Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الشهادة في المسائل الجنائية/
المؤلف
السعدى, خالد حربى على.
هيئة الاعداد
باحث / خالد حربى على السعدى
مشرف / نبيل مدحت سالم
مشرف / جميل عبدالباقى الصغير
مشرف / إبراهيم عيد نايل
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
472 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 472

from 472

المستخلص

تبين لنا من الصفحات السابقة أن للشهادة أهمية كبيرة في الإثبات في المواد الجنائية، تستمدها من طبيعة الإثبات فيها لأنه يرد في معظم الحالات على وقائع مادية وعلى تصرفات قانونية، ولذلك قيل: (أنها عين القاضي وأذنه). ومن ناحية آخرى فإن الشهادة هي الأكثر خطورة بين وسائل الإثبات الجنائي لإقترانها – دائما – باليمين ذات الوازع الديني لدي الأفراد. وكثير ما يكون للشهادة – خاصة تلك التي يتم الإدلاء بها بعد وقوع الحادث – أكبر الأثر في الحكم بالإدانة أو بالبراءة، كما أنها غالباً ما تقوم بدور الدليل بمفردها في الدعوي، ودون أن يوازنها دليل آخر، وتمثل الشهادة مكانة هامة لدي القضاء الجنائي لأنه غالباً ما يحتاج في مقام وزن الأدلة إلي من أبصر الواقعة أو سمع عنها أو أدركها بحواسه.
ونستطيع أن نخرج من بحثنا بالنتائج التالية:
أولاً: الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه أو أدركه بحاسه من حواسه. ويبدو من ذلك أن الشهادة شخصية يجب أن يؤديها الشخص بنفسه، فلا يجوز فيها الإنابة، إذ تتمحور في إتصال المدركات الحسية للشاهد بالواقعة محل الشهادة، وهي حجة غير ملزمه وغير قاطعه تخضع –دائماً- لمبدأ الإقتناع القضائي.
ثانياُ: أنه لما كانت الشهادة كدليل إثبات في المسائل الجنائية تعد أكثر الأدلة شيوعاً في العمل القضائي، فإن الشهادة الصادقة يمكن أن تكون خير معين للقاضي في تكوين عقيدته وإقتناعه، وقد تكون الدليل الوحيد في الدعوي، لذلك فإنه يجب أن يتوافر في شهادة الشهود الضمانات الكافية كي تكون كذلك بحيث يتعين أن تتوافر شروط في الشاهد والشهادة، فيجب أن يكون الشاهد متمتعاً بالإدراك والتمييز وقت إرتكاب الجريمة وحال إدلائه بالشهادة، إذ هي عمليات ذهنية لا يتصور إلا ممن توافرت له الإمكانيات التي تتيح له القيام بهذه العمليات. وهذا الشخص يجب أن يحلف اليمين القانونية التي تسبق الشهادة، وتجعل شهادة الشاهد مصدراً يستمد منه القاضي الجنائي إقتناعه، وألا يكون له صفة في تكوين المحكمة حتى يتمتع بالحياد التام، والا يكون هذا الشاهد محظور عليه الشهادة بموجب نصوص القانون كالموظفين والمكلفين بخدمة عامة، أو من علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء أو غيرهم عن طريق مهنته أو صنعته بواقعة أي معلومات، أو حفاظأ علي الأسرار الزوجيه. ويجب أن تؤدى الشهادة شفاهة في مواجهة المحكمة وفي حضور الخصوم. حتي تكون المحكمة عقيدتها، ويتاح لكل خصم في الدعوى الفرصة لمناقشة الشاهد أمام المحكمة.
ثالثاً: الشهادة واجب على كل فرد في المجتمع يتعين عليه المساعدة في أداء العدالة رسالتها، فالشهادة تحقق مصلحة إجتماعية أمام سلطات التحقيق التي تعاقب المذنب وتعيد الحقوق. فثمة واجب إنساني وديني يوجب الإدلاء بالشهادة، بالإضافة إلى أن القانون أوجب على الشاهد الحضور عند دعوته ليدلي بشهادته وفرض جزاء علي الشاهد الممتنع عن الحضور، بل وأعطى للقاضي والمحقق سلطة الأمر بضبطه وإحضاره لتأدية الشهادة التي هي وسيلة إثبات في الدعوي الجنائية.
رابعاً: وكما يلتزم الشاهد بأداء شهادته التي يستمد منها الدليل، فإنه يتعين علي المحكمة أن تحميه وهي تستمع إليه إذ هو يؤدي خدمة عامة، ويستهدف مصلحة عامة، ومن ثم كان أبسط حقوقه أن تصان له كرامته وشرفه واعتباره ومنع توجيه أسئله للشاهد إذا كانت غير متعلقة بالدعوى، أو غير جائزة القبول، ويجب عليها أن تمنع عن الشاهد كل كلام بالتصريح أو كل إشارة تؤدي إلى إضطراب أفكار الشاهد أو تخويفه.
خامساً: تؤدي شهادة الشهود دورها في كل مراحل الدعوى الجنائية بداية من مرحلة جمع الإستدلالات ومروراً بالتحقيق الإبتدائي، ونهاية بالمحاكمة الجنائية حيث خول المشرع للمحقق سلطه تقديريه واسعة في سماع الشهود وقد هدف بذلك إلي تمكينه من إنتقاء الشهود الذين يرجح أن تكون لشهادتهم أهميتها، وتمكينه بعد ذلك من سؤالهم على النحو الذي يكفل إستخلاص المعلومات ذات الأهمية في التحقيق والأصل أن يطلب الخصوم (وخاصة المتهم) سماع شهود معينين، وللمحقق – أيضاً – أن يستدعي من يقرر أهمية شهادته، وله أن يسمع أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه، ويجوز للمحقق أن يرفض سماع الشاهد ـ إذا رأى عدم الفائدة من سماعه. وللمحقق أن يقدر قيمة الشهادة بعد أدائها، فله أن يأخذ بها كدليل، وله أن يهدرها، وله أن يأخذ ببعض أقوال الشهود دون بعض، وله أن يرجح بين أقوال الشهود بما يمليه عليه محض إقتناعه.
سادساً: إنه وإن لم يرد في القانون الإجرائي المصري – خلافاً لنظيره الكويتي ( المادة 164 ) – نص صريح يقضي بالبدء بسماع أقوال شهود الإثبات أو شهود النفي، إلا أن الترتيب الطبيعي الذي هو نتيجة لازمة لقاعدة ”البينة علي من إدعي”، يستلزم سماع شهود الإثبات أولاً، ذلك أنه ليس للمتهم أن ينفي عن نفسه التهمه إلا بعد أن يقام عليه دليل من جانب سلطة الإتهام، فإن لم يقدم مثل هذا الدليل فهو محمي بقاعدة ”الأصل في الإنسان البراءة”. على أن ذلك لا يعني أن المحقق ممنوع قانوناً من سماع شهود النفي ولو مثلو أمامه قبل شهود الإثبات، وبذلك يضيع وقته سدي، بل المقصود هو عدم تكليف المتهم لإحضار شهود يشهدون على براءته طالما لم تعزز عليه تهمة بدليل.
سابعاً: لئن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية أنما تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع بها الشهود متى كان سماعهم ممكناً، إلا أن للمحكمة أن تستغني عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات، كما يسوغ الإستغناء عن سماعهم إذا تعذر سماع الشهود لأي سبب من الأسباب... علي أنه ينبغي أن يكون واضحاً أن حقوق المتهم يجب أن تصان فإذا تمسك بطلبه سماع شاهد ممسكاً يقرع سمع المحكمة، وبين السبب في طلب سماع الشاهد فإن علي المحكمة أن تدعوه، وإلا كان حكمها عرضة للبطلان لإخلاله بحقوق الدفاع، فإذا كانت قانعة بأن الشهادة غير مجدية، فإن من حقها أن ترفض الطلب رفضاً مسبباً، وللمتهم أن يطعن في الحكم – فيما بعد-، من هذه الوجهة، وتبت محكمة الدرجة الثانية في الموضوع بما يتراءى لها أنه الحق والقانون.
ثامناً: العبرة في المحاكمة الجنائية هي بإقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، وله في سبيل ذلك وزن أقوال الشهود وتقديرها والأخذ بما يطمئن إليه منها كما أن من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلي دليل معين لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلي ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن أو حام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، ومتى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد – متى اطمأنت إليها- ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة، كما أن تناقض أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.