Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
ديوان بني عامر – دراسة أسلوبية.
الناشر
عـين شمـس.الآداب.اللغة العربية وآدابها
المؤلف
سليمان،خالد محمد أحمد محمد
تاريخ النشر
2006
عدد الصفحات
134 ص
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 769

from 769

المستخلص

اكتسب الشعر الجاهلي في إطار الشعر العربي عامة أهمية متميزة نظرا لشغله المرحلة الأولى منه، و ما يعني هذا من الامتداد بمعاييره الفنية والمضمونية عبر ما اختلف من المراحل التالية؛ و لاسيما أن هذه الأولية لم تعن ما يعني الابتداء عامة من القصور والمحدودية، إنما شفت عن وصول الشعر الجاهلي إلى درجة وافية من النضج والاستواء. وعلى الرغم من المسافة الزمنية التي تفصلنا عنه، و تمتد حوالي عشرين قرنا، وعلى الرغم مما يعني هذا الامتداد من صعوبة التأقلم مع روح ذلك العصر لما طرأ خلال القرون من تغيرات ثقافية واجتماعية وإبداعات شعرية وثورة دينية نقضت الحياة الجاهلية من جوانبها المختلفة، وعلى الرغم مما أحاط الشعر الجاهلي من شكوك بانتحاله؛ إلا أنه يعد النموذج والأصل المستمرين الذي لابد من الاتصال به، فالشعر الجاهلي لم يشكل مرحلة عارضة انتهى زمانها وتأثيرها شبيها بالجذر الذي يظل يمد الشجرة بالعناصر الضرورية مهما علت أغصانها وفروعها، أو بمرحلة الطفولة التي يقع عليها الدور الرئيس في تكوين الشخصية الإنسانية وتوجيهها عبر مراحل حياتها الآخذة في التطور . كذلك لا نغفل دور النقد القديم في التشبث بهذا الشعر والحرص عليه . إذ كان هذا النقد يستهجن أحيانا انفتاح الشعر العربي على سواه من الآداب الأجنبية حذرا على صبغته التي طبع بها من الضياع، ويلح على فكرة الماضي و تمتين العلاقة ما بين المبتكر والموروث الذي ينبغي أن يشكل دائما ينبوع الإلهام وأساس الإبداع . و بذلك تكون هذه الأهمية على أساسين : اختياري تحدد في اتجاه العرب عبر القرون المختلفة إلى هذا الشعر بناء على الانجذاب إليه أو الإيمان بتشكيله المثل الذي ينبغي أن يحتذى، و أساس قسري تحدد في الانقياد إليه بناء على ما فرضت الأقيسة النقدية القديمة غير المبنية أحيانا على الانفتاح وتقبل الجديد. الأمر الذي أعطى هذه الأهمية وجهها السلبي المنغلق الرافض للإبداع و التطور إلى جانب وجهها الإيجابي . كما تجلت أهمية الشعر الجاهلي من جانب آخر . إنها لا تتحدد هنا في امتداد هذا الشعر بتأثيراته عبر العصور؛ إنما في عملها على إبراز التطورات التي طرأت على الأشعار العربية التالية للعصر الجاهلي كما يرى د.محمد النويهي أن كل دراسة صحيحة للشعر العربي في كل عصر من عصوره ينبغي أن تبنى على علم وثيق ودقيق بطبيعة الشعر العربي في مرحلته الأولى، مرحلة العصر الجاهلي التي تأسس منها، وتجلت فيها العبقرية البكر التي صدرت من تلقاء ذاتها دون أن تخضع لتأثيرات من عبقريات أخرى إلا باستثناءات قليلة لم تلمس جوهره. ومن خلال الانطلاق من هذا الأساس الأول، أساس الشعر الجاهلي، يمكن تعرف ما طرأ على الأشعار العربية في مراحلها التالية من التطورات المتنوعة التي فرضها العصر الإسلامي على الأصعدة المختلفة ” كما تجلت أهمية الشعر الجاهلي في اتجاهين : أحدهما امتدادي متحد في بروز مؤثراته المتعددة في الشعر العربي بمراحله المختلفة، ودلالة هذه المؤثرات على الصمود عبر القرون .. و ثانيهما موضعي متحدد في تمكين الطابع الخاص الذي تفرد به الشعر الجاهلي من التمييز بينه و بين سواه من الأشعار العربية و التبصر بالتطورات التي طرأت عليها عبر تلك القرون، وهذا هو شأن الطفولة وجذر الشجرة اللذين وإن امتدا بتأثيرهما فإنهما يظلان منحصرين ضمن إطاريهما المختلفين عن أطر ما تم الامتداد إليه . ولابد من دراسة الأدب الجاهلي دراسة دقيقة واعية، ولا تتم هذه الدراسة إلا إذا تتبعنا ظواهر هذا الأدب ولاحظنا جوانبه المتميزة، بصورة منفردة، و هكذا وجدت نفسي مدفوعا إلى دراسة جانب من جوانب هذا التراث الأدبي الجاهلي، وهو دراسة شعر قبيلة بني عامر بن صعصعة في تلك الحقبة الزمنية البعيدة دراسة أسلوبية . وتكمن فائدة تلك الدراسة في أنها لا تبحث الظواهر الأسلوبية (الصوتية والتركيبية والمستوى التصويري) من خلال شاعر واحد قد يتميز بهذ الظاهرة منفردا؛ ولكن من خلال القبيلة التي تمثل شريحة كبيرة من العرب الجاهليين .كما أنها تحاول : - الكشف عن طبيعة الظواهر الأسلوبية، والتعامل معها وكشف مظاهرها وأسبابها و لملمتها في أنساق مستقلة حتى لا تكون شتات في بطون المصادر والمراجع القديمة . وهذا حري بجعل مهمة الباحث سهلة إذا ما تناول دراسة أساليب العرب في التعبير و تطورها من زمن إلى زمن آخر . - بيان جوانب التأثير المباشر للبعدين البيئي و الحياتي في الشعر الجاهلي في التصوير الشعري والأسلوب الأدبي . - تطبيق الدراسات النقدية والأسلوبية الحديثة من خلال مجموعات شعرية تمثل قبيلة من القبائل العربية، وبيان طبيعة التعامل الشعري عند القدماء وأسبابها وتطورها . - الكشف عن الأسس الفنية في التعبير الشعري و استنباط ما انفردت به القبيلة وما هو طابع عام في الشعر العربي الجاهلي . - الكشف عن عوامل شاعرية قبيلة من القبائل والأسس والمقاييس التي تحدد هذه الشاعرية . - بيان الظواهر الأسلوبية للتراكيب اللغوية من تقديم وتأخير وذكر وحذف عند شعراء بني عامر؛ وبالتالي بيان أساليب التفكير؛ وذلك لأن اللغة و الفكر وجهان لعملة واحدة . ـ بيان أثر ( الدلالة الصوتية ) في تشكيل المعنى والإيحاء به . - بيان أثر ( الدلالة التصويرية ) في إبراز شاعرية شاعر أو شاعرية قبيلة . - التعامل مع النصوص الشعرية و الكشف عن أهم الظوهر الأسلوبية و أسبابها من خلال الاعتماد المباشر على بنيتها اللغوية و هو ما يشار إليه بالأسلوبية . - الكشف عن مفهوم الجملة الشعرية و مدى استيعابها للدفقات الشعرية من خلال ترتيب المفردات في نسق معين خاص يضفي عليها مزيدا من السحر والحيوية وتقوية الارتباطات الانفعالية . - الكشف عما يحققه البديع (بمختلف أنواعه) من هدف تركيبي في البيت وعلى مستوى القصيد أيضا، وليس كما يظن ظان أن وظيفته لا تتعدى إحداث موسيقى خاصة ناتجة من التماثل الصوتي بين الحروف، وهم يذهبون إلى ما ذهب إليه المستشرقون من أمثال مرغليوث ونيكلسون وخلصوا إلى القول بأن الشعر القديم كله غنائي، و أن النقاد العرب القدامى كانوا على الفطرة والسذاجة، ولم يكن لهم نصيب من النقد الأدبي الحق، وبيان أن البديع مثله مثل علم المعاني والبيان يقوم بدور أساسي في البناء الفني للقصيد، وقد يكون سمة أسلوبية مميزة لشعر شاعر من الشعراء، أو سمة غالبة لمجموعة من الشعراء تجمعهم سمة أسلوبية واحدة. لذلك كان عنوان الرسالة ديوان بني عامر دراسة أسلوبية وقد اقتصر على الشعر الجاهلي ، وقد قسم البحث إلى ثلاثة أبواب : الباب الأول: المستوى الصوتي، وقد شمل ثلاثة فصول: الفصل الأول: التشكيل الصوتي في النسيج الشعري، وتناول الفصل الثاني الموسيقا الداخلية وأثرها في تشكيل الدلالة والإيحاء بالمعنى، ثم تناول الفصل الثالث الموسيقا الخارجية القائمة على الوزن والقافية والروي والعوامل المقتضية لاحتواء البحر الواحد عدة أغراض شعرية، ودور القافية في الدلالة وبروز الإيقاع، والعوامل التي تؤثر في حرف الروي وحركته أو تضطر الشاعر إلى الإقواء، وهي عوامل متعلقة بالتراكيب داخل البيت الشعري الواحد، أو علاقات التجانس الصوتي بين عناصره. وتناول الباب الثاني الظواهر التركيبية، وقد شمل ثلاثة فصول: الأول تعرض للتضمين واختراق الدلالة لحدود القافية، والفصل الثاني تناول ظاهرة التقديم والتأخير، كما تناول الفصل الثالث ظاهرة الحذف. وقد خالفت هذه الظواهر الأسلوبية في معظمها ما كان شائعا في الدرس البلاغي والنقدي القديم، وقد تتبع البحث أثر تلك الظواهر في الدلالة. وعرض الباب الثالث أسلوب التصوير في شعر العامريين، فتناول الصور الجزئية والكلية، وقد احتوى على أربعة فصول، الثلاثة الأولى منها تناولت التشبيه والاستعارة والكناية، وتناول الفصل الرابع الصورة الكلية ونظرة الشاعر العامري لعناصر الكون وجذور تلك النظرة الدينية والاجتماعية. أما عن اختيار المنهج الأسلوبي فيعود إلى أن الأسلوبية من المناهج التي تتعامل مع النص الأدبي بدقة لها روح العلم، فهي تكشف عن الظواهر ذات التأثير الدلالي الفاعل التي تتجلى في التأثير الجمالي أثناء التلقي، ومحاولة تفسير تلك الظواهر وتفسير اختيار الشعراء لتلك اظواهر ، كما أنها لا تنكر جهود القدماء، و تحاول في الوقت نفسه أن تحقق ما يطمح إليه الباحثون المحدثون من دقة لها روح العلم ، وتنوع ينشد الشمول . ومن سمات هذا المنهج الأسلوبي الذي سيعتمد عليه البحث أنه يعتمد على جناحين هما : الاختيار والعدول، و استخدامه للإحصاء في بعض جوانبه – وليس الإحصاء غاية مقصودة لذاتها؛ بل وسيلة نقترب بها من النص – وارتكازه على الوصف والتحليل ثم استخلاص النتائج . بالإضافة إلى ذلك اعتماد البحث على الدراسات العربية البلاغية والنقدية القديمة لإيماني الشديد بأنها مازالت تحتاج إلى إعادة قراءة من جديد و بنظرة أكثر حداثة، لنسبر من خلالها أغوار فكر وذوق النقاد العرب القدامى ، ونعرف من خلالها أفكار عصرهم و حسهم الفني و اللغوي .. كما اعتمد البحث بنفس القدر على الدراسات الحديثة . ومن الصعوبات التي واجهتني قلة الدراسات التي تتناول ظاهرة أسلوبية في قبيلة كاملة فمعظم الدراسات كانت تتناول شاعرا بعينه أو مجموعة شعرية دراسة فنية، كما واجهتني مشكلة عدم الشرح الوافي لأشعار بني عامر فكلها تعبر عن فكر ونظرة أعمق مما نعتقده ونعرفه عن الحياة الجاهلية . ومن أهم المصادر التي استعنت بها في الدراسة : ـ د. إبراهيم محمد علي: اللون في الشعر العربي قبل الإسلام (قراءة ميثولوجية)، جروس برس، طرابلس، لبنان، ط1، 2001م. ـ د.حسن عباس:خصائص الحروف العربية ومعانيها، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1998 ـ د.طارق سعد شلبي: الصوت والصورة في الشعر الجاهلي، كلية الآداب – ج عين شمس، 2001. ـ د. عبد الرحمن محمد الوصيفي: شعر بني عامر (من الجاهلية حتى آخر العصر الأموي 132هـ)، جمع وتحقيق ودراسة، نادي المدينة المنورة الأدبي، ط1، 1415هـ/ 1995م . ـ د.عبد الكريم ابراهيم يعقوب-اشعار العامريين الجاهليين - دار الحوار-سوريا الاذقية-ايلول 1986م. ـ د.علي البطل: الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجري، دار حراء، المنيا، مصر، 1981 م. ـ د/ علي البطل: تطور طبيعة الأداء اللغوي في الشعر العربي (بحث) دراسة مقدمة لمؤتمر الشعر العربي، أبريل 1993م. ـ ابن ميمون، محمد بن المبارك محمد: منتهى الطلب من أشهار العرب، تح: محمد نبيل الطريفي، دار صادر، بيروت، لبنان، 1999م . ـ ديوان عامر بن الطفيل : رواية أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري عن أبي العباس أحمد بن يحي ثعلب، تحقيق: د.هدى جَنْهويتشي (Dr. Jeng Huey Tsyr)، دار البشير، ومؤسسة الرسالة للطباعة والنشر، ط1، 1997م، 1418هـ. وأخيرا، لا أزعم أن البحث بلغ الكمال في تناوله لتلك الظواهر، فإن كان ثمة توفيق فمن الله، وإن كانت الأخرى فحسبي ما بذلت من جهد ونية خالصة . وأتوجه بالشكر الخالص إلى كل من مد يد العون فكرا ورأيا ونصيحة وتوجيها وأخص بالذكر أ.د محمد إبراهيم الطاووس والدكتور طارق سعد شلبي.