Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
موقف المستشرق دانيل بايبيس من الأصولية الإسلامية:
المؤلف
طه, عماد سمير محمد.
هيئة الاعداد
باحث / عماد سمير محمد طه عمر
مشرف / حسين عبده حسين
مناقش / عبدالراضى محمد عبدالمحسن
مناقش / سهـا عبـدالـمنعم
الموضوع
الفلسفة الاسلامية.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
312ص.:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - الدراسات الفلسفية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

المستخلص

كان يمثل دانييل بايبيس فى رؤيته الاستشراقية ظاهرة متعددة الجوانب، فقد أنهى دراسة التاريخ بجامعة هارفارد عام 1971، وحصل على الدكتوراه فى التاريخ الإسلامي فى العصور الوسطي عام 1978 من نفس الجامعة. تحول بايبيس بعد ذلك اهتمامه الأكاديمي من العصور الوسطى إلى الإسلام الحديث والقضايا المعاصرة فى أواخر السبعينات، تأثر فى خلال هذه الرحلة بمدارس الاستشراق الأمريكي.
كان بايبيس يحظى بمكانة علمية وسياسية فى الأوساط الغربية والأمريكية، كما كان قريب الصلة بدوائر صنع القرار السياسي. ويعد بايبيس من أبرز المتحمسين للعقيدة الصهيونية والمدافعين عنها فى شتى المناسبات، وكذلك اليمين الأمريكي المتطرف أو ما يسمى بالمحافظين الجدد. وهو الأمر الذى شكل الخطوط العامة لموقف بايبيس من الفكر الإسلامى بصفة عامة بالتحديث والعالم الخارجى.
رأى بايبيس أن البداية الحقيقية لدراسة الإسلام والدور الذى يلعبه فى الأحداث فى الولايات المتحدة الأمريكية بدأ فى عام 1992م أثناء إدارة بوش، وتسارع بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
موقف بايبيس من الأصولية الإسلامية لم يتسم بالموضوعية العلمية، فلم تكن دراسة علمية متخصصة كما كان يدعى ذلك بايبيس، فاعتمد على دراسات المستشرقين السابقين من أمثال (توماس أرنولد ، وجولد تسيهر ، وبرنارد لويس ، وجوزيف شاخت ، وهاملتون جب)، مردداً فى الوقت ذاته آرائهم وشبهاتهم حول الفكر الإسلامى، دون الرجوع للنصوص والمصادر الإسلامية – إلا ما يتفق مع أيديولوجيته – التى تقتضيها الموضوعية العلمية.
أن الكثير من آراء بايبيس للفكر الإسلامى تخلو من الجدة والأصالة، وأن الشهرة التى يتمتع بها بايبيس لا ترجع فى المقام الأول إلى كفاءته العلمية أو الأكاديمية، بقدر ما ترجع إلى أسلوبه الصحافى وغزارة مقالاته، وحرصه على الظهور فى وسائل الإعلام المتعددة، ومحاولة ظهوره فى صورة الخبير بالفكر الإسلامى والعالم بدقائق الأمور وأحوال وخبايا النفس الإسلامية.
أراد بايبيس من ادعائه بعدم وجود صلة للإسلام بالسياسة أن يصف كل الحركات ودعوات الإحياء الإسلامى، خاصة التى ظهرت فى العصر الحديث، والتى تنادى بالرجوع لمبادىء الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية بأنها حركات يوتوبية مثالية راديكالية، مسقطاً بذلك النظرة الغربية لمفهوم الأصولية كما نشأ هناك.
يرفض بايبيس أى دافع ذاتى للإسلام من وجهة نظره فى كونه باعثاً على تفسير ظاهرة الإحياء الإسلامى وانتشارها، والتى يطلق عليها ( الأصولية الإسلامية) ويحيلها إلى أسباب خارجية. وإن لم يتوافق مع القائلين بالأسباب المادية مثل الفقر والجهل والضغط الإقتصادى..الخ بل العكس يرى بايبيس أن الثروة والمال وخاصة المتدفقة من البترول عامل رئيسي فى زيادة وانتشار (الأصولية الإسلامية ) وزيادة تأثيرها ونفوذها على المستوى العالمى والمحلى ، ولكنه عاد فى نهاية المطاف وجعل الأسباب النفسية والسياسية كعوامل مساعدة، متجاهلاً فى ذلك أن التجديد والإحياء الإسلامى هو سنة وضرورة إسلامية نابعة من طبيعة وجوهر الإسلام.
اعتمد بايبيس إستراتيجية خبيثة للنيل من الإسلام وتشويه الإحياء الإسلامى، حيث فرق بين الإسلام كدين حسب مفهومه لهذا الدين ، وبين مفهوم الأصولية الإسلامية عنده، تلك الأصولية التى تحمل كل معانى الإسلام الحقة من تمسك بالهوية والثوابت الإسلامية والشريعة.....الخ فى مقابل ذلك الإسلام الذى يزعمه بايبيس بعد أن أفرغه من محتواه وجعله لا يمت بصله إلى الإسلام الذى جاء به النبى صلى الله عليه وسلم. ومن ثم بدأ بايبيس يلصق الصفات السلبية على هذه الأصولية أو ذلك النوع المشوه للإسلام حسب مفهومه . وبالتالى فلا يعتبر ذلك هجوماً منه على الإسلام ، أو يعد تعصباً أعمى كما يعتقد بايبيس ،ولكنه على العكس دفاع لتحسين صورة الإسلام. فمسألة التصدى للأصولية هى مجرد غطاء يلقيه بايبيس ليمرر أفكاره وأيديولوجيته دون الظهور بصورة المعادى للدين الإسلامى.
أتضح لنا أيضاً أن الخوف الغربى ليس من مما يسمى بالإرهاب والعنف الإسلامى الذى ينتهجه بعض الأفراد والجماعات، ولكن هو خوف من الإسلام الذى يقف عقبة فى سبيل تحقيق الأهداف الاستعمارية والمصالح الغربية والأمريكية فى المنطقة. فهذا ليس دفاعاً عن الذين يرتكبون العنف والإرهاب ضد الأبرياء ، ولكن ضد أن تتخذ مثل هذه الأحداث الفردية كصورة عامة ومعبرة عن الإسلام الحق.
أيضاً تبين لنا أن مدلول ( الأصولية الإسلامية ) عند بايبيس يشمل كل المسلمين بكافة انتماءاتهم الفكرية، باستثناء الفصيل المغرب الذى يتخذ من الانفصال عن التراث والقيم والهوية الإسلامية منهاجاً ويفضل الأخرى الغربية.
إن الموقف السلبى الذى يتخذه بايبيس من القيم والتراث الإسلامى (الأصولية عند بايبيس) باعتبارها سبباً وعقبة أمام تحقيق التحديث والتقدم ، لا يعد موقفاً موضوعياً ، بقدر ما هو تعبير عن تصادم بين مشروع الفكر والهيمنة الغربية التى تريد صبغ العالم بأسره بفلسفتها وقيمها ، وبين من يعترض هذه النظرة ، وذلك نتيجة لنظرة بايبيس لمفهوم التحديث من خلال الرؤية الغربية لهذا المفهوم ، التى تعتمد على العنصرية والمركزية الغربية. ولم يكن بايبيس بدعاً فى ذلك ولكنه إتبع نفس خطى كبار رجال الاستشراق التقليدى أمثال برنارد لويس.
أن تفرقة بايبيس بين الإسلام الذى ليس لديه إشكالية مع الحداثة والتحديث وبين ما يطلق عليه ( الإسلام الأصولي ) المتمسك بالقيم والثوابت الإسلامية والذى يعد من وجهة نظره عقبة أمام التحديث، هو تقسيم لا يستند على أرض الواقع ولا الموضوعية العلمية ، ولكنه تقسيم فى مخيلة بايبيس المتأثرة بالأيديولوجية الصهيونية.
كان بايبيس حريصاً على الدفاع عن المصالح الغربية والأمريكية فى العالم الإسلامى، الأمر الذى جعله يبتعد عن الموضوعية العلمية كثيراً فى تناوله للقضايا الإسلامية المختلفة. ومنها موضوع دراستنا ( الأصولية الإسلامية )، وهذا ما جعله يقع فى الكثير من التناقض مع نفسه أكثر من مرة. الأمر الذى جعل تناوله لموضوع البحث يتسم بالغموض والتشويه والبعد عن المنهج العلمى.
استخدم بايبيس أيضاً منهج التبرير لكل سياسات الآخر سواء أكان دينياً أو حضارياً ، وأغفل الحديث عن أى ممارسات سلبية لهذا الآخر ملقياً كل التبعة والمسؤلية على الأصولية الإسلامية فى توتر وسوء العلاقة مع العالم الغربى وأمريكا. أيضاً استخدم منهج الاختزال فهو يختزل المسلمين والإسلام فى مجموعة من الأفراد والأشخاص الشاذة ويجعلها صورة معبرة عن كل المسلمين وعن الإسلام ، فتتبع الإجتهادات والفتاوى الشاذة ، التى صدرت بصورة فردية نتيجة لظروف إستثنائية كان يمر بها المجتمع الإسلامى ، ثم قام بتعميمها لتأخذ صورة الإجماع من جانب ، والخلط بينها وبين الشريعة من جانب آخر. ومع كل هذا تجاهل بايبيس فتاوى واجتهادا العلماء التى لاتتفق مع أيديولوجيته المسبقة.
تناول بايبيس قضية التغريب وعرض القضية فى صورة سطحية مبسطة مهملاً جهود الغرب الحثيثة فى وقت سيطرته وهيمنته المباشرة وغير المباشرة على العالم الإسلامى، ولم يشر إلى أن هناك خطط مقصودة وضعت لتمكين التغريب الغربى وإزاحة الإسلام وثقافته.
لقد كانت الفكرة الرئيسية التى انطلق منها بايبيس هى التفرقة بين نوعين متميزين من الإسلام ، الأول: يطلق عليه بايبيس الإسلام الليبرالى/ الإصلاحى / العلمانى ...الخ. وهو إسلام من وجهة نظر أمريكية مفرغ من محتواه الحقيقى ولا يعتمد على الوحى كمرجعية له. والثانى هو الإسلام الأصولى أو الإسلام المسلح المسؤل عن العنف والإرهاب والتخلف والأزمات التى يعيشها العالم الإسلامى، ويشمل كل المسلمين ما عدا النوع الأول. وبالتالى فان مفتاح الحل للأزمة يكمن فى القضاء على هذا النوع الثانى من الإسلام حسب مفهوم بايبيس. وهذا أصدق تعبير عن أيديولوجية بايبيس الصهيونية ، ودفاعه عن المصالح الغربية والأمريكية الاستعمارية فى العالم الإسلام