Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مصر والسودان فى البرلمان البريطانى 1899-1924 /
المؤلف
عبد الباقى، حنان محمد عبد الجواد.
هيئة الاعداد
باحث / حنان محمد عبد الجواد عبد الباقى
مشرف / رأفت غنيمى الشيخ
مشرف / خلف عبد العظيم الميرى
مشرف / نبيل عبد الحميد سيد
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
347ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
24/10/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسم التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 16

from 16

المستخلص

ملخص الرسالة
تتحدث هذه الدراسة عن مصر و السودان فى البرلمان البريطانى من 1882 – 1924 و قد تناولت الحياة السياسية والأقتصادية و الأجتماعية والثقافية فى مصر و السودان و رد فعل البرلمان البريطانى بمجلسية اللوردات و العموم .
أن الهدف من هذه الدراسة هو القاء الضوء على جوانب المناقشات و الصراع القوى بين قوى الأستعمار و الحركة الوطنية
فى ختام هذه الدراسة نلاحظ أنها تناولت عرض للقضية المصرية بجوانبها السياسية و الأجتماعية و الأقتصادية ، و لكن من وجهه أخرى و هى وجهة النظر البريطانية ممثلة فى برلمانها و خاصة مجلس العموم البريطانى و الذى يعتبر الهيئة التشريعية الأولى فى بريطانيا و المسئول الرئيسى عن اتخاذ القرار و إصدار القوانين .
مجلس العموم البريطانى أهتم اهتماماً خاصاً بدراسة القضية المصرية و فهم ما يدور من احداث داخل مصر ، و عكف نواياه على ابداء رأيهم لما يتم تناوله من قضايا تربط الطرفين ليس من قبيل ما تمثله مصر من أهمية لبريطانيا فقط و لكن ايضاً للعلاقة شديدة التوتر بين الطرفين فمنذ احتلال الأنجليز لمصر 1882 و رغبتهم الدائمة فى تثبيت وضعهم و تأمين طرق مواصلاتهم سعى المصريون فى الوقت نفسه على ابداء استياءهم من الاحتلال و رغبتهم المستمرة للتخلص من القيود التى قيدت حريتهم و زلت أعناقهم . لذلك كان من الضرورى تحديد العلاقة بين الجانبين فتمت مباحثات و أبرمت العديد من الأتفاقيات فكان على البرلمان البريطانى دراستها و ابداء رأيه فيها .
وقع الأختيار فى هذه الدراسة على الفترة من 1899 – 1924 من تاريخ العلاقات المصرية البريطانية لما تحويه هذه الفترة من أحداث مهمة أثرت تأثيراً واضحاً فى هذه العلاقة .
لقيت القضية المصرية اهتماماً من الساسة البريطانيين على كافة الأصعدة و بشكل خاص رجال السياسة فى البرلمان البريطانى . و رغم اعترافنا بأن هذا أهتمام كان جزءاً من اللعبة الأنتخابية فى بريطانيا إلا أن هذا الأهتمام ذاته عكس إلى حد كبير مدى ما تمثله مصر بالنسبة للتاج البريطانى
تأتى أهمية هذه الدراسة فى إنها أول دراسة فى الجامعات المصرية تتناول إنعكاسات القضية المصرية على البرلمان البريطانى و هو مايعطى لها تفردا خاصا . و ما يعطى لها تفردا آخر إنها إعتمدت إعتماداً كبيراً على مضابط البرلمان البريطانى و الذى شكل العمود الفقرى للمادة العلمية للدراسة
قد قسمت هذه الرسالة إلى أربعة ابواب رئيسية منبثقة منها فصول فرعية بالأضافة إلى مقدمة و تمهيد ثم خاتمة
استدعت الفترة الزمنية للدراسة لتقسيمها إلى تمهيدي وأربعة ابواب وخاتمة توضح اهم النتائج التى انتهيت اليها.اما التمهيدى فعرضت لمحة عن الأحزاب البرلمان البريطانى, ثم انتقلت الى العلاقة بين بريطانيا ومصر والسودان بين عامي 1899م ـ1924م
الباب الاول : الاوضاع السياسية المصرية السودانية فى البرلمان البريطاني
من خلال اربعة فصول .
الفصل الاول الحركة الوطنية المصرية
نجد بعد قتل السيردار السيرلى ستاك الحاكم العام للسودان و سردار الجيش المصرى فى 19 نوفمبر1924 م فى القاهرة ، و كأن الحكومة البريطانية كانت تنظر هذا الحادث اذا اتخذته قتيلاً فجرت به مطامعها فى السودان و منها بإرجاع جميع الضباط المصريين ووحدات الجيش المصرى من السودان ، و وصف سعد زغلول الحكومة البريطانية بأنها غاصبة حق مصر فى ملكية السودان العامة .
بلا شك بنظرة فاحصة لهذا الحادث يتبين منها الظلم و التعسف من الجانب البريطانى أثر هذا الحادث ، ومن أفظع مظاهر الظلم إقصاء الجيش المصرى عن السودان ، و إطلاق يد الإدارة الإنجليزية فيه وزيادة مساحة أطيان الجزيرة الى مقدار غير محدود للشركات الاستعمارية، و مضاعفة التدخل البريطانى فى شئوون مصر الداخلية ، ففى أى شرع و بموجب أى قانون دولى أو غير دولى تكون الحكومة القائمة فى أى بلد من البلدان مسئولة عن أى حادث جنائى يقع على أى فرد من الأفراد مهما علا مقامه ؟ و أى منطق بجعل البلاد كلها مسئولة عن هذا الحادث ؟
نستنتج من ذلك أن الاعتذارات و التعسف و القوة و الطلبات المجحفة بعد اغتيال السردار ما هى الإ نتيجة لفشل المفاوضات بين سعد زغلول و ماكدونالد ، و اتخذوا من هذه الحادثة زريعة لفصل السودان عن مصر وفقا لخطتهم لفصل البلدين عن بعضهما من نصوص المعاهدة السابقة ، و تقديم مسألة السودان عن المسألة المصرية و لولا رفض سعد و تمسكه بالمسألة المصرية أولا نتيجة غير مباشرة لفشل مفاوضات سعد – ماكدونالد لأن المفاوضات كانت تقتضى فصل السودان عن مصر و لكنها فشلت ، و لذلك و جدت انجلترا ذريعة جديدة لفصل البلدين عن طريق هذا الحادث العارض .
الفصل الثانى اعلان الحماية البريطانية على مصر
و كان إعلان الأحكام العرفية – أعلنت 2 نوفمبر 1914 م - جزءا من عملية التمهيد الذى هدف الانجليز إلى تحقيقه بحيث تعلن الحماية دون أن يتمكن الشعب المصرى من الاحتجاج أو الحركة فالمهم أن تصل السياسة البريطانية بالبلاد الى حالة الهدوء. و كانت الحالة السياسية فى مصر بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر مضطربة ،حيث تعددت فى تلك الفترة اضرابات الموظفين و المظاهرات ، و حوادث الاغتيالات و الاعتداءات على المصريين و البريطانيين .
بذلك نجد أن هناك ، انقساما داخل البرلمان بين مؤيد و معارض لسياسة المندوب السامى البريطانى فى مصر ، حيث قام بقمع المظاهرات و نفى الزعماء و على رأسهم سعد زغلول ، لأن ذلك يزيد من فرصة الاضطرابات بدلا من نشر الأمن و الهدوء داخل مصر ، و بالرغم من كل هذه الانقسامات داخل البرلمان إلا أنها لا تهدف مصلحة مصر بل تهدف الى تقنين و دستورية الحماية البريطانية على مصر .
هكذا نجد أن الامور كانت تنذر بتغير فى سياسة انجلترا و المقاطعة المصرية للمنتجات البريطانية و سياسة النفى و الإبعاد لزعماء الوفد و سياسة القمع و الإجراءات التعسفية ضد الشعب لقمع الحركات الوطنية المعارضة ، و موقف الهيئات و المؤسسات فى مصر ضد سياسة انجلترا ، و انقسام مجلس النواب البريطانى نفسه حول هذه السياسة ، و رغبتهم فى فرض الحماية البريطانية و جعلها دستورية شرعية بطرق ملتوية ، كل هذا أدى إلى ظهور تصريح 28 فبراير 1922 م . أصدر الوفد المصرى قراره التاريخى بتنظيم المقاومه السلبية التى تشمل ، عدم التعاون و المقاطعة ، و انزعجت السلطات البريطانية من قرار الوفد فخشيت أن تعم البلاد المقاطعة بالفعل ، فأصدرت أوامرها بمصادرة أعداد الصحف التى نشرت القرار ، و منع تداولها بين الناس ، فصودرت أعداد المقطم ، و الأخبار و المحروسة و النظام فى القاهرة ، كما صودرت جريدة الأمة التى تصدر بالإسكندرية .
الفصل الثالث ثورة 1919م
كان احتلال بريطانيا لمصر فى عام 1882 م هو نقطة بداية ثورة 1919م ،و كانت بقية عوامل تلك الثورة هى اسقاط السيادة العثمانية عن مصر ، و إعلان الحماية البريطانية عام 1914 م ، و لم تكتف انجلترا بكل ذلك بل عملت على الاستعداد لتنظيم الحماية حينما تنتهى الحرب ، فكان ذلك فوق طاقة الشعب حيث كادت تلك الحرب تشرف على نهايتها ، وهب الشعب المصرى يطالب بإلغاء الحماية و استقلال مصر ، فقامت ثورة 1919 .و تفاقمت أحداث ثورة 1919 م بعد استدعاء ونجت إلى لندن 21 يناير 1919م ، و رأت بريطانيا ضرورة تعيين شخصية مرموقة للعمل فى القاهرة ، و قد وجدت ضالتها المنشودة فى الجنرال اللنبى قائد عام القوات البريطانية فى مصر .
وكانت خطة اللنبى هو الافراج عن المنفيين و سعد ، و منحهم السفرالى أوروبا لعرض القضية المصرية و تشكيل وزارة رشدى الرابعة فى 19 أبريل 1919م و لكن لم تكمل فى الحكم أسبوعين حتى قدمت الوزارة استقالتها تحت ضغط الثورة ، ويؤكد اللنبى أنه هو الذى عجل بأستقاله رشدى . و جعل بقاءها مسألة وقت ، فاستقال فى 21 ابريل فاستطاع اللنبى الحصول على موافقة من محمد سعيد بتشكيل الوزارة فى 20 مايو 1919 م مدعياً أنها وزارة إدارية ، و لم يلبث محمد سعيد أن اختلف مع اللنبى حول تحديد ميعاد قدوم لجنة ملنر إلى مصر ، و حيث رأى سعيد تأجيل قدومها الى مابعد تنفيذ برنامجه السياسى ذلك أن وصول لجنة ملنر فى المستقبل القريب يعنى تدمير جهوده لإقامه حزب معارض لسعد زغلول .
نجد إن الحكومة البريطانية كانت قد قررت معالجة المسألة المصرية عن طريقين الأول: الحصول على اعتراف الدول في مؤتمر السلام بالحماية ، و الثاني : الحصول على اعتراف الشعب المصري نفسه بالحماية ، ولهذا تساهلت في مسالة الإفراج عن سعد ، ولكن الحركة الوطنية المصرية استطاعت أن تحبط الخطة البريطانية في مصر بشأن الحماية وتجبرها في النهاية على التسليم ، كما نجد أن مباحثات سعد و ملنر كشفت لنا عن حقائق تؤكد حل المسألة المصرية بالمفاوضة بين انجلترا و مصر أو بعرضها على عصبة الأمم ، حتى تبقى المسألة المصرية معلقة لفترة أطول حتى تنال انجلترا كل مصالحها قبل المفاوضات ، لكي تتفاوض على شئ جديد لمصلحتها.
الفصل الرابع قضايا الحدود الممثلة فى قضية طابا وحلايب وشلاتين.
بالنسبة الى قضايا الحدود فى البرلمان البريطانى نجد قضية طابا وهىقطعة عزيزة من أرض الوطن المصرى التى شهدت أحداثاً كبيرة فى أوائل القرنالعشرين بين مصر و الدولة العثمانية , و قد لعب الإحتلال الإنجليزى لمصر دوراً بارزاً فى هذه الأحداث , و شارك مشاركة فعالة فى مراحلها المتعددة , منذ نشأتها حتى نهايتها بين مصر و الدولة العثمانية 1906.
ترجع أهمية هذه المنطقة الحيوية التى تتجدد حولها المشاكل إلى أنها إحدى بوابات خليج العقبة ، منطقة إستراتيجية بجوار العقبة وهى إحدى المناطق المستخدمة للدفاع عن العقبة ، وعن طريقها يمكن التحكم فى الطرق المؤدية الى الداخل سيناء و الى غزة ، كما تعطى بعداً استراتيجاً لميناء إيلات, وهى قريبة من مصادر المياه المعدنية و نقطة جغرافية هامة انها خالية من الشعاب المرجانية .
نرى أن تأييد بريطانيا لمصر كانتابعاً لمصالحها الشخصية , و بالدرجة الأولى للمحافظة على قناة السويس , حيث ظهرت بريطانيا فى الأزمة بمظهر الدولة الحامية لمصر لأنها طالبت بجلاء الأتراك عن طابا ن فكان هذا المظهر من علامات الحماية التى سوف تسعى لها انجلترا فيما بعد
فى النهاية نجد سواء كانت إنجلترا أو إسرائيل يعلمون أن طابا مصرية , لكنهم يريدون وضع مشاكل أمام الحكومة المصرية , ثم يترقبون كيف تتصرف مصر, و هل تستطيع الدفاع أرضها , و فى النهاية الدرس المستفاد من هذه المشكلة هو تمسك مصر بالسيادة الوطنية فى الدفاع عن حقها الشرعى , فى ظل الإرادة المصرية القوية .
الباب الثانى القضايا الاقتصادية المصرية السودانية من خلال ثلاث فصول .
الفصل الاول: ازمة عام 1907م
عن الحياة الأقتصادية بمصر تناول البرلمان البريطانى جذءاً منها فى مناقشاته خاصة عن الأزمة المالية التى اجتاحت العالم، حيثرُوّعَ العالمُ 1907 بأزمة مالية كبيرة ، و حدثت نتيجة للانهيار المالى الضخم فى بورصة الأوراق المالية فى نيويورك ، و قد كانت لهذه الأزمة المالية آثارها فى الأقتصاد المصرى باعتبار مصر إحدى المستعمرات البريطانية ، لارتباط العملة المصرية بالإسترلينى، لذا فإنه ما كان يصيب العالم من خير أو شر ينعكس على الاقتصاد المصري.
كان من أبرز مظاهر العلاقات الاقتصادية بين مصر و بريطانيا هو ارتباط العملة المصرية بالعملة البريطانية ، و جدير بالذكر أن الجنية المصرى قبل الحرب العالمية الأولى كان مرتبطاً بنظام دولى هو نظام الذهب ، و لكن وضع مصر السياسى فى خلال الحرب العالمية الأولى ( 1914 -1918 ) كمحمية بريطانية ساعد على ارتباط الجنية المصرى بالإسترلينى . و قد عمل البنك الأهلى منذ إنشائه على توثيق ارتباط الاقتصاد المصرى بالاقتصاد ال بريطانى عن طريق ربط العملتين – ذلك أن معظم رأس ماله بريطانى ، و قد تيسر له ذلك من خلال خروج الجنيه المصرى عن قاعدة الذهب فى عام 1916 و جعله ما يسمى ( بقاعدة الصرف بلاسترلينى ) فتحول غطاء العملة الذهبى إلى سندات على الخزانة البريطانية ، و بذلك فقد الجنية المصرى استقلاله و ارتبط بالجنية الاسترلينى ، و قد ظل هذا الارتباط حتى عام 1948 م .
أما بالنسبة للأزمة 1907م المالية فكانت متمثلة فى وصول أسعار الأسهم قمتها عام 1906 و انهيارها التام سنة 1907 و استمرار هذا التدهور حتى اثنى عشر شهراً ،كذلك إفلاس مصرفى على نطاق واسع ،حيث أفلست حوالى ثلث المصارف البريطانية تقريباً . أيضاً انخفاض مستوى الأسعار بنسبة 25 % فى سنة 1907 م ، و أنخفاض مستوى الانفاق الاستثمارى بنسبة 90 % من مستواه سنة 1907م و انخفاض حجم القروض المصرفية التجارية بنسبة 50 % فى السنة نفسها .
وكان الفحم سبب تضخم الأزمة المالية لدى انجلترا , حيث بنيت إنجلترا تقدمهاو إزدهارها عليه, وقد فقدت سيطرتها السابقة لأنه لم يعد الوقود الوحيد ، فنجد القوى المائية و البترول قد صاروا مصدراً جديداً للطاقة , فوق ذلك فقد اكتشفت مناجم الفحم فى كثير من البلاد المنافسة لبريطانيا , فكان من نتيجة هذا أنه لم تعد إنجلترا لها إمتيازها السابق باستعمالها وحدها وقوداً مستخرجاً من نفس البلد ، لأن البلاد الأخرى أصبحت تستطيع الحصول من داخل حدودها على الفحموالبترول و القوى المائية ، بل إن انجلترا لم يكن لديها شيئ يذكر من البترول أو القوى المائية، زيادة على أن بريطانيا فقدت كثيراً من عملائها الذين كانوا يستوردون الفحم منها ، و من هذا يتضح أن بريطانيا فقدت أهم موارد الطاقة وهو الفحم بسبب ظهور موارد أخرى للطاقة . و هذا ساعد على زيادة الأزمة المالية لديها .
الفصل الثانى : ازمة 1910
احتلت انجلترا مصر تحت اسم حماية الخديو و المصالح الأوروبية بحجة سحق العصيان العسكرى ، و لكن فى حقيقة الأمر جاءت إنجلترا الى مصر لتبقى فيها , قناة السويس هى السبب الرئيسى للإحتلال انجلترا مصر عام 1882 , فهى كانت و ما زالت و ستظل الشريان البحرى الذى تتدفق عبره التجارة الدولية , و لقناة السويس دور عظيم فى تسهيل عمليات النقل البحرى و التأثير فى العلاقات الأقتصادية الدولية . توجد محاولات ثلاثة لمد امتياز شركة قناة السويس، كانت كلها سراً فى الأعوام الآتية 1883 – 1886 – 1890 بين سلطات الاحتلال البريطانى و شركة قناة السويس ، و كلها باءت بالفشل , فكانت آخر تلك المحاولات هى 1910.
نجد مشكلة قناة السويس نوقشت بالبرلمان البريطانى مرتين , لكن بصور متعددة , الأولى عندما أحتُلت مصر منذ عام 1882 , و أولى تلك المناقشات كانت فى عام 1882 ، عندما أرادوا إنشاء قناة جديدة فى إتجاه برزخ السويس , و لكن الخارجية البريطانية ردت بأنها لا تميل إلى إتخاذ إجراءات فى هذه المسألة ، حيث تعرضت حكومة حزب الأحرار لهجوم عنيف من حزب المعارضة ، حيث وجه لجلادستون أسئلة كثيرة حول موقف الحكومة البريطانية من شق قناة ثانية فى مصر. يتضح عدم موافقة البرلمان على الإتفاقية , ويرجع السبب فى ذلك كما ذكر ولسون Wilson فى كتابه ” لم تجد الإتفاقية مساندة فى البرلمان أو من دوائر رجال الأعمال ، و يرجع ذلك إلى حد ما للطريقة التى قدمت بها تلك الإتفاقية , فالأوراق المقدمة للبرلمان لم تكن كافيه , ولم توضح النقطة الرئيسية منها , مثل دعوى ديلسبس بحقه المطلق فى أى قناة جديدة تربط بين البحرين , والتى ساندها جلادستون Gladston ووزير الخزانة و المستشارون القانونيون .
كما شهدت أروقة البرلمان البريطانى مناقشات عاصفة فى عام 1909 /1910 , حول مشكلة مد إمتياز قناة السويس ، تعرضت حكومة حزب الأحرار لهجوم عنيف من حزب المعارضة ، حيث وجهه لسياسة جورست العديد من الإنتقادات ,و دافع عنها رئيس الوزراء حزب الأحرارMr.Edward Grey , حيث وُجّهت له الكثير من الأسئلة حول موقف الحكومة البريطانية من مسألة مد إمتياز قناة السويس , و لكن رأيه لم يكن واضحاً بالنسبة للردود الذى أجاب عنها تلك المعارضة .
يتضح مما سبق خبايا مؤامرة إمتياز شركة قناة السويس, بين الشركة و سلطات الإحتلال البريطانى , و دور الحركة الوطنية فى مصر فى الوقوف أمام مد الإمتياز , و مطالبة محمد فريد بتأميم قناة السويس , و أيضاً كانت قناة السويس الدافع الرئيسى للإحتلال الإنجليزى لمصر عام 1882 ، و إختيار إنجلترا رجلاً من أقدر رجالها – اللورد كرومر – الذى فرض سياسة التهديد و الترغيب بمد إمتياز قناة السويس , و هى مؤامرة إنجليزية فرنسية ، بدأت خيوطها بعد الإحتلال الإنجليزى لمصر 1883, و ليست كما يعتقد البعض فى عام 1909 .
الفصل الثالث :القضايا الاقتصادية بعد الحرب العالمية الاولى.
قامت السياسة البريطانية في السودان على قاعدة الإستحواذ به ،مدعما بالشرعية الدولية ، وكانت هذه وجهة نظر اللورد ملنر والحكومة البريطانية لبلوغ أهدافها وأغراضها من السودان ، فإذا لم يقبل المصريون ما يعرض عليهم حالياً فسيقبلونه مستقبلا ، لذلك نجد تشبث اللورد ملنر بوجهة نظره ، ولن يلتمس أية صيغة أخرى للتخفيف من شدة الواقع كما كانت تفعله إنجلترا من قبل.
بخصوص مسألة السودان في تقرير ملنر, فقد ناقش المجلس بتاريخ 24 يونية 1920 سؤالاً من قبل المستر Ormsby- Gore ” عن حصة مصر من مياه النيل ؟ ” فرد عليه مستر HarmsworthMr.Cecil” وكيل وزارة الدولة للشئون الخارجية بالنسبة لمشاريع النيل بين مصر والسودان ، وحصة كل دولة في المياه فهو عاجز عن الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الحاضر , أي أن الفكرة تشير إلى التساهل في مسألة استقلال مصر على حساب الإستئثار بالسودان , ويريدون طرح كل الموضوعات الخاصة بمصر أولاً في تقرير ملنر وتأجيل مسألة السودان الآن ”.
نستنتج من هذه المناقشات حرص البريطانيين على عدم الربط بين المسألة المصرية
والمسألة السودانية على حساب الاستئثار بالسودان وتريد إنجلترا أخذ شرعية في حكم مصر بجانب رغبتها في فصل السودان عن مصر أملاً في زراعة القطن وحفاظا على حصتها في مياه ري النيل وعدم ربط أحداث مصر بالسودان سياسياً . يقول اللورد ملنر في مذكرته إلى عدلى باشا يكن في 18 أغسطس 1920 إن السودان تتقدم تقدماً عظيماً تحت إدارته الحالية المؤسسة على مواد اتفاق 1899 ، فيجب ألا يسمح لأى تغيير لحالة مصر السياسية في الوقت الراهن أن يوقع اضطرابات في توسيع نطاق تقدم السودان وترقيته ، وإننا ندرك من الجهة الأخرى أن لمصر مصلحة حيوية في إيراد الماء الذي يصل إليها مارا في السودان ونحن عازمون أن نقترح اقتراحات من شأنها أن تزيل هم مصر وقلقها من جهة كفاية ذلك الإيراد لحاجاتها الحالية والمستقبلية .
بذلك نجد السودان هي الصخرة التي تتحطم عليها جميع المفاوضات بسبب تمسك مصر بوحدتها مع السودان , ورغبة إنجلترا باستئثارها بالسودان في سبيل استقلال مصر الصوري ، وفصل السودان إداريا عن مصر, كما أن أية مفاوضة تدخلها الحكومة البريطانية سواء محافظين أو عمال ذات مطلب واحد مع اختلاف برنامجها الحزبي وهو تقديم المسألة السودانية عن المسألة المصرية .
أخيراً يمكن القول إن مجلس العموم اهتم اهتماماً بالغاً بمناقشة مايدور بين مصر و بريطانيا من قضايا أقتصادية و حرص أعضاؤه على المحافظة على العلاقة التى تربط الطرفين من الناحية الإقتصادية بصرف النظر عما يدور على الساحة السياسية .
الباب الثالث: احوال مصر والسودان الاجتماعية فى البرلمان البريطانى.
من خلال فصلين
الفصل الأول: فئات المجتمع
اختلف المجتمع المصري خلال فترة الاحتلال البريطاني في فئات المجتمع فقد اختفت فئات وظهرت فئات جديدة منها كبار ملاك الأراضي ، وساعدهم في ذلك السياسة الاقتصادية للاحتلال البريطاني بأنها جعلت مصر دولة زراعية وخاصة في زراعة القطن لتصديرها لمصانعها في لانكشير، وعندما قدم الاحتلال البريطاني عمل علي إرساء دعائم هذه الفئة فشاركها في الحياة السياسية ففي المؤسسات البرلمانية احتكرت العضوية ، فكان بتشكل منهم مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية والجمعية التشريعية ومجالس المديريات .
توجد فئة أخرى وهي الرأسمالية المصرية الصناعية والتجارية. ولم تنشأ الرأسمالية المصرية في المجالين الصناعي والتجاري إلا بقيام الحرب العالمية الأولي سنة 1914 م . ولكن لم تكن حال العمال والحرفيين في الورش والمصانع والمتاجر أحسن حالاً من أحوال الفلاحين.حيث عاني العمال ومعهم الفلاحين اكثر معاناة في ظل الحرب العالمية الأولي بحشدهم في فرق العمل المصرية لسد حاجات القوات البريطانية ولاستخدامهم في أعمال الإنشاء مثل تعبيد الطرق ومد خطوط السكك الحديدية وغيرها من الأعمال الأخرى .
نجد أيضاً فئات المجتمع المصرى و السودانى لا تتعدى فئات المزارعين الصغار و الإداريين فى الوظائف الشاقة ولا يوجد ترقيات لهم مثلما يحدث للموظفين الأجانب , أوحتى يتقاضون مرتبات مجزيه , و تلك هى حال فئات المجتمع فى تلك الفترة . و نجد ايضاًبعد احتلال الانجليزى لمصر و انفرادهم بها عملوا على اصلاح نظام الرى و توزيع مياه الرى على الاراضى الزراعية وفقاً للسياسة الانحليزية التى أرادت أن تجعل من مصر مزرعة واسعة للقطن .و لقد نجح الانجليز فى ابعا خطر الدول الاستعمارية و ايقاف تقدم أى نفوذ لتلك الدول أو مستعمراتها فى منابع نهر النيل و بالتالى عززوا أمن مصر المائى و دعموا حقوقها فى مياه نهر النيل ، و قد نجح المهندسون الانجليز فى اعداد الدراسات و اتخاذ الاجراءات التى كان من شأنها تطوير أنظمة الرى فى مصر .
الفصل الثانى :المشكلات الإجتماعية حيث تناولت مقتل بطرس غالى
وتداعيات تلك القضية ونتائجها.
كان حادث اغتيال بطرس غالى في يوم الأحد 20 فبراير 1910م ، و قد أصيب بعدة إصابات فى جنبهورأسه وبين كتفيه ، وقد نقل إلى مستشفى ملتن و حضر إليهالخديو و كما حضر السير الدون جورست و سعد زغلول ، و قد انتقد سعيد باشا رئيس النظار وسعد زغلول بطرس غالى انتقادا مراً ، و حكموا عليه بأنه جبان و ظنانا و غدار ، قصير النظر فى الكليات ، و يصرف معظم أوقاته في الجزئيات ميال إلىتصيد الأخبارالكاشفة عن عيوب الناس ، لم يعاشر إلا من هو أضعف منه حتى ظن أنه أقوي الأقوياء ، و غايته الوحيدة أن يحفظ مركزه و ما عليه بعد ذلك ، كذوب تشتكى الحقيقة من تشويهها بلسانه ، ناكر للمعروف ، محب للأنا ينسب لنفسه من الفضل ماليس فيه
و كان من المفروض بعد اغتيال بطرس غالى اختيار أقدم الوزراء لتولى رئاسة الوزارة و هو سعد زغلول . و لكن عرض جورست على الخديو أن يختار إسماعيل سرى أو حسين رشدي . ولكن الخديو رفض و عرض على جورست أن يكون الاختيار بين سعد زغلول و سعيد باشا و كانت مناورة بارعة من الخديو لأنه عرض هذين الأسمين لأنه يعرف قبول الانجليز لسعيد لأن جورست تخوف من سعد وشدته
تحول للمحاكمة إبراهيم الوردانىمن 21 ابريل سنة 1910 وكان قد اعترف بقتله لبطرس ، وأقر الوردانى بفعلته، وأنه ارتكبها لخيانته للوطن: بالتصديق على اتفاقية السودان ونشر قانون المطبوعات، وترؤس محكمة دنشواي، وترويج مشروع قناة السويس، ووجدت معه، وفي صيدليته ومنزله، بعض الأوراق دلت على أن هناك جمعية سرية من قصدها إعطاء مصر للمصريين واستقلالها، ولو مع استعمال القوة وعثر على عقد تشكيل الجمعية وقانونها وألقي القبض على كثيرين من أعضائها، والغرض من هذه الجمعية على ما ظهر من التحقيق الحصول على تحرير مصر من الاحتلال ووجود الدستور النيابي بكل الوسائل الموصلة حتى وسائل القوة . ونجد هذه الحادثة قد مكنت السلطات البريطانية من تثبيت أقدامها وقد نُشر القانونان الخاصان بالصحافة والاتفاقات الجنائية ، وعلي أثر نشرهما خطب جراى في مجلس العموم ” مهدداً مصر بحماية الأقليات فيها، وتغيير المعاهدات العتيقة الخاصة بها .
فجرت قضية مقتل بطرس باشا غالى العديد من القضايا منها من اعتبرها ذا طابع سياسي أي مجرد حادثة سياسية ، إذن فقد كانت هذه الجريمة سياسية ، ولكن الاستعمار لم يكن ليترك فرصة كهذه تفوته ليحاول بهاالإجهاز علي الحركة الوطنية.أو اضطهاد طائفيأي اضطهاد ديني أو ذريعة لفتنة طائفية، ولكن تلك القضية لها بعد اجتماعي آخر حيث نشأت فكرة عقد المؤتمرين الدينيين القبطي و الإسلامي ، و تحول مسار كلٍ منهما عن هدفهما الأصلي و أصبح مبعث آخر لإثارة الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة و لم تؤثر تلك القضية إجتماعياًعلى الأقباط بل أيضا على الأحزاب الموجودة بمصر آنذاك ، و هو الحزب الوطنيالذيأسسه مصطفى كامل ثم محمد فريد و كان يضم المسلم و المسيحي دون أدنى تفرقة و لكن بعد تفتيش منازل رؤساء الحزب الوطني عقب الحادث مما أثار ضغائن و أحقاد كما أحدثت الوقيعة بين أعضاء الحزب . و أيضا تأثرت أقوال الصحف نتيجة لتلك الحادثة و منهم من كان مؤيد لسياسة الفتنة و منهم من كان معارضاً الممثلة في صحيفتي مصر والوطن في جانب وصحيفتي المؤيد واللواء في جانب أخرلها ، مما أدى إلى اضطراب أحوال البلادكلها من جراء تلك القضية .و كان موقف البرلمان البريطانيتجاه تلك القضية بأنه لا يوجد تعصب ديني بمصر بل أن الحادث جريمة سياسية محضة ، و كانت الأقباط يتخذون هذه القضية لتحريك البغضاء بينهم و بين المسلمين و قامت جرائدهم تنسب القتل للتعصب الديني و كان رد فعل الاحتلال من تلك القضية تدعيم الشدة و العنف على المصريين و عدم أقامة حكم ذاتي لهم حتى يكونوا دائماً تحت وطأة الاحتلال .
الباب الرابع : الاحوال الثقافية العلمية1899م ـ1924م من خلال ثلاث فصول.
الفصل الأول: احوال الصحافة
حملت الصحافة علي كاهلها عبء تنوير الأذهان لكي يعرف أفراد الشعب بحقوقهم وواجباتهم. ولكن عندما وقعت مصر تحت وطأة الاحتلال البريطاني، قاست الصحافة من قانون المطبوعات الذي صدر عام 1881م وهو القانون الذي يحكم الصحافة في كتباتها وموضوعاتها.
وتشغل حوادث اضطهاد الصحافة المصرية ، أذهان بعض أعضاء البرلمان البريطاني واستمراراً لسياسة القمع والتهديد والإرهاب للصحف المصرية ناقشت جلسة 4 يونيه 1908 موضوع عن ”حرية الصحافة في مصر” .
ونجد الصراع بين الصحف المؤيدة للاحتلال والمؤيدة للدولة العثمانية وكانت جريدة الوطن والمقطم مع الاحتلال ضد جريدة الفلاح والقاهرة والصادق والمحروسة مع الدولة العثمانية.
وأخذت الحكومة تبطش بالصحف التي تعارضها بأحكام قانون المطبوعات، حتى تولي ”الحزب العسكري” في 4 فبراير سنة 1882 وأصبح محمود سامى البارودي رئيسا للنظارة، وأحمد عرابي وزير للحربية وصارت الصحف الوطنية قوة دافعة هائلة للحركة العرابية، وكان طبيعيا أن تتوقع الصحف أن يلغي حكومة هذه الحركة. قانون المطبوعات بعد أن هاجمه أحمد عرابي، ولكن الحكومة لم تلغ القانون، بل استخدمته لصالحها، وأكثرت من إصدار الإنذارات وقرارات التعطيل للصحف المعارضة.
الفصل الثانى : البعثات التعليمية
كما لاحظت الباحثة أن التعليم كان يهتم به أحد أعضاء البرلمان البريطاني ، حيث أثيرت مناقشات عديدة بداخل أروقة البرلمان وفي 19 يوليو 1906 م وعن موضوع ”تعليم المصريين”. كانت رغبة أعضاء البرلمان في معرفة نسبة المتعلمين وأعداد الأميين بمصر ، لجعل مصر فيها تعليم مميز، والاهتمام بالتعليم بمعنى تحويل التعليم من اللغة العربية إلي اللغة الانجليزية ، للمساهمة في الإدارة ومساعدة الانجليز في إدارتهم لمصر ، أى توظيف التعليم لخدمة مصالح انجلترا .
و بالرغم من أهتمام أعضاء البرلمان البريطانى بالتعليم و ما هو مستواه فى مصر كان الرد دائماً من قبل المسئوليين بالبرلمان بأن المعلومات التى لديهم غير كافية أو غير مستوفاه ، و هذا يدل على عدم مسئولية المختصين بالتعليم من قبل انجلترا فى مصر، و خاصاً دانلوب مستشار التعليم فى مصر بأن سياسته تنطوى على طمس كل ما هو حضارى لمصر ، و إخفاق اللغة العربية فى المدارس العليا و الحقوق و الطب و الهندسة ، و جعل اللغة الإنجليزية اللغة الأولى بمصر فى حين بعض المدارس الأخرى كالمدارس الزراعة مثلاً يكون التعليم فيها باللغة العربية طبقاً للمصلحة الخاصة لأنجلترا . و أيضاً سياسة اللورد كرومر ، و سيطرته على الجهاز الادارى و الفنى بنظارة المعارف و استكمالاً لتلك السياسة التعليمية الناقصة بمصر جعل الوظائف متاحة بعد التعليم فى المرحلة الابتدائية أى للتخفيض من أعدادالمتقدمين للمدارس العليا
الفصل الثالث : الجامعة الأهلية و التعليم
وفي جلسة 7 يوليو 1908 ناقش أعضاء البرلمان الجامعة الأهلية المصرية ،وترى الباحثة في هذا السؤال لم تكن الجامعة أهلية بالمعني المقصود، بل مكانها في مصر، وأساتذة يتدبرون في الخارج بأفكار أوروبية ثم يأتون إلي مصر لتدريس تلك الخبرة المكتسبة من الخارج- وبذلك أصبحت جامعة أهلية بخبرة أوروبية. مثلما تمت السيطرة علي مراحل التعليم السابقة يريدون السيطرة علي المرحلة الجامعية ، من مناهج وتدريب أساتذة في أوروبا ثم الرجوع لتدريس ما تعلموه في مصر. أي سياسة أو بريطانية آخرى علي التعليم الجامعي بمصر.
ونستنتج مما سبق وجود نظامين للتعليم في مصر ولكنهما في اتجاهين مختلفين وهما نظام تقليدي قديم متمثل في الكتاب القرية وينتهي بالأزهر، والنظام المضاد الآخر وهو التعليم العام وهو تؤهل صاحبه لتولي مناصب مرموقة في الدولة مما أدى إلي تشجيع الأهالي علي تفضيلهم لهذا النظام. وهكذا وضع التعليم الديني في وضع مفاضلة بينه وبين التعليم الحديث.
وأما عن الثقافة المصرية السودانية فإنها واحدة يتبادلها شعب وادي النيل الشمالي والجنوبي، أما حدوث الفجوة أو الهوة التي يسميها علماء الاجتماع ”التخلف الثقافي Cultural lag” للقطر كله , فترجع إلى هذه التعليمات الثقافية في السودان لا تساع أقطاره بما يتعذر معه بل يستحيل توصيل الثقافة الجديدة لكل أنحائه مرة واحدة ويرجع أيضاً إلي تنوع بيئاته بين بدو وريف وحضر، وتعدد شعوبه بتعدد الأصول العرفية والقبيلة واللغوية والدينية التي تنتمي إليها هذه الشعوب علي العكس من مصر, فالتركز السكاني في مصر علي شاطئ النيل، مقابل التخلخل السكاني في السودان هو الذي يعيق عملية انتشار الثقافة وتوحدها حتى لو كانوا متحدي الأصول والاتجاه نحو هذه الثقافة.