Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النظم والتغيرات الإدارية في بيت المقدس في القرنين الخامس والسادس للهجرة /
المؤلف
جمل، حسن سعيد محمود.
هيئة الاعداد
باحث / حسن سعيد محمود جمل
مشرف / أحمد إبراهيم الشعراوي
مشرف / ناهد عمر صالح
الموضوع
الإدارة- نظم- تاريخ- ق.(5-6هـ)- القدس.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
456 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 16

from 16

المستخلص

تكتسب دراسة النظم الإدارية في بيت المقدس ومحيطها في القرنين الخامس والسادس الهجريين / الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين أهمية خاصة نظراً لأهمية المدينة ومكانتها في الوجود الإنساني، حيث شهدت مدينة بيت المقدس في القرون الخمسة الهجرية الأولى قيام الدولة العربية الإسلامية، والتي وضعت أسس حضارتها ونظمها الإدارية ، وحسمت مسألة عروبة فلسطين بعامة وبيت المقدس بخاصة أرضاً وإنساناً وسيادة سياسية استعصى بعدها على المحاولات الأجنبية والمستمرة تغيرها .
ونظراً لمكانة المدينة وقدسيتها لدى مئات الملايين في جميع أنحاء العالم، كان عليها أن تعاني معاناة شديدة، فقد تعرضت في نهاية القرن الخامس الهجري / نهاية القرن الحادي عشر الميلادي للغزو الفرنجي، بعد أن لعبت المشاعر الدينية القومية دوراً كبيراً في صياغة الأحداث، وكانت هذه المشاعر تولّد بطريقة مصطنعة، وتوجه لخدمة الأغراض الدنيوية، فقُتلَ معظم سكان المدينة من المسلمين وغيرهم، وأقام الفرنجة مملكتهم واتخذوا من المدينة المقدسة عاصمة لهم، وأنشأوا عدداً من المؤسسات الخاصة بهم، ولم يألوا جهداً في تغيير كافة النظم الإدارية السياسية والاجتماعية والدينية والعسكرية والقضائية والاقتصادية والعمرانية في المدينة، واضفاء الصبغة الغربية الفرنجية على كافة مناحي الحياة فيها، الأمر الذي كان جديراً بالدراسة للتعرف على أبعاد هذا الغزو الذي امتد قرابة القرن من الزمان في مدينة تعد ثالث المقدسات الإسلامية.
ومن الملاحظ أن موضوع دراسة النظم والتغيرات الإدارية في بيت المقدس في القرنين الخامس والسادس الهجريين / الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين لم ينل حظه من البحث والدراسة بشكل متكاملة الجوانب، ولم يتطرق الباحثون في الشرق والغرب إلى تناول هذا الموضوع الخاص بمدينة بيت المقدس ومحيطها، ولم تُدرس كثير من ملامحه دراسة علمية مستقلة قائمة بذاتها، ونظراً لتناثر المادة العلمية في بطون المصادر والمراجع العربية والأجنبية، رأى الباحث أنه من الضرورة عمل الدراسة في هذا الموضوع.
ومن الأسباب المهمة الأخرى التي دفعت الباحث إلى اختيار هذا الموضوع خلو المكتبة العربية من عمل علمي متكامل ومتخصص يبرز فيه النظم الإدارية التي كانت تدار بها المدينة المقدسة فترة الحكم الإسلامي، وكيف تغيرت هذه النظم الإدارية فترة الحكم الفرنجي، وما أحدثه الفرنجة من تغيرات جذرية في طبيعة الحكم الإداري، ولذا رأى أن يبين بشيء من التحليل والتفصيل، وحسب المصادر والمراجع المتاحة عن حالة المدينة المقدسة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدراسة شملت المدينة وأسوارها، بالإضافة إلى القرى والبقاع المجاورة كجزءٍ مكمل لها بصفتها امتداداً لها.
أما عن أهداف الدراسة. فتتركز في عقد مقارنة موضوعية لمعرفة النظم الإدارية التي كانت تدار بها مدينة بيت المقدس في ظل الحكم العربي الإسلامي، وكيف تغيرت هذه النظم فترة الحكم الفرنجي لمعرفة كيف كانت معاملة المسلمين من خلال نظمهم الإدارية للأماكن المقدسة وأصحاب الديانات والعقائد الأخرى، وبيّن معاملة الفرنجة للمقدسات ومخالفيهم في العقيدة، ومعرفة الفارق الكبير بين التسامح الإسلامي والهمجية الفرنجية، وتبيان حقيقة العلاقة بين اللاتين الغزاة والمسيحيين الوطنيين (المحليين)، والذين تمنوا عودة الحكم الإسلامي للمدينة مرة أخرى بعد أن أدركوا أنهم لم ينعموا بالرخاء والسعادة إلا في كنف النظم الإسلامية، كما تهدف الدراسة أيضاً إلى إبراز الدافع المادي للفرنجة من خلال قوانينهم وأنظمتهم الإدارية والاقتصادية المتمثلة في سلب ونهب خيرات المنطقة، عدا النظم العسكرية التي حكمت بها المدينة، بالإضافة إلى القضاء وأنواع المحاكم القضائية التي أنشأها الفرنجة بما يتلاءم مع طبيعة الطبقات الاجتماعية للمجتمع اللاتيني.
أما أهم الإشكاليات التي واجهت الباحث فتكمن في تناثر المادة التاريخية في بطون المصادر العربية والأجنبية، وبخاصة أن مدينة بيت المقدس لم تكن في أي لحظة من تاريخها فترة الحكم الإسلامي تدار بشكل مستقل بعيداً عن النظم الإدارية للخلافة الإسلامية سواء في بغداد أو دمشق أو القاهرة، وبهذا فإن التطرق إلى النظم الإدارية في بيت المقدس لم يكن بالأمر اليسير، فكان لا بد من الرجوع إلى ميادين شتى في الروايات التاريخية والحوليات وكتب الجغرافيا وكتب السير والتراجم المتصلة بفلسطين كولاية سياسية أو كانت متصلة بأهلها أو بمجتمعاتها أو باقتصادها، حيث كانت المعلومات مختلطة بالمعلومات الخاصة بإقليم الشام أو بأهله أو باقتصاده، مما شكل صعوبة لا يستهان بها في الوقوف على الحقيقة التاريخية الكاملة، بالإضافة إلى انصراف المصادر التاريخية العربية عن تناول النظم الإدارية كموضوع رئيس، حيث يلاحظ أن اهتمامها انصبّ على تناول الأحداث السياسية والدينية والعسكرية والعمرانية.
أما عن المنهج العام الذي اتبعه الباحث في دراسة النظم والتغيرات الإدارية لمدينة بيت المقدس في القرنين الخامس والسادس الهجريين / الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فقد اعتمد الباحث عدة مناهج كان أبرزها المنهج التاريخي التقليدي القائم على سرد الأحداث والوقائع التاريخية، بالإضافة إلى المنهج الوصفي الضروري في هذه الدراسة المتعلقة بالنظم الإدارية والحضارية علاوة على المنهج المقارن القائم على المقارنة بين النظم الإدارية للمدينة المقدسة ما قبل الغزو الفرنجي وما بعده، كما تم الاستعانة بالمنهج التحليلي المرتكز على تحليل أبعاد النظم الإدارية التي أوجدها الفرنجة وحكموا بها المدينة بما يحقق أهدافهم الاستعمارية.
تم تقسيم البحث إلى خمسة فصول سبقها مقدمة اشتملت على دراسة تحليلية لأهم مصادر البحث ومراجعه. وتناول الفصل الأول وعنوانه النظم والتغيرات الإدارية في بيت المقدس ومحيطها في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي، وبدأ الفصل بنبذة تاريخية عن أحوال بيت المقدس ما بين القرنين والرابع والخامس الهجريين / العاشر والحادي عشر الميلاديين تلا ذلك نبذة عن فلسطين ونظمها الإدارية في المصادر التاريخية، ثم تناول نظام الحكم والإدارة في بيت المقدس متعرجاً لسياسة الفاطميين والسلاجقة الأتراك في تعيين الولاة في المدينة وسائر المدن الفلسطينية، بالإضافة إلى النظم والسلطات الإدارية في المدينة المقدسة والتي تشمل الوالي والقضاة والدعاة والشرطة والحسبة.
أما الفصل الثاني فتناول النظم الحضارية في بيت المقدس في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي وشمل هذا الفصل النظم الاجتماعية للمدينة المقدسة متضمناً طبقات المجتمع في بيت المقدس بما في ذلك أهل الذمة من يهود ونصاري وعلاقاتهم بالسلطات الحاكمة، وكذلك العلاقات الاجتماعية والاحتفال بالأعياد الدينية عدا عادات وتقاليد سكان المدينة، كما تناول الفصل النظم العسكرية للجيشين الفاطمي والسلجوقي، من حيث البنية البشرية والتركيبة العسكرية للجيشين عدا العقيدة القتالية وفرق الجيوش الفاطمية والسلجوقية التي حكمت بيت المقدس طيلة القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي.
وفى الفصل الثالث وعنوانه طبقات المجتمع في بيت المقدس ومحيطها في أثناء الحكم الفرنجي / الصليبي (492-583هـ / 1099-1187م) حيث أبرز الباحث هذه الطبقات، ويأتي في مقدمتها طبقة اللاتين التي قسمت إلى أقسام عدة كالطبقة الحاكمة أو ما يعرف بطبقة النبلاء، وطبقة رجال الدين، وطبقة البرجوازيين، وطبقة الأفراخ (البولاني)، وطبقة الأقنان والعبيد، أما القسم الثاني من الطبقات الاجتماعية فهي طبقة المسيحيين الشرقيين، وتناول الباحث طبيعة علاقاتهم مع الفرنج فترة الحكم الفرنجي، كما تم التعرج إلى الطوائف الدينية لهذه الطبقة والتى شملت السريان والموارني والكرج (الجورجانيين) والنساطرة والروم (البيزنطيين) واليعاقبة والأحباش والأقباط، وتناول هذا الفصل أحوال المسلمين واليهود ومصيرهم فترة الحكم الفرنجي للمدينة، كما تناول الباحث الطبقات الاجتماعية التي سكنت المدينة المقدسة بعد تحريرها من الفرنجة عام (583هـ / 1187م) والتى شملت النصارى والمسلمين واليهود.
وفيما يتعلق بالفصل الرابع فكان بعنوان النظام السياسي والقضائي والعسكري في بيت المقدس في أثناء الحكم الفرنجي / الصليبي، واستهله الباحث بتناول النظام السياسي من حيث منصب الملك – منصب الوصي – منصب النائب، وشمل النظام السياسي الجهاز الإداري في البلاط الملكي وكبار موظفيه مثل (الكهرمان أو السنشال، والكوندستابل، والمارشال، والمحتسب، والحاجب أو الياور، والساقي، والصاحب أو الضامن، وكاتب الآرشيف)، أما النظام القضائي فقد تناول المنظومة القضائية التي طبقها الفرنجة في المدينة مستعرضا المحاكم التي أنشأوها بعد سيطرتهم على المدينة المقدسة، وتكونت هذه المحاكم من (المحكمة القضائية العليا – المحاكم البرجوازية – محاكم المدن – المحاكم الوطنية – محكمة السوق – محكمة القرية – المحاكم الكنسية – محاكم الهيئات الدينية والعسكرية ”الإسبتارية والداوية”).
وتناول النظام العسكري القيادة العسكرية العليا للجيش الفرنجي المتمثلة في الملك ونائبه والكوندستابل والمراشال، كما تناول أيضاً المصادر البشرية التي اعتمد عليها الجيش الفرنجي من حيث (خدمات الاقطاعيين والكنيسة والمرتزقة المأجورين عدا عن خدمات الهيئات الدينية العسكرية ”الاسبتارية والداوية”)، كما تطرق الفصل إلى أقسام وفرق الجيش الفرنجي والأسلحة التي استخدمها كل من الفرسان والمشاة بما في ذلك أسلحتهم الشخصية والفردية والهجومية الثقيلة والقلاع العسكرية، واختتم الفصل بتناول التحديات التي واجهت الفرنجة في بيت المقدس وكيف استطاعوا التغلب عليها من خلال التخطيط الاستراتيجي العسكري والتكتيك الحربي الميداني.
أما أخر فصول الدراسة وهو الفصل الخامس فقد جعله الباحث تحت عنوان ”النظم الإدارية والحضارية في بيت المقدس ومحيطها في أثناء الحكم الفرنجي” وفيه تناول الباحث التغيرات الدينية على الأماكن الدينية المقدسة بعد سيطرة الفرنجة عليها، هذا إلى جانب النظام الاقتصاي والموارد المالية للفرنجة، وشمل النظام الاقطاعي الذى طبقه الفرنجة في بيت المقدس من زراعة، وثروة حيوانية، وتجارة، وصك النقود، والضرائب بأنواعها، كما تطرق الفصل إلى تغير الطابع المعماري لمدينة بيت المقدس والتغيرات التي حصلت على الكنائس داخل أسوار المدينة وخارجها، بالإضافة إلى التغيرات في المباني المدنية والمشافي الطبية والمباني العسكرية للمدينة.
وتبقى هذه الدراسة عملاً متواضعاً من تاريخ مدينة بيت المقدس، وخاصة في فترة معينة حافلة بالأحداث والمعاناة، حيث سعت الدراسة إلى إبراز النظم الدينية التي كانت تدار بها المدينة فترة الحكم الإسلامي والتغيرات التي طرأت على نظام الحكم والإدارة فترة السيطرة الفرنجية، فأن أحسنت الصنع فيها فذلك بتوفيق الله عز وجل، وأن أخطأت فمن نفسي، آملاً من الله العلي القدير أن يعينني على سد ثغراتها وتلافي نواقصها، وأن يلهم الباحثين والمتخصصين والمهتمين بهذا الحقل في تصويب هفواتها وإظهار حقائب جديدة في طبيعة التغيرات الإدارية للمدينة المقدسة.