Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
عجالة البيان في شرح الميزان
لمحمد الشاشي التاشكندي (ت 980هـ تقريبا)
دراسة وتحقيق بابي الصرف والنحو
الناشر
جامعة القاهرة. دار العلوم. والصرف والعروض
المؤلف
المشطاوي، محمد عبد الفتاح حسن
تاريخ النشر
2006
عدد الصفحات
412 ص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 578

from 578

المستخلص

نّ التراثَ العربيَّ مملوءٌ بالدُّرَرِ التي تنتظرُ من يجلّيِها ويُظْهِرُها للنّاسِ. ويقفُ وراءَ هذا التراثِ أعلامٌ صاروا في ذِمّةِ التاريخِ، منهم من بَزَغَ نَجْمُهُ وسَطَعَ في حياته، واستمرَّ ذلك بعدَ ممَاتِهِ؛ فما يفتأُ الدّارسونَ يردِّدونَ اسْمَهُ، مستشهدينَ ومستنصرين، ومنهم من طَوَاهم الزَّمنُ؛ فَبَخِلَ بذكرٍ لهم بعدَ مَمَاتِهم، إلا ما كانَ من لمحاتٍ سريعة لذكرهم في بُطون كُتبِ الأعلامِ والوَفَيَاتِ.
وقد نَذر نفرٌ من العلماءِ أنفسَهم لخدمة هذا التراثِ، فما زالوا يعشقُونه ويبحثون عنه وينشرُونه، فقاموا بجهدهم مشكورينَ، تاركينَ لمن خلْفَهم رسالةً يجبُ إكمالُها.
من هنا تأتي أهميةُ الاهتمامِ بالتراثِ العربي ورجالِه، في نطاق معارِفِه المختلفةِ، وأهميةُ تحقيقِ هذا التراثِ ونشرِه وحفظِه، وإبرازِ جهدِ من صنعوه وصاغوه وأفنوا حياتَهم في سبيله.
ورغبةً مني في أن أدليَ بدلوي في هذا المجالِ –خاصةً بعد أن غرَس فينا أساتذتُنا في دار العلوم حبَّ هذا التراثِ ورجالِه واحترامَهم- اخترتُ علَما نحْويا مغمورا من أعلام بلادِ ما وراءِ النهر، وهو محمد الشَّاشِيّ التَّاشْكَنْدِيّ لأحقّقَ من كتابِه: ”عجالةِ البيانِ في شرحِ الميزان” بابيْ الصرفِ والنحوِ، محاولا أن أُميطَ اللِّثام عن هذا العلَم المغمور وعلْمِه، حيث إنه من عصرٍ وُسِم بأنّه عصرُ الرُّكود العلمي والخمودِ الذهني والركونِ إلى ما صنَعَهُ الأقدمونّ دونَ زيادةٍ أو إفادةٍ، على الرغم مما فيه من نبوغاتٍ هنا وهناك.
وتأتي أهميةُ الكتابين المتناوليْن في هذا البحث -أقصدُ: ”متنَ ميزانِ الأدب” للأَسفراييني، و”عجالةَ البيانِ في شرحِ الميزانِ” للتاشكندي- من كونهما يعطيانِنَا صورةً عن ملامحِ التأليفِ النحوي في القرنِ العاشرِ الهجري وخصائِصِه، سواءٌ أكانَ ذلك في مجال المُتون، ويتمثلُ هنا في ميزان الأدب، أم في مجالِ شرح هذه المُتون وبسطِها، ويتمثل ذلك في كتاب ”عجالةِ البيان”.
وإذا كانت بعض المتون قد حظيت بالعديد من الشروح -كالكافية والشافية والآجرّومية وغيرِها- فإن متن ميزانِ الأدب لم يحظ بما حظيت به؛ ما يدفعُ إلى النظرِ إلى كتاب التاشكندي والاعتناءِ به، خاصة أنه تفرّد بشرح متن الأسفراييني كاملا.
والكتابان أيضا يمثلان ملمحا من ملامح الدراسات النحوية وظواهرِها المتأخرة، أعني المختصراتِ الصرفيةَ والنحويةَ وغيرَها، وتناوُلَ هذه المختصرات بعد ذلك بالشرح والبسط، سواءٌ أكان من مؤلفيها، أم من غيرهم.
وإذا كان لي أن أتحدثَ عما قابلني من مشاقَ في هذا البحث فلا يغيبُ عمّن مارس التحقيقَ ما يكتنِفُهُ من صعابٍ ومشاقَ، لا يقدّرها إلا من عانى منها، إلا أنّ من أهم العقبات التي واجهتني: الوصولُ إلى ترجمة مؤلف كتاب ”عجالة البيان”: محمدٍ الشَّاشِيّ التَّاشْكَنْدِيّ.
وقد قام منهجُ البحثِ في هذه الرسالة على تقسيمِها بعد هذه المقدمة إلى تمهيدٍ وقسمين يليها خاتمةٌ وفهارسُ فنية.
في التمهيد تناولتُ ملامحَ من الحالةِ السياسية في عصر كلٍّ من مؤلف المتنِ والشرحِ، وتحدثت عن الحالة الحضاريةِ والعلميةِ في ظلال الدولةِ التيمورية، وكذلك الدولةُ الشيبانيةُ.
أما الفصلُ الأول من القسم الأول فخصّصته للحديث عن مؤلِّف كتاب العجالة والتعريفِ به، حيث تتبعت سيرته فذكرت اسمه ونسبه ولقبه، ومولده، ونشأته وتنقلاته ورحلاته، وثقافته وأخلاقه، ومنزلته وأقوال العلماء فيه، وذكرت ما استطعت الوصول إليه من مؤلفاته، وبينت الراجحَ من الأقوال في وقتِ وفاته.
وتناولت في الفصل الثاني من القسم الأول التعريفَ بالأَسْفَرَايِينِيّ وكتابه مِيزَانِ الأَدَب، وتحدثت فيه عن اسمِه ولقبه وكنيته، ومولده ونشأته، وأولاده وأحفاده، وشيوخه وتلاميذه، ومكانتِه العلميةِ وأقوالِ العلماءِ فيه، ومؤلفاتِه.
أما متنُ ميزان الأدب فتحدثت عن نسبته للأَسْفَرَايِينِيّ، ونسخه المخطوطة والمطبوعة، ومنهج الأَسْفَرَايِينِيّ فيه، ومصادِره، وشروحِ الكتاب، ثم ختمت الفصل بالحديث عن وفاة المؤلف، مبينا أصحَّ الأقوالِ فيها.
وجاء الفصل الثالث من القسم الأول حولَ كتابِ ”عجالة البيان”، وتناول: نسبةَ الكتاب إلى التَّاشْكَنْدِيّ، ومنهجَه فيه، والشواهدَ القرآنيةَ والشعريةَ والنثريةَ في الكتاب، ومصادرَ التَّاشْكَنْدِيّ في الكتاب وكيفيةَ نقله عنها، واختياراتِ التَّاشْكَنْدِيّ النحويةَ وترجيحاتِه، وختمتُ الفصل بالحديث عن بعض المآخذ العلمية على الكتاب.
وجاء القسم الثاني وقدمت فيه في (أولا) وصفا لنُسخِ المخطوطة ومنهجِ التحقيق، حيث عدّدت نسخَ المخطوطة التي استطعت الوصول إليها، ووصفت النسخَ التي اعتمدت عليها، وحددت المنهجَ الذي اتبعتُه في التحقيقِ، وقدمت نماذجَ من النسخ التي اعتمدتها.
أما في (ثانيا) من القسم الثاني فكان خاصا بالتحقيق: وحققت فيه مقدِّمة كتاب العجالة، وبابي النحو والصرف، وراعيتُ فيه قواعدَ التحقيق العلميةَ المتعارَفَ عليها بين أهل الفن، من: مقابلةِ نسخ المخطوطة بعضِها ببعض، وتحريرِ النص وَفْقَ القواعدِ الإملائيةِ، وتخريجِ الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ، والشعرِ والأمثالِ... إلى آخرِ هذه القواعدِ.
وفي الخاتمةِ أشرت إلى أهم النتائج التي تضمنها البحث. ثم ذيّلت الرسالة بمجموعة من الفهارسِ الفنيةِ، اشتملتْ على ما حوته الرسالةُ من الآياتِ القرآنية، والأحاديثِ النبوية، والأشعارِ، والأمثالِ ومأثورِ كلام العرب، والأعلامِ، والأممِ والقبائلِ والمذاهبِ، والأماكنِ والبلدان، والكتبِ المذكورةِ في عجالة البيان. كما قدمت ثبْتا بأهم المصادر والمراجع التي استعنت بها في إنجاز الرسالة.
وفي ختامِ هذا العرض المختصر أشرفُ وأسعدُ بأن أتقدم بخالص شكري وأعمقه إلى أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور أحمد عبد اللطيف الليثي الذي شرّفني بقَبول الإشراف على رسالتي، وسمح لي بالاغتراف من بحر علمه، وعمّني بواسع صدره، وشملني بوافر رعايته، فكان منه التوجيهُ والإرشادُ، والنصيحةُ والأخذ بالأيادي، فدّلني على الطريق، فكم من وهدةٍ مهّدها، وصعاب يسرها، ولا أجدني قادرا على الوفاء بحقه، إلا أنّ ما لا يدرك كله فعلينا الوفاءُ بأقلّه، فجزاه الله خيرا.
كما أتقدم بالشكر الواسع العميم إلى أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور طارق مختار المليجي الذي شرفني بقبول الإشراف المشارك على رسالتي، فقدم بلا ضنٍّ، وأجزل بلا انتظار مثوبة إلا من الله، فله مني كل الشكر والحب.
ويسعدني أيضا أن أقدم شكري الخالص للأستاذ الدكتور خليل عبد العال الذي يتقدّمه صيته الحسنُ أينما حلّ ورحل، فكم سمعنا عن إلفه وألفته، وعِلْمه وحكمته، وحينما عاملناه وخَبِرنا علمه وحبَّه لطلبة العلم ورفقَه بهم، وجدنا أن صيته لم يوفّه حقه؛ فله مني كل الشكر والحب والتقدير.
كما أشكر أستاذي الأستاذ الدكتور علاء محمد رأفت، صاحب الأيادي الحسان عليّ، فقد غمرني بعلمه الواسع، وعاملني بأخلاقه النبيلة، وقابلني ببسمته الدافئة، وأفسح لي من وقته الكثير، وما فتئ بجميل لطفه وأخلاقه يعاملني؛ فله كل الحب والشكرِ.
ولا أنسى هنا أيضا أن أسجل شكري لكل من كانت له يدٌ على هذا البحث، دون أن أستثني أحدا.
وختاما أدعو الله تعالى أن يرشدني إلى جادة الصواب، وأن يكون عملي خالصا لوجهه.