Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
علم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر /
المؤلف
زيادة، منى حسنى أحمد.
هيئة الاعداد
باحث / منى حسنى أحمد زيادة
مشرف / محمد مصطفى الشعبينى
مشرف / محمد عبد السميع عثمان
مناقش / على محمود أبو ليلة
الموضوع
علم الاجتماع.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
226ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علم الاجتماع والعلوم السياسية
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية التربية - قسم الفلسفة والإجتماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 226

from 226

المستخلص

: مقدمة إشكالية الدراسة
أدت الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والعلمية التى شهدها العالم فى أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين بعلماء الإجتماع إلى تغيير وجهة البحث الإجتماعى من دراسة المجتمع ومؤسساته وتأثيره على الفرد وتشكيل واقعه إلى ضرورة الإهتمام بدراسة الإنسان حتى يتمكن من تغيير مجتمعه بما يتناسب مع غاياته وأهدافه, وإعادة هيكلة المجتمع وبنائه وخلق نظام إجتماعى جديد يقوم على قيم إنسانية. وكان بيتر بيرجر من أكثر علماء الإجتماع الذين أولو عناية خاصة بدراسة الإنسان ودوره الفاعل فى تشكيل مجتمعه. وقد صنف بيرجر نفسه كعالم إجتماع إنسانى فى جوانب كثيرة من حياته المهنية منذ إصدار كتابه المشهور مع توماس لوكمان (التشكيل الإجتماعى للواقع), وما تلاه من كتب أوضح فيها بيرجر مدى استيعابه لفكر فيبر, ودوركايم, والفكر الفينومينولوجى باعتباره مناسباً لدراسة الذات الإنسانية. فضلا عن تأثره بفكر استاذه شوتز, حتى أن بيرجر أقر أن المفهوم المركزى الذى أخذه عن شوتز هو مفهوم ”الوقائع المتعددة” بما فى ذلك الطريقة التى يظل بها الشعور بالواقع مُحتفظَاً به فى وعى الأفراد. ومن الثوابت الأساسية لمفهوم الذات عند بيرجر هو تأثره بأفكار فيبر المتمثلة فى أن المجتمع مُشكل من قِبل أفعال مستوحاه من المعانى البشرية؛ وأن علم الإجتماع هو العلم الذى يحاول فهم المعانى, والبنى النظرية التى تمثل الواقع الإجتماعى تبدو فى العلاقة بين المعانى, والدوافع, والأفعال, والطابع المؤسسى للدولة, والإقتصاد, والطبقة, وعلم الإجتماع كقيمة حرة. وانطلاقا من أن العلم تراكمى فقد تأثر بيرجر بفكر السابقين عليه, وأضاف إليه, وبدأ بمنطلقات جديدة بلور من خلالها نظريته حول علم الإجتماع الإنسانى.
ومن هذا المنطلق تمثلت إشكالية البحث فى التساؤل التالى:-
هل يشكل علم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر بناءً نظرياً يتكون من مجموعة من المقولات المتساندة التى تشكل فى مجموعها تصوراً محدداً يمكن من خلاله صياغة نظرية علمية ذات خطوات منهجية ثابتة؟
ثانياً: أهمية الدراسة والهدف منها:-
تنطلق أهمية هذه الدراسة من تصاعد حدة شعور الإنسان بالإغتراب فى المجتمع, حيث يعيش الفرد فى المجتمع مكبلا بما يفرضه عليه من ضوابط تقيد حريته والتى قد لا تتوافق مع احتياجاته الإنسانية. حيث يبدو الأفراد وكأنهم دمى تتحرك بخيوط تُسحب أيما إتجاه أراده لها المجتمع. وقد حدد الأفراد أنفسهم فى المجتمع وفهموا موقعهم أنهم معلقين بخيوطه دون اعتبار لدور الأفراد فى بناء المجتمع وتشكيله حتى فى ضوء ما يفرضه عليهم من ضوابط. ومن هنا فإن دراسة نموذج علم الإجتماع الإنسانى لبيتر بيرجر تمكننا من فهم الدور الفاعل للفرد فى تشكيل المجتمع, تماما كما تمكننا من معرفة دور المجتمع فى تنظيم حياة الإنسان فى ضوء حدود وضوابط معينة يفرضها عليهم. وكيف يتم التماثل والتوفيق بين المجتمع باعتباره منتَجاً إنسانياً وواقعاً موضوعياً والإنسان بوصفه منتِجاً إجتماعياً بحيث تبدو فى النهاية وتتضح علاقة التأثير والتأثر بين المجتمع والإنسان, وبحيث يتضح كيف أن الفرد موجود فى المجتمع كما أن المجتمع موجود فى الفرد.
ومن هذا المنطلق يتم تحديد الهدف من الدراسة فى الآتى:-
1-التعرف على الظروف الفكرية التى أنتجت فكر بيرجر.
2-تحليل المقولات والقضايا الأساسية لعلم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر.
3-توضيح كيف يمكن الإستفادة من فكر بيرجر وتطبيقه على قضايا معاصرة.
ثالثاً: تساؤلات الدراسة
فى ضوء ما تم تحديده من أهداف تحاول الدراسة الإجابة عن التساؤلات الأتية:
1-ما هى الروافد الفكرية والنظريات التى أنتجت فكر بيرجر؟
2-ما هى القضايا والأبعاد الأساسية التى يدور حولها علم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر؟
رابعاً:- منهج الدراسة
وقد استعانت الباحثة بالمناهج التالية:-
1-أسلوب التحليل والتفسير النقدى:- وسوف يستخدم هذا الأسلوب فى الدراسة الحالية من أجل تحليل الجوانب والقضايا الأساسية والمبادئ المختلفة التى يقوم عليها علم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر مع الكشف عن المقولات والأبعاد المختلفة التى يتضمنها والتى يمكن الإستفادة منها وتطبيقها على قضايا إجتماعية بعينها.
2-المنهج المقارن:- وسوف يستخدم هذا المنهج فى الدراسة الحالية من أجل توضيح مدى تأثر بيتر بيرجر بفكر السابقين عليه. وحيث أن العلم تراكمى فسوف نوضح أين انتهى الرواد السابقون عليه ومن أين بدأ بيرجر, وفى تحقيق ذلك قد يتطلب الأمر عقد بعض المقارنات البسيطة بين بيرجر وبين من تأثر بهم من علماء الإجتماع لتوضيح أوجه التشابه والإختلاف بينهم, وحتى نوضح ما قدمه بيرجر من إسهامات فعليه ساهمت فى تطور علم الإجتماع.
خامساً:- نتائج الدراسة
ومن خلال هذه الدراسة تم استخلاص ما يلى:-
1-أن اهتمام بيتر بيرجر بدراسة علم الإجتماع الإنسانى كان نتيجة للظروف والأزمات المجتمعية والعلمية التى عاصرها والتى انعكست بشكل مباشر على إهتماماته النظرية؛ فقد أولى إهتماماً خاصاً بالفرد وإحتياجاته وعلاقته بالمجتمع الذى يعيش فيه وكيف يتسنى لهذا الفرد أن يكون له دور فاعل فى تشكيل مجتمعه بحيث لا يكون مجرد دمية يحركها المجتمع كيفما شاء وإنما يكون فردا له وجوده وكيانه يتأثر بالمجتمع ويُساعد فى تشكيله.
2-تدور الأبعاد الأساسية لعلم الإجتماع الإنسانى عند بيتر بيرجر حول المعانى والخبرات الذاتية الموجودة على مستوى وعى الفرد والتى تتحول إلى معانٍ عامة موضوعية يشارك الفرد فيها الآخرين الموجودين فى المجتمع, وذلك عن طريق التفاعل الإجتماعى الذى يساعد على موضعة تلك المعانى الذاتية الموجودة فى وعى الفرد وتحويلها إلى معانٍ موضوعية مشتركة بين أعضاء المجتمع . وبدون التفاعل, يظل الفرد كائناً منعزلا لا يمكنه تكوين حياة إجتماعية تميزه عن سائر الكائنات الأخرى.
3-وحتى يتحقق هدف بيرجر من دراسة علم الإجتماع الإنسانى فقد استعان بالنظرية الفينومينولوجية بإعتبارها أهم نظرية سوسيولوجية معاصرة تضع الإنسان وحاجاته فى مقدمة إهتماماتها. فضلاً عن ذلك ظهر لنا أن بيرجر لم يكن أول من إهتم بدراسة علم الإجتماع الإنسانى وإنما سبقه فى ذلك _فى غضون العقود الخمسة السابقة عليه_ بعض علماء الإجتماع, وعلم النفس, والتاريخ الذين وجدوا أن علم الإجتماع الإنسانى لن يحقق أهدافه, ولن تُجدى دراسته إلا من خلال الإلتقاء والربط بين مختلف تخصصات العلوم الإنسانية, وأن يُعرف لكل علم دوره فى تطوير العلوم الأخرى وأن يستعين كل تخصص بالتخصصات الأخرى فى إثراء العلم , والبحث الإجتماعى وتطوره. وقد تأثر بيرجر فى دراسته لعلم الإجتماع الإنسانى بسابقيه من أساتذة وعلماء إجتماع من أمثال دوركايم, وفيبر, وماركس, وشوتز وألّف بين أرائهم واستعان بتصوراتهم الفكرية متفقاً أحياناً ومختلفاً أحياناً أخرى مُشكّلاً بذلك توليفة نظرية تجمع ما بين التراث الفكرى لسابقيه وما أضافه من آراء تُعد بمثابة منطلقات فكرية جديدة تُميز فكر بيتر بيرجر وتساعد على بلورة علم الإجتماع الإنسانى عنده على النحو الذى ظهر عليه.
4-تبين من دراسة بيرجر لعلم الإجتماع الإنسانى أن هناك علاقة تاثير وتأثر مستمرة بين الفرد والمجتمع؛ حيث يشكل الفرد المجتمع فى ضوء معانيه الذاتية التى تتموضع فى إطار المخزون المعرفى السائد فى المجتمع إذن الفرد الموجود فى المجتمع, والمجتمع موجود فى الفرد.أى أن العلاقة بينهما علاقة ديالكتيكية حيث يوجد ديالكتيك مستمر ينشأ داخل الفرد فى المراحل الأولى للتنشئة, ويستمر فى الظهور خلال وجود الفرد فى المجتمع. هذا الديالكتيك له جانبان: أحدهما خارجى, يوجد بين الجانب الحيوانى من الإنسان وعالمه الإجتماعى. والآخر داخلى, يكون بين الأساس البيولوجى للفرد وهويته المشكٌلة إجتماعيا.
5-وأوضح بيرجر من خلال دراسته أن المجتمع يوجد كواقع ذاتى وموضوعى, وأى فهم نظرى صحيح للمجتمع يجب أن يشمل كلا الوجهين. هذا الوجود يُفهم بشكل مناسب لو فهمنا المجتمع من خلال العملية الديالكتيكية التى تتم بداخله والتى تشمل لحظات ثلاث مستمرة: وهى الخارجية، التموضع, الإستدماج. حيث يدرك المجتمع بشكل زمنى من خلال هذه اللحظات مجتمعة وأى تحليل للمجتمع يشمل واحدا فقط أو اثنين من هذه اللحظات يكون ناقصا. كذلك الحال بالنسبة للعضو الفرد فى المجتمع؛ فالفرد يجسد وجوده بشكل زمنى داخل العالم الإجتماعى ويستدمجه كواقع موضوعى. أى أن الفرد لكى يكون عضوا فى المجتمع يجب أن يشارك فى ديالكتيكه. يوجد فى حياة الفرد أيضا تسلسل زمني يدخل فى أثنائه فى مشاركة فى الجدل الإجتماعى, فالفرد لم يولد كعضو فى المجتمع, وإنما يولد ولديه استعداد نحو التجمع, وهنا يصبح عضوا.
6-وأشار بيرجر إلى أنه بمجرد أن يؤسس العالم الإجتماعى الموضوعى فإن إمكانية حدوث التشيؤ تكون متاحة؛ حيث تعنى موضوعية العالم الإجتماعى أن المجتمع يواجه الإنسان باعتباره شيئا خارجا عنه. إن هذا المعنى للتشيؤ – المتمثل فى مواجهة العالم الإجتماعى للإنسان باعتباره شيئا خارجا عنه – قد يُفهم باعتباره قدرا حتميا بمقتضاه يزعم الإنسان أنه ليس مسئولا عما يفعله فيمارس سلوكيات منبوذة ويزداد معدل الإنحراف. وفى مواجهة ذلك يمارس المجتمع قيودا على الأفراد تتمثل فى فرض مجموعة من الضوابط الإجتماعية لتقويم سلوكيات الأفراد وترويضها.
7-وفى نهاية عرض بيرجر للوجود الإجتماعى للإنسان فى المجتمع, والعلاقة بين الفرد والمجتمع فقد شبه تلك العلاقة بمسرح العرائس فالمجتمع بمثابة المسرح, والأفراد دمى يتحركن بخيوط تُسحب فى أيما اتجاه أراد صاحبها فنحن نجد أنفسنا فى حركة هذه الدمى. حيث أننا –الإنسان- حددنا أنفسنا فى المجتمع وهكذا فهمنا موقعنا أننا معلقين بخيوطه. حتى أننا نشعر وكأننا دمى بالفعل. وهنا يشير بيرجر إلى ضرورة أن يفهم الإنسان الإختلاف الحاسم بين دمى المسرح وبين الدمى البشرية. فبخلاف الدمى, نحن لدينا إمكانية التوقف فى تحركاتنا, إمكانية النظر والفهم للآلات التى نتحرك بها. فى هذا الفعل تكمن الخطوة الأولى تجاه الحرية. وبهذا الفعل فإننا نجد التبرير المقنع لعلم الإجتماع كنظام إنسانى.