Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي /
المؤلف
الحباشنة، عبدالإله عبدالرحمن.
هيئة الاعداد
باحث / عبدالإله عبدالرحمن الحباشنة
مشرف / إبراهيم عيد نايل
مشرف / مصطفى فهمي الجوهري
مناقش / نبيل مدحت سالم
مناقش / إبراهيم عيد نايل
مناقش / عمر محمد سالم
مناقش / مصطفى فهمي الجوهري
الموضوع
القانون الجنائي.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
842 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون الجنائي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 16

from 16

المستخلص

تناول الباحث في هذه الدراسة موضوع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي وكان جُلَّ اهتمامي في موضوع البحث إبراز الحالات التي يتمّ بها قبول الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي سواء كان في حالة التدخل في الدعوى الجنائيّة أو بالادّعاء المباشر، وذلك ضمن الضوابط القانونيّة التي قننتها التشريعات المقارنة عند تقرير قاعدة قبول الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي.
فالهدف من الدعوى الجنائيّة يتحدد بالدفاع عن المصالح الأساسيّة في المجتمع؛ لأنّ مصلحة المجتمع تسمو وتتحقق وتزدهر بضمان حقوق أفراده وحريّاتهم دون أن تمس هذه المعاني بإدانة الأبرياء والافتئات على الحريّات وإهدارها.
وتتكون عناصر الدعوى الجنائيّة، من السبب وهو الجريمة، وموضوعها هو العقاب بفرض عقوبة جنائيّة على من يرتكب الجريمة، والخصوم هم المتّهم والنيابة العامّة.
وغاية الدعوى المدنيّة ترمي إلى تعويض الضرر الناتج عن الجريمة بواسطة الرد ودفع التعويضات والمصاريف، ولا تتحقق الدعوى المدنيّة إلاّ إذا توافر في الفعل شرطان أساسيّان وهما أن يكون هذا الفعل جريمة، وأن تكون هذه الجريمة ضارة.
الاصل أنّ الدعويين الجنائيّة والمدنيّة مختلفتان عن بعضهما البعض من حيث الموضوع والهدف والخصوم والطبيعة القانونيّة، وكان من المنطقي أن ترفع الدعوى الجنائيّة أمام القضاء الجنائي والدعوى المدنيّة أمام القضاء المدني صاحبة الاختصاص، إلاّ أنّ أغلب التشريعات أجازت بصورة استثنائيّة للمضرور من الجريمة أن يرفع دعوى التعويض المدنيّة أمام القضاء الجنائي، وذلك ضمن شروط وضوابط معيّنة تحدّدها التشريعات، على أساس عدم التوسع في الاستثناء أو القياس عليه، ويتمّ ذلك إمّا بالتّدخل في الدعوى الجنائيّة إذا كانت النيابة العامة قد سبق لها تحريك الدعوى الجنائية أو عن طريق طرق باب القضاء الجنائي ابتداءً بسلوك الادّعاء المباشر في حال تراخت أو لم تبادر النيابة العامة أو أهملت في اتخاذ إجراءات تحريك الدعوى الجنائيّة، وقد أخذت بهذا النظام التشريعات اللاتينيّة في القوانين القديمة وغالبيّة التشريعات الجنائيّة الحديثة في كل من فرنسا ومصر والأردن.
وقد أباح المشرّع استثناءً لرفع الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي عند توفر عناصر الارتباط بين الضرر موضوع الدعوى المدنيّة والجريمة موضوع الدعوى الجنائيّة في حدود القواعد المقرّرة لهذا الاستثناء، وبما يحقق الاتّساق بين الأصل والاستثناء الوارد عليه.
وليس من الضروري أن ينشأ عن كل جريمة ضرر للفرد يخوّله حق رفع الدعوى المدنيّة، لأنّ من الجرائم ما لا ينتج عنه ضرر، ويقتصر التجريم فيها على بعض الأفعال التي تمسّ كيان المجتمع ونظامه، فتكون هذه الدعاوى ذات غايات جنائيّة بحتة، كجرائم التّسول، والتشرّد وحيازة السلاح بدون ترخيص والجرائم السياسيّة،،،الخ، فهنا تنعقد المسؤوليّة الجنائيّة للمتّهم فقط دون المسؤوليّة المدنيّة، حيث لا يوجد مضرور يحقّ له الادّعاء بالحق المدني، وبالتالي لا ترفع الدعوى المدنيّة بالنسبة لتلك الجرائم.
وبالمقابل هناك دعاوى مدنيّة تخرج عن دائرة اهتمام القانون الجنائي، حيث يمكن أن تنعقد المسؤوليّة المدنيّة في بعض الحالات دون أن ترتبط بها مسؤوليّة جنائيّة، والتي تهدف إلى الحصول على تعويض دون أن يكون الفعل مجرم، وليس أمام المدعى فيها سوى سلوك الطريق المدني، ومن هذه الدعاوى الضرر المترتب على عدم سداد المقترض دينه أو على كذب لا يرقي إلى مرتبة الطرق الاحتياليّة، والمالك الذي يتعسّف في استعمال حقٍّ من حقوقه دون أن يشكّل هذا التّعسّف جريمة، والخطأ العقدي والخطأ المفترض في المسؤوليّة عن فعل الشيء....الخ ، فهنا تنعقد المسؤوليّة المدنيّة دون الجنائيّة.
وحتى عندما يكون منشأ كل من الدعويين الجنائيّة والمدنيّة فعلاً واحداً وهو الجريمة، فإنهما مختلفتان من حيث الخصوم، والسبب والموضوع، فخصما الدعوى الجنائيّة هما النيابة العامة، تباشرها باسم المجتمع بأسره، والمتهم، بينما خصوم الدعوى المدنيّة: هم المضرور من الجريمة من جانب، والمتّهم أو المسؤول المدني عنه أو ورثتهما من جانبٍ آخر، والسبب في الدعوى الجنائيّة هو وقوع الجريمة بما تحدثه من إخلال بأمن المجتمع ونظامه، بينما سبب الدعوى المدنيّة هو الضرر الذي يصيب الفرد بسبب الجريمة الواقعة على شخصه أو ماله أو شعوره وإحساسه. وبالنسبة لموضوع الدعوى الجنائيّة هو طلب توقيع العقوبة على مرتكب الجريمة إعمالاً لأحكام قانون العقوبات جزاء الإخلال الذي أحدثه بأمن المجتمع ونظامه بالفعل الذي أتاه، أما موضوع الدعوى المدنيّة فيتمثّل في طلب التعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة إعمالاً لأحكام القانون المدني .
ورغم هذا الاختلاف بين الدعويين، إلاّ أنّ وحدة منشئهما الجريمة تجعل الصلة قائمة بينهما، مما يترتب على ذلك عدة آثار، في مقدّمتها السماح للمضرور من الجريمة أن يرفع دعواه المدنيّة أمام القضاء الجنائي، وتبعيّة الدعوى المدنيّة للدعوى العموميّة في إجراءاتها والحكم فيها.
ومن خلال هذا المفهوم نصل إلى أنّ الدعويين الجنائيّة والمدنيّة مختلفتان عن بعضهما البعض من حيث الموضوع والهدف والخصوم والطبيعة، ولذلك كان من المنطقي أن ترفع الدعوى الجنائيّة أمام القضاء الجنائي والدعوى المدنيّة أمام القضاء المدني صاحب الاختصاص، إلاّ أنّ أغلب التشريعات أجازت بصورة استثنائيّة للمضرور من الجريمة أن يرفع دعوى التعويض المدنيّة أمام القضاء الجنائي، إمّا بالتّدخل في دعوى جنائيّة أقامتها النيابة العامة، وإمّا من خلال طرق باب القضاء الجنائي ابتداءً بسلوك الادّعاء المباشر، وفي مقدّمة هذه التشريعات كل من قانون الإجراءات الجنائيّة الفرنسي في المادة (3) . وقانون الإجراءات الجنائيّة المصري في المادة (251) وقانون أصول المحاكمات الجزائيّة الأردني في المادة (52) .
ويشرط لاختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنيّة أن يكون الضرر المطالب التعويض عنه، شخصياً وناشئاً مباشرة عن الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائيّة، وأن يكون محققاً وحالاً وقت رفع الدعوى، وأن يكون الضرر وقع على مصلحة مشروعة يحميها القانون، ولذا فإنّه لا يجوز قبول الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي من دائن المضرور ولا من المحال عليه الدين ولا من المؤمن لديه، وذلك لعدم حصول ضرر مباشر من الجريمة بهؤلاء، ولا يجوز للخليلة أن تطالب بتعويض عن ضرر أصابها بفقد خليلها، لأنّ العلاقة بين العشيقين لا تستند إلى مصلحةٍ مشروعة.
وفي حالة قبول الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي، تخضع الدعوى المدنيّة لقواعد الإجراءات الجنائيّة، وتخضع لقواعد المرافعات المدنيّة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون الإجراءات الجنائيّة، وبوصفها من القواعد الإجرائيّة العامّة التي تسري على الدعويين الجنائيّة والمدنيّة.
ونخلص بذلك إلى أنّ منح المحاكم الجنائيّة حقّ نظر الدعوى المدنيّة الناشئة عن الجريمة، يحقق العديد من المزايا والفوائد العملية والتي تتمثل في مبررات أو أسس يعتمد عليها لتبرير تحقيق مصالح مشتركة للمجني عليه ، والمتهم والمجتمع والعدالة ، وتتمثل مصلحة المجني عليه بالحصول على التعويض في أسرع وقت ممكن، وبأكثر فاعليّة وأقل نفقات، ولا يرهق المتهم ويضعف مركزه بالدفاع عن نفسه أمام محكمتين -الجنائيّة والمدنيّة- في وقتٍ واحدٍ، حيث يمكّن المتهم من المثول أمام محكمة واحدة وهي المحكمة الجنائيّة، وتقديم كافة الأدلّة لها.
كما يحقق نظر الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي مصلحة للمجتمع، فهو يشجع المجني عليه على الإبلاغ عن الجريمة والظهور في المحاكمة، ويساعد في منعها، ويجعل من المدعي المدني عوناً للنيابة والقضاء، ويفتح الباب أمام الأخير في ملاحقة مرتكب الجريمة إذا أغفلت أو تراخت النيابة العامة، هذا بالإضافة إلى أنّه يرضي الشعور العام بالعدالة لدى المجتمع، إذا تحقق تعويض أضرار الجريمة في معاقبة الجاني في توقيع العقوبة الجنائيّة عليه، وتعويض المجني عليه مالياً عن دعواه المدنيّة.
كما أنّه يؤدي إلى تحقيق مصلحة للعدالة ذاتها، فهو يؤدي إلى اختصار الإجراءات وتوفير وقت ومجهود القضاء، وتحديد الجزاء العادل، ويجنب تضارب الأحكام، كما أنّ القاضي الجنائي يكون أكثر قدرة على الفصل في الدعوى المدنيّة، ولهذه الأسس والمبررات نؤيد قبول رفع الدعوى المدنية عن الضرر الناشئ عن الجريمة أمام القضاء الجنائي في حالة رفع الدعوى العموميّة، أو بطريق الادّعاء المباشر في حالة جمود النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائيّة.
في حين هناك عدد قليل من التشريعات تقرر عدم قبول دعوى التعويض المدنيّة أمام القضاء الجنائي إذا كان موضوعها المطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن الجريمة، وحجّة هذا الرأي إلى الاختلاف في الطبيعة القانونيّة بين الدعويين الجنائيّة والمدنيّة من حيث الخصوم والسبب والموضوع وإن اتحادهما المصدر وهو الجريمة، لا يبرر الخروج على القواعد العامّة في الاختصاص التي هي أصلاً مقرّرة للصالح العام، وقد أخذت بهذا النظام كأصل عام في تشريعاتها الدول الأنجلوسكسونيّة مثل إنجلترا وكندا واستراليا، ومن البلاد العربيّة السودان.
ومن خلال ذلك قسمت الدراسة إلى فصل تمهيدي وبابين، حيث تعرّض الباحث في الفصل التمهيدي إلى التطور التاريخي للدعوى المدنيّة، أمّا الباب الأول فقد تمّ التعرّض فيه إلى أركان الدعوى المدنيّة من حيث الخصوم والسبب، وفي الباب الثاني فقد تمّ التعرّض إلى مباشرة الدعوى المدنيّة من حيث حقّ المدعي المدني في الخيار بين الطريقين الجنائي والمدني، وطرق مباشرة الدعوى المدنيّة للدعوى الجنائيّة والآثار التي تترتب عليه.
وتبيّن لي من خلال الدراسة مدى أهميّة هذا الحق وحجم المشكلات التي تثار بشأنه، ومدى الحاجة إلى حسم هذه المشكلات على نحو يتميّز بالوضوح والدّقة، وقد بيّنت وجهة نظري في كل مسألة تحتاج إلى إبداء الرأي، حيث توصّلت إلى مجموعة من النتائج والتوصيّات نسوق أهمها في النقاط التالية:
1- إن القوانين اللاتينيّة ومنها الفرنسي والمصري والأردني، منحت الحق في رفع الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي لكل من لحقه ضرر من الجريمة، ولم تنص على أنه لكل مجني عليه، فقد يحدث أن يكون هناك جريمة تصيب المجني عليه ولم يصيب بضرر منها، عندما لم تتحق النتيجة الإجراميّة التي ابتغاها الجاني من نشاطه، كأن تكون الجريمة قد وقعت على حد الشروع الناقص أو التام، لذا فإنّني اقترح أن يتدخل المشرِّع ضمن قانون الإجراءات الجنائيّة بنص يمنح المجني عليه الحق في تحريك الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي ولو لم يصيبه ضرر مادي من الجريمة، وإنما يكون النص لكل شخص لحقه ضرر من الجريمة سواء كان ضرراً مادياً أو أدبياً”؛ لأنّ الضرر كما يكون مادياً ملموساً كالوفاة أو الجرح قد يكون أدبيّاً كخدش الاعتبار أو ألماً نفسياً أو اضطراباً عصبياً.
2- عدم قبول الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي من دائن المضرور ولا من المحال عليه الدين ولا من المؤمن لديه، وذلك لعدم حصول ضرر مباشر من الجريمة بهؤلاء، ولا يجوز للخليلة أن تطالب بتعويض عن ضرر أصابها بفقد خليلها، لأنّ العلاقة بين العشيقين لا تستند إلى مصلحةٍ مشروعة.
3- منح الشخص الاعتباري العام الحق برفع الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي عن الأضرار الماديّة والادبية كما هو ممنوح هذا الحق للشخص الاعتباري الخاص الذي يحق له رفع الدعوى المدنيّة عن الضررين المادي والمعنوي إذا ما تعرّض لضرر ناتج عن جريمة سرقة، أو نصبٍ مثلاً.
4- النص ضمن قانون الإجراءات الجنائية المصري وقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على إيجاز للسلطة القضائيّة منح النقابات والجمعيّات ذات الغرض العام والتي لا تسعى إلى تحقيق ربح مادي رفع الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي، إذا مسّت الجريمة بالمصلحة الجماعيّة التي ترعاها إذا كان الضرر الذي أصابها منعزلاً عن الضرر الاجتماعي الذي تتولى النيابة العامّة الحقّ في الدفاع عنه.
5- النص ضمن قانون الإجراءات الجنائيّة المصري والمحاكمات الجزائيّة الأردني، على إلزام النيابة العامّة أو المحكمة بتعيين وكيلاً لفاقد أو ناقص الأهليّة يتولّى رفع الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي لمن لحقه ضرر من الجريمة.
كما أوصي بضرورة أن ينصّ المشرّع المصري والأردني ، على أنّه إذا تعارضت مصلحة فاقد أو ناقص الأهليّة مع مصلحة من يمثّله تقوم المحكمة بتعيين مُمثّل قانوني له أو وصي، وذلك بموجب طلب من النيابة العامّة .
عدم جواز رفع الدعوى المدنيّة أمام المحاكم الجنائيّة الاستثنائيّة مثل المحاكم العسكريّة ومحاكم الأحداث، كون هذه المحاكم خاصّة تختص بنظر الدعوى الجنائيّة على سبيل الاستثناء، فيجب عدم التوسع فيه نظراً لقيام الأصل، وهو إقامة الدعوى المدنيّة أمام القضاء الجنائي، ومن غير المناسب إضافة أعباء أخرى على هذه المحاكم لما تمتاز به إجراءاتها بالسرعة تقديراً لظروفها والسريّة في الإجراءات والتحقيق.