Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
فلسفة القانون عند ابن رشد /
المؤلف
حسينى، أنيس محمود فاضل طه.
هيئة الاعداد
باحث / أنيس محمود فاضل
مشرف / محمد على محجوب.
مشرف / حسن عبد الحميد محمود
مشرف / محمد جمال عطية عيسي
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
640ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
15/11/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم فلسفة القانون وتاريخه
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

ملخص الرسالة
يعد ابن رشد – بحق – من أبرز المفكرين والفلاسفة الذين يمثلون ذروة الإبداع الفلسفي العربي الإسلامي . بل لا نكون مغالين إذا قلنا أنّه يمثل التكوين البنائي للعقل العربي الإسلامي في صورته التي لم يتجاوزها هذا التكوين حتى اليوم.
لقد تراكمت في داخل أعماق عقله كل الثقافات التي سادت في عصره واستوعبها وانصهرت في بوتقة جديدة فريدة لكي تعطينا منتجا فكريا له سماته الخاصة به ومذاقه المتجسد في إطار عطاء حضاري جديد .
لقد كان ابن رشد ومازال يشكل أهم العلامات البارزة في الفكر الإنساني الخالد حيث حفر لنفسه هذه المكانة في أعماق التاريخ الحضاري لأمتنا بل لأوروبا كلها في العصور الوسطى ، ولعل ذلك ما دفع الدارسين والباحثين إلي توجيه عناية خاصة بما خلفه ابن رشد من تراث إذ تعددت الدراسات والبحوث في كثير من لغات العالم متتبعة إبداعات ابن رشد الفكرية الفلسفية وآثاره في الفكر الإنساني عموما ، وأثره على النهضة الأوروبية في العصور خصوصا .
وتأتي أهمية هذه الدراسة من أنها تناولت بالبحث ، الجذور الفكرية عند ابن رشد والموروثات الثقافية الحضارية التي تفاعلت في تكوينه العقلي في تمازج أنتج نتاجا له مذاقه الخاص المتفرد بما جعله جديدا متجددا لا يفتقر إلى الأصالة في إطار من العصرية غير المنبتة عما سبقها من نتاج فكري عبقري أصيل .
وتناول موضوع الدراسة نشأة ابن رشد والمناخ الفكري السائد في الأندلس في عصره .
حيث تم إلقاء الضوء علي أثر كل الظروف المحيطة بابن رشد وعلاقتها بالمكانة المرموقة التي نالها فيلسوفنا في المجالات المتعددة ، كالفلسفة ، والطب ، والفقه .
وتعرضت الدراسة للنكبة التي أصابت ابن رشد في أواخر حياته ، وأسبابها ، وما صاحبها من نفي وحرق لكتبه ، ثم العفو عنه وتقديرنا لأسباب هذه التجربة ونتائجها .
ثم تناولت الدراسة بعد ذلك الفلسفة النظرية عند ابن رشد ، وشملت القسمين الأساسيين منها ، وهما نظرية الوجود ، ونظرية المعرفة .
وفي القسم الأول : تعرضت الدراسة لأفكار ابن رشد حول بعض القضايا الجدلية عن الفلاسفة في العصور الوسطى ، مثل ، فكرة الطبيعة ، وعلاقة الطبيعة بما وراء الطبيعة ، و قضية قدم العالم أو حدوثه ، و قضية الخلق من عدم ، و فكرة الخلق المستمر ، نظرية الفيض .
ثم تناولت الدراسة فكرة الخالق عند ابن رشد وأدلة وجوده ، وكيفية الاتصال بين الله والعالم ، وبين الخلق والخالق من جهة أخرى .
أما في مجال فلسفة الموت ، وفكرة البعث وخلود النفس بعد الحساب، و طبيعة هذا الحساب ، و أشكاله ، فقد ركزت الدراسة حول الجديد الذي قدمه ابن رشد بهذا الصدد .
وتعرضت الدراسة لفكرة الحرية الإنسانية عند ابن رشد ، وكان السؤال الهام هو هل اعتقد ابن رشد أن الإنسان حر مختار ، أم أنّه مسير مجبر؟ وغني عن البيان أن الإقرار بحرية الإنسان يؤكد وجود العدل الإلهي في الكون . فالله بوصفه العادل لا يمكن أن يعاقب إنساناً غير مسئول عن فعله ، ولا أن يثيب إنساناً غير مستحق للثواب . والاعتراف بالحرية الإنسانية على هذا النحو يؤدي إلى الاعتراف بوجود طبيعة للأشياء ، أي الاعتراف بوجود النظام الطبيعي الكوني . و تعرضت الدراسة كذلك لمبدأ السببية ، ومدى ايمان ابن رشد بوجود علاقة ضرورية بين الأسباب ومسبباتها .
وفي القسم الثاني : تعرضت الدراسة لأفكار ابن رشد حول علاقة العقل والوحي ، أو الفلسفة والدين ، وكان هدفنا استجلاء عقيدة ابن رشد في منهج معرفة الوجود ، وما العلاقة بين الحقيقة الإلهية والحقيقة العقلانية ، وأيهما أولي بالاتباع عند التعارض .
ثم تناولت الدراسة لقضية مازالت من أكثر القضايا المثيرة للجدل عبر العصور ، وهى : قضية الخير والشر ، وكان السؤال الذي تلتمس الدراسة الاجابة عليه في عقل ابن رشد وفكره ، هل الخير حسن لأن الشرع أمر به فقط ، والشر قبيح لنهيه عنه ؟ أم أن الحسن والقبح صفات ذاتية في الموجودات ؟
ثم تعرضت الدراسة في الفلسفة العملية ، لعدة أقسام ، هي ، الأخلاق ، والسياسة ، القانون .
وقد تناولت الدراسة في مجال الأخلاق رؤية ابن رشد في قدرة العقل الإنساني على الوصول إلى المضمون الأخلاقي في الأشياء ، أو بعبارة أخرى ، هل الخير جميل في ذاته عقلا ، قبل ورود الشرع ، أم أن ذلك من مباحث الدين فقط ؟
تعرضت الدراسة في مجال السياسة لفكرة المدينة الفاضلة عند ابن رشد، وإمكانية تحقيقها في الواقع . والنموذج السياسي الفاضل لديه .
كما تعرضت الدراسة لرأي ابن رشد في بعض القضايا الاجتماعية المؤثرة سياسيا واقتصاديا ، مثل قضية المرأة ومركزها في المجتمع ودورها في التنمية .
وأخيرا تناولت الدراسة لفكرة القانون عند ابن رشد في عدة مجالات هي ، علم أصول الفقه ، وعلم مقاصد الشريعة ، وعلم الفقه . وكان الهدف الأساسي للدراسة في هذا المجال ، هو الاجابة على السؤال التالي : هل اعتمد ابن رشد النظر العقلي مصدرا ومنهجا للبناء الفقهي والقانوني ، أم أنه قد ساير الاتجاه الفقهي السائد في الأندلس القائم على التقليد ؟
وأخيرا فلقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية :
(1) يؤمن ابن رشد بقدرة العقل الإنساني على اكتشاف القواعد القانونية ، فهو يرى أن الإنسان يستطيع ، بعيدا عن القرآن والسنة ، اكتشاف العدل . فالإنسان يستطيع ، عن طريق ملاحظة الطبيعة ، اكتشاف الحسن والقبح الذاتيين في الأشياء ، دون الرجوع إلى الوحي الإلهي . ومقتضى ذلك أن هناك قانون طبيعي كوني يستطيع الإنسان اكتشافه .
(2) العلم وحده وسيلة اتصال الإنسان بخالقه ، و يرفض ابن رشد طريق الاتصال الصوفي ، لأنه لا يقوم علي العلم ، بل يتأسس علي الأذواق والمواجيد التي لا تقوم علي الدليل والبرهان .
(3) في قضية الحرية الإنسانية يقرر ابن رشد أنّ الإنسان حر مختار في الإرادة ، أما فى تطبيق الإرادة وفعل المراد ، فهو محكوم بما يحيط بالفاعل من ظروف موضوعية وحقائق مادية في الحياة . فالإنسان ليس مختاراً مطلقاً ، ولا مقدراً عليه مطلقاً .
(4) يؤكد ابن رشد على أن القول بالحكمة والغائية في الكون ، يستلزم القول بالعلاقة الضرورية بين الأسباب ومسبباتها . فالترتيب والنظام في الكون يشي بوجود علاقة تلازم حتمية بين أسباب ومسبباتها .
(5) يقرر ابن رشد في مجال التوفيق بين الفلسفة والدين ، وحدة الحقيقة وإن كان لها تعبيران ، تعبير فلسفي وآخر ديني ، كأنهما وجهان لنفس العملة . فالتعارض الظاهر بين الحقيقة الدينية والعقلية ليس حقيقيا . أما فكرة تأويل النص الديني فهي الحل الوحيد عند ابن رشد عند التعارض الظاهر مع الحقيقة العقلية .
(6) يرى ابن رشد أنّ الحسن والقبح ذاتيان عقليان . فالكذب والسرقة والقتل شرور بالعقل قبل ورود الشرع ، فيجب على العاقل المكلف أن يعرف ذلك حتى ولو لم يصله وحي .
(7) يرى ابن رشد أن العقل الإنساني قادر على الوصول إلى المضمون الأخلاقي في الأشياء ، فالخير جميل في ذاته عقلا ، قبل ورود الشرع ، والله خالق الخير والشر ، وخلقه للشر من أجل الخير . إذن فالخير موجود وهو غالب في وجوده علي الشر ، ووجود الشر في العالم هو لحكمة وغاية ، فبالأضرار الفردية يمكن أن نفسر المنافع الكلية ، وبالتالي فالشر أمر يقتضيه كمال الله وعدله .
(8) يقرر ابن رشد أن المدينة الفاضلة ممكنة على هذه الأرض علي وجوه أخري ، وأن الطريقة التي اقترحها أفلاطون ليست الطريقة الوحيدة الممكنة .
(9) والنموذج السياسي الفاضل لديه نظام الخلافة الراشدة في صدر الإسلام ، قبل أن تسيطر الدولة الأموية علي الحكم .
(10) كما أن من المسائل التي عرض لها ابن رشد وتكشف بحق عن أنه سبق عصره بكثير مسألة المرأة والموقع الذي ينبغي أن تشغله في المجتمع . فقد عَزىَ الفقر والانهيار الاقتصادي والبؤس الذي يلتهم دولته في أحد أسبابه إلى وضع المرأة المتردي في إطار تلك الدولة حيث تلزم دارها لا عمل لها إلا الزواج وإنجاب الأطفال ، ولا تشارك في أي من الأنشطة التي تسهم في رفع المستوى الاقتصادي والحضاري للدولة .
(11) ويرى ابن رشد أنّ الدولة التي تريد أن تبلغ مثلها الأعلى لابد وأن تخضع لقانون ما . ويبدأ في الحديث عن القوانين العامة والجزئية مؤكدا أهمية الأولي لأية دولة . فالقوانين العامة عنده عادة ما يسودها قواعد تشترك الدولة في الإيمان بضرورة الأخذ بها ، لأنها تكون مستمدة من العقل الطبيعي وتتولى الدولة صياغتها في شكل قوانين تضحى ضرورية لها كنظام سياسي .
(12) ويؤسس ابن رشد خطابا جديدا في السياسة يتمتع بالشجاعة والصراحة ، فيندد بجميع أشكال التسلط والاستبداد ، وينشد الإصلاح في الحكم والسياسة كما نشده في مجال العقيدة الدينية والعلم والفلسفة.
(13) أما النموذج المثالي للوجود السياسي كما يراه ابن رشد دولة إسلامية قوامها الدستوري نظرا وعملا هو الشريعة الإسلامية وعلى رأسها حاكم يكون مشرعا ملكا ، فيلسوفا ، إمام ، تكون غايته تحقيق الهدف الأسمى للشريعة الإلهية .
(14) أسس ابن رشد بنائه القانوني علي النظر العقلي ، سواء في فقه الأصول أو فقه الفروع . وذلك على النحو التالي :
أولا : أصول الفقه : أسس ابن رشد علم أصول الفقه حسب القواعد العلمية . فاستبعد موضوعات أيقن عدم دخولها في نطاق هذا العلم ، مثل موضوع الحسن والقبح ، وشروط المجتهد ، وغيرها .
أما أهمية علم أصول الفقه عنده ، فتعود إلى تعدد المسائل الفقهية الجديدة ، الحاجة الماسة إلى الاجتهاد من جانب الأصولي لتقديم إجابة بعيدا عن التقليد والجمود الفكري .
أما مصادر الأحكام الشرعية عند ابن رشد ، فتنحصر بشكل كبير في المنابع الأساسية للشريعة ، وهما القرآن الكريم ، والسنة النبوية المشرفة . وهذا يدل علي تفضيله إعمال العقل والاجتهاد عن مصادر عديدة اعتمدها غيره من الأصوليين ، مثل ، عمل أهل المدينة ، وقول الصحابي ، شرع من قبلنا .
بل إن الجرأة والاستقلال الفكري قد بلغت به حدا ، جعلته يرفض الإجماع كمصدر من مصادر الأحكام . وذلك لرفضه وضع قيود فكرية على الأصولي المجتهد حتى لو كانت هذه القيود من مجتهدين سابقين .
أما منهج ابن رشد في علم أصول الفقه فيعتمد أساسا على ربط الفروع بالأصول . بما يعني ضمنا رفضه للتقليد ، واعتماد النظر العقلي في الوصول الحكم في بعيدا عن تفريعات الفقهاء .
ثانيا : مقاصد الشريعة : يربط الأصوليون بين مقاصد الشريعة ومصالح العباد . أما ابن رشد فقد تميز فكره في مجال الأصول بالشمولية والعموم ، فقد جعل غاية مقاصد الشريعة تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة معا .
لذا فابن رشد يرى أن التكاليف الشرعية ليس الهدف منها طاعة الإنسان لخالقه فقط ، بل إشاعة الفضائل الخلقية في الحياة ، بهدف أسمى هو تحقيق السعادة .
ثالثا : الفقه : يرى ابن رشد أن الفقه الإسلامي لا ينهض النهضة الحقيقية إلا إذا اتجه إلى الأصول بدل الفروع ، وعاد إلى استمداد قواعده الأساسية من القرآن والحديث .
إنّ بعث الثقافة العربية في عصرنا الحالي يجب أن يقوم علي علاقة التجاور بين الفلسفة والعلم والدين . وذلك لأن الخلط بين هذه الأطراف لن يحقق النهضة المرجوة .ونستطيع أن نصف مشروع ابن رشد بأنه مشروع علمي وعقلاني ، لكننا لا نستطيع وصفه بأنه مشروع علماني بمعنى العلمنة الشائع في عصرنا ، ذلك أنّ الدين أو الشريعة ركن أساسي فيه .
فإنّ فلسفة ابن رشد قادرة على حل الإشكالية الكبرى في ثقافتنا العربية والتي تزكيها الحرب المفتعلة بين التراث والحداثة ، فيقرر ابن رشد في مجال التوفيق بين الفلسفة والدين ، وحدة الحقيقة وان كان لها تعبيران ، تعبير فلسفي وآخر ديني ، كأنهما وجهان لنفس العملة . فالتعارض الظاهر بين الحقيقة الدينية والعقلية ليس حقيقيا ، ” فالحكمة هي صاحبة الشريعة ، والأخت الرضيعة ، وهما المصطحبتان بالطبع ، المتحاباتان بالجوهر والغزيرة ” .