الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يتضح من خلال الدراسة السابقة أن السفراء العثمانيين لمسوا تفوق الغرب السياسى والاقتصادى والعلمى فرغبوا فى أن تدرك الدولة العثمانية شأو الغرب فى هذه المضامير ، ورأوا أن السبيل الوحيد الى ذلك يكون باقتباس المدينة الغربية والآخذ بمنجزاتها . وقد كانت السفارات العثمانية الى الغرب الأوروبى من أهم الوسائل التى أتاحت للعثمانيين التعرف على مظاهر الحضارة الأوربية فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر . فقد سجل السفراء فى تقاريرهم مشاهداتهم فى الغرب ودونوا انطباعاتهم ، فقرأها بعض رجال الدولة الذين لم يتمكنوا من زيارة أوروبا بأنفسهم ، فكانت تلك التقارير هى النافذة التى فتحت على الغرب ، بما حملته من دقة الوصف لمظاهر هذه المدنية الغربية ، مما جعل قارئها يعيش كل تفاصيلها ويتمثل بها ويحاول أن يطبقها ، وعليه لعبت تقارير السفراء دوراً هاماً فى تعريف العثمانيين بالحضارة الأوربية ، وفى نشر ما نجم عن الاحتكاك بالغرب من أفكار ومبادئ ونظم جديدة عملت على التأثير فى المجتمع تدريجياً . على أن لهذا التأثير وجوهاً أبرزها اثنان : - ما طرأ على الإنسان العثمانى من تغير واضح نتيجة تفاعله مع الحضارة الوافدة إليه من الغرب . - تغيير مظاهر الحياة والمجتمع والذى ظهر بوضوح فى معظم مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ودور المرأة فى المجتمع واتجاها نحو التعلم ثم العمل . وتعد تقارير السفراء تعبيراً مباشراً أو غير مباشر عن هذا التغيير المزدوج ، كما أنها تبرز التحول فى تفكير السفراء منذ أن بدأ احتكاكهم بالغرب الى أن أضحت الحضارة الغربية جزءا من تكوينهم الثقافى ، ومظهراً من مظاهر المجتمع والذى طرأ عليه التحول . فقد أحس السفراء بالحاجة الىتدوين مشاهداتهم وانطباعاتهم فى أسفارهم ، لا لحاجة ذاتية ، بل لحاجة سياسية واجتماعية ، ومما دفعهم الى المضى قدماً فى هذا المضمار تلك المقارنة التى عقدوها بين واقع المجتمع الغربى وتقدمه ورقيه وبين مجتمعهم فى مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والتعليم ، ذلك أن هؤلاء السفراء شاهدوا واقع المجتمع الغربى ، وشعروا بالفرق الشاسع بينه وبين مجتمعهم فى المضمار السياسى والاجتماعى والعلمى فأبدوا إعجباهم بمعظم ما شاهدوا فى الغرب . بل تعدى ذلك الإعجاب الى التصريح بأن الدولة لن تتقدم إلا باقتباس علوم الغرب ونظمه . |