبيعية.
وعليه فقد تمثّلت أهداف البحث في تحليل مفهوم الموضوعية العلمية، للتأكيد على ثنائية الذات/ موضوع ومن ثم الفصل بين الذات والموضوع، والتحوّل في العلم والفكر العلمي بعد ذلك من هذه الثنائية إلى الوحدة بين الذات والموضوع. وكذلك التدليل على وجود خلفيات ودوافع وقيم غير معرفية قارة في بنية الممارسات المعرفية العلمية. كما هدف الباحث إلى طرح رؤى وتصورات الأبستمولوجيا النسوية في تأكيدها على الطابع الذكوري ومن ثمّ التحيزي في الممارسات العلمية. هدفَ الباحث أيضاً إلى التدليل على فاعلية العناصر الجمالية في بنية القوانين والنظريات العلمية المعاصرة، والتي تبيّن مدى تدخّل الذات في موضوع معرفتها. وأخيراً فقد طرح الباحث تصوراً يبين فيه مدى عقلانية القول بوحدة الذات والموضوع في العلوم الطبيعية، كأفضل بديل ممكن عن الموضوعية في تصورها المثالي.
أما عن أهمية البحث فقد بدت من خلال:
أولاً: استكشاف الآليات والنزعات والدوافع الخفية المتوارية والتي تمثّل الحقيقة والفاعلية فيما وراء الظاهر من العلوم الطبيعية منهجاً ونتاجاً. أي محاولة قراءة ما لم يُقرأ في بنية العلوم الطبيعية.
ثانياً: إن الموضوعية العلمية - على المستوى المنطقي– مفهوم لا يستوفي كل ماصدقات مفهوم الموضوعية، ومن هنا فإن مفهوم الموضوعية العلمية غير مبرر منطقياً، وهي لا تعدو عملية مقاربة، من حيث تفاعل الذات والموضوع والتلازم الضروري فيما بينهما.
ثالثاً: ردّاً - وإن كان بشكل غير مباشر- على مؤيدي الوضعية المنطقية Logical positivism الذين يعلون من شأن العلم (وخصوصاً العلم الطبيعي) كممثل وحيد - حسب زعمهم - لقمة الموضوعية وقمة اليقين البشري، في مقابل إنكارهم للقيمة المعرفية للأنشطة المعرفية الأخرى (كالفلسفة)، بحجة كونها أنساق ذاتية نسبية لا يمكن التحقق من مدى يقينيتها، مغفلين أن العلم ذاته (في الأساس) لا موضوعياً بشكل مطلق.
وقد كان سبب اختيار الباحث لهذا الموضوع متمثلاً أولاً في ميل الباحث الشخصي نحو الدراسات الأبستمولوجية، والشعور بأهمية هذا المجال المعرفي؛ مجال فلسفة العلم والمنطق ومناهج البحث. ثم يرجع ثانياً إلى قلة الدراسات الفلسفية في هذا المجال مقارنة بمجالات الفلسفة الأخرى. وثالثاً إلى وجوب الوقوف على العلم ومناهج بحثه بنظرة نقدية تبيّن أن المعرفة البشرية في جملتها (علمية كانت أو فلسفية) لا يمكن أن تكون موضوعية بشكل مطلق، وبالتالي لا مدعاة لتفضيل العلم (كما ينزع إلى ذلك مؤيدي الوضعية) على الفلسفة بدعوى ذاتية الفلسفة في مقابل موضوعية العلم.
وقد استخدَمَ الباحث المنهج التحليلي النقدي بما يتناسب مع موضوع البحث.
وتبلورت الرسالة في مقدّمة و خمسة فصول وخاتمة هي كالآتي:
الفصل الأول: الذات والموضوع من الثنائية إلى الوحدة
تناول الباحث في هذا الفصل تعريفين بمفهومي الموضوعية والذاتية، وسعى لتبيان العلاقة والارتباط الممكن قيامه بينهما. بعد ذلك تطرق الباحث إلى تحليل ثنائية الذات/ موضوع والانتقادات المناهضة لها، ومنها إلى تصوّر وحدة الذات - موضوع.
الفصل الثاني: العلم بين القيم المعرفية و غير المعرفية
قسّم الباحث هذا الفصل إلى أربعة محاور رئيسة، وقد سعى بدايةً إلى تحديد مفهوم القيمة، ثم تطرّق بعد ذلك لتبيان طبيعة العلاقة بين العلم و القيم، ثم تناول بالتحليل السِّمة السيكولوجية أو النفسية للقيم غير المعرفية، وتناول أخيراً كيف يقبل العلماء ويرفضون الفروض العلمية؟ وما بدا من طبيعة قيمية لهذا السلوك من قِبَل العلماء.
الفصل الثالث: الأبستمولوجيا النسوية والموضوعية البديلة
تناول الباحث في هذا الفصل الأبستمولوجيا النسوية بالتحليل وذلك بدءاً بتوضيح ماهية الأبستمولوجيا النسوية، ثم تطرّق لتبيان ما تعنيه الجنوسة، وما الجنوسة في العلم؟ وما علاقتها بموضوعيته؟ ثم طرح الباحث الانتقادات التي جاءت بها الأبستمولوجيا النسوية لما رأته من طبيعة ذكورية للعلم، وأخيراً تطرّق الباحث للبديل الذي وضعته الأبستمولوجيا النسوية للموضوعية التقليدية.
الفصل الرابع: المعايير الجمالية وتوشّج الذات بالموضوع
تناول الباحث هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور رئيسة هي أولاً: المقصود بالجمال ومواضعه في العلوم الطبيعية المعاصرة. ثانياً: هل الجمال مقدّم على التجريب؟ ثالثاً: هل يمكن أن يكون الجمال معياراً موضوعياً؟
الفصل الخامس: تصور بديل ” الذات - موضوع في العلوم الطبيعية”
تناول الباحث ما من شأنه أن يدلل به على تصوره، وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية كالتالي: أولاً: فعالية الخلفيات. ثانياً: الملاحظات والتجارب محمّلة بالنظرية. ثالثاً: وحدة النظرية - الممارسة