Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
محمد بن عبدوس الجهشياري مؤرخا
(م: سنة 331هـ / 942م) /
المؤلف
بازينة، عبد الله سالم محمد.
هيئة الاعداد
باحث / عبد الله سالم محمد بازينة
مشرف / محاسن محمد علي الوقاد
مشرف / سند أحمد عبد الفتاح
مشرف / فتحى عبد الفتاح أبوسيف
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
335ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
19/11/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 16

from 16

المستخلص

إن اهتمام المؤرخين والباحثين المحدثين بالتاريخ الإسلامي كبير، ولكنهم في الغالب وجهوا جهدهم لدراسة الجوانب المادية، وأهملوا إلى حد ما الفكر التاريخي ومقوماته رغم أن تاريخنا مليء بالمؤرخين والعلماء الأفذاذ، الذين تركوا بصماتهم في العلم والمعرفة بجهودهم وإسهاماتهم المضيئة في الحضارة الإسلامية.
ومن هؤلاء العلماء أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب الوزراء والكتاب، أحد كبار المؤرخين الذين أثروا بفكرهم الفكر التاريخي، وساهموا مساهمة جليلة في تطوره، وذلك لأن كتابه يعتبر من أهم المصادر في النظم والحضارة، لما فيه من تاريخ وأدب وشعر وحكم، للكتاب والوزراء، فهو من أجل المصادر الحافلة بالحوادث التاريخية.
لذلك اتجه اهتمام الباحث إلى دراسة أحد مؤرخي العصر العباسي في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، من خلال أطروحة يتقدم بها لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي.
فهي دراسة في التاريخ وليست في النظم، بمعنى أنها تهتم بالدرجة الأولى بشخصية الجهشياري والعوامل المؤثرة في مفهوم التاريخ عنده ومنهجه ومصادره وميوله، أكثر من اهتمامها بالوزارة والكتابة الديوانية كمنصب من المناصب الإدارية في الخلافة العباسية وبالوزارة كنظام جديد من النظم الإسلامية ظهر لأول مرة في عهد العباسيين.
وأكثر من ذلك فإن هذه الدراسة لا تهدف إلى التعريف بخصائص منصب الوزارة والشروط النظرية الواجبة في الوزير، ولا إلى تصنيف الوزارة إلى وزارة تفويض ووزارة تنفيذ، تلك الأطر والمواصفات النظرية والمثالية التي وضعها الفقهاء والمتأخرون وكتاب السياسة الشرعية، والتي لم تكن تعني شيئاً في العصر الذي ندرسه ولم يتبعها الخلفاء معتمدين في انتقائهم للوزراء والكتاب، حيث لا وجود لها.
وتعتمد تلك الأطروحة على دراسة محمد بن عبدوس الجهشياري دراسة متكاملة في ظل ما وصلت إليه يد الباحث من مصنفاته، أما ما سقط منها طي الضياع فقد تمر الأيام وتتعاقب السنون فيظهر من تلك المؤلفات المطمورة ما يسد رمق بعض الباحثين آنذاك، فيكشفون من خلالها عن جوانب جديدة في حياة الجهشياري والمجتمع في آن واحد.
هذا وقد قسم الباحث هذه الدراسة إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، خصص الفصل الأول منها للعوامل المؤثرة في مفهوم التاريخ عند الجهشياري، استعرض فيه الباحث تفصيلاً عن حياته ونشأته ووظائفه وانتماءه المذهبي، وأثر أوضاع عصره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية على تكوين فكره التاريخي وتأثره بها.
أما الفصل الثاني فتطرق فيه الباحث إلى حصر مؤلفات الجهشياري، ثم الحديث عن المحتوى التاريخي لمصنف الجهشياري (الوزراء والكتّاب) موضحاً من خلاله محتوى كتابه من حيث الجوانب السياسية والإدارية والجوانب الاقتصادية والمالية، والجوانب الاجتماعية ومظاهر العمران، والجوانب الثقافية والدينية، ثم الجوانب العسكرية.
وخصص الباحث الفصل الثالث للمرجعية التاريخية عند محمد بن عبدوس الجهشياري، منوهاً من خلاله بالمصادر التي اعتمد عليها في استيفاء مادته العلمية، والتي تنوعت بين المشافهات والسماع والوثائق، إضافة إلى اقتباسه من المؤلفات السابقة.
وتناول الباحث في الفصل الرابع منهج الكتابة التاريخية عند الجهشياري، موضحاً من خلاله تطور الفكر التاريخي، وصور الكتابة التاريخية في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، ثم تقنيات البحث العلمي في كتاباته والتي ضمت منهجه في تدوين مادته ومنهجه في موارده.
واختتم الباحث الدراسة بخاتمة أوجز فيها أهم النتائج التي انتهى إليها ومنها:
أبرزت الأطروحة أثر المناخ الذي يعيشه المؤرخ على تشكيل فكره التاريخي وثقافته، فالجهشياري عاش في عصر متناقض شهد انحداراً سياسياً وازدهاراً ثقافياً وبيئة علمية أثرت على توجهه الفكري، ونتيجة لما عاصره من فساد النظام السياسي والإداري ونتيجة للحيل والمكائد التي يقوم بها الوزراء والكتاب، وهم على رأس النظام الإداري الذي كان الجهشياري أحد موظفيه، في سبيل الحفاظ على مواقعهم أو التطلع إلى مكاسب سياسية على حساب الآخرين، وفساد الوزراء، كل ذلك أثر على فكره التاريخي وأثار حماسته على التأريخ للوزارة والكتابة، فكتب كتاباً خص فيه الوزراء والكتاب، محاولاً إصلاح ما فسد، والكتابة بطريقته بتبني أيديولوجيا خاصة هدفها إصلاح الوزارة والكتابة الرسمية، متخذاً من التاريخ درعاً للمقاومة، فهو إنما أجاب على حاجة ثقافية معنية في عصره.
وكشفت الأطروحة أن الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سادت في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، لم تؤثر على سير الحركة العلمية التي ازدهرت ازدهاراً كبيراً، حيث عمت النهضة العلمية بكافة أوجه معارفها، فالتاريخ يكشف أن الحالة العلمية لا تتبع الحالة السياسية ضعفاً وقوة.
كما بينت الأطروحة الدور الذي يلعبه المؤرخ حينما يكون ضمن الجهاز الإداري للدولة، ومن موظفيها الكبار، فيكون قريباً من مخزون معلومات وأسرار الدولة ودواوينها، ما ينتج عن ذلك من تفصيلات مهمة، ويتجلى ذلك في الأحداث والوقائع الفريدة والجوهرية التي تناولها الجهشياري في مؤلفه، حيث ضمن كتابه بعض الأخبار التي تفرد بها عن سابقيه ومعاصريه من المؤرخين.
كما أبرزت الأطروحة بعض الجوانب الغنية في كتابات الجهشياري والتي تضمنت نصوصاً من الأهمية في كافة النواحي، فلم يكتف بذكر الأحوال السياسية والإدارية في الفترة التي أرخ لها، بل نراه في ثنايا تسجيله للأحداث التاريخية يوضح لنا الكثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والعسكرية، وكان غرضه من ذكرها هو ما كان من دور الوزراء والكتاب فيها، فالمنطلق الأساسي في ذكرها هم ”الوزراء والكتاب”.
وحصرت الأطروحة المصادر المتنوعة التي اعتمد عليها الجهشياري في بناء مصنفه، فقد استند إلى مرجعيات عدة اتسمت بتنوعها منها الروايات الشفوية والتي تعددت لتشمل طبقات واسعة غالبيتهم من الوزراء والكتاب والأمراء والقضاة، ومنهم من أهل العلم كالمحدثين ورواة الأخبار والأدب والشعراء، واستقى أغلب معلوماته من طبقة الكتاب الذين كانوا على اطلاع ودراية بأمور الدولة، كما استند إلى الوثائق الرسمية والتي اطلع عليها بحكم كونه موظفاً في الدولة العباسية وبحكم نشأته في أسرة مقربة من قصر الخلافة، واعتمد أيضاً على آثار ومصنفات من تقدمه من الإخباريين والمؤرخين، بالإشارة إليها حيناً ودونها في أحايين كثيرة.
وأبرزت الأطروحة تطور الفكر التاريخي والكتابة التاريخية عند الجهشياري، فالجهشياري اتبع في كتابه الوزراء والكتاب نظام التراجم، حيث اتخذ من عهود الخلفاء أساساً لتنظيم تاريخه، إلا أنه مع ذلك راعى خطة تسلسل الحوادث على السنين، وأبرزت الأطروحة منهجه الذي اتسم بالتنظيم الدقيق لما أورده، وميله إلى الإيجاز، وتحاشي الإطالة في الوصف في كثير من المواضع، وتميز بالحياد التام والبعد عن التعصب فامتاز منهجه بالدقة والموضوعية في ذكر الحوادث التاريخية، وجاء أسلوبه سهلاً تجنب فيه الزخرفة اللفظية والألفاظ الدراجة، واتسمت عروضه في الغالب الأعم بسلامة اللغة، ووضوح العبارة، واتخذ من الأسلوب النثري المرسل السلس أساساً يتبعه في كتاباته التاريخية.
كما أوضحت الأطروحة استعراض الجهشياري لتاريخه بشكل مرسل قليل الإسناد، وهي سمة بارزة في منهجه، فأسند بعض الأخبار وتساهل في الباقي، وقد اقتصر الإسناد في رواياته إلى إشارة موجزة إلى المصدر.
كما كشفت الأطروحة أن الجهشياري عول على التفسير الديني في بعض مروياته بإرجاع العلل والأسباب إلى العناية الإلهية، حيث وجد في كتابه أقوالاً سطحية غير علمية ممزوجة بالخرافات والمعجزات، وتبعاً لذلك أسقط تفسير الأحداث وتسييرها تحت طائلة الصدف والخوارق والرؤى المنامية.